حوار مع فرج ياسين
أجرى الحوار: فيصل عبد الوهاب
الصورة المثالية للأديب تتجسد في الكاتب فرج ياسين
سامي مهدي: فرج ياسين أفضل من كتب القصة القصيرة جدا في العراق
القاص فرج ياسين نوع فريد من الأدباء الرائعين الذين تتطابق حياتهم مع فنهم أو بالعكس بحيث لا يمكنك الفصل بينهما فما يكتبه يعبر بصدق عما يؤمن به وما يؤمن به ويتخذه منهجا في سلوكه تجده بين سطور كتاباته وفيه تتجسد الصورة المثالية للأديب.. هذا النوع من الأدباء قلما نجد له مثيلا في حياتنا المعاصرة لانتشار الازدواجية كالوباء وخاصة في الوسط الثقافي..
والكتابة عند فرج ياسين هواية وليست احترافا ولكنها تستغرق حياته كلها بحيث لا تترك له مجالا لتسويق هذه المهنة أو الدعاية لها مثل غيره من الأدباء، لذلك لم ينل حظه كاملا مثل أبناء جيله (الستينات) من الانتشار والشهرة.. ومع ذلك فإننا سنفرح كثيرا حينما يذكر لنا في هذا اللقاء عن الكثير من الأدباء والنقاد والمترجمين الذين كتبوا عنه أو ترجموا له..
- يعرف عنك انك قد بدأت شاعرا، لماذا تحولت إلى القصة القصيرة؟
لم اشعر إنني نأيت عن الشعر وأنا في محراب القصة؛ لأن المجالين يتوازيان في التجنيس ويختلفان في النوع. وعلى وفق ذلك، لم أغادر شعرية الأدب، وبما إنني أجبت كثيرا عن هذا السؤال من زوايا مختلفة، فأنني سوف اكتفي الآن بأحد الأسباب المباشرة التي نقلتني إلى القصة. إذ نشرت لي مجلة الكلمة في عددها الخاص عن شعراء السبعينيات (1974)، قصيدتان هما (معلقة الحرب) و (القصص)، فعلق عدد من الزملاء قائلين إنني أميل كثيرا إلى السرد ولاسيما في هاتين القصيدتين. وطلب إلي الراحل العزيز موسى كريدي مازحاً ومماحكاً أن أجرب كتابة قصة قصيرة، ولم يكن يعلم (رحمه الله) إنني كتبت عددا من القصص مع رواية قصيرة قبل ذلك بزمن طويل من دون أن أجرؤ على نشر أي منها.. وأذكر أنني أحضرت له قصة قصيرة جدا وبعد أيام (عثرت على مسودتها بين أوراقي منذ عامين)، فقال لي: إذا بدأت كتابة القصة فانك سوف تضيف اسما إلى قائمة القصاصين المتواضعة في العراق. وهكذا كان، إذ بدأت كتابة مسرحية مشتركة، ثم نشرت في صيف عام 1978 ثلاث قصص في مجلات الأديب المعاصر وألف باء والإذاعة والتلفزيون، سلكتني في عائلة القصة العراقية القصيرة.
- كتبت بعض القصص الطويلة أو الرواية القصيرة، إذا صح التعبير، لماذا لم تجرب كتابة الرواية؟
لم أكتب سوى قصة طويلة واحدة، هي (ذهاب الجعل إلى بيته)، نشرت في مجلة الأقلام، ولو كان الخط قد أنصف قليلاً لتم نشرها مع ثلاث قصص أقل طولاً قبل أربعة أعوام، إذ كانت معدة للنشر على نحو كامل عشية الاحتلال، لكنني لم انظر إلى ذهاب الجعل التي تتألف من قرابة أربعة عشر ألف كلمة على أنها رواية. لقد كانت قصة طويلة على نحو ما.. وأظن أن وراء عدم كتابتي عملاً روائيا يختصر بطبيعتي الزاهدة الملول؛ فانا لا استطيع تصور الجلوس ساعات وشهور أو سنوات من اجل انتظار مولود ما. فضلا عن إنني وجدت في بعض توجهاتي في الكتابة القصصية بديلا طبيعيا لكتابة الرواية، مثل اشتغالي على شخصية (الصبي) المكررة في عدد كبير من نصوصي، مما يؤمن لدي إشباعا ما على صعيد استغراق الحالة الواحدة، ومع أن هذا ليس شبيها بالرواية أو بديلا عنها إلا انه كان يتيح لي الانصراف إلى رؤية واحدة تتميز بالاستقصاء والتنوع.
- يمتاز أسلوبك بالجزالة البلاغية والتزويق اللفظي، ألا ترى أن هذا يؤثر على فنية القصة وفق المفهوم الحديث للفن القصصي؟
الجزالة البلاغية والتزويق اللفظي مهمتان، استطيع مقاضاتك عليهما في محكمة الإبداع، فهاتان الصفتان لصيقتان بطفولة النوع القصصي عندنا، المنحدرة من فن المقامة، وتزويقات عصور الانحطاط في الثقافة العربية، ولكنك ربما قصدت جزالة البناء اللغوي، فأقول لك: نعم، فانا اعتني كثيرا ببناء الجملة على طريقة المترسلين في الأدب العربي، وأراقب نفسي مليا حين ارسم الوحدة السردية الصغرى، وقد أورد ألفاظا أتعمد إحياءها من المعجم الذي همشته الكتابة الصحفية، واللغة الأدبية المتسامحة، وثمة ما هو جدير بالتنويه في هذا المقام، إذ أن القارئ المتمعن يجد أسلوبين مختلفين متحدرين من مدرستين في الأدب القصصي الحديث تأثرت بهما، وأقول صراحة إنني في أول عهدي بكتابة القصة كنت متأثرا بوليم فوكنر الذي كانت كتاباته تتميز بالتماسك اللغوي وطول الجملة ذات الألفاظ المتخيرة والتراكيب المعقدة، بيد أنني بعد عقد من الزمان وجدتني أضيف إليها تجربة همنغواي أيضا الذي كان فوكنر يتهم رواياته بأن قارءها لا يحتاج إلى القاموس... وأزعم إني جمعت التجربتين في الكتابة، وأنت تستطيع العودة إلى قصصي لتكتشف هذين الأنموذجين المختلفين.
- كتبت في موضوعات كثيرة ومتنوعة، أهمها موضوعة الحرب، وقد كان رأي بعض النقاد أنك ضد فكرة الحرب جملة وتفصيلا، بصرف النظر عن شرعية الحرب أو عدم شرعيتها، ما رأيك بذلك؟
أجل هذا ما عبرت عنه قصص الحرب المنشورة في (عربة بطيئة) و (واجهات براقة) و (رماد الأقاويل)... وكانت بعض هذه القصص قد تناولت موضوعة البطولة على تحو مختلف، وتعد قصة (جراح) باكورة هذه القصص (نشرت في 1981)، وفيها جندي يستبسل في الحرب، ويحظى بتكريم خاص، ولكنه يفشل في إدارة معركة صغيرة على صعيد حياته الشخصية. وفي قصة (في منتصف الليل) يقتل جندي في اللحظة التي كان يعزف فيها على آلة الناي، أما في قصة (إحدى زوايا المكان) فان الجندي الصغير الذي يرسل لشراء الخراف من أجل وحدته العسكرية، يجد متسعا من الحب في لحظة تعكرها الكآبة العسكرية، حين ينجذب إلى عيني صبية يراها لمحاً.. لقد كانت البطولة الحقيقية تكمن في مكان آخر بعيداً عن ميادين المعارك، لأن القصص أرادت إعطاء الوجه الآخر إذ أن هؤلاء شبّان انتزعوا من الحياة المدنية، وتحطم سياق حياتهم الطبيعي، وفي حين أرادت القصة التعبوية تمجيد الوجه المفتعل والمنفصل، أرادت قصصي تمثيل الوجه الحقيقي، المكبوت والمسكوت عنه، ولكم كان الدكتور صالح هويدي شجاعا حين كتب مقالين عن قصة( جراح) واضعا لأحدهما عنوان (بطل بلا بطولة)، إذ عجب البعض - وقتها - كيف استطاعت المؤسسة الثقافية تحمل مثل هذا العنوان. ولم تتهادن قصصي مع ثقافة الحرب أبدا، وحين انتقلت الرؤية إلى استيعاب نتائج الحرب، كنت تلتقي بحطام نال كل شيء فهناك الخائبين عاطفيا والمعاقين والأسرى العائدين، وقد نزعت عنهم، ليس بطولاتهم المزعومة حسب، بل مواطنتهم أيضا.. نعم أنا ضد فكرة الحرب جملة وتفصيلا واحسب أنني طرحت ذلك في قصصي على نحو أمعن في إرضائي.
_ من كتب عنك من النقاد؟
لن استطيع الآن طرح قائمة بكل من تناول قصصي ؛ لأنها لا يمكن أن تكون قائمة نهائية, فانا لا اعرف على وجه التحديد لأنني حصلت على أكثر المقالات والدراسات عن طريق المصادفة، وكان ذلك بسبب إقامتي الدائمة في تكريت, وعدم الخروج إلا في أسبوع واحد هو ذلك الذي ينعقد فيه مهرجان المربد الشعري, فمن بركات حضوري هذا المهرجان إني علمت عن طريق الراحل مهدي عيسى الصقر أن إحدى قصصي (الجبل) قد ترجمت إلى الانكليزية ضمن كتاب (Iraqi short stories) وهي منتخبات تمثل أجيال القصة، وقد ترجم هذا الكتاب إلى الفرنسية والألمانية أيضا. ولولا المربد لما التقيت بالمستشرق الروسي (فلادمير شاكال) الذي كان يبحث عني ليقول لي: انه ترجم عددا من القصص العراقية إلى جميع لغات الاتحاد السوفيتي سابقا ومن بينها بعض قصصي. وهناك أيضا كنت التقي بمن يدلني على مقال أو موضوع أو رأي. وثمة مشكلة دقيقة جدا إذ أن المقال الذي ينشر في صحيفة يومية يصبح بعد فترة في حكم المنسي، فلو لم يقل لي الصديق حميد المختار في المربد انه كتب مقالا عن قصة (الكلمات) واحضره لي منشورا في جريدة في اليوم التالي، بعد مرور أشهر لما علمت بذلك أبدا. ولولا الانترنت اليوم_ كيف لي أن اعرف أن كاتبا مصريا (احمد أبو العلا) اختار إحدى قصصي في كتابه (التعدد والتباين) أو أن الشاعر الكبير سامي مهدي قد عدني أفضل من كتب القصة القصيرة جدا في العراق، وهو يتحدث عن تجربة رائد هذا النوع القصصي الراحل خالد حبيب الراوي. أو كيف لي أن اعرف أن الدكتور حسين سرمك مازال يواصل مشروعه في إخراج كتاب كامل عن تجربتي القصصية...
أما بشأن تقديم قائمة بأسماء النقاد الذين كتبوا عن أعمالي، فقد حاولت استدراج ذاكرتي فحصلت على خمسة عشر اسما ممن احتفظ بمقالاتهم الآن، وهم كتبوا دراسات أو مقالات عدا عروض الكتب والإشارات والمقابلات الشخصية والاطاريح الجامعية التي تتناول القصة العراقية القصيرة.
_ حصلت على الماجستير والدكتوراه في الأدب العربي الحديث، ولكنك لم تجرب الكتابة النقدية إلا بالنزر اليسير، لماذا؟
هاتان الشهادتان الأكاديميتان، جعلت مني معلم نقد وليس ناقدا، هذا ما لا أكل عن ترديده أمام نفسي وأمام الآخرين، وفي ذلك غيرة وإشفاقا على الجانب الآخر من كينونتي الثقافية. وإذا كان الآخرون لا يجدون تناقضا ما بين الناقد ومنشئ النص الأدبي فإنني أتحسس ذلك على نحو مسؤول وعميق.. وظيفة منشئ النص تنهض على البناء، ووظيفة الناقد تنهض على الهدم بمعنى التفكيك والاكتشاف، وإذا كان المنشئ يعمل بأدوات الإيحاء والحلم والمزاج الخلاق، فان الناقد يعمل بأدوات العقل والإرادة الواعية.
_ في رسالتك للماجستير وأطروحتك للدكتوراه تناولت الجانب الأسطوري في القصة القصيرة، ما أهمية هذا الجانب في الفن القصصي الحديث؟
الأسطورة قصيدة الإنسان الأولى، فهي لغة ثانية، لغة مشفرة، فعندما أراد الإنسان أن يعبر عن معتقده وحبه وكرهه وافتقاره وشهواته ومخاوفه لم يستعمل لغة مباشرة، بل لجأ إلى الأسطورة لأنها نظام تعبير رمزي، وهي حالة إجرائية أولية في النشاط الإنساني منذ بدء الخليقة، أنها إذن مكمن الرموز ومسرح الشعرية، لذلك بقيت لصيقة بالمشغل الفني لدى البشر الذين جعلوا منها مصدرا للتعبير منذ زمن الملاحم والتراجيديات الأولى في التأريخ.
وبوصفها جزءا مهما من التراث الثقافي العالمي، لم تفقد بريقها في أية حقبة تاريخية، ويبدو أن الأديب كان يصادفها في طبقات مكشوفة من وعيه، أو في طبقات غائرة في لاوعيه، لأن الأسطورة تولد بيننا وتخلق فينا.
أما فيما يخص توظيفها في القصة العراقية فمن الغريب حقا، أن تظهر في نشاطات القصاصين في الوقت نفسه الذي ظهرت فيه القصة عندنا في العشرينيات من القرن المنصرم، ممثلة بقصص (الرؤيا)، ومع أن قضية الترميز الوقائي استأثرت باهتمام الدارسين ذلك الوقت بوصفها تمثل السبب الأول الذي استدعى ظهور الأسطورة المبكر، إلا أن ثراء الأشكال والمضامين الأسطورية _ربما_ كان الدافع الأساس لتوظيفها، أما كيف تم لي التعامل معها أكاديميا، فقد درست في رسالة الماجستير (توظيف الأسطورة في القصة العراقية الحديثة) من خلال تجليها عبر مستويات: المفردة، والطقس والحكاية الأسطورية، ثم أفردت فصلا لدراسة التقنيات التي انتقلت من الأسطورة الأم أو الأصلية إلى القصص عبر التوظيف. وقد طبعت هذه الرسالة في عام (2000م). أما في أطروحة الدكتوراه فقد اشتغلت على فرضية؛ أن الأسطورة يمكن لها أن تنتج كل يوم؛ فهي خلق وابتكار، أو أن الواقع اليومي قادر على خلق أساطير جديدة. والدراسة ذات مخطط نفسي وآخر انثروبولوجي. وقد انطلقت من تجربة خاصة، إذ إنني كتبت قصصا تشتغل على اسطرة الواقع، أي على تهشيم الثوابت المعيشة وتحولها إلى مكونات قادرة على خلق وابتكار حياة جديدة من دون مرجعيات.
_ تداخل الأجناس الأدبية ميزة حديثة، يعدها البعض اثراءً للنص الأدبي أو اتجاها صوب ما بعد الحداثة، هل هو كذلك فعلا؟
أرى أن هذا السؤال يتصل _على نحوما_ بسؤال الاسطرة. لأن رؤية ما بعد الحداثة، اشتغلت على زعزعة الثوابت، ولم تؤمن بالوضع المستقر، وحاولت التشكيك بقوة الأنموذج، وعادت إلى طرح الأسئلة، وآمنت بالتشظي ولم تستسلم للمعرفة المرتبة منهجيا، فضلا عن أنها احتفلت باليومي والمتغير على حساب السرمدي والنسقي واللازب.. إن مقولة إنتاج أساطير جديدة تتجاور مع مقولة تداخل الأجناس لأن كليهما يشكلان تحديا ثقافيا من حيث الجوهر النظري على وفق متطلبات رؤية ما بعد الحداثة.
أما تداخل الأجناس فانه جاء ملبيا لأتساع الرؤى وتداخلها، وهو قوة مباشرة لتطور الثقافة الفنية عبر الانفجار المعرفي الهائل الذي وفره تطور الاتصالات وانتشار المعلوماتية وطرح النماذج المختلفة في آن واحد. وأظن أن هذا الأمر ليس جديدا لأن بذرته موجودة منذ ظهور فن السينما الذي استدعى إلى مائدته القصة والشعر والموسيقى والرسم، فضلا عن الآليات المنهجية التي استخدمها فن الإخراج السينمائي.
ومع إنني أحبذ الانفتاح على كل ما هو جديد ومؤثر، إلا إنني أدعو إلى الاقتصاد في الاستجابة، والابتعاد عن إرباك الأنساق التي أفرزتها المعرفة الإنسانية عبر تأريخها الطويل على نحو متعسف. أي أن ثمة جنس الأدب؛ يجب المحافظة على حدوده. وان في داخل هذا الجنس توجد الأنواع، وهي الشعر والقصة والمسرحية والمقالة؛ يجب معرفة حدودها، وممارسة تجلياتها النوعية ومع أن هذه التحديدات تعد مدرسية وأكاديمية، إلا أنها لا يمكن أن تضيع لمجرد أن الشعر احتوى على بعض مكونات السرد، أو أن السرد استجاب لبعض مهيمنات الشعر... لأن هذا كان موجودا منذ الأزل.. فهل يستطيع احد أن يعزل الغنائية عن الدرامية في ملحمة كلكامش أو الاينوموايليتش البابلية على سبيل المثال؟
_ كيف ترى المشهد الأدبي في محافظة صلاح الدين؟
في محافظة صلاح الدين أدب وأدباء، ومثلها مثل أي مكان. تحتفظ تاريخيا بركام إبداعي نثرا وشعرا. وما أظن أن أحدا يستطيع نكران ذلك، ولاسيما بعد وضع الكتب وصدور المجاميع الإبداعية في الأعوام الأخيرة، فضلا عن حضور الأصوات الثقافية على نحو لافت في الصحف والمجلات وعلى الانترنت. مشكلة هذه المحافظة أنها لم تستطع إدامة كيان مركزي يضم الأطراف؛ فالقول بان هناك اتحاد أدباء وكتاب إنما يظل _في تشكله البشري_ مقتصرا على تكريت وقضاء الدور فقط، وعلى الرغم من أن قائمة الأعضاء المسجلين تشمل أسماء قليلة جدا من سامراء أو بيجي أو الشرقاط... إلا إنها أسماء على الورق، والآن تبذل محاولات جادة للحصول على مكان خاص، ولاسيما بعد أن ازداد عدد المطالبين بالانتماء إلى الاتحاد. ونأمل أن يصبح مظلة للجميع، بمن فيهم الموهوبين والهواة والأصدقاء أيضا.
_ ما آخر ما نشرت أو نشر لك؟
هناك عمود دوري اكتبه في جريدة (أقلام) التي تصدرها جامعة تكريت، فضلا عن مساهمات متواضعة في الصحف وبعض المواقع الالكترونية. لكنني تواصلت مع جريدة الأديب الأسبوعية منذ صدورها في عام 2003، ونشرت فيها آخر قصة كتبتها وهي (بريد الأب)، وعددا من المقالات في شؤون ثقافية ونقدية مختلفة.
ومن جانب آخر علمت أن دار الشؤون الثقافية في بغداد أصدرت مجموعتي القصصية الرابعة (رماد الأقاويل) وهي تضم قصصا كتبتها، ونشرتها في النصف الثاني من عقد التسعينيات، غير إني لم أر الكتاب، ولم تسنح لي فرصة الحصول على نسخ منه مع انه نشر قبل عدة أشهر، وكفى بذلك دلالة، على تردي الأوضاع الأمنية، وشكرا للانترنت الذي زف إلي نبأ نشره
أجرى الحوار: فيصل عبد الوهاب
الصورة المثالية للأديب تتجسد في الكاتب فرج ياسين
سامي مهدي: فرج ياسين أفضل من كتب القصة القصيرة جدا في العراق
القاص فرج ياسين نوع فريد من الأدباء الرائعين الذين تتطابق حياتهم مع فنهم أو بالعكس بحيث لا يمكنك الفصل بينهما فما يكتبه يعبر بصدق عما يؤمن به وما يؤمن به ويتخذه منهجا في سلوكه تجده بين سطور كتاباته وفيه تتجسد الصورة المثالية للأديب.. هذا النوع من الأدباء قلما نجد له مثيلا في حياتنا المعاصرة لانتشار الازدواجية كالوباء وخاصة في الوسط الثقافي..
والكتابة عند فرج ياسين هواية وليست احترافا ولكنها تستغرق حياته كلها بحيث لا تترك له مجالا لتسويق هذه المهنة أو الدعاية لها مثل غيره من الأدباء، لذلك لم ينل حظه كاملا مثل أبناء جيله (الستينات) من الانتشار والشهرة.. ومع ذلك فإننا سنفرح كثيرا حينما يذكر لنا في هذا اللقاء عن الكثير من الأدباء والنقاد والمترجمين الذين كتبوا عنه أو ترجموا له..
- يعرف عنك انك قد بدأت شاعرا، لماذا تحولت إلى القصة القصيرة؟
لم اشعر إنني نأيت عن الشعر وأنا في محراب القصة؛ لأن المجالين يتوازيان في التجنيس ويختلفان في النوع. وعلى وفق ذلك، لم أغادر شعرية الأدب، وبما إنني أجبت كثيرا عن هذا السؤال من زوايا مختلفة، فأنني سوف اكتفي الآن بأحد الأسباب المباشرة التي نقلتني إلى القصة. إذ نشرت لي مجلة الكلمة في عددها الخاص عن شعراء السبعينيات (1974)، قصيدتان هما (معلقة الحرب) و (القصص)، فعلق عدد من الزملاء قائلين إنني أميل كثيرا إلى السرد ولاسيما في هاتين القصيدتين. وطلب إلي الراحل العزيز موسى كريدي مازحاً ومماحكاً أن أجرب كتابة قصة قصيرة، ولم يكن يعلم (رحمه الله) إنني كتبت عددا من القصص مع رواية قصيرة قبل ذلك بزمن طويل من دون أن أجرؤ على نشر أي منها.. وأذكر أنني أحضرت له قصة قصيرة جدا وبعد أيام (عثرت على مسودتها بين أوراقي منذ عامين)، فقال لي: إذا بدأت كتابة القصة فانك سوف تضيف اسما إلى قائمة القصاصين المتواضعة في العراق. وهكذا كان، إذ بدأت كتابة مسرحية مشتركة، ثم نشرت في صيف عام 1978 ثلاث قصص في مجلات الأديب المعاصر وألف باء والإذاعة والتلفزيون، سلكتني في عائلة القصة العراقية القصيرة.
- كتبت بعض القصص الطويلة أو الرواية القصيرة، إذا صح التعبير، لماذا لم تجرب كتابة الرواية؟
لم أكتب سوى قصة طويلة واحدة، هي (ذهاب الجعل إلى بيته)، نشرت في مجلة الأقلام، ولو كان الخط قد أنصف قليلاً لتم نشرها مع ثلاث قصص أقل طولاً قبل أربعة أعوام، إذ كانت معدة للنشر على نحو كامل عشية الاحتلال، لكنني لم انظر إلى ذهاب الجعل التي تتألف من قرابة أربعة عشر ألف كلمة على أنها رواية. لقد كانت قصة طويلة على نحو ما.. وأظن أن وراء عدم كتابتي عملاً روائيا يختصر بطبيعتي الزاهدة الملول؛ فانا لا استطيع تصور الجلوس ساعات وشهور أو سنوات من اجل انتظار مولود ما. فضلا عن إنني وجدت في بعض توجهاتي في الكتابة القصصية بديلا طبيعيا لكتابة الرواية، مثل اشتغالي على شخصية (الصبي) المكررة في عدد كبير من نصوصي، مما يؤمن لدي إشباعا ما على صعيد استغراق الحالة الواحدة، ومع أن هذا ليس شبيها بالرواية أو بديلا عنها إلا انه كان يتيح لي الانصراف إلى رؤية واحدة تتميز بالاستقصاء والتنوع.
- يمتاز أسلوبك بالجزالة البلاغية والتزويق اللفظي، ألا ترى أن هذا يؤثر على فنية القصة وفق المفهوم الحديث للفن القصصي؟
الجزالة البلاغية والتزويق اللفظي مهمتان، استطيع مقاضاتك عليهما في محكمة الإبداع، فهاتان الصفتان لصيقتان بطفولة النوع القصصي عندنا، المنحدرة من فن المقامة، وتزويقات عصور الانحطاط في الثقافة العربية، ولكنك ربما قصدت جزالة البناء اللغوي، فأقول لك: نعم، فانا اعتني كثيرا ببناء الجملة على طريقة المترسلين في الأدب العربي، وأراقب نفسي مليا حين ارسم الوحدة السردية الصغرى، وقد أورد ألفاظا أتعمد إحياءها من المعجم الذي همشته الكتابة الصحفية، واللغة الأدبية المتسامحة، وثمة ما هو جدير بالتنويه في هذا المقام، إذ أن القارئ المتمعن يجد أسلوبين مختلفين متحدرين من مدرستين في الأدب القصصي الحديث تأثرت بهما، وأقول صراحة إنني في أول عهدي بكتابة القصة كنت متأثرا بوليم فوكنر الذي كانت كتاباته تتميز بالتماسك اللغوي وطول الجملة ذات الألفاظ المتخيرة والتراكيب المعقدة، بيد أنني بعد عقد من الزمان وجدتني أضيف إليها تجربة همنغواي أيضا الذي كان فوكنر يتهم رواياته بأن قارءها لا يحتاج إلى القاموس... وأزعم إني جمعت التجربتين في الكتابة، وأنت تستطيع العودة إلى قصصي لتكتشف هذين الأنموذجين المختلفين.
- كتبت في موضوعات كثيرة ومتنوعة، أهمها موضوعة الحرب، وقد كان رأي بعض النقاد أنك ضد فكرة الحرب جملة وتفصيلا، بصرف النظر عن شرعية الحرب أو عدم شرعيتها، ما رأيك بذلك؟
أجل هذا ما عبرت عنه قصص الحرب المنشورة في (عربة بطيئة) و (واجهات براقة) و (رماد الأقاويل)... وكانت بعض هذه القصص قد تناولت موضوعة البطولة على تحو مختلف، وتعد قصة (جراح) باكورة هذه القصص (نشرت في 1981)، وفيها جندي يستبسل في الحرب، ويحظى بتكريم خاص، ولكنه يفشل في إدارة معركة صغيرة على صعيد حياته الشخصية. وفي قصة (في منتصف الليل) يقتل جندي في اللحظة التي كان يعزف فيها على آلة الناي، أما في قصة (إحدى زوايا المكان) فان الجندي الصغير الذي يرسل لشراء الخراف من أجل وحدته العسكرية، يجد متسعا من الحب في لحظة تعكرها الكآبة العسكرية، حين ينجذب إلى عيني صبية يراها لمحاً.. لقد كانت البطولة الحقيقية تكمن في مكان آخر بعيداً عن ميادين المعارك، لأن القصص أرادت إعطاء الوجه الآخر إذ أن هؤلاء شبّان انتزعوا من الحياة المدنية، وتحطم سياق حياتهم الطبيعي، وفي حين أرادت القصة التعبوية تمجيد الوجه المفتعل والمنفصل، أرادت قصصي تمثيل الوجه الحقيقي، المكبوت والمسكوت عنه، ولكم كان الدكتور صالح هويدي شجاعا حين كتب مقالين عن قصة( جراح) واضعا لأحدهما عنوان (بطل بلا بطولة)، إذ عجب البعض - وقتها - كيف استطاعت المؤسسة الثقافية تحمل مثل هذا العنوان. ولم تتهادن قصصي مع ثقافة الحرب أبدا، وحين انتقلت الرؤية إلى استيعاب نتائج الحرب، كنت تلتقي بحطام نال كل شيء فهناك الخائبين عاطفيا والمعاقين والأسرى العائدين، وقد نزعت عنهم، ليس بطولاتهم المزعومة حسب، بل مواطنتهم أيضا.. نعم أنا ضد فكرة الحرب جملة وتفصيلا واحسب أنني طرحت ذلك في قصصي على نحو أمعن في إرضائي.
_ من كتب عنك من النقاد؟
لن استطيع الآن طرح قائمة بكل من تناول قصصي ؛ لأنها لا يمكن أن تكون قائمة نهائية, فانا لا اعرف على وجه التحديد لأنني حصلت على أكثر المقالات والدراسات عن طريق المصادفة، وكان ذلك بسبب إقامتي الدائمة في تكريت, وعدم الخروج إلا في أسبوع واحد هو ذلك الذي ينعقد فيه مهرجان المربد الشعري, فمن بركات حضوري هذا المهرجان إني علمت عن طريق الراحل مهدي عيسى الصقر أن إحدى قصصي (الجبل) قد ترجمت إلى الانكليزية ضمن كتاب (Iraqi short stories) وهي منتخبات تمثل أجيال القصة، وقد ترجم هذا الكتاب إلى الفرنسية والألمانية أيضا. ولولا المربد لما التقيت بالمستشرق الروسي (فلادمير شاكال) الذي كان يبحث عني ليقول لي: انه ترجم عددا من القصص العراقية إلى جميع لغات الاتحاد السوفيتي سابقا ومن بينها بعض قصصي. وهناك أيضا كنت التقي بمن يدلني على مقال أو موضوع أو رأي. وثمة مشكلة دقيقة جدا إذ أن المقال الذي ينشر في صحيفة يومية يصبح بعد فترة في حكم المنسي، فلو لم يقل لي الصديق حميد المختار في المربد انه كتب مقالا عن قصة (الكلمات) واحضره لي منشورا في جريدة في اليوم التالي، بعد مرور أشهر لما علمت بذلك أبدا. ولولا الانترنت اليوم_ كيف لي أن اعرف أن كاتبا مصريا (احمد أبو العلا) اختار إحدى قصصي في كتابه (التعدد والتباين) أو أن الشاعر الكبير سامي مهدي قد عدني أفضل من كتب القصة القصيرة جدا في العراق، وهو يتحدث عن تجربة رائد هذا النوع القصصي الراحل خالد حبيب الراوي. أو كيف لي أن اعرف أن الدكتور حسين سرمك مازال يواصل مشروعه في إخراج كتاب كامل عن تجربتي القصصية...
أما بشأن تقديم قائمة بأسماء النقاد الذين كتبوا عن أعمالي، فقد حاولت استدراج ذاكرتي فحصلت على خمسة عشر اسما ممن احتفظ بمقالاتهم الآن، وهم كتبوا دراسات أو مقالات عدا عروض الكتب والإشارات والمقابلات الشخصية والاطاريح الجامعية التي تتناول القصة العراقية القصيرة.
_ حصلت على الماجستير والدكتوراه في الأدب العربي الحديث، ولكنك لم تجرب الكتابة النقدية إلا بالنزر اليسير، لماذا؟
هاتان الشهادتان الأكاديميتان، جعلت مني معلم نقد وليس ناقدا، هذا ما لا أكل عن ترديده أمام نفسي وأمام الآخرين، وفي ذلك غيرة وإشفاقا على الجانب الآخر من كينونتي الثقافية. وإذا كان الآخرون لا يجدون تناقضا ما بين الناقد ومنشئ النص الأدبي فإنني أتحسس ذلك على نحو مسؤول وعميق.. وظيفة منشئ النص تنهض على البناء، ووظيفة الناقد تنهض على الهدم بمعنى التفكيك والاكتشاف، وإذا كان المنشئ يعمل بأدوات الإيحاء والحلم والمزاج الخلاق، فان الناقد يعمل بأدوات العقل والإرادة الواعية.
_ في رسالتك للماجستير وأطروحتك للدكتوراه تناولت الجانب الأسطوري في القصة القصيرة، ما أهمية هذا الجانب في الفن القصصي الحديث؟
الأسطورة قصيدة الإنسان الأولى، فهي لغة ثانية، لغة مشفرة، فعندما أراد الإنسان أن يعبر عن معتقده وحبه وكرهه وافتقاره وشهواته ومخاوفه لم يستعمل لغة مباشرة، بل لجأ إلى الأسطورة لأنها نظام تعبير رمزي، وهي حالة إجرائية أولية في النشاط الإنساني منذ بدء الخليقة، أنها إذن مكمن الرموز ومسرح الشعرية، لذلك بقيت لصيقة بالمشغل الفني لدى البشر الذين جعلوا منها مصدرا للتعبير منذ زمن الملاحم والتراجيديات الأولى في التأريخ.
وبوصفها جزءا مهما من التراث الثقافي العالمي، لم تفقد بريقها في أية حقبة تاريخية، ويبدو أن الأديب كان يصادفها في طبقات مكشوفة من وعيه، أو في طبقات غائرة في لاوعيه، لأن الأسطورة تولد بيننا وتخلق فينا.
أما فيما يخص توظيفها في القصة العراقية فمن الغريب حقا، أن تظهر في نشاطات القصاصين في الوقت نفسه الذي ظهرت فيه القصة عندنا في العشرينيات من القرن المنصرم، ممثلة بقصص (الرؤيا)، ومع أن قضية الترميز الوقائي استأثرت باهتمام الدارسين ذلك الوقت بوصفها تمثل السبب الأول الذي استدعى ظهور الأسطورة المبكر، إلا أن ثراء الأشكال والمضامين الأسطورية _ربما_ كان الدافع الأساس لتوظيفها، أما كيف تم لي التعامل معها أكاديميا، فقد درست في رسالة الماجستير (توظيف الأسطورة في القصة العراقية الحديثة) من خلال تجليها عبر مستويات: المفردة، والطقس والحكاية الأسطورية، ثم أفردت فصلا لدراسة التقنيات التي انتقلت من الأسطورة الأم أو الأصلية إلى القصص عبر التوظيف. وقد طبعت هذه الرسالة في عام (2000م). أما في أطروحة الدكتوراه فقد اشتغلت على فرضية؛ أن الأسطورة يمكن لها أن تنتج كل يوم؛ فهي خلق وابتكار، أو أن الواقع اليومي قادر على خلق أساطير جديدة. والدراسة ذات مخطط نفسي وآخر انثروبولوجي. وقد انطلقت من تجربة خاصة، إذ إنني كتبت قصصا تشتغل على اسطرة الواقع، أي على تهشيم الثوابت المعيشة وتحولها إلى مكونات قادرة على خلق وابتكار حياة جديدة من دون مرجعيات.
_ تداخل الأجناس الأدبية ميزة حديثة، يعدها البعض اثراءً للنص الأدبي أو اتجاها صوب ما بعد الحداثة، هل هو كذلك فعلا؟
أرى أن هذا السؤال يتصل _على نحوما_ بسؤال الاسطرة. لأن رؤية ما بعد الحداثة، اشتغلت على زعزعة الثوابت، ولم تؤمن بالوضع المستقر، وحاولت التشكيك بقوة الأنموذج، وعادت إلى طرح الأسئلة، وآمنت بالتشظي ولم تستسلم للمعرفة المرتبة منهجيا، فضلا عن أنها احتفلت باليومي والمتغير على حساب السرمدي والنسقي واللازب.. إن مقولة إنتاج أساطير جديدة تتجاور مع مقولة تداخل الأجناس لأن كليهما يشكلان تحديا ثقافيا من حيث الجوهر النظري على وفق متطلبات رؤية ما بعد الحداثة.
أما تداخل الأجناس فانه جاء ملبيا لأتساع الرؤى وتداخلها، وهو قوة مباشرة لتطور الثقافة الفنية عبر الانفجار المعرفي الهائل الذي وفره تطور الاتصالات وانتشار المعلوماتية وطرح النماذج المختلفة في آن واحد. وأظن أن هذا الأمر ليس جديدا لأن بذرته موجودة منذ ظهور فن السينما الذي استدعى إلى مائدته القصة والشعر والموسيقى والرسم، فضلا عن الآليات المنهجية التي استخدمها فن الإخراج السينمائي.
ومع إنني أحبذ الانفتاح على كل ما هو جديد ومؤثر، إلا إنني أدعو إلى الاقتصاد في الاستجابة، والابتعاد عن إرباك الأنساق التي أفرزتها المعرفة الإنسانية عبر تأريخها الطويل على نحو متعسف. أي أن ثمة جنس الأدب؛ يجب المحافظة على حدوده. وان في داخل هذا الجنس توجد الأنواع، وهي الشعر والقصة والمسرحية والمقالة؛ يجب معرفة حدودها، وممارسة تجلياتها النوعية ومع أن هذه التحديدات تعد مدرسية وأكاديمية، إلا أنها لا يمكن أن تضيع لمجرد أن الشعر احتوى على بعض مكونات السرد، أو أن السرد استجاب لبعض مهيمنات الشعر... لأن هذا كان موجودا منذ الأزل.. فهل يستطيع احد أن يعزل الغنائية عن الدرامية في ملحمة كلكامش أو الاينوموايليتش البابلية على سبيل المثال؟
_ كيف ترى المشهد الأدبي في محافظة صلاح الدين؟
في محافظة صلاح الدين أدب وأدباء، ومثلها مثل أي مكان. تحتفظ تاريخيا بركام إبداعي نثرا وشعرا. وما أظن أن أحدا يستطيع نكران ذلك، ولاسيما بعد وضع الكتب وصدور المجاميع الإبداعية في الأعوام الأخيرة، فضلا عن حضور الأصوات الثقافية على نحو لافت في الصحف والمجلات وعلى الانترنت. مشكلة هذه المحافظة أنها لم تستطع إدامة كيان مركزي يضم الأطراف؛ فالقول بان هناك اتحاد أدباء وكتاب إنما يظل _في تشكله البشري_ مقتصرا على تكريت وقضاء الدور فقط، وعلى الرغم من أن قائمة الأعضاء المسجلين تشمل أسماء قليلة جدا من سامراء أو بيجي أو الشرقاط... إلا إنها أسماء على الورق، والآن تبذل محاولات جادة للحصول على مكان خاص، ولاسيما بعد أن ازداد عدد المطالبين بالانتماء إلى الاتحاد. ونأمل أن يصبح مظلة للجميع، بمن فيهم الموهوبين والهواة والأصدقاء أيضا.
_ ما آخر ما نشرت أو نشر لك؟
هناك عمود دوري اكتبه في جريدة (أقلام) التي تصدرها جامعة تكريت، فضلا عن مساهمات متواضعة في الصحف وبعض المواقع الالكترونية. لكنني تواصلت مع جريدة الأديب الأسبوعية منذ صدورها في عام 2003، ونشرت فيها آخر قصة كتبتها وهي (بريد الأب)، وعددا من المقالات في شؤون ثقافية ونقدية مختلفة.
ومن جانب آخر علمت أن دار الشؤون الثقافية في بغداد أصدرت مجموعتي القصصية الرابعة (رماد الأقاويل) وهي تضم قصصا كتبتها، ونشرتها في النصف الثاني من عقد التسعينيات، غير إني لم أر الكتاب، ولم تسنح لي فرصة الحصول على نسخ منه مع انه نشر قبل عدة أشهر، وكفى بذلك دلالة، على تردي الأوضاع الأمنية، وشكرا للانترنت الذي زف إلي نبأ نشره
تعليق