المقامة القندهارية

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ياسر خالد
    عضو منتسب
    • Jul 2009
    • 4

    المقامة القندهارية

    المقامة القندهارية
    حدثنا عدنان بن يوسف قال :
    عرفت أميرنا المهيوب , من خلال تمثاله المنصوب, في ساحة القرية من جهة الجنوب, ولم أره بالعيان, إلا في احتفال مولانا السلطان, فقد جاء تحيطه الحاشية, والجند حوله راكضة ماشية, والرجال تهتف ممجدة أفعاله, والنساء تتغنى بصفاته وخصاله, والصبايا تتغزل بحسنه وجماله,
    إلا أن أصيب بمرض عضال, والذي افقده الأبهة والجمال, فقد أصاب الفشل كلتا كليتيه, وانحبست السوائل في ساقيه وقدميه, وسقط شعر رأسه وحاجبيه, فلم يعد يستقبل الزوار, إلا المقربين كاتمي الأسرار, والمختصين من الأطباء, وحاملي الغذاء والدواء .
    وبعد كل الفحوص المخبرية, والكثير من الصور الشعاعية, أجمع كل الأطباء, على زرع كلية له دونما إبطاء, وأن تكون فحوص الكلية الجديدة موافقة, واختبارات النسج والزمرة مطابقة.
    وكان هناك فرمان, باسم مولانا السلطان, بأن يحضر المواطنين والزوار, إلى المشفى لإجراء اختبار, وذلك للمصلحة العامة, وتحاشيا من وقوع مصيبة طامة, وأن هذا نداء الوطن, للذود عنه في المصائب والمحن,
    وبحد فحص كل الرجال, تم إلقاء القبض علي في الحال, لأنهم لم يجدوا إلا زمرتي طابقت زمرته, وأنسجتي شابهت أنسجته, وقرارهم أن كليتي يزرعوها بدل كليته.
    وأحاط بي جمع من الأطباء, وأظهروا كثيرا من الاعتناء, وكل الضباط زاروني, وبالسلام السلطاني حيوني, لأن هناك أمر أن يكرموني, وبعدها لعملية استئصال الكلية يهيئوني.
    لم اعترض على هذا الفرمان, لأن عندي بدل الكلية اثنتان, ولا بد سيأخذونها بلا مشورة أو استئذان, لكنهم بعد اخذ الكلية عاملوني باحتقار ,وطردوني من المشفى بالليل لا في النهار, خوفا من فضيحة فشي الأسرار.
    واحتفالا بشفاء الأمير, وفي مهرجان كبير, وبينما كان الأمير يسابق على بعير, اختل منه الميزان, وسقط علن البعير خاسرا الرهان, وان البعير بخفه قد داس, أسفل بطن الأمير في موضع حساس, وقد خدشت عنده الرجولة, وانتفت عنه صفة الفحولة, إنها مصيبة مهولة.
    بعدها جاءني وفد كبير, يتحدث باسم مولانا الأمير, فقال كبيرهم : أتعلم وقد داس البعير على المنطقة الحساسة, ومن خجله بالكاد يلتقط أنفاسه, تراه جالسا على العرش أمير, ولكنه عاجز مع نسائه في السرير, حتى أنهن طلبن الطلاق, من غير خلاف أو بغض أو شقاق, وما ملكت يمينه تمنين الفراق, فلا غزل يستطيع ولا حتى عناق, فمن اجل البلاد والأوطان, وسمعة مولانا السلطان, يجب أن نعمل لدرء هذا البلاء, والذي اسعد وشمت الأعداء, فهذا هو الجهاد, الذي سيعيد الهيبة للبلاد.
    فقلت : ليأخذوا من أذني غشاء الطبل والصيوان, ومن بطني الزائدة الدودية والمصران, ومن عيني القرنية والأجفان, ومن فمي لسان المزمار والأسنان, فكلنا فداء للأوطان.
    فقال بصوت منخفض : الأمير يريد ترقيع أعضاؤه الكليمة, بأجزاء من جسمك سليمة, لأن زمرة دمك موافقة, وفحوص النسج مطابقة, فتجهز يا بطل الأبطال, إلى عظيم الجهاد ودونما قتال.
    فسألت هذا السؤال : بعد عملية الاستئصال, هل أتزوج كباقي الرجال, وما هو مصيري وما هو المآل, فقال : تلتحق بدير الرهبان, فلا زواج هناك ولا عقد قران, وتعيش بقية أيامك باطمئنان.
    فقلت أمهلني ثلاثة أيام, لأودع أخوتي الأيتام, فقال : لك هذا الوقت اليسير, ولا تتأخر فيغضب الأمير, ويكون عقابك شديدا وعسير.
    فقررت العزم على الفرار, إلى ابعد البلاد إلى قندهار, رغم شظف العيش في اللجوء, وما سيلحق بي من مشقة ومن سوء, فالعيش في الجبال والوديان, ومقارعة الكفار والأمريكان, أهون من العيش في دير الرهبان .وفي ذلك أنشدت أقول :
    احفظ خصالك وامشي كالمغوار .......واسلك بها طريق قندهار
    والعبد مسخ ألبسوه قطيفة...............والحر حرا لو اكتوى بالنار
    ولجنة بالذل لا أرضى بها..............وجهنم بالعز" قصدي واختياري "
يعمل...