العيد والخف

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • RHajjar
    عضو رسمي
    • Nov 2008
    • 310

    العيد والخف

    <font color="#3366ff">العيد والخف <br /> انتهيت من إعداد حلوى العيد، وكان طفليّ يساعدانني وهما يتابعان باهتمام شعائر الحج تنقل مباشرة من عرفة على شاشة الرائي، ويرددان مع الحجيج لبيك اللهم لييك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لاشريك لك . وبين الحين والآخر يعودان بالذاكرة لأعياد ماضية، الصلاة، الأضحية، تكبيرات العيد، وكنت أحيانا أتشاغل عن أسئلتهما التي لاتنتهي، وفجأة حرت أمام سؤال بريئ : <br /> _هل العيد أجمل أم هناك فقلت مراوغة:<br /> _ كل له طعمه، ولكن العيد هناك جميل جداً، وقالا معاً:<br /> _ماذا يعني جميل؟ <br /> صحيح، لم أفكر بهذا السؤال قبلاً، ولكن لا أدري هو جميل، نحس أنه عيد، له رائحة مختلفة، وصباحه مختلف، شمسه مختلفة، وأجمل مافيه أننا نستيقظ على أصوات المكبرين، ونركض لنرتدي ثياب العيد، ونقبل أيدي والدينا وننتظر العيد، كي...كي كي،، كي نعيّد.<br /> وسألني الصغير وكأنه لم يكن يسمع كلامي، وإنما منشغل بمتابعة الحجيج على الرائي : <br />- ماذا يعني لبيك اللهم لبيك، هل تتخيلي أنني أردد كلاماً لا أفهمه! <br /> فقلت له باسمة: <br />-في أمور الدين ليس ضاراً أحياناً أن نردد قبل أن نفهم، طالما قلت لك أنه سنة ولكن هذا جيد، علينا أن نبحث عن المعنى، لبيك اللهم لبيك، يعني، قد دعوتنا يا رب لبيتك، وها نحن قد أتينا.<br /> فاستمر معانداً:<br /> - ولكننا لم نأت فكيف نقول ذلك؟ <br /> -نعم، ربما لم نذهب إليه بأجسامنا، ولكن نحن معهم بأرواحنا وقلوبنا، ألا ترى أننا ننظر إليهم، ونتمنى لو كنا معهم،<br /> فقال حزيناً: -نعم أذكر حين ذهبتم ولم تأخذونا معكم.<br /> كنت لا أتمكن من الإفلات من حصار أسئلته، إلا عندما أعرض عليه أن يذوق لي الحلوى هل هي لذيذة أم لا، فيأكل ويجيب، ثم يعود لأسئلته المتلاحقة رغم محاولات أخيه المتكررة لأن ينهاه عن المضي قدما بالثرثرة. رحت أنظف المنزل، و اقترحت عليهما أن يجهزا زينة المنزل عله ينشغل بشيء آخر، بدون جدوى، ولكن ما إن ظهر حاج يقف بعرفات ويدعو وهو يبكي حتى عاد لأسئلته الملحة: <br />- لماذا يبكي ؟ <br />- لأنه يخشى ألا يستجيب له الله، <br />- ألم تقولي لي منذ قليل أن الله يستجيب لجميع المسلمين؟ فلماذا يبكي والله سيستجيب له؟ <br /> فرأيت الفرصة مناسبة، وقلت: - ولكننا نخشى إن لم ندع كفاية ألا يستجيب الله لنا. ما رأيكما إذاً أن ننشغل بالدعاء؟ <br />فتساءل ببراءة:<br /> -وماذا أدعو؟ <br />- تدعو بما تشاء،<br /> -إذا يارب أنا أريد قصراً، <br />-لا، هناك ما هو أهم، إطلب الجنة، الرضا من الله، ومن الرسول عليه الصلاة والسلام،<br /> وأضاف أخاه الأكبر بصوت منخفض وهو ينظر لي بطرف عينه: <br />- ألم تكن حزيناً عندما اشترت لي ماما لي الخف ولم تشتر لك؟ لا أحد يدري، لربما يلهم الله ماما أن تشتري لك هدية العيد ما تريد. عاد إلي بعد أن بقي لحظات متفكراً وهو يظن أني لم أسمع شيئاً:<br /> - هل يعني أن الله سيعطيني ذلك <br />- ربما ،لم لا؟ أنت تساعد ماماتساعد، وترجو رضاها، وتدعو الله، قد يستجيب الله لك. <br />وكانت المفاجأة أن توقف عن الكلام ومضت ساعة أو يزيد وهو يتمتم بدعوات بصوت خافت ، وبين الحين والآخر يرتفع صوته بتكبيرات العيد، ثم يعود للتمتمة من جديد، وكانت فترة راحة كبيرة لنا. <br /><br />أطل صباح العيد مشرقاً دافئاً، وفتح صغيري عينيه، ليرى هديته بجانب السرير، وسارع ليفض الغلاف، ليرى ما بداخلها، ونظر للعبته التي طالما حدثني عنها وحلم بها، وابتسم وفجأة أشرق وجهه بسعادة غامرة ودهشة،و هو يرى الخُفّ، فرمى اللعبة، واحتضن خفه الجديد وهو يصيح:<br /> _ماما انظري كم الله طيب !<br /> دهشت وقلت له :<br />_ألهذه الدرجة سررت بالخف ولم تسر بلعبتك!<br /> التمعت دمعتين في عينيه تأثراً: <br />- سينتصر المسلمون، لقد دعوت بهذا البارحة، أنظري لقد أعطاني الخف, وأنا واثق أن الله كريم جداً ، و سيعطيني الباقي. لقد دعوت للمسلمين بالنصر على إسرائيل، فأنا واثق أنه سيحصل، أليس كذلك.؟ <br />نظرت في عينيه طويلاً، وقلت: <br />_لا يابني، الأمر هنا مختلف جداً ويطول شرحه، يحتاج لجلسة مطولة هذا المساء. </font>
يعمل...
X