أتذكر دائما وأبدا أنه في كل ليلة من ليالي فصل الشتاء، وعندما تشتد قسوة الطقس في قريتنا التي تتميز بجبالها العالية، كنت وإخوتي نجلس حول الجدة لسماع إحدى قصصها المشوقة التي عودتنا بها كي ننسى البرد القارس. ولأن الجدة كعادتها كانت تنسج حكايتها بشكل لم يكن يترك لنا المجال للتفكير في شيء آخر غير ما ترويه لنا.
ففي ليلة من تلك الليالي، كانت ذئاب تعو في الخارج عويلا ترتج معه أركاننا نحن الصغار، جلسنا حول الجدة كالعادة، وبدأت تروي لنا وكل حواسنا مرتكزة على حركة شفتيها:
"كان يا مكان في زمن غابر قرية تعيش في سلام دائم، أهلها لا يعرفون معنا للحروب وسفك الدماء. ذات يوم مشمس هادئ شاع بينهم أن عدوا مجهولا سيهاجمهم بين الفينة والأخرى. أمر شتت تفكير كبار القرية وتركهم في حيرة من أمرهم، لأنهم لا يعرفون الحرب ولا يعرفون من سيحاربون. وانتشر الرعب بين الأهالي الذين أسرعوا لإيجاد حل لمشكلتهم قبل فوات الأوان، ولكن للأسف، لم يستطيعوا إيجاد الحل.
وكان في القرية راع غنم ذكي وشجاع لا يهتم بأمره أحد كونه راع غنم القرية لا أكثر. المهم أنه أنطلق إلى المرعى حيث كان تقضي جل وقته. اتجه صوب شجرة باسقة فيها ثقب لا يكاد يتسع لشخص واحد دلف منه إلى الداخل وأخذ من إحدى زواياه شيئا ما. وخرج من جوف الشجرة مسرعا إلى القرية لأن العدو قد يصل في أي وقت.
وفي القرية ساد الهرج والمرج بين الجميع، أما الراعي الصغير فجلس على صخرة مقابلة لمدخل القرية واثقا من نفسه...ظهر العدو بجيشه العرمرم فأسرع الكل للاختباء ولم يبق في الخارج سواه.
وبعد أن توسط العدو ساحة القرية أرسل الراعي يعزف موسيقى غريبة لم يسمع لها مثيل. استمر العزف لمدة ليست بالوجيزة اندهش على أثرها أهالي القرية لأن العدو تأخر في الإغارة عليهم، فقرروا الخروج فلم يجدوا سوى الراعي منسجما ونايه في عزف هادئ. حينها استنتجوا أنه أنقدهم من ورطتهم فهرعوا نحوه وطلبوا منه مسامحتهم على الحط من قيمته.
وهكذا تعلموا أن الإنسان لا يقيم بنوع عمله بل بأخلاقه وشجاعته، وأن في العالم أقوام ليسوا بالمسالمين، وبالتالي يجب عليهم أن يقاتلوا الشر حتى النهاية"
وفي الصباح استيقظنا على صياح الديكة معلنة عن يوم جديد...
ففي ليلة من تلك الليالي، كانت ذئاب تعو في الخارج عويلا ترتج معه أركاننا نحن الصغار، جلسنا حول الجدة كالعادة، وبدأت تروي لنا وكل حواسنا مرتكزة على حركة شفتيها:
"كان يا مكان في زمن غابر قرية تعيش في سلام دائم، أهلها لا يعرفون معنا للحروب وسفك الدماء. ذات يوم مشمس هادئ شاع بينهم أن عدوا مجهولا سيهاجمهم بين الفينة والأخرى. أمر شتت تفكير كبار القرية وتركهم في حيرة من أمرهم، لأنهم لا يعرفون الحرب ولا يعرفون من سيحاربون. وانتشر الرعب بين الأهالي الذين أسرعوا لإيجاد حل لمشكلتهم قبل فوات الأوان، ولكن للأسف، لم يستطيعوا إيجاد الحل.
وكان في القرية راع غنم ذكي وشجاع لا يهتم بأمره أحد كونه راع غنم القرية لا أكثر. المهم أنه أنطلق إلى المرعى حيث كان تقضي جل وقته. اتجه صوب شجرة باسقة فيها ثقب لا يكاد يتسع لشخص واحد دلف منه إلى الداخل وأخذ من إحدى زواياه شيئا ما. وخرج من جوف الشجرة مسرعا إلى القرية لأن العدو قد يصل في أي وقت.
وفي القرية ساد الهرج والمرج بين الجميع، أما الراعي الصغير فجلس على صخرة مقابلة لمدخل القرية واثقا من نفسه...ظهر العدو بجيشه العرمرم فأسرع الكل للاختباء ولم يبق في الخارج سواه.
وبعد أن توسط العدو ساحة القرية أرسل الراعي يعزف موسيقى غريبة لم يسمع لها مثيل. استمر العزف لمدة ليست بالوجيزة اندهش على أثرها أهالي القرية لأن العدو تأخر في الإغارة عليهم، فقرروا الخروج فلم يجدوا سوى الراعي منسجما ونايه في عزف هادئ. حينها استنتجوا أنه أنقدهم من ورطتهم فهرعوا نحوه وطلبوا منه مسامحتهم على الحط من قيمته.
وهكذا تعلموا أن الإنسان لا يقيم بنوع عمله بل بأخلاقه وشجاعته، وأن في العالم أقوام ليسوا بالمسالمين، وبالتالي يجب عليهم أن يقاتلوا الشر حتى النهاية"
وفي الصباح استيقظنا على صياح الديكة معلنة عن يوم جديد...
تعليق