Y.PRK. MK. 4/60
Tarih: 03/B /1306 (Hicrî)
5 مارس 1889
من المعلوم لدى المقام العالي لمولانا ظل الله في الأرض أن سورية بصورة عامة وجبل لبنان على وجه الخصوص طريق ومسرح لترويج الأجانب بضائع فسادهم .هناك ثلاثة أشخاص اشتهروا بأقلامهم وعلمهم من بين أهالي الجبل وهم فارس نمر ويعقوب صروف وشاهين مكارنيوس نشأوا على يدي معلمين مشهورين من الإنجليز أقاما في الجبل، دعوا إلى مصر من قبل البعض من قبل من شغلوا في وقت من الأوقات منصب رئاسة الوزارة، فجيء بهم إلى مصر قبل سنوات ليقوموا بنشر موقوتة باسم المقتطف تبحث في العلوم والفنون. وبالإضافة إلى التربية الأولى التي تلقاها المذكورون، فإنهم أحرزوا مكانة خاصة في الفروع التي تشكلت بمصر للجمعية الماسونية التي أتخذت من لندن مقرا عاما لها. أما المدعو فارس نمر فقد أوصله تميزه بجودة القريحة وطلاقة اللسان إلى رئاسة إلى هذه الجمعيات، كما أبرز بعد ذلك ملكة ومهارة قويين في الترويج لآمال الإنجليز الخفية والضارة، فحصل بدعم وقرار من الإنجليز على امتياز إصدار جريدة باللغة العربية اسمها المقطم تيمنا باسم الجبل الكائن إلى الجهة الشرقية من مدينة القاهرة، وبدأ بإصدار هذه الجريدة قبل ثلاثة أسابيع.
إذا تابعنا سلسلة أسانيدها الأصولية ودققنا في قواعدها الأساسية وفروعها وجدنا بأن المذهب المعروف بالماسونية تشكل لمناهضة الدين تحت شعار الأخوة. لذلك نجد أن الماسونية استخدمت ضد الدين الإسلامي، وتركز استخدامها في هذا السبيل في البلاد العربية على وجه الخصوص وكان لها تأثير بتلك النسبة. ولما كانت رغبات غالبية الناس متوافقة مع ميول ورغبات الحكومة، فإن هناك فئة ممن لا مسلك لهم تدفعهم مصالحهم الخاصة، إلى أن يزيدوا من أعداد هذه الجمعية الفسادية من غير أن يشعروا بأنهم باتوا دعاة أو ضحايا لأطماع دولة أجنبية. لقد أدركت المنظمات التي تعمل على تدمير العالم الإسلامي بواسطة المنصرين منذ كل هذه السنين مرات ومرات بأنها لن تقدر على إضلال أو خداع المسلمين باسم النصرانية بصورة مباشرة. فصاروا يدعون مواطنينا إلى الماسونية ليلتقوا بهم في مكان وسط بين الاثنتين، وقد حققوا نجاحا لا يستهان به، لكن أهل الدين وخاصة فئة العلماء ينظرون إلى الماسونية نظرة الريبة والشك، فلا يأمنون جانب من يشك بأنه ماسوني، فكانت الحاجة لدى هؤلاء اللجوء إلى وسيلة أخرى. فقرروا تشكيل جمعية برئاسة فارس نمر سميت بالاعتدال. ومن حيث الظاهر فإن هذه الجمعية ذات صفة علمية وأدبية وفنية، وقد أعلنوا للناس بأنه لا صلة لهذه الجعية بالماسونية، واستطاعوا بهذا الإعلان جلب أعداد كبيرة لعضويتها من العلماء الشباب من مصر. ويفهم بدلالة اسم هذه الجمعية ومباحثها، أنها نتاج خطة تهدف للقضاء على الغيرة والعصبية الإسلامية. فبالأمس عقد فارس نمر اجتماعا في المحفل الماسوني حضره خواصه المقربون، ذلك بأن الموظفين العرب من الدرجة الثانية والثالثة في كافة الأقسام والفروع بالدوائر المصرية هم جميعا من نصارى سوريا، وبدعم لبعضهم بعضا يتزايد عددهم كل يوم، الأمر الذي يثير امتعاض الأهالي من قدماء المصريين، ويدور في ألسنة بعض المصريين أن الحاجة قائمة لكل أنواع المبادرات الصورية والمعنوية لتجريد الوظائف الحكومية من السوريين. ولتدارك الموقف واتخاذ التدابير العاجلة عقد الماسونيون السوريون اجتماعا برئاسة فارس نمر، حيث ألقى كلمة قال فيها بأن الأوضاع في سورية غير مناسبة لهم لذلك فهم اضطروا للقدوم إلى مصر، وأنه إذا تقرر إغلاق أبواب الوظائف الحكومية أمام السوريين في مصر كما يشاع مؤخرا، فإن الأمور ستتعقد،وأورد العديد من الأدلة والبراهين، كما ناقش الحلول المطروحة، وتقرر أخيرا بذل كل الجهود لكسب أعضاء مصريين في جمعية الاعتدال، وطرق كل الأبواب لدعم جمعيتهم ، والاستفادة من قوة وإمكانات الجمعية الماسونية كيلا يبقى أي سوري دون عمل، وقد وردت التقارير بأن هذه القرارات وضعت حيز التنفيذ فورا.
وإذا كان الإنجليز بسياستهم العلنية لا يخفون نواياهم الضارة تجاه الإسلام والخلافة، فإنهم يعملون سرا وبكافة الوسائل إلى إفساد أفكار وعقائد الناس، وتسميم عقول المسلمين بواسطة الماسونية والمدارس التنصيرية. ولا يتصورون ميدانا واسعا ليسرحوا فيه بخيولهم كما يشاؤون في أي بلد عربي كما هو كائن في مصر. ومع إنني لم أتوقف لحظة واحدة في اتخاذ أي تدبير قولا وفعلا في قطع الطريق على هؤلاء، لكنني أعترف في الوقت نفسه بأن جهودي لا تتناسب وأهمية وخطورة المسألة، فبذور الفساد التي يرعونها ويبثونها هنا بصورة خاصة لا تعد ولا تحصى. من ذلك ما يصدره الإنجليز من الصحف باللغة العربية، وما ينشرون فيها من أفكار موجهة للأهالي تقول بأن خليفة الله في الأرض موجود بينهم في محاولة لإضفاء ألقاب التعظيم الخاصة بالخلافة المقدسة على شخص الخديوي بالرغم من عدم حب الناس له، وليس ببعيد بعد هذا أن تمتد نيران فسادهم إلى بلاد سوريا وما حولها في المستقبل، وكما بينت في تقرير سابق لي أنه يجب القضاء على هذه الفتنة فورا وإنهاء أي أمل للأجانب المفسدين الطامعين بالعالم العربي بقطع أذرعهم وأجنحتهم، وهذا يتطلب ربط سورية بمركز الخلافة بالخط الحديدي في أقرب وقت ممكن. فرأس هذا الفساد ومروجوه هم الإنجليز، وإمكانات الوصول إلى هذه البلاد بحرا لدى الحاجة لا يفي بالغرض. لذلك فإن إدراكي لمدى أهمية الحفاظ على العالم العربي بخط حديد سوريا على ضوء ما يجري حاليا يزداد يوما بعد يوم. إن وجود خط حديدي في تلك البلاد وامتداده بعد ذلك نحو البحر الأحمر سيضمن لنا مصر كذلك، ولا أشك ابدا بأن هذا الخط سيكون بمثابة خنجر حرمان في قلوب أعدائنا. وحتى لو لم يكن خافيا على القلب الملهم لحضرة مولانا صاحب مقام الخلافة الكثير من التدابير الحكمية التي تضمن سلامة الملك والدولة، فقد دفعني واجب الولاء والوفاء إلى تقديم تقريري هذا، راجيا تفضل مولاي بالإطلاع، والأمر في الأحوال قاطبة لحضرة سيدي ولي الأمر.
3 رجب سنة 1306و 21 شباط سنة 1306 ( 5 مارس 1889)
العبد المملوك
أحمد مختار
Tarih: 03/B /1306 (Hicrî)
5 مارس 1889
من المعلوم لدى المقام العالي لمولانا ظل الله في الأرض أن سورية بصورة عامة وجبل لبنان على وجه الخصوص طريق ومسرح لترويج الأجانب بضائع فسادهم .هناك ثلاثة أشخاص اشتهروا بأقلامهم وعلمهم من بين أهالي الجبل وهم فارس نمر ويعقوب صروف وشاهين مكارنيوس نشأوا على يدي معلمين مشهورين من الإنجليز أقاما في الجبل، دعوا إلى مصر من قبل البعض من قبل من شغلوا في وقت من الأوقات منصب رئاسة الوزارة، فجيء بهم إلى مصر قبل سنوات ليقوموا بنشر موقوتة باسم المقتطف تبحث في العلوم والفنون. وبالإضافة إلى التربية الأولى التي تلقاها المذكورون، فإنهم أحرزوا مكانة خاصة في الفروع التي تشكلت بمصر للجمعية الماسونية التي أتخذت من لندن مقرا عاما لها. أما المدعو فارس نمر فقد أوصله تميزه بجودة القريحة وطلاقة اللسان إلى رئاسة إلى هذه الجمعيات، كما أبرز بعد ذلك ملكة ومهارة قويين في الترويج لآمال الإنجليز الخفية والضارة، فحصل بدعم وقرار من الإنجليز على امتياز إصدار جريدة باللغة العربية اسمها المقطم تيمنا باسم الجبل الكائن إلى الجهة الشرقية من مدينة القاهرة، وبدأ بإصدار هذه الجريدة قبل ثلاثة أسابيع.
إذا تابعنا سلسلة أسانيدها الأصولية ودققنا في قواعدها الأساسية وفروعها وجدنا بأن المذهب المعروف بالماسونية تشكل لمناهضة الدين تحت شعار الأخوة. لذلك نجد أن الماسونية استخدمت ضد الدين الإسلامي، وتركز استخدامها في هذا السبيل في البلاد العربية على وجه الخصوص وكان لها تأثير بتلك النسبة. ولما كانت رغبات غالبية الناس متوافقة مع ميول ورغبات الحكومة، فإن هناك فئة ممن لا مسلك لهم تدفعهم مصالحهم الخاصة، إلى أن يزيدوا من أعداد هذه الجمعية الفسادية من غير أن يشعروا بأنهم باتوا دعاة أو ضحايا لأطماع دولة أجنبية. لقد أدركت المنظمات التي تعمل على تدمير العالم الإسلامي بواسطة المنصرين منذ كل هذه السنين مرات ومرات بأنها لن تقدر على إضلال أو خداع المسلمين باسم النصرانية بصورة مباشرة. فصاروا يدعون مواطنينا إلى الماسونية ليلتقوا بهم في مكان وسط بين الاثنتين، وقد حققوا نجاحا لا يستهان به، لكن أهل الدين وخاصة فئة العلماء ينظرون إلى الماسونية نظرة الريبة والشك، فلا يأمنون جانب من يشك بأنه ماسوني، فكانت الحاجة لدى هؤلاء اللجوء إلى وسيلة أخرى. فقرروا تشكيل جمعية برئاسة فارس نمر سميت بالاعتدال. ومن حيث الظاهر فإن هذه الجمعية ذات صفة علمية وأدبية وفنية، وقد أعلنوا للناس بأنه لا صلة لهذه الجعية بالماسونية، واستطاعوا بهذا الإعلان جلب أعداد كبيرة لعضويتها من العلماء الشباب من مصر. ويفهم بدلالة اسم هذه الجمعية ومباحثها، أنها نتاج خطة تهدف للقضاء على الغيرة والعصبية الإسلامية. فبالأمس عقد فارس نمر اجتماعا في المحفل الماسوني حضره خواصه المقربون، ذلك بأن الموظفين العرب من الدرجة الثانية والثالثة في كافة الأقسام والفروع بالدوائر المصرية هم جميعا من نصارى سوريا، وبدعم لبعضهم بعضا يتزايد عددهم كل يوم، الأمر الذي يثير امتعاض الأهالي من قدماء المصريين، ويدور في ألسنة بعض المصريين أن الحاجة قائمة لكل أنواع المبادرات الصورية والمعنوية لتجريد الوظائف الحكومية من السوريين. ولتدارك الموقف واتخاذ التدابير العاجلة عقد الماسونيون السوريون اجتماعا برئاسة فارس نمر، حيث ألقى كلمة قال فيها بأن الأوضاع في سورية غير مناسبة لهم لذلك فهم اضطروا للقدوم إلى مصر، وأنه إذا تقرر إغلاق أبواب الوظائف الحكومية أمام السوريين في مصر كما يشاع مؤخرا، فإن الأمور ستتعقد،وأورد العديد من الأدلة والبراهين، كما ناقش الحلول المطروحة، وتقرر أخيرا بذل كل الجهود لكسب أعضاء مصريين في جمعية الاعتدال، وطرق كل الأبواب لدعم جمعيتهم ، والاستفادة من قوة وإمكانات الجمعية الماسونية كيلا يبقى أي سوري دون عمل، وقد وردت التقارير بأن هذه القرارات وضعت حيز التنفيذ فورا.
وإذا كان الإنجليز بسياستهم العلنية لا يخفون نواياهم الضارة تجاه الإسلام والخلافة، فإنهم يعملون سرا وبكافة الوسائل إلى إفساد أفكار وعقائد الناس، وتسميم عقول المسلمين بواسطة الماسونية والمدارس التنصيرية. ولا يتصورون ميدانا واسعا ليسرحوا فيه بخيولهم كما يشاؤون في أي بلد عربي كما هو كائن في مصر. ومع إنني لم أتوقف لحظة واحدة في اتخاذ أي تدبير قولا وفعلا في قطع الطريق على هؤلاء، لكنني أعترف في الوقت نفسه بأن جهودي لا تتناسب وأهمية وخطورة المسألة، فبذور الفساد التي يرعونها ويبثونها هنا بصورة خاصة لا تعد ولا تحصى. من ذلك ما يصدره الإنجليز من الصحف باللغة العربية، وما ينشرون فيها من أفكار موجهة للأهالي تقول بأن خليفة الله في الأرض موجود بينهم في محاولة لإضفاء ألقاب التعظيم الخاصة بالخلافة المقدسة على شخص الخديوي بالرغم من عدم حب الناس له، وليس ببعيد بعد هذا أن تمتد نيران فسادهم إلى بلاد سوريا وما حولها في المستقبل، وكما بينت في تقرير سابق لي أنه يجب القضاء على هذه الفتنة فورا وإنهاء أي أمل للأجانب المفسدين الطامعين بالعالم العربي بقطع أذرعهم وأجنحتهم، وهذا يتطلب ربط سورية بمركز الخلافة بالخط الحديدي في أقرب وقت ممكن. فرأس هذا الفساد ومروجوه هم الإنجليز، وإمكانات الوصول إلى هذه البلاد بحرا لدى الحاجة لا يفي بالغرض. لذلك فإن إدراكي لمدى أهمية الحفاظ على العالم العربي بخط حديد سوريا على ضوء ما يجري حاليا يزداد يوما بعد يوم. إن وجود خط حديدي في تلك البلاد وامتداده بعد ذلك نحو البحر الأحمر سيضمن لنا مصر كذلك، ولا أشك ابدا بأن هذا الخط سيكون بمثابة خنجر حرمان في قلوب أعدائنا. وحتى لو لم يكن خافيا على القلب الملهم لحضرة مولانا صاحب مقام الخلافة الكثير من التدابير الحكمية التي تضمن سلامة الملك والدولة، فقد دفعني واجب الولاء والوفاء إلى تقديم تقريري هذا، راجيا تفضل مولاي بالإطلاع، والأمر في الأحوال قاطبة لحضرة سيدي ولي الأمر.
3 رجب سنة 1306و 21 شباط سنة 1306 ( 5 مارس 1889)
العبد المملوك
أحمد مختار
تعليق