[align=center] الإنسان حيوان عاطفي بالفطرة[/align]
ينظر كثير من الناس إلى "العاطفة" على أنها شيء سلبي أو شيء يجب ألا يتصف به المرء القوي أو الإنسان "الكامل" (؟!!!) في مروأته وعليه ألا يبديه إن ابتلي به كأنه عار أو نقص في الشخصية يجب ستره أو التقليل من تأثيره قدر الإمكان حتى لا يوصم صاحبه بالضعف أو الخَوَر، فما مدى صحة هذا الزعم؟
العاطِفَةُ، كما جاء في بعض معاجم العربية، هي:"ميلٌ وشفقةٌ وحُنُوٌّ ورِقَّةٌ" و تطلق، في العربية، على القرابة وعلى أسباب هذه القرابة و هي الصلة من جهة الولاء [بين من تربطهم وشائج الرحم أو الانتماء]؛ وهي في علم النفس: "استعدادٌ نفسيٌّ ينزِعُ بصاحبه إِلى الشعور بانفعالات معيَّنة والقيام بسلوك خاصٍّ حِيالَ فكرة أَو شيء" أو هي:"استعداد نَفسيّ ينزعُ بصاحبه إلى الشُّعور بانفعالات وجدانيّة خاصَّة والقيام بسلوك معيَّن حيال شخص أو جماعة أو فكرة معيّنَة كالعاطفة الدينيَّة مثلا"، هذا ما تُسعفنا به بعض المصادر اللغوية، ومنها "المعجم الوسيط"، في تعريف العاطفة لغة واصطلاحا.
فإذا تقرر أن العاطفة غريزة مثل سائر الغرائز التي وجدت في الإنسان ومعه ساعة وجوده، أو خروجه إلى هذه الدنيا، فما مدى "معقولية"(*) الشعور بالنقص الذي ينتاب الشخص إذا ما وصف، أو وصم، بالعاطفي أو بالعاطفة؟
لولا العاطفة لما كان الإنسان إنسانا، فالعاطفة مما قُسِّم لهذا الإنسان من الرحمة التي بها يرأم صغاره وبها يرأف بذويه وبكل من تربطه بهم صلة أو وشيجة ما، وبها يحب، وبها يكره، وبها يود، وبها يبغض، وبها يحنو، وبها يقسو، وبها يوالي، وبها يعادي؛ فإن حُرِم الإنسان هذه "العاطفة" كيف يكون حاله؟ فحتى الحيوانات لها عاطفتها الغريزية الخاصة وبها تتميز عن الجمادات، وحتى النباتات لها "عاطفة" خاصة بها، إحساس من نوع خاص، فهي تتفاعل مع الإنسان وتتأثر به؛ فإن حاولنا تجريد الإنسان من العاطفة، وهو الحيوان العاطفي بالغريزة، كأننا نحاول، وعبثا نفعل، إنزاله من آدميته، أو من بشريته، إلى البهيمية، بل إلى النباتية، بل إلى "الشيئية"، أو إلى "الجمادية"، لأن الجماد هو الشيء الذي ليس له عاطفة أو إحساس أو مشاعر، نقول هذا الآن فلقد تأتي دراسات علمية تثبت أن للجماد، هو كذلك، عاطفة أو شعورا أو إحساسا، وليس ذلك بمستبعد افتراضيا على أقل تقدير، وإن العلماء المختصون في الإعلام الآلي والإعلام الذكي يحاولون "غرز" العاطفة في الأجهزة التي يخترعونها لتصير إنسانية أو بشرية شيئا ما، وعبثا يحاولون هم كذلك، لأن العاطفة منحة من الله تعالى لا يمكن للإنسان أن يمنحها إلى شيء حتى إلى نفسه أو إلى أحب الناس إليه، فالقضية ليست في كون الإنسان عاطفيا بل في توجيه هذه العاطفة الوجهة الصحيحة وتوظيفها التوظيف اللائق إنسانيا لإعمار الدنيا وليس في تخريبها، وإن الميزان القسط يكمن في استغلال هذه العاطفة الاستغال المتزن، فلا إفراط ولا تفريط، حتى تستقيم الحياة وتزدهر، فإذا تجاوز الأمر عن حدِّه انقلب إلى ضدِّه.
فالإنسان، إذن، عاطفي بالفطرة، وهو بهذا حيوان عاطفي بامتياز، و بهذه العاطفة الممنوحة له من الله تعالى يعمر الدنيا بالخير، فإن حُرمها كلها أو بعضها فقد حُرم خيرا كثيرا وإن وجهها الوجهة السيئة تعس وانتكس وشقي وخاب، وليس على الإنسان أن يكبت جُنوحَ عاطفته ولكن عليه أن يكبح جُموحَها.
ــــــــــــــــــــ
(*) "المعقولية" مصدر صناعي من اختراعي الآن وهنا للدلالة على قبول هذا الشعور بالنقص عقلا.
ينظر كثير من الناس إلى "العاطفة" على أنها شيء سلبي أو شيء يجب ألا يتصف به المرء القوي أو الإنسان "الكامل" (؟!!!) في مروأته وعليه ألا يبديه إن ابتلي به كأنه عار أو نقص في الشخصية يجب ستره أو التقليل من تأثيره قدر الإمكان حتى لا يوصم صاحبه بالضعف أو الخَوَر، فما مدى صحة هذا الزعم؟
العاطِفَةُ، كما جاء في بعض معاجم العربية، هي:"ميلٌ وشفقةٌ وحُنُوٌّ ورِقَّةٌ" و تطلق، في العربية، على القرابة وعلى أسباب هذه القرابة و هي الصلة من جهة الولاء [بين من تربطهم وشائج الرحم أو الانتماء]؛ وهي في علم النفس: "استعدادٌ نفسيٌّ ينزِعُ بصاحبه إِلى الشعور بانفعالات معيَّنة والقيام بسلوك خاصٍّ حِيالَ فكرة أَو شيء" أو هي:"استعداد نَفسيّ ينزعُ بصاحبه إلى الشُّعور بانفعالات وجدانيّة خاصَّة والقيام بسلوك معيَّن حيال شخص أو جماعة أو فكرة معيّنَة كالعاطفة الدينيَّة مثلا"، هذا ما تُسعفنا به بعض المصادر اللغوية، ومنها "المعجم الوسيط"، في تعريف العاطفة لغة واصطلاحا.
فإذا تقرر أن العاطفة غريزة مثل سائر الغرائز التي وجدت في الإنسان ومعه ساعة وجوده، أو خروجه إلى هذه الدنيا، فما مدى "معقولية"(*) الشعور بالنقص الذي ينتاب الشخص إذا ما وصف، أو وصم، بالعاطفي أو بالعاطفة؟
لولا العاطفة لما كان الإنسان إنسانا، فالعاطفة مما قُسِّم لهذا الإنسان من الرحمة التي بها يرأم صغاره وبها يرأف بذويه وبكل من تربطه بهم صلة أو وشيجة ما، وبها يحب، وبها يكره، وبها يود، وبها يبغض، وبها يحنو، وبها يقسو، وبها يوالي، وبها يعادي؛ فإن حُرِم الإنسان هذه "العاطفة" كيف يكون حاله؟ فحتى الحيوانات لها عاطفتها الغريزية الخاصة وبها تتميز عن الجمادات، وحتى النباتات لها "عاطفة" خاصة بها، إحساس من نوع خاص، فهي تتفاعل مع الإنسان وتتأثر به؛ فإن حاولنا تجريد الإنسان من العاطفة، وهو الحيوان العاطفي بالغريزة، كأننا نحاول، وعبثا نفعل، إنزاله من آدميته، أو من بشريته، إلى البهيمية، بل إلى النباتية، بل إلى "الشيئية"، أو إلى "الجمادية"، لأن الجماد هو الشيء الذي ليس له عاطفة أو إحساس أو مشاعر، نقول هذا الآن فلقد تأتي دراسات علمية تثبت أن للجماد، هو كذلك، عاطفة أو شعورا أو إحساسا، وليس ذلك بمستبعد افتراضيا على أقل تقدير، وإن العلماء المختصون في الإعلام الآلي والإعلام الذكي يحاولون "غرز" العاطفة في الأجهزة التي يخترعونها لتصير إنسانية أو بشرية شيئا ما، وعبثا يحاولون هم كذلك، لأن العاطفة منحة من الله تعالى لا يمكن للإنسان أن يمنحها إلى شيء حتى إلى نفسه أو إلى أحب الناس إليه، فالقضية ليست في كون الإنسان عاطفيا بل في توجيه هذه العاطفة الوجهة الصحيحة وتوظيفها التوظيف اللائق إنسانيا لإعمار الدنيا وليس في تخريبها، وإن الميزان القسط يكمن في استغلال هذه العاطفة الاستغال المتزن، فلا إفراط ولا تفريط، حتى تستقيم الحياة وتزدهر، فإذا تجاوز الأمر عن حدِّه انقلب إلى ضدِّه.
فالإنسان، إذن، عاطفي بالفطرة، وهو بهذا حيوان عاطفي بامتياز، و بهذه العاطفة الممنوحة له من الله تعالى يعمر الدنيا بالخير، فإن حُرمها كلها أو بعضها فقد حُرم خيرا كثيرا وإن وجهها الوجهة السيئة تعس وانتكس وشقي وخاب، وليس على الإنسان أن يكبت جُنوحَ عاطفته ولكن عليه أن يكبح جُموحَها.
البُليْدة، صبيحة يوم الثلاثاء 23 من ذي القعدة 1436 الموافق 7 أوت 2015.
ــــــــــــــــــــ
(*) "المعقولية" مصدر صناعي من اختراعي الآن وهنا للدلالة على قبول هذا الشعور بالنقص عقلا.
تعليق