أغدا يشت المجد وهو جميع /البحتري-شرح
--------------------------------------------------------------------------------
أغدا يشت المجد وهو جميع
البحتري
أغَداً يَشِـتُّ المَجـدُ وَهْـوَ جَميـعُ،
وَتُـرَدُّ دارُ الحَمـدِ وَهْـيَ بَقـيـعُ
بمَسيـرِ إبْرَاهيـمَ يَحْمِـلُ جُــودُهُ
جُـودَ الفُـرَاتِ، فَرَائـعٌ وَمَــروعُ
مُتَوَجِّهـاً تُحْـدَى بـهِ بَصْـرِيّـةٌ،
خُشْنُ الأزِمّـةِ، مـا لَهُـنّ نُسُـوعُ
هُــوجٌ، إذا اتّصَـلـتْ بأسـبـابِ
السُّرَى، قَطَعَ التّنائِفَ سَيرُها المَرْفُوعُ
لا شَهْـرَ أعْـدَى مِــنْ رَبـيـعٍ،
إنّهُ سَيَبيـنُ عَنّـا بالرّبيـعِ رَبيـعُ
سأُقيـمُ بَعـدَكَ، عـنـدَ غـيـرِكَ،
عالِماً عِلْمَ الحَقيقَـةِ أنّنـي سأضِيـعُ
وَصَنَائِـعٌ لَـكَ سَــوْفَ تَترُكُـهـا
النّوَى وَكَأنّما هـيَ أرْسُـمٌ وَرُبُـوعُ
وَذكرْتَ وَاجبَ حُرْمتي، فحفظتَهـا،
فَلَئِـنْ نَسيتُـكَ إنّـنـي لَمُضِـيـعُ
سـأُوَدّعُ الإحسـانَ بَعـدَكَ واللُّهَـى
إذْ حَـانَ منـكَ البَيـنُ والتّـوْديـعُ
وَسأستَقِـلُّ لَـكَ الدّمـوعَ صَبَابَـةً،
وَلَوَ أنّ دِجلَـةَ لـي عَلَيْـكَ دُمُـوعُ
وَمِنَ البَديعِ أنِ انتَأيـتَ وَلَـمْ يَـرُحْ
جَزَعي على الأحْشاءِ، وَهـوَ بديـعُ
وَسَيَنْـزِعُ العُشّـاقُ عَـنْ أحبابِهِـمْ
جَلَداً، وَما لي عَـن نَـداكَ نُـزُوعُ
فإذا رَحَلْـتَ رَحَلْـتَ عَـن دارٍ، إذا
بُـذِلَ السّمـاحُ، فَجارُهـا مَمْنُـوعُ
وَقَطيعَةُ الحَسَـنِ بـنِ سَهْـلٍ إنّهـا
تَغـدو، وَوَصْلـي دونَهـا مَقطُـوعُ
بَلْ لَيْتَ شِعْرِي هل تَرَانـي قائِـلاً:
هَـلْ للّيالـي الصّالحـاتِ رُجُـوعُ
وَتَذَكُّرِيـكَ علـى البِعَـادِ، وَبَيْنَنَـا
بَرُّ العِـرَاقِ، وَبَحْرُهـا المَشـرُوعُ
يَفديـكَ قَـوْمٌ ليـسَ يوجَـدُ مِنهُـمُ
فـي المجُـدِ مَرْئـيٌّ، وَلاَ مَسْمُـوعُ
خُدِعوا عَنِ الشّرَفِ المُقِيـمِ تَظنّيـاً
مِنهُـمْ بـأنّ الوَاهـبَ المَـخـدوعُ
باتَـتْ خَلاَئِقُهُـمْ عَلـى أمْوَالِـهِـمْ
وكَـأنّـهُـنّ جَــوَاشِــنٌ وَدُرُوعُ
قَنِعوا بمَيسُـورِ الفَعَـالِ، وَأُوهِمُـوا
أنّ المَـكَـارِمَ عِـفّـةٌ وَقُـنُــوعُ
كَـلاّ، وَكـلُّ مُقَصِّـرٍ مُتَجَـهْـوِرٍ،
عِنْـدَ الحَطيـمِ، طَوافُـهُ أُسْـبُـوعُ
لا يَبْلُـغُ العَليَـاءَ غَـيـرُ مُتَـيَّـمٍ
بِبُلُوغِهـا، يَعصِـي لَهَـا، وَيُطيـعُ
يَحكيكَ في الشّـرَفِ الـذي حَلّيتَـهُ
بالمَجْـدِ، عِلْمـاً أنّــهُ سَيَشـيـعُ
خُلُـقٌ، أتَيْـتَ بفَضْلِـهِ وَسَنَـائِـهِ
طَبْعـاً، فَجَـاءَ كـأنّـهُ مَصْـنُـوعُ
وَحَديثُ مَجدٍ منـكَ أفـرَطَ حُسنُـهُ
حَتّـى ظَنَـنّـا أنّــهُ مَـوْضُـوعُ
*******************************
شرح القصيدة:
القصيدة على البحر الكامل بجوازاتها:متفاعلن متفاعلن متفاعلن
وايقاع الكامل مناسب تماما للغرض الشعري لتوثبه وايقاعه الرتيب..المناسب لحزن القصيدة..
فقد اتى البيت الاول هكذا:
أغَداً يَشِتُّ المَجدُ وَهْوَ جَميعُ،= وَتُرَدُّ دارُ الحَمدِ وَهْيَ بَقيعُ
أغَ/دن/ يَشِتْ/تل/مَجـْ/د وَهْ/وَ جَ/مي/عو= وَن/رَدْ/د دا/رُل/حَمْ/دِ وَهْ/يبَ/قي/عو
2-2-3-2-2-1-(2)-2-2-2
___________
البيت الاول:
أغَداً يَشِتُّ المَجدُ وَهْوَ جَميعُ،= وَتُرَدُّ دارُ الحَمدِ وَهْيَ بَقيعُ
الشت ُّ=في المعجم الوسيط:أمر ٌ شت َّ متفرق,أشتاتا : متفرقين.
وعليه يشتُّ يتفرق.
البقيع: في ذات لمكان المتسع فيه أشجار مختلفه.
*************
في أغدا؟ وهو سؤال استفهامي : من الشاعر هل يتفرق المجد عنا بعد ان اجتمع فينا؟
ان كان جودا او عزا ..
وفلم لانحمد الله فهو اوسع لنا اذ نسينا ذلك...
*****************
البيت الثاني:
بمَسيرِ إبْرَاهيمَ يَحْمِلُ جُودُهُ= جُودَ الفُرَاتِ، فَرَائعٌ وَمَروعُ
بمَ/سي/رِ إبْرَا/هي/مَ يَحْ/مِلُ /جُو/دُهُو= جُو/دَ ل/فرَا/تِ، فَ/رَا/ئعن/ وَمَ/رو/عُو
هنا في الشطر الثاني اتت :
متْفاعلن...في اول تفعيله..وهو جائز...
يشبه الطريق الذي يريده كإبراهيم عليه السلام والجود والكرم...
**********
البيت الثالث:
مُتَوَجِّهاً تُحْدَى بهِ بَصْرِيّةٌ،= خُشْنُ الأزِمّةِ، ما لَهُنّ نُسُوعُ
أنسع َ:فلان: كثر أذاه لجيرانه
انتسع: انتسعت الإبل: تفرقت في مراعيها.
يقصد هنا البحتري : وكأننا بكرم البصرية التي لاتؤذي احدا ومافيها من سوء يذكر..
********
البيت الرابع:
هُوجٌ، إذا اتّصَلتْ بأسبابِ =السُّرَى، قَطَعَ التّنائِفَ سَيرُها المَرْفُوعُ
التنوفة:الفلاة لاماء فيها ولا أنيس.
يقصد الشاعر انه من كثر لينته ورقته لو قطع عنه الزاد والمدد لتوقف يتلقى قدره بتسليم.
**********
لا شَهْرَ أعْدَى مِنْ رَبيعٍ،= إنّهُ سَيَبينُ عَنّا بالرّبيعِ رَبيعُ
الشاعر هنا يترقب
أنه سيجد البديل لفقده وأنه سيجد سلواه في غير دربه الأول...
إنّهُ سَيَبينُ عَنّا بالرّبيعِ رَبيعُ
**************
البيت الخامس:
سأُقيمُ بَعدَكَ، عندَ غيرِكَ،= عالِماً عِلْمَ الحَقيقَةِ أنّني سأضِيعُ
هو على يقين ان البعد سوف يضيعه ورغم علمه بهذا سوف يختار البعد لانه لم يحظ بالقرب اصلا...
*********************
البيت السادس:
وَصَنَائِعٌ لَكَ سَوْفَ تَترُكُها= النّوَى وَكَأنّما هيَ أرْسُمٌ وَرُبُوعُ
وما قدمته من خير وجميل سوف نتركه ....ستبقى طللا في النفوس..
البيت السابع:
وَذكرْتَ وَاجبَ حُرْمتي، فحفظتَها،= فَلَئِنْ نَسيتُكَ إنّني لَمُضِيعُ
اني حافظ للغيب للحرمات فلا تجزع...لكن النسيان عصي على قلبي...
البيت الثامن:
سأُوَدّعُ الإحسانَ بَعدَكَ واللُّهَى= إذْ حَانَ منكَ البَينُ والتّوْديعُ
اللهى : الاصدقاء والاخوان..
يقصد الشاعر هنا انه سيودع خلانه اذ ان صديقه لن يهمه فراقه.
البيت التاسع:
وَسأستَقِلُّ لَكَ الدّموعَ صَبَابَةً،= وَلَوَ أنّ دِجلَةَ لي عَلَيْكَ دُمُوعُ
وستبقى العين دامعة رغم ان دجلة يعرف كم بكيت على ضفافه...
البيت العاشر:
وَمِنَ البَديعِ أنِ انتَأيتَ وَلَمْ يَرُحْ =جَزَعي على الأحْشاءِ، وَهوَ بديعُ
ورغم انك تعلم ألمي وجزعي إلا انك آليت البعد ولم تجزع لجزعي.
البيت الحادي عشر:
وَسَيَنْزِعُ العُشّاقُ عَنْ أحبابِهِمْ =جَلَداً، وَما لي عَن نَداكَ نُزُوعُ
ورغم ان العشاق يبتعدون عن محبيهم لكنني دائم الذكر لك محب دوما.
البيت الثاني عشر:
فإذا رَحَلْتَ رَحَلْتَ عَن دارٍ، إذا =بُذِلَ السّماحُ، فَجارُها مَمْنُوعُ
إنك رحلت عن دار رغم كرمها الا انني عانيت فيها منعك وبعد كرمك فيها عني..
البيت الثالث عشر:
وَقَطيعَةُ الحَسَنِ بنِ سَهْلٍ إنّها =تَغدو، وَوَصْلي دونَها مَقطُوعُ
يذكر هنا اسم من قاطعه قائلا:وصلي امام قطيعته قطيعه عجماء..
البيت الرابع عشر:
بَلْ لَيْتَ شِعْرِي هل تَرَاني قائِلاً:= هَلْ للّيالي الصّالحاتِ رُجُوعُ
مازلت آمل أن تعود تلك الأيام الرائعه التي جمعتنا معا...فهل ستعود فعلا؟
البيت الخامس عشر:
وَتَذَكُّرِيكَ على البِعَادِ، وَبَيْنَنَا =بَرُّ العِرَاقِ، وَبَحْرُها المَشرُوعُ
ورغم بعد المسافات وبر العراق بيننا لكن بحرها او يقصد نهر دجلة لا يمنع الوصل..
تجلت بكلمة: مشروع..
البيت السادس عشر:
يَفديكَ قَوْمٌ ليسَ يوجَدُ مِنهُمُ =في المجُدِ مَرْئيٌّ، وَلاَ مَسْمُوعُ
لاتغتر بمن حولك فقد كنت لك خير منهم كلهم...كنت اسمعك ولاسامع لك.
البيت السابع عشر:
خُدِعوا عَنِ الشّرَفِ المُقِيمِ تَظنّياً= مِنهُمْ بأنّ الوَاهبَ المَخدوعُ
لقد جفلوا عن منبع الاخلاص والود وتاكد انك مخدوع بهم جميعا.
البيت الثامن عشر:
باتَتْ خَلاَئِقُهُمْ عَلى أمْوَالِهِمْ= وكَأنّهُنّ جَوَاشِنٌ وَدُرُوعُ
لهفهم على ماملكوا لا على كاحفظوا من صحبة واخلاص:
جواشن:الصدر او الدرع
البيت التاسع عشر:
قَنِعوا بمَيسُورِ الفَعَالِ، وَأُوهِمُوا= أنّ المَكَارِمَ عِفّةٌ وَقُنُوعُ
لم يلمحوا كم كنت مجزيا في كرم السلوك والعمل وقنعوا بيسيره غير المجدي.
البيت العشرون:
َلاّ، وَكلُّ مُقَصِّرٍ مُتَجَهْوِرٍ،= عِنْدَ الحَطيمِ، طَوافُهُ أُسْبُوعُ
سوف ياتيكم شبح القطيعة وللاسف يعتقدون انهم لم يقصروا ويبقى صوتهم العالي يوحي بالعطاء.
البيت الواحد والعشرين:
لا يَبْلُغُ العَليَاءَ غَيرُ مُتَيَّمٍ =بِبُلُوغِها، يَعصِي لَهَا، وَيُطيعُ
من بلغ العلياء وبلغ مراده انما هم اولئك الذين غفلوا عن الصراحة والصدق وفضلوا الاطاعه العمياء
البيت الثاني والعشرين:
يَحكيكَ في الشّرَفِ الذي حَلّيتَهُ= بالمَجْدِ، عِلْماً أنّهُ سَيَشيعُ
لن يذهب عطائي هباء ولن يلغى صنيعك السوء معي...يكفيني شرفا انني كنت كما ارضى من خير..
البيت الثالث والعشرين:
خُلُقٌ، أتَيْتَ بفَضْلِهِ وَسَنَائِهِ= طَبْعاً، فَجَاءَ كأنّهُ مَصْنُوعُ
فطرتي صدقي وابائي وعطائي لكن من لايعرف الخير يقول انه مصنوع
البيت الرابع والعشرين:
وَحَديثُ مَجدٍ منكَ أفرَطَ حُسنُهُ= حَتّى ظَنَنّا أنّهُ مَوْضُوعُ
وخيرك الذي باهيت به الناس تاكد انه موضوع لااصل له ولاجذور
*************
مايميز شعر البحتري اللغة القوية الجزله مع سهولة الالفاظ مقارنة مع الشعراء الذي اشتهروا اكثر منه كالمتنبي...
معانيها قريبة من القارئ تحاوره وكانها معه تماما...
لكنها تشترك مع شعراء عصره بذات المعاني العربية الاصيلة..
إنه جهد متواضع ارجو ان يلاقي الاستحسان
أم فراس-23-4-2009
--------------------------------------------------------------------------------
أغدا يشت المجد وهو جميع
البحتري
أغَداً يَشِـتُّ المَجـدُ وَهْـوَ جَميـعُ،
وَتُـرَدُّ دارُ الحَمـدِ وَهْـيَ بَقـيـعُ
بمَسيـرِ إبْرَاهيـمَ يَحْمِـلُ جُــودُهُ
جُـودَ الفُـرَاتِ، فَرَائـعٌ وَمَــروعُ
مُتَوَجِّهـاً تُحْـدَى بـهِ بَصْـرِيّـةٌ،
خُشْنُ الأزِمّـةِ، مـا لَهُـنّ نُسُـوعُ
هُــوجٌ، إذا اتّصَـلـتْ بأسـبـابِ
السُّرَى، قَطَعَ التّنائِفَ سَيرُها المَرْفُوعُ
لا شَهْـرَ أعْـدَى مِــنْ رَبـيـعٍ،
إنّهُ سَيَبيـنُ عَنّـا بالرّبيـعِ رَبيـعُ
سأُقيـمُ بَعـدَكَ، عـنـدَ غـيـرِكَ،
عالِماً عِلْمَ الحَقيقَـةِ أنّنـي سأضِيـعُ
وَصَنَائِـعٌ لَـكَ سَــوْفَ تَترُكُـهـا
النّوَى وَكَأنّما هـيَ أرْسُـمٌ وَرُبُـوعُ
وَذكرْتَ وَاجبَ حُرْمتي، فحفظتَهـا،
فَلَئِـنْ نَسيتُـكَ إنّـنـي لَمُضِـيـعُ
سـأُوَدّعُ الإحسـانَ بَعـدَكَ واللُّهَـى
إذْ حَـانَ منـكَ البَيـنُ والتّـوْديـعُ
وَسأستَقِـلُّ لَـكَ الدّمـوعَ صَبَابَـةً،
وَلَوَ أنّ دِجلَـةَ لـي عَلَيْـكَ دُمُـوعُ
وَمِنَ البَديعِ أنِ انتَأيـتَ وَلَـمْ يَـرُحْ
جَزَعي على الأحْشاءِ، وَهـوَ بديـعُ
وَسَيَنْـزِعُ العُشّـاقُ عَـنْ أحبابِهِـمْ
جَلَداً، وَما لي عَـن نَـداكَ نُـزُوعُ
فإذا رَحَلْـتَ رَحَلْـتَ عَـن دارٍ، إذا
بُـذِلَ السّمـاحُ، فَجارُهـا مَمْنُـوعُ
وَقَطيعَةُ الحَسَـنِ بـنِ سَهْـلٍ إنّهـا
تَغـدو، وَوَصْلـي دونَهـا مَقطُـوعُ
بَلْ لَيْتَ شِعْرِي هل تَرَانـي قائِـلاً:
هَـلْ للّيالـي الصّالحـاتِ رُجُـوعُ
وَتَذَكُّرِيـكَ علـى البِعَـادِ، وَبَيْنَنَـا
بَرُّ العِـرَاقِ، وَبَحْرُهـا المَشـرُوعُ
يَفديـكَ قَـوْمٌ ليـسَ يوجَـدُ مِنهُـمُ
فـي المجُـدِ مَرْئـيٌّ، وَلاَ مَسْمُـوعُ
خُدِعوا عَنِ الشّرَفِ المُقِيـمِ تَظنّيـاً
مِنهُـمْ بـأنّ الوَاهـبَ المَـخـدوعُ
باتَـتْ خَلاَئِقُهُـمْ عَلـى أمْوَالِـهِـمْ
وكَـأنّـهُـنّ جَــوَاشِــنٌ وَدُرُوعُ
قَنِعوا بمَيسُـورِ الفَعَـالِ، وَأُوهِمُـوا
أنّ المَـكَـارِمَ عِـفّـةٌ وَقُـنُــوعُ
كَـلاّ، وَكـلُّ مُقَصِّـرٍ مُتَجَـهْـوِرٍ،
عِنْـدَ الحَطيـمِ، طَوافُـهُ أُسْـبُـوعُ
لا يَبْلُـغُ العَليَـاءَ غَـيـرُ مُتَـيَّـمٍ
بِبُلُوغِهـا، يَعصِـي لَهَـا، وَيُطيـعُ
يَحكيكَ في الشّـرَفِ الـذي حَلّيتَـهُ
بالمَجْـدِ، عِلْمـاً أنّــهُ سَيَشـيـعُ
خُلُـقٌ، أتَيْـتَ بفَضْلِـهِ وَسَنَـائِـهِ
طَبْعـاً، فَجَـاءَ كـأنّـهُ مَصْـنُـوعُ
وَحَديثُ مَجدٍ منـكَ أفـرَطَ حُسنُـهُ
حَتّـى ظَنَـنّـا أنّــهُ مَـوْضُـوعُ
*******************************
شرح القصيدة:
القصيدة على البحر الكامل بجوازاتها:متفاعلن متفاعلن متفاعلن
وايقاع الكامل مناسب تماما للغرض الشعري لتوثبه وايقاعه الرتيب..المناسب لحزن القصيدة..
فقد اتى البيت الاول هكذا:
أغَداً يَشِتُّ المَجدُ وَهْوَ جَميعُ،= وَتُرَدُّ دارُ الحَمدِ وَهْيَ بَقيعُ
أغَ/دن/ يَشِتْ/تل/مَجـْ/د وَهْ/وَ جَ/مي/عو= وَن/رَدْ/د دا/رُل/حَمْ/دِ وَهْ/يبَ/قي/عو
2-2-3-2-2-1-(2)-2-2-2
___________
البيت الاول:
أغَداً يَشِتُّ المَجدُ وَهْوَ جَميعُ،= وَتُرَدُّ دارُ الحَمدِ وَهْيَ بَقيعُ
الشت ُّ=في المعجم الوسيط:أمر ٌ شت َّ متفرق,أشتاتا : متفرقين.
وعليه يشتُّ يتفرق.
البقيع: في ذات لمكان المتسع فيه أشجار مختلفه.
*************
في أغدا؟ وهو سؤال استفهامي : من الشاعر هل يتفرق المجد عنا بعد ان اجتمع فينا؟
ان كان جودا او عزا ..
وفلم لانحمد الله فهو اوسع لنا اذ نسينا ذلك...
*****************
البيت الثاني:
بمَسيرِ إبْرَاهيمَ يَحْمِلُ جُودُهُ= جُودَ الفُرَاتِ، فَرَائعٌ وَمَروعُ
بمَ/سي/رِ إبْرَا/هي/مَ يَحْ/مِلُ /جُو/دُهُو= جُو/دَ ل/فرَا/تِ، فَ/رَا/ئعن/ وَمَ/رو/عُو
هنا في الشطر الثاني اتت :
متْفاعلن...في اول تفعيله..وهو جائز...
يشبه الطريق الذي يريده كإبراهيم عليه السلام والجود والكرم...
**********
البيت الثالث:
مُتَوَجِّهاً تُحْدَى بهِ بَصْرِيّةٌ،= خُشْنُ الأزِمّةِ، ما لَهُنّ نُسُوعُ
أنسع َ:فلان: كثر أذاه لجيرانه
انتسع: انتسعت الإبل: تفرقت في مراعيها.
يقصد هنا البحتري : وكأننا بكرم البصرية التي لاتؤذي احدا ومافيها من سوء يذكر..
********
البيت الرابع:
هُوجٌ، إذا اتّصَلتْ بأسبابِ =السُّرَى، قَطَعَ التّنائِفَ سَيرُها المَرْفُوعُ
التنوفة:الفلاة لاماء فيها ولا أنيس.
يقصد الشاعر انه من كثر لينته ورقته لو قطع عنه الزاد والمدد لتوقف يتلقى قدره بتسليم.
**********
لا شَهْرَ أعْدَى مِنْ رَبيعٍ،= إنّهُ سَيَبينُ عَنّا بالرّبيعِ رَبيعُ
الشاعر هنا يترقب
أنه سيجد البديل لفقده وأنه سيجد سلواه في غير دربه الأول...
إنّهُ سَيَبينُ عَنّا بالرّبيعِ رَبيعُ
**************
البيت الخامس:
سأُقيمُ بَعدَكَ، عندَ غيرِكَ،= عالِماً عِلْمَ الحَقيقَةِ أنّني سأضِيعُ
هو على يقين ان البعد سوف يضيعه ورغم علمه بهذا سوف يختار البعد لانه لم يحظ بالقرب اصلا...
*********************
البيت السادس:
وَصَنَائِعٌ لَكَ سَوْفَ تَترُكُها= النّوَى وَكَأنّما هيَ أرْسُمٌ وَرُبُوعُ
وما قدمته من خير وجميل سوف نتركه ....ستبقى طللا في النفوس..
البيت السابع:
وَذكرْتَ وَاجبَ حُرْمتي، فحفظتَها،= فَلَئِنْ نَسيتُكَ إنّني لَمُضِيعُ
اني حافظ للغيب للحرمات فلا تجزع...لكن النسيان عصي على قلبي...
البيت الثامن:
سأُوَدّعُ الإحسانَ بَعدَكَ واللُّهَى= إذْ حَانَ منكَ البَينُ والتّوْديعُ
اللهى : الاصدقاء والاخوان..
يقصد الشاعر هنا انه سيودع خلانه اذ ان صديقه لن يهمه فراقه.
البيت التاسع:
وَسأستَقِلُّ لَكَ الدّموعَ صَبَابَةً،= وَلَوَ أنّ دِجلَةَ لي عَلَيْكَ دُمُوعُ
وستبقى العين دامعة رغم ان دجلة يعرف كم بكيت على ضفافه...
البيت العاشر:
وَمِنَ البَديعِ أنِ انتَأيتَ وَلَمْ يَرُحْ =جَزَعي على الأحْشاءِ، وَهوَ بديعُ
ورغم انك تعلم ألمي وجزعي إلا انك آليت البعد ولم تجزع لجزعي.
البيت الحادي عشر:
وَسَيَنْزِعُ العُشّاقُ عَنْ أحبابِهِمْ =جَلَداً، وَما لي عَن نَداكَ نُزُوعُ
ورغم ان العشاق يبتعدون عن محبيهم لكنني دائم الذكر لك محب دوما.
البيت الثاني عشر:
فإذا رَحَلْتَ رَحَلْتَ عَن دارٍ، إذا =بُذِلَ السّماحُ، فَجارُها مَمْنُوعُ
إنك رحلت عن دار رغم كرمها الا انني عانيت فيها منعك وبعد كرمك فيها عني..
البيت الثالث عشر:
وَقَطيعَةُ الحَسَنِ بنِ سَهْلٍ إنّها =تَغدو، وَوَصْلي دونَها مَقطُوعُ
يذكر هنا اسم من قاطعه قائلا:وصلي امام قطيعته قطيعه عجماء..
البيت الرابع عشر:
بَلْ لَيْتَ شِعْرِي هل تَرَاني قائِلاً:= هَلْ للّيالي الصّالحاتِ رُجُوعُ
مازلت آمل أن تعود تلك الأيام الرائعه التي جمعتنا معا...فهل ستعود فعلا؟
البيت الخامس عشر:
وَتَذَكُّرِيكَ على البِعَادِ، وَبَيْنَنَا =بَرُّ العِرَاقِ، وَبَحْرُها المَشرُوعُ
ورغم بعد المسافات وبر العراق بيننا لكن بحرها او يقصد نهر دجلة لا يمنع الوصل..
تجلت بكلمة: مشروع..
البيت السادس عشر:
يَفديكَ قَوْمٌ ليسَ يوجَدُ مِنهُمُ =في المجُدِ مَرْئيٌّ، وَلاَ مَسْمُوعُ
لاتغتر بمن حولك فقد كنت لك خير منهم كلهم...كنت اسمعك ولاسامع لك.
البيت السابع عشر:
خُدِعوا عَنِ الشّرَفِ المُقِيمِ تَظنّياً= مِنهُمْ بأنّ الوَاهبَ المَخدوعُ
لقد جفلوا عن منبع الاخلاص والود وتاكد انك مخدوع بهم جميعا.
البيت الثامن عشر:
باتَتْ خَلاَئِقُهُمْ عَلى أمْوَالِهِمْ= وكَأنّهُنّ جَوَاشِنٌ وَدُرُوعُ
لهفهم على ماملكوا لا على كاحفظوا من صحبة واخلاص:
جواشن:الصدر او الدرع
البيت التاسع عشر:
قَنِعوا بمَيسُورِ الفَعَالِ، وَأُوهِمُوا= أنّ المَكَارِمَ عِفّةٌ وَقُنُوعُ
لم يلمحوا كم كنت مجزيا في كرم السلوك والعمل وقنعوا بيسيره غير المجدي.
البيت العشرون:
َلاّ، وَكلُّ مُقَصِّرٍ مُتَجَهْوِرٍ،= عِنْدَ الحَطيمِ، طَوافُهُ أُسْبُوعُ
سوف ياتيكم شبح القطيعة وللاسف يعتقدون انهم لم يقصروا ويبقى صوتهم العالي يوحي بالعطاء.
البيت الواحد والعشرين:
لا يَبْلُغُ العَليَاءَ غَيرُ مُتَيَّمٍ =بِبُلُوغِها، يَعصِي لَهَا، وَيُطيعُ
من بلغ العلياء وبلغ مراده انما هم اولئك الذين غفلوا عن الصراحة والصدق وفضلوا الاطاعه العمياء
البيت الثاني والعشرين:
يَحكيكَ في الشّرَفِ الذي حَلّيتَهُ= بالمَجْدِ، عِلْماً أنّهُ سَيَشيعُ
لن يذهب عطائي هباء ولن يلغى صنيعك السوء معي...يكفيني شرفا انني كنت كما ارضى من خير..
البيت الثالث والعشرين:
خُلُقٌ، أتَيْتَ بفَضْلِهِ وَسَنَائِهِ= طَبْعاً، فَجَاءَ كأنّهُ مَصْنُوعُ
فطرتي صدقي وابائي وعطائي لكن من لايعرف الخير يقول انه مصنوع
البيت الرابع والعشرين:
وَحَديثُ مَجدٍ منكَ أفرَطَ حُسنُهُ= حَتّى ظَنَنّا أنّهُ مَوْضُوعُ
وخيرك الذي باهيت به الناس تاكد انه موضوع لااصل له ولاجذور
*************
مايميز شعر البحتري اللغة القوية الجزله مع سهولة الالفاظ مقارنة مع الشعراء الذي اشتهروا اكثر منه كالمتنبي...
معانيها قريبة من القارئ تحاوره وكانها معه تماما...
لكنها تشترك مع شعراء عصره بذات المعاني العربية الاصيلة..
إنه جهد متواضع ارجو ان يلاقي الاستحسان
أم فراس-23-4-2009