<p align="center"><table bordercolor="#000000" cellspacing="2" bordercolordark="#000000" cellpadding="2" width="100%" bgcolor="#f3f3f3" bordercolorlight="#f0f0f0" border="0"><tr><td><div class="storytitle" align="center"><font color="#ff0000" size="7"><strong>لاعب النرد</strong></font> <br /><span class="storysubtitle"><font color="#000099" size="7">محمود درويش</font></span></div><div align="center"><font style="font-size: 10px" face="Tahoma" color="#a52a2a">02/07/2008</font></div><div align="center"><img src="http://www.alquds.co.uk/today/01m17.jpg" border="1" /></div></td></tr></table></p><p align="center"><table bordercolor="#000000" cellspacing="0" bordercolordark="#000000" cellpadding="0" width="100%" bgcolor="#f3f3f3" bordercolorlight="#f0f0f0" border="0"><tr><td><div align="center"><font style="font-weight: bold; font-size: 20px" face="Times New Roman" color="#404040">مَنْ أَنا لأقول لكمْ<br />ما أَقول لكمْ ؟<br />وأَنا لم أكُنْ حجراً صَقَلَتْهُ المياهُ<br />فأصبح وجهاً<br />ولا قَصَباً ثقَبتْهُ الرياحُ<br />فأصبح ناياً ...<br /><br />أَنا لاعب النَرْدِ ، <br />أَربح حيناً وأَخسر حيناً<br />أَنا مثلكمْ<br />أَو أَقلُّ قليلاً ...<br />وُلدتُ إلى جانب البئرِ<br />والشجراتِ الثلاثِ الوحيدات كالراهباتْ<br />وُلدتُ بلا زَفّةٍ وبلا قابلةْ<br />وسُمِّيتُ باسمي مُصَادَفَةً<br />وانتميتُ إلى عائلةْ<br />مصادفَةً ،<br />ووَرِثْتُ ملامحها والصفاتْ<br />وأَمراضها :<br /><br />أَولاً - خَلَلاً في شرايينها<br />وضغطَ دمٍ مرتفعْ<br />ثانياً - خجلاً في مخاطبة الأمِّ والأَبِ<br />والجدَّة - الشجرةْ<br />ثالثاً - أَملاً في الشفاء من الانفلونزا<br />بفنجان بابونج ٍ ساخن ٍ<br />رابعاً - كسلاً في الحديث عن الظبي والقُبَّرة <br /><br />خامساً - مللاً في ليالي الشتاءْ<br />سادساً - فشلاً فادحاً في الغناءْ ...<br /><br />ليس لي أَيُّ دورٍ بما كنتُ<br />كانت مصادفةً أَن أكونْ<br />ذَكَراً ...<br />ومصادفةً أَن أَرى قمراً<br />شاحباً مثل ليمونة يَتحرَّشُ بالساهرات<br />ولم أَجتهد<br />كي أَجدْ<br />شامةً في أَشدّ مواضع جسميَ سِرِّيةً !<br /><br />كان يمكن أن لا أكونْ<br />كان يمكن أن لا يكون أَبي<br />قد تزوَّج أُمي مصادفةً<br />أَو أكونْ<br />مثل أُختي التي صرخت ثم ماتت<br />ولم تنتبه<br />إلى أَنها وُلدت ساعةً واحدةْ<br />ولم تعرف الوالدة ْ ...<br />أَو : كَبَيْض حَمَامٍ تكسَّرَ<br />قبل انبلاج فِراخ الحمام من الكِلْسِ /<br /><br />كانت مصادفة أَن أكون<br />أنا الحيّ في حادث الباصِ<br />حيث تأخَّرْتُ عن رحلتي المدرسيّة ْ<br />لأني نسيتُ الوجود وأَحواله<br />عندما كنت أَقرأ في الليل قصَّةَ حُبٍّ<br />تَقمَّصْتُ دور المؤلف فيها<br />ودورَ الحبيب - الضحيَّة ْ<br />فكنتُ شهيد الهوى في الروايةِ<br />والحيَّ في حادث السيرِ /<br /><br />لا دور لي في المزاح مع البحرِ<br />لكنني وَلَدٌ طائشٌ<br />من هُواة التسكّع في جاذبيّة ماءٍ<br />ينادي : تعال إليّْ !<br />ولا دور لي في النجاة من البحرِ<br />أَنْقَذَني نورسٌ آدميٌّ<br />رأى الموج يصطادني ويشلُّ يديّْ<br /><br />كان يمكن أَلاَّ أكون مُصاباً<br />بجنِّ المُعَلَّقة الجاهليّةِ<br />لو أَن بوَّابة الدار كانت شماليّةً<br />لا تطلُّ على البحرِ<br />لو أَن دوريّةَ الجيش لم تر نار القرى<br />تخبز الليلَ<br />لو أَن خمسة عشر شهيداً<br />أَعادوا بناء المتاريسِ<br />لو أَن ذاك المكان الزراعيَّ لم ينكسرْ<br />رُبَّما صرتُ زيتونةً<br />أو مُعَلِّم جغرافيا<br />أو خبيراً بمملكة النمل<br />أو حارساً للصدى !<br /><br />مَنْ أنا لأقول لكم<br />ما أقول لكم <br />عند باب الكنيسةْ<br />ولستُ سوى رمية النرد<br />ما بين مُفْتَرِس ٍ وفريسةْ<br />ربحت مزيداً من الصحو<br />لا لأكون سعيداً بليلتيَ المقمرةْ<br />بل لكي أَشهد المجزرةْ<br /><br />نجوتُ مصادفةً : كُنْتُ أَصغرَ من هَدَف عسكريّ<br />وأكبرَ من نحلة تتنقل بين زهور السياجْ<br />وخفتُ كثيراً على إخوتي وأَبي<br />وخفتُ على زَمَن ٍ من زجاجْ<br />وخفتُ على قطتي وعلى أَرنبي<br />وعلى قمر ساحر فوق مئذنة المسجد العاليةْ<br />وخفت على عِنَبِ الداليةْ<br />يتدلّى كأثداء كلبتنا ...<br />ومشى الخوفُ بي ومشيت بهِ<br />حافياً ، ناسياً ذكرياتي الصغيرة عما أُريدُ<br />من الغد - لا وقت للغد -<br /><br />أَمشي / أهرولُ / أركضُ / أصعدُ / أنزلُ / أصرخُ / أَنبحُ / أعوي / أنادي / أولولُ / أُسرعُ / أُبطئ / أهوي / أخفُّ / أجفُّ / أسيرُ / أطيرُ / أرى / لا أرى / أتعثَّرُ / أَصفرُّ / أخضرُّ / أزرقُّ / أنشقُّ / أجهشُ / أعطشُ / أتعبُ / أسغَبُ / أسقطُ / أنهضُ / أركضُ / أنسى / أرى / لا أرى / أتذكَّرُ / أَسمعُ / أُبصرُ / أهذي / أُهَلْوِس / أهمسُ / أصرخُ / لا أستطيع / أَئنُّ / أُجنّ / أَضلّ / أقلُّ / وأكثرُ / أسقط / أعلو / وأهبط / أُدْمَي / ويغمى عليّ /<br /><br />ومن حسن حظّيَ أن الذئاب اختفت من هناك<br />مُصَادفةً ، أو هروباً من الجيش ِ / <br /><br />لا دور لي في حياتي<br />سوى أَنني ،<br />عندما عَـلَّمتني تراتيلها ، <br />قلتُ : هل من مزيد ؟<br />وأَوقدتُ قنديلها<br />ثم حاولتُ تعديلها ...<br /><br />كان يمكن أن لا أكون سُنُونُوَّةً <br />لو أرادت لِيَ الريحُ ذلك ،<br />والريح حظُّ المسافرِ ...<br />شمألتُ ، شرَّقتُ ، غَرَّبتُ<br />أما الجنوب فكان قصياً عصيّاً عليَّ<br />لأن الجنوب بلادي<br />فصرتُ مجاز سُنُونُوَّةٍ لأحلِّق فوق حطامي <br />ربيعاً خريفاً ..<br />أُعمِّدُ ريشي بغيم البحيرةِ<br />ثم أُطيل سلامي<br />على الناصريِّ الذي لا يموتُ<br />لأن به نَفَسَ الله<br />والله حظُّ النبيّ ...<br /><br />ومن حسن حظّيَ أَنيَ جارُ الأُلوهةِ ...<br />من سوء حظّيَ أَن الصليب<br />هو السُلَّمُ الأزليُّ إلى غدنا !<br /><br />مَنْ أَنا لأقول لكم<br />ما أقولُ لكم ،<br />مَنْ أنا ؟<br /><br />كان يمكن أن لا يحالفني الوحيُ<br />والوحي حظُّ الوحيدين<br />إنَّ القصيدة رَمْيَةُ نَرْدٍ <br />على رُقْعَةٍ من ظلامْ<br />تشعُّ ، وقد لا تشعُّ<br />فيهوي الكلامْ<br />كريش على الرملِ /<br /><br />لا دَوْرَ لي في القصيدة<br />غيرُ امتثالي لإيقاعها :<br />حركاتِ الأحاسيس حسّاً يعدِّل حساً<br />وحَدْساً يُنَزِّلُ معنى<br />وغيبوبة في صدى الكلمات<br />وصورة نفسي التي انتقلت<br />من أَنايَ إلى غيرها<br />واعتمادي على نَفَسِي<br />وحنيني إلى النبعِ /<br /><br />لا دور لي في القصيدة إلاَّ<br />إذا انقطع الوحيُ<br />والوحيُ حظُّ المهارة إذ تجتهدْ<br /><br />كان يمكن ألاَّ أُحبّ الفتاة التي<br />سألتني : كمِ الساعةُ الآنَ ؟<br />لو لم أَكن في طريقي إلى السينما ...<br />كان يمكن ألاَّ تكون خلاسيّةً مثلما<br />هي ، أو خاطراً غامقاً مبهما ...<br /><br />هكذا تولد الكلماتُ . أُدرِّبُ قلبي<br />على الحب كي يَسَعَ الورد والشوكَ ...<br />صوفيَّةٌ مفرداتي . وحسِّيَّةٌ رغباتي<br />ولستُ أنا مَنْ أنا الآن إلاَّ<br />إذا التقتِ الاثنتان ِ :<br />أَنا ، وأَنا الأنثويَّةُ<br />يا حُبّ ! ما أَنت ؟ كم أنتَ أنتَ <br />ولا أنتَ . يا حبّ ! هُبَّ علينا <br />عواصفَ رعديّةً كي نصير إلى ما تحبّ<br />لنا من حلول السماويِّ في الجسديّ .<br />وذُبْ في مصبّ يفيض من الجانبين .<br />فأنت - وإن كنت تظهر أَو تَتَبطَّنُ - <br />لا شكل لك<br />ونحن نحبك حين نحبُّ مصادفةً<br />أَنت حظّ المساكين /<br /><br />من سوء حظّيَ أَني نجوت مراراً<br />من الموت حبّاً<br />ومن حُسْن حظّي أنيَ ما زلت هشاً<br />لأدخل في التجربةْ !<br /><br />يقول المحبُّ المجرِّبُ في سرِّه :<br />هو الحبُّ كذبتنا الصادقةْ<br />فتسمعه العاشقةْ<br />وتقول : هو الحبّ ، يأتي ويذهبُ<br />كالبرق والصاعقة<br /><br />للحياة أقول : على مهلك ، انتظريني <br />إلى أن تجفُّ الثُمَالَةُ في قَدَحي ...<br />في الحديقة وردٌ مشاع ، ولا يستطيع الهواءُ<br />الفكاكَ من الوردةِ /<br />انتظريني لئلاَّ تفرَّ العنادلُ مِنِّي<br />فاُخطئ في اللحنِ /<br />في الساحة المنشدون يَشُدُّون أوتار آلاتهمْ<br />لنشيد الوداع . على مَهْلِكِ اختصريني<br />لئلاَّ يطول النشيد ، فينقطع النبرُ بين المطالع ،<br />وَهْيَ ثنائيَّةٌ والختامِ الأُحاديّ :<br />تحيا الحياة !<br />على رسلك احتضنيني لئلاَّ تبعثرني الريحُ /<br /><br />حتى على الريح ، لا أستطيع الفكاك<br />من الأبجدية /<br /><br />لولا وقوفي على جَبَل ٍ<br />لفرحتُ بصومعة النسر : لا ضوء أَعلى !<br />ولكنَّ مجداً كهذا المُتوَّجِ بالذهب الأزرق اللانهائيِّ<br />صعبُ الزيارة : يبقى الوحيدُ هناك وحيداً<br />ولا يستطيع النزول على قدميه<br />فلا النسر يمشي<br />ولا البشريُّ يطير<br />فيا لك من قمَّة تشبه الهاوية<br />أنت يا عزلة الجبل العالية !<br /><br />ليس لي أيُّ دور بما كُنْتُ<br />أو سأكونْ ...<br />هو الحظُّ . والحظ لا اسم لَهُ<br />قد نُسَمِّيه حدَّادَ أَقدارنا<br />أو نُسَمِّيه ساعي بريد السماء<br />نُسَمِّيه نجَّارَ تَخْتِ الوليد ونعشِ الفقيد<br />نسمّيه خادم آلهة في أساطيرَ<br />نحن الذين كتبنا النصوص لهم<br />واختبأنا وراء الأولمب ...<br />فصدَّقهم باعةُ الخزف الجائعون<br />وكَذَّبَنا سادةُ الذهب المتخمون<br />ومن سوء حظ المؤلف أن الخيال<br />هو الواقعيُّ على خشبات المسارح ِ /<br /><br />خلف الكواليس يختلف الأَمرُ<br />ليس السؤال : متى ؟<br />بل : لماذا ؟ وكيف ؟ وَمَنْ<br /><br />مَنْ أنا لأقول لكم<br />ما أقول لكم ؟<br /><br />كان يمكن أن لا أكون<br />وأن تقع القافلةْ<br />في كمين ، وأن تنقص العائلةْ<br />ولداً ، <br />هو هذا الذي يكتب الآن هذي القصيدةَ<br />حرفاً فحرفاً ، ونزفاً ونزفاً<br />على هذه الكنبةْ<br />بدمٍ أسود اللون ، لا هو حبر الغراب<br />ولا صوتُهُ ،<br />بل هو الليل مُعْتَصراً كُلّه<br />قطرةً قطرةً ، بيد الحظِّ والموهبةْ<br /><br />كان يمكن أن يربح الشعرُ أكثرَ لو<br />لم يكن هو ، لا غيره ، هُدْهُداً<br />فوق فُوَهَّة الهاويةْ<br />ربما قال : لو كنتُ غيري<br />لصرتُ أنا، مرَّةً ثانيةْ <br /><br />هكذا أَتحايل : نرسيس ليس جميلاً<br />كما ظنّ . لكن صُنَّاعَهُ<br />ورَّطوهُ بمرآته . فأطال تأمُّلَهُ<br />في الهواء المقَطَّر بالماء ...<br />لو كان في وسعه أن يرى غيره<br />لأحبَّ فتاةً تحملق فيه ،<br />وتنسى الأيائل تركض بين الزنابق والأقحوان ...<br />ولو كان أَذكى قليلاً<br />لحطَّم مرآتَهُ<br />ورأى كم هو الآخرون ...<br />ولو كان حُرّاً لما صار أُسطورةً ...<br /><br />والسرابُ كتابُ المسافر في البيد ...<br />لولاه ، لولا السراب ، لما واصل السيرَ <br />بحثاً عن الماء . هذا سحاب - يقول<br />ويحمل إبريق آماله بِيَدٍ وبأخرى<br />يشدُّ على خصره . ويدقُّ خطاه على الرمل ِ<br />كي يجمع الغيم في حُفْرةٍ . والسراب يناديه<br />يُغْويه ، يخدعه ، ثم يرفعه فوق : إقرأ<br />إذا ما استطعتَ القراءةَ . واكتبْ إذا<br />ما استطعت الكتابة . يقرأ : ماء ، وماء ، وماء .<br />ويكتب سطراً على الرمل : لولا السراب<br />لما كنت حيّاً إلى الآن /<br /><br />من حسن حظِّ المسافر أن الأملْ<br />توأمُ اليأس ، أو شعرُهُ المرتجل<br /><br />حين تبدو السماءُ رماديّةً<br />وأَرى وردة نَتَأَتْ فجأةً<br />من شقوق جدارْ<br />لا أقول : السماء رماديّةٌ<br />بل أطيل التفرُّس في وردةٍ<br />وأَقول لها : يا له من نهارْ !<br /><br />ولاثنين من أصدقائي أقول على مدخل الليل : <br />إن كان لا بُدَّ من حُلُم ، فليكُنْ<br />مثلنا ... وبسيطاً<br />كأنْ : نَتَعَشَّى معاً بعد يَوْمَيْنِ<br />نحن الثلاثة ،<br />مُحْتَفلين بصدق النبوءة في حُلْمنا<br />وبأنَّ الثلاثة لم ينقصوا واحداً<br />منذ يومين ، <br />فلنحتفل بسوناتا القمرْ<br />وتسامُحِ موت رآنا معاً سعداء<br />فغضَّ النظرْ !<br /><br />لا أَقول : الحياة بعيداً هناك حقيقيَّةٌ<br />وخياليَّةُ الأمكنةْ<br />بل أقول : الحياة ، هنا ، ممكنةْ<br /><br />ومصادفةً ، صارت الأرض أرضاً مُقَدَّسَةً<br />لا لأنَّ بحيراتها ورباها وأشجارها<br />نسخةٌ عن فراديس علويَّةٍ<br />بل لأن نبيّاً تمشَّى هناك<br />وصلَّى على صخرة فبكتْ<br />وهوى التلُّ من خشية الله<br />مُغْميً عليه<br /><br />ومصادفةً ، صار منحدر الحقل في بَلَدٍ<br />متحفاً للهباء ...<br />لأن ألوفاً من الجند ماتت هناك<br />من الجانبين ، دفاعاً عن القائِدَيْنِ اللذين <br />يقولان : هيّا . وينتظران الغنائمَ في<br />خيمتين حريرَيتَين من الجهتين ...<br />يموت الجنود مراراً ولا يعلمون<br />إلى الآن مَنْ كان منتصراً !<br /><br />ومصادفةً ، عاش بعض الرواة وقالوا : <br />لو انتصر الآخرون على الآخرين<br />لكانت لتاريخنا البشريّ عناوينُ أُخرى<br /><br />أُحبك خضراءَ . يا أرضُ خضراءَ . تُفَّاحَةً <br />تتموَّج في الضوء والماء . خضراء . ليلُكِ<br />أَخضر . فجرك أَخضر . فلتزرعيني برفق...<br />برفق ِ يَدِ الأم ، في حفنة من هواء . <br />أَنا بذرة من بذورك خضراء ... /<br /><br />تلك القصيدة ليس لها شاعر واحدٌ<br />كان يمكن ألا تكون غنائيَّةَ ...<br /><br />من أنا لأقول لكم<br />ما أَقول لكم ؟<br />كان يمكن أَلاَّ أكون أَنا مَنْ أَنا<br />كان يمكن أَلاَّ أكون هنا ...<br /><br />كان يمكن أَن تسقط الطائرةْ<br />بي صباحاً ،<br />ومن حسن حظّيَ أَني نَؤُوم الضحى<br />فتأخَّرْتُ عن موعد الطائرةْ<br />كان يمكن أَلاَّ أرى الشام والقاهرةْ<br />ولا متحف اللوفر ، والمدن الساحرةْ<br /><br />كان يمكن ، لو كنت أَبطأَ في المشي ،<br />أَن تقطع البندقيّةُ ظلِّي<br />عن الأرزة الساهرةْ<br /><br />كان يمكن ، لو كنتُ أَسرع في المشي ، <br />أَن أَتشظّى<br />وأصبح خاطرةً عابرةْ<br /><br />كان يمكن ، لو كُنْتُ أَسرف في الحلم ،<br />أَن أَفقد الذاكرة .<br /><br />ومن حسن حظِّيَ أَني أنام وحيداً<br />فأصغي إلى جسدي<br />وأُصدِّقُ موهبتي في اكتشاف الألمْ<br />فأنادي الطبيب، قُبَيل الوفاة، بعشر دقائق<br />عشر دقائق تكفي لأحيا مُصَادَفَةً<br />وأُخيِّب ظنّ العدم<br /><br />مَنْ أَنا لأخيِّب ظنَّ العدم ؟<br />مَنْ أنا ؟ مَنْ أنا ؟</font></div></td></tr></table></p><p align="center"><br /><br /><a href="http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=today\01m17.htm&storytitle=ff? ???%20?????fff&storytitleb=?????%20?????&s torytitlec">http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=today\01m17.htm&storytitle=ff? ???%20?????fff&storytitleb=?????%20?????&s torytitlec</a>=</p>
لاعب النرد - محمود درويش
تقليص
X
-
رحل لاعب النرد - محمود درويش
<p align="center"><font size="5"><strong>انتقل إلى رحمة الله <font color="#ff0000">محمود درويش</font> صاحب<br /><br /><font size="6">سجل</font></strong><font face="Arial"><font face="Old Antic Outline Shaded" size="6"><strong> أنا عربي</strong></font><font size="3"> </font><p align="center"><u><span lang="ar-eg"><font size="4"><strong>محمود درويش</strong></font></span></u></p><p align="center"><font size="5"><strong>سجِّل! أنا عربي </strong></font></p><p align="center"><font size="5"><strong>ورقمُ بطاقتي خمسونَ ألفْ <br /><br />وأطفالي ثمانيةٌ <br /><br />وتاسعهُم.. سيأتي بعدَ صيفْ! <br /><br />فهلْ تغضبْ؟ <br /><br />سجِّلْ! <br /><br />أنا عربي <br /><br />وأعملُ مع رفاقِ الكدحِ في محجرْ <br /><br />وأطفالي ثمانيةٌ <br /><br />أسلُّ لهمْ رغيفَ الخبزِ، <br /><br />والأثوابَ والدفترْ <br /><br />من الصخرِ <br /><br />ولا أتوسَّلُ الصدقاتِ من بابِكْ <br /><br />ولا أصغرْ <br /><br />أمامَ بلاطِ أعتابكْ <br /><br />فهل تغضب؟ <br /><br />سجل </strong></font></p><p align="center"><font size="5"><strong>أنا عربي <br /><br />أنا اسم بلا لقبِ <br /><br />صبورٌ في بلادٍ كلُّ ما فيها <br /><br />يعيشُ بفورةِ الغضبِ <br /><br />جذوري... <br /><br />قبلَ ميلادِ الزمانِ رستْ <br /><br />وقبلَ تفتّحِ الحقبِ <br /><br />وقبلَ السّروِ والزيتونِ <br /><br />.. وقبلَ ترعرعِ العشبِ <br /><br />أبي.. من أسرةِ المحراثِ <br /><br />لا من سادةٍ نجبِ <br /><br />وجدّي كانَ فلاحاً <br /><br />بلا حسبٍ.. ولا نسبِ! <br /><br />يعلّمني شموخَ الشمسِ قبلَ قراءةِ الكتبِ <br /><br />وبيتي كوخُ ناطورٍ <br /><br />منَ الأعوادِ والقصبِ <br /><br />فهل ترضيكَ منزلتي؟ <br /><br />أنا اسم بلا لقبِ <br /><br />سجل <br /><br />أنا عربي <br /><br />ولونُ الشعرِ.. فحميٌّ <br /><br />ولونُ العينِ.. بنيٌّ <br /><br />وميزاتي: <br /><br />على رأسي عقالٌ فوقَ كوفيّه <br /><br />وكفّي صلبةٌ كالصخرِ <br /><br />تخمشُ من يلامسَها <br /><br />وعنواني: <br /><br />أنا من قريةٍ عزلاءَ منسيّهْ <br /><br />شوارعُها بلا أسماء <br /><br />وكلُّ رجالها في الحقلِ والمحجرْ <br /><br />فهل تغضبْ؟ <br /><br />سجِّل <br /><br />أنا عربي <br /><br />سلبتَ كرومَ أجدادي <br /><br />وأرضاً كنتُ أفلحُها <br /><br />أنا وجميعُ أولادي <br /><br />ولم تتركْ لنا.. ولكلِّ أحفادي <br /><br />سوى هذي الصخورِ.. <br /><br />فهل ستأخذُها <br /><br />حكومتكمْ.. كما قيلا؟<br /><br />إذن<br /><br />سجِّل.. برأسِ الصفحةِ الأولى <br /><br />أنا لا أكرهُ الناسَ <br /><br />ولا أسطو على أحدٍ <br /><br />ولكنّي.. إذا ما جعتُ <br /><br />آكلُ لحمَ مغتصبي <br /><br />حذارِ.. حذارِ.. من جوعي <br /><br />ومن غضبي</strong></font></p></font></font></p> -
_MD_RE: رحل لاعب النرد - محمود درويش
<p align="right"></p><p align="right"><font color="#000099" size="5"><br />حمل حقيبة السفر الأخيرة..ورحل<br /><br />لكنه ترك خلفه قصائداً<br /><br />تجول في الطرقات<br /><br />تحط في المنافي<br /><br />تعود للأوطان<br /><br />قصائدٌ تغني وتصرخ<br /><br />لكنها أبداً لا تموت</font><br /><br /><font color="#009999" size="7">لقد عشت يا محمود</font></p>Rami Ibrahimتعليق
-
رحل لاعب النرد - محمود درويش
<table bordercolor="#000000" cellspacing="2" bordercolordark="#000000" cellpadding="2" width="100%" bgcolor="#f3f3f3" bordercolorlight="#f0f0f0" border="0"><tr><td><div class="storytitle" align="center"><font size="7"><strong><font color="#ff0000">محمود درويش الذي عرفت</font> </strong></font><span class="storysubtitle"><font color="#000099" size="7"><strong><br />بقلم/ عبد الباري عطوان</strong></font></span></div><div align="center"><font style="font-size: 10px" face="Tahoma" color="#a52a2a">yesterday's story</font></div><div align="center"><img src="http://www.alquds.co.uk/yesterday/10z55.jpg" border="1" /></div></td></tr></table><table bordercolor="#000000" cellspacing="0" bordercolordark="#000000" cellpadding="0" width="100%" bgcolor="#f3f3f3" bordercolorlight="#f0f0f0" border="0"><tr><td><div><font style="font-weight: bold; font-size: 20px" face="Times New Roman" color="#404040"><br /><br />عندما التقيته للمرة الأخيرة، قبل ثلاثة أسابيع، على مائدة عشاء في مطعم ايطالي اختاره بعناية في جادة 'سان جرمان' المفضلة للشعراء والكتّاب والمثقفين في العاصمة الفرنسية 'باريس'، وبحضور الصديق المشترك، الناقد والأديب صبحي الحديدي، كان محمود درويش قلقاً لسببين، الأول أن القنصلية الأمريكية في القدس المحتلة لم تمنحه تأشيرة دخول (فيزا) لمراجعة المستشفى المتخصص بالشرايين في هيوستن رغم أنه تقدم بطلب في هذا الخصوص قبل أربعة أشهر، والثاني ان نتائج الفحوص الأخيرة التي أجراها لدى طبيبه في باريس لم تكن مطمئنة، فالشريان الأورطي متضخم ويمكن أن ينفجر في أي لحظة، ولا علاج إلا بعملية زرع اخرى، ولكن العملية مثلما قال له الطبيب الفرنسي تعني أحد أمرين.. الموت أو الشلل شبه الكامل. سألني بغتة عما اذا كان جسمي مؤلفا للكوليسترول مثل جسمه.. لم يتركني أجيب وواصل قائلا بأن عقله يكتب الشعر، وجسمه 'يؤلّف' الكوليسترول اللعين، ويبدو... واصل مازحاً، أن انتاج الجسم أغزر كثيراً من انتاج العقل، ولكنه انتاج قاتل للأسف.<br /><br />غيّرنا موضوع الحديث، وانتقلنا إلى موضوع تأشيرة الدخول التي ينتظرها، ويستعجلها، وكأنه يستعجل شهادته، ولقاء ربه، كان غاضباً على الأمريكان، ومعاملتهم له وكأنه زوج ابنة اسامة بن لادن أو أخته، أخذوا بصماته، وطلبوا منه توقيع عدة طلبات مرفوقة برزمة من التحاليل الطبية والرسائل المتبادلة مع المستشفى الأمريكي، ومع ذلك ورغم وساطة 'الرئيس' محمود عباس، وتدخل السيدة كوندوليزا رايس مثلما همس البعض في أذني لاحقاً، فقد كان الجواب دائماً بأن الرد لم يأت بالموافقة من وزارة الأمن الداخلي، وعليه الانتظار. امتد بنا الحديث في ردهة فندقه المفضل، وهو بالمناسبة الفندق نفسه الذي كان يرتاده الراحل ادوارد سعيد، حتى الساعة الثانية والنصف صباحاً، وشعرت انه يخشى الليل ويستعجل الصباح، أو ربما أراد أن يطيل أمد اللقاء، والأحاديث عن <font color="#000099">شعراء قصيدة النثر</font> الذي قال <font color="#ff0000">انهم دمروا الشعر،</font> ووصفهم بالفدائيين الذين يملكون جرأة غير عادية في القاء شعرهم في قاعات خالية إلا من بعض اصدقائهم وزوجاتهم وبعض الأقارب.<br /><br /><font color="#000099">كان يخشى هؤلاء، ويبتعد عن الصدام معهم فهم مراكز قوى مدججة بالأسلحة، أو 'مافيات' تهيمن على الصفحات الثقافية في الصحف والمجلات العربية، ويجاملون بعضهم البعض، ويكرهون بعضهم البعض، واذا تصالحوا فلفترة قصيرة كان يسميها 'تحالفات الخمس دقائق'،</font> ولكنهم والرأي للمرحوم محمود، <font color="#ff0000">يتوحدون ضد غيرهم من شعراء الوزن والموسيقى، ناهيك عن شعراء القوافي.</font> قلت له سنلتقي في باريس لنحتفل بسلامتك، عندما تتوقف فيها في طريق عودتك، وفي المطعم نفسه المتخصص بطبق الحبّار الذي تحب، نظر إليّ وقال 'إذا عدت'، ثم تساءل: لا أعرف ما إذا كنت سأوافق على العملية الجراحية أم لا، ولكن الشيء الوحيد الذي أعرفه أنني لن أعود 'مشلولاً'، فإما في تابوت أو سيرا على قدمي.<br /><br />افترقنا في اليوم التالي، عاد الى رام الله عن طريق عمّان، وعدت إلى لندن، ليهاتفني بعد ثلاثة أيام بأنه وجد الفيزا في انتظاره، وأنه سينطلق مع أواخر شهر تموز (يوليو) إلى هيوستن وبصحبته صديقه الصدوق أكرم هنية رئيس تحرير صحيفة 'الأيام' الفلسطينية، وسألني عن أصداء قصائده التي خص بها 'القدس العربي'، فشرحت له كمّ الردود الهائلة عليها في موقعنا الالكتروني، وشعرت كم كان مرتاحاً وسعيداً.<br /><br />محمود درويش كان دائماً يعيش حالة قلق كلما كتب قصيدة جديدة، وكأنها القصيدة الأولى التي يكتبها في حياته، يسأل عما اذا كانت جيدة، وتصلح للنشر، فننهره بمودة، ونستغرب أسئلته هذه، ولكنه يقسم، وهو صادق، انه لا يعرف ما اذا كانت جيدة أم لا، ويريد رأينا قبل النشر وبعده، ثم بعد ذلك تدخل الطمأنينة إلى قلبه المتعب.<br /><br />لم نعرف أن الحكومة الأمريكية اسدت إلينا معروفاً كبيراً عندما تلكأت في منحه الفيزا، فقد ابقته بيننا أربعة شهور، انجز خلالها اثنتين من أعظم قصائده، وشارك في عدة أمسيات احداها في رام الله، والثانية اقيمت في ملعب كرة قدم في جنوب فرنسا، ومحاضرة في باريس وسط نخبة من كبار الأدباء الفرنسيين، فقد يأتي الخير من باطن الشر الأمريكي.<br /><br />لم يحدث أن اسيء فهم شخص في الثقافة العربية مثل محمود درويش، حيث ظلت تهمة الغرور تلاحقه من قبل الكثيرين، ولكنه لم يكن مغروراً ولا متكبراً، وانما شخص 'خجول' لا يفضل الاختلاط كثيرا بمن لا يعرف، ويتجنب الثناء والاطراء، وهو الذي يملك أرصدة ضخمة منهما على امتداد حياته الادبية. فهو لا يستطيع، كما كان يقول لي دائماً، أن يكون صديقاً للملايين من معارفه ومحبيه، ويحتاج إلى الخصوصية التي يتقوقع في داخلها في لحظات حياته بعيداً عن الأضواء.<br /><br />عندما كان يقيم في باريس، وبالذات بعد استقالته من عضوية اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية احتجاجاً، ورفضاً، لاتفاقية أوسلو، واجه ظروفاً مالية صعبة جداً، فقد قرر الرئيس الراحل ياسر عرفات وفي خطوة مؤسفة، وقف الغالبية العظمى من مخصصاته المالية، ومن بينها أجرة الشقة المتواضعة التي كان يعيش فيها (غرفتان وصالة)، وكان بيننا اتصال هاتفي يومي في الساعة الثانية عشرة بتوقيت لندن، وفي احدى المرات، ولظروف قاهرة تتعلق بمشاكل مادية واجهتنا في الصحيفة استدعت قدوم محصلي الديون لمصادرة اجهزتنا وطاولاتنا وما تبقى من اثاثنا الهرم، لم اهاتفه كالعادة لمدة يومين فاتصل بي في اليوم الثالث غاضباً ومزمجراً بسبب انقطاعي عن الاتصال.<br /><br />فاجأني عندما قال انه يعيش على هذه المكالمة اليومية، فهو لم يعد يستقبل غير مكالمتين فقط، الأولى مكالمتي المعتادة، والثانية من شخص عابر سبيل، وتساءل هل طلبتني في أي يوم من الأيام ولم تجدني، قلت لا.. قال معنى هذا أنني لا أخرج من البيت لأني لا أملك ما يجعلنى أخرج إلى القهوة أو المطاعم فقطعاً سيلتف حولي المحبون، ولا استطيع دفع الفاتورة. شعرت بالصدمة، فهذا الشاعر الكبير لا يجد من يهاتفه، وربما أحس بهذا التساؤل في ذهني، وقال: الأمر بسيط جداً: لا نقود.. ولا نفوذ.. ولا يهود.. وشرح لا نقود لأن الرئيس عرفات أوقف مخصصاته، ولا نفوذ أي لم يعد عضواً في اللجنة التنفيذية وقريباً من الرئيس مما يمكنه من حل مشاكل المحتاجين أو توظيف بعضهم، وأخيراً لا يهود.. أي أنه ليس منخرطاً في المفاوضات التي كانت على أشدها، حتى يكون في قلب الحدث الاعلامي والسياسي.<br /><br />محمود درويش <font color="#000099">واجه 'خيبات أمل' كثيرة في حياته،</font> ولكن أبرزها في رأيي، <font color="#ff0000">خيبة أمله في الشعب الفلسطيني عندما لم يثر غاضباً ضد اتفاقات اوسلو،</font> فقد توقع هذه الغضبة، واراد ان يكون مع الشعب، لا مع الموقعين عليها، ولكن هذا الشعب فاجأه عندما رقص في معظمه طرباً، وصدق 'أكاذيب' قيادته بأن السلام قادم والدولة الفلسطينية المستقلة على بعد أربع سنوات فقط.<br /><br />خيبة الأمل هذه اجبرته على ان يخفف من معارضته، وأجبرته ان يعود الى رام الله لانه لم يعد يستطيع العيش في باريس، وحتى لا يتهم بانه، وهو أحد المتشددين في الاصرار على حق العودة، رفض ممارسة هذا الحق عندما سنحت له الفرصة، مضافا الى ذلك ان معظم اصدقائه في تونس عادوا ولا يريد ان يتخلف عن الركب، وحرص ان يترك مسافة بينه وبين السلطة.<br /><br />اما خيبة الأمل الثانية فتمثلت في رأيه بالأداء الفلسطيني، والفشل الكامل في اقامة المؤسسات والحكم النموذجي الذي كان يأمله، وفوق كل هذا انهيار المشروع الوطني الفلسطيني الذي كانت تبشر به السلطة وقادتها واتساع دائرة الفساد المالي بصورة مرعبة، وقال لي في احدى المرات ان امنيته ان يهاجر مرة اخرى الى باريس ويعيش في استديو صغير (غرفة واحدة) ويقضي بقية حياته هناك، ولكن ما يمنعه هو الخوف من الاتهام بانه يرفض الوطن، والتضحية من اجله.<br /><br />محمود درويش استقال من كل مؤسسات منظمة التحرير، واعاد اصدار مجلة 'الكرمل'، ورفض كل ضغوط الرئيس الراحل عرفات لتوزيره في حكومة السلطة، وفضل ان تكون دائرته في رام الله صغيرة جدا، محصورة في مجموعة اصدقاء، بعضهم شعراء وكتاب، واكثرهم من الناس العاديين البعيدين عن الوسط الثقافي. لانه كان يبحث عن الجلسة المرحة للهروب من ضغوط مرضه، وامراض المثقفين المستعصية، من غيرة وحسد ونميمة مثلما كان يقول.<br /><br />كان يكره القيود، ولهذا لم يتزوج ثالثة، كان يكره ان تشاركه امرأة حياته، وكان يفضل دائما ان يكون سريره مملكته، كنا نلتقي بصفة دورية في باريس، وكان يحب الحديث عن النساء ومغامراته، وفي احدى المرات سألته كيف تطلق 'فلانة' بعد ستة اشهر وبهذه السرعة، قال لي: وهل تعتقد ان ستة اشهر فترة قصيرة، لقد طوّلت اكثر من اللازم.<br /><br />محمود درويش أحب العرب جميعا، ولم يكن غريبا ان تكون اقوى قصائده في بواكيره الاولى 'سجل انا عربي'، وكان يشعر بمودة خاصة تجاه ابناء المغرب العربي الذين بادلوه الحب بحب اسطوري، ولذلك لم يتردد في قبول دعواتهم لإلقاء اشعاره في تونس والجزائر والمغرب في فترات متقاربة.<br /><br />ربما تكون المملكة العربية السعودية من الدول القليلة التي لم يزرها مطلقا، وهناك قصة غريبة وراء ذلك، فقد جاء احدهم يفاتحه قبل عشرين عاما بدعوة لحضور مهرجان الجنادرية الثقافي السنوي في وسط نجد، وعندما سئل عن الجهة المنظمة قالوا له انها 'الحرس الوطني'، فقال وما علاقة العسكر بالثقافة، ألا توجد رابطة او نقابة او هيئة تتولى هذه المهمة غير الحرس الوطني؟ وكانت هذه الكلمات نهاية العرض.<br /><br />كان مولعا بالتدخين، وبعد عمليته الجراحية الاولى التي تكللت بالنجاح، قال له الطبيب ان اول شيء يجب ان يفعله ان يتوقف عن التدخين، فقال له دعنا 'نتفاوض'، فقال له الطبيب لا مفاوضات ولا تنازلات، فرد عليه: واذا توقفت عن التدخين ماذا سيحدث؟ فقال الطبيب: سيطول عمرك عدة سنوات، فقال له: سأستمر في التدخين، وليقصر عمري، لانه يعني تقصير شيخوختي. ولكنه اضطر للتوقف كليا بعد عمليته الثانية، وظل يجلس بالقرب من المدخنين ليستنشق ما هو محروم منه.<br /><br />محمود درويش لم يعش الشيخوخة مطلقا وغادرنا وهو في قمة عطائه وعنفوانه وأناقته، وشخصيته المحببة، وتعليقاته الساخرة اللاذعة، شيء واحد لم يحققه، وهو الذي دخل قلوب وعقول الملايين، عدم حصوله على 'جائزة نوبل' التي ترشح لها عدة مرات في السنوات الاخيرة.<br /><br />بعد محمود درويش لن يكون الشعر بالقوة نفسها او بالسحر نفسه، سيكون شعرا مختلفا، فبرحيله رحلت ظاهرة شعراء يملأون ملاعب كرة القدم بالمعجبين والمعجبات، ليس في الوطن العربي وانما في المنافي الاوروبية.<br /><br />خسرته صديقا عزيزا، ورمزا من رموز هذه الأمة التي ربما لن تتكرر الا بعد قرون. محمود درويش اقول وداعا.</font></div></td></tr></table><br /><br /><a href="http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=yesterday\10z55.htm&storytitle =محمود%20درويش%20الذي%20عرفت%20&storytitleb=عب د%20الباري%20عطوان&storytitlec">http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=yesterday\10z55.htm&storytitle =محمود%20درويش%20الذي%20عرفت%20&storytitleb=عب د%20الباري%20عطوان&storytitlec</a>=تعليق
إحصائيات Arabic Translators International _ الجمعية الدولية لمترجمي العربية
تقليص
المواضيع: 10,514
المشاركات: 54,233
الأعضاء: 6,145
الأعضاء النشطين: 1
نرحب بالعضو الجديد, Turquie santé.
تعليق