«بتحبني لا أشك
مين دول اللي على الفيس بوك
لو ما شيلتش العيال دي
عليك أسك..
أنا مش خرنق
لا أنا كينج كونج
وأنا رابط إيدي
بألعب بينج بونج»
هذا جزء من نص أغنية يقال إنها أنقذت سوق «الكاسيت»، ويقول مؤديها «أبو الليف» إنها «كسّرت الدنيا»، ولولا تواضعه لقال أيضا بأنها رتقت ثقب «الأوزون»، وكان سائق التاكسي المصري الذي تعاملت معه واحدا من شهود النجاح، إذ كنا نقطع مشاوير الشوارع المزدحمة في القاهرة على صوت «أبو الليف» يصرخ بملء حنجرته: «أنا مش خرنق، لا أنا كينج كونج.. ده وأنا رابط إيدي، بألعب بينج بونج».
ومن باب الصبر على المكاره، فقد صبرت كثيرا على «أبو الليف»، فالأسطى سيد سائق التاكسي لا يسلطن في قيادة العربة، ويراوغ العربات الأخرى وسط الشوارع المزدحمة إلا على صوت «أبو الليف»، ولما كان التكرار يعلم الشطار، فقد تمكنت من حفظ كلمات الأغنية ولحنها عن ظهر قلب، ومتى يرتفع صوت «أبو الليف»، ومتى يرق، وينخفض، وكنت أجد نفسي - دون إرادة مني - أتمتم بكلماتها لنفسي بعد النزول من التاكسي!
فإذا كانت هذه الأغنية هي التي كسرت الدنيا، فلا بد أن دنيانا الحديثة تعاني من مرض هشاشة العظام، وهذه الكلمات الهزيلة المتراصة إذا كانت تطرب هذا الجيل، فعلى الجيل، وذوقه، وحسه الفني السلام! ولست أدري كيف لذائقة استمعت لأم كلثوم، وفيروز، وعبد الوهاب، وصباح فخري، وعبد الحليم حافظ، ومحمد عبده، أن تمنح أذنها، وعاطفتها، لمثل هذا الكلام النشاز جماليا؟!
المهم أن «أبو الليف» رجل طلع لنا في «البخت» هذه الأيام، وهو يستعد لفيلم، ومسلسل، و«دويتو» عالمي، وكلها ستكسر الدنيا أيضا، وقد حاولت مستعينا ببعض دراساتي السابقة في علم النفس تفسير ظهور مثل هذه «الخوارق» الغنائية بين حين وآخر، ولكنني فشلت، فالأمر يستعصي على علم النفس، والاجتماع، والجمال، والموسيقى، وانتهيت إلى نظرية مريحة ملخصها «هي كدا»، ومن «غير ليه»، فالرجل مرزوق، ومحظوظ، والدنيا ماشية معاه، فلا تسل عن السبب!
هل أنا هنا ألوم «أبو الليف»؟ بالتأكيد لا، فالرجل يكون «عبيطا» لو أتيحت له فرصة تكسير الدنيا ولا يكسرها، ولكنني ألوم ذوقنا العربي جلاب العجائب!
m.diyab@asharqalawsat.com
محمد صادق دياب
الشرق الأوسط
مين دول اللي على الفيس بوك
لو ما شيلتش العيال دي
عليك أسك..
أنا مش خرنق
لا أنا كينج كونج
وأنا رابط إيدي
بألعب بينج بونج»
هذا جزء من نص أغنية يقال إنها أنقذت سوق «الكاسيت»، ويقول مؤديها «أبو الليف» إنها «كسّرت الدنيا»، ولولا تواضعه لقال أيضا بأنها رتقت ثقب «الأوزون»، وكان سائق التاكسي المصري الذي تعاملت معه واحدا من شهود النجاح، إذ كنا نقطع مشاوير الشوارع المزدحمة في القاهرة على صوت «أبو الليف» يصرخ بملء حنجرته: «أنا مش خرنق، لا أنا كينج كونج.. ده وأنا رابط إيدي، بألعب بينج بونج».
ومن باب الصبر على المكاره، فقد صبرت كثيرا على «أبو الليف»، فالأسطى سيد سائق التاكسي لا يسلطن في قيادة العربة، ويراوغ العربات الأخرى وسط الشوارع المزدحمة إلا على صوت «أبو الليف»، ولما كان التكرار يعلم الشطار، فقد تمكنت من حفظ كلمات الأغنية ولحنها عن ظهر قلب، ومتى يرتفع صوت «أبو الليف»، ومتى يرق، وينخفض، وكنت أجد نفسي - دون إرادة مني - أتمتم بكلماتها لنفسي بعد النزول من التاكسي!
فإذا كانت هذه الأغنية هي التي كسرت الدنيا، فلا بد أن دنيانا الحديثة تعاني من مرض هشاشة العظام، وهذه الكلمات الهزيلة المتراصة إذا كانت تطرب هذا الجيل، فعلى الجيل، وذوقه، وحسه الفني السلام! ولست أدري كيف لذائقة استمعت لأم كلثوم، وفيروز، وعبد الوهاب، وصباح فخري، وعبد الحليم حافظ، ومحمد عبده، أن تمنح أذنها، وعاطفتها، لمثل هذا الكلام النشاز جماليا؟!
المهم أن «أبو الليف» رجل طلع لنا في «البخت» هذه الأيام، وهو يستعد لفيلم، ومسلسل، و«دويتو» عالمي، وكلها ستكسر الدنيا أيضا، وقد حاولت مستعينا ببعض دراساتي السابقة في علم النفس تفسير ظهور مثل هذه «الخوارق» الغنائية بين حين وآخر، ولكنني فشلت، فالأمر يستعصي على علم النفس، والاجتماع، والجمال، والموسيقى، وانتهيت إلى نظرية مريحة ملخصها «هي كدا»، ومن «غير ليه»، فالرجل مرزوق، ومحظوظ، والدنيا ماشية معاه، فلا تسل عن السبب!
هل أنا هنا ألوم «أبو الليف»؟ بالتأكيد لا، فالرجل يكون «عبيطا» لو أتيحت له فرصة تكسير الدنيا ولا يكسرها، ولكنني ألوم ذوقنا العربي جلاب العجائب!
m.diyab@asharqalawsat.com
محمد صادق دياب
الشرق الأوسط
تعليق