تروي هذه السلسلة الوثائقية التاريخية المثيرة قصة مدينة من أهم مدن العالم القديم والجديد معًا. إنها
اسطنبول
بعد أن حلت محل
القسطنطينية
التي أخذت مكان
بيزنطة
وقبل أن استعرض فصول الموضوع، يسرني إهداء الترجمة ومقالها إلى مؤرخ شاب تعرفّت عليه مؤخرًا وسُعدت بلقائه في بيتي.
إنه الأستاذ
نادر بن وثير
وهو خريج قسم تاريخ وآثار في كلية الآداب جامعة الكويت، وناشط في الكتابة التاريخية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ويمتلك منظورًا مفعمًا بالأمل والإيجابية حول فصول التاريخ الإسلامي المبكرة والمتأخرة. وقد اقترحت عليه أن يردّ على أفكار هذه السلسلة الوثائقية ويتثبت من دقة معلوماتها بعد مشاهدة حلقاتها وتدوين أية ملاحظات تسترعي الاهتمام والنقد وتسجيل مقابلة معه لطرح هذه الردود ورفعها على اليوتيوب مع ترجمة حوارها إلى اللغة الإنجليزية في حال رغب مقدم السلسلة المؤرخ سايمون صباغ مونتيفيوري بالتعقيب على هذا الرد، لا سيما وأن الأستاذ نادر دارس للتاريخ الإسلامي وباحث فيه ومهتم بجوانبه المتعلقة بالشأن العثماني. ونأمل أن تساعد الظروف أبي خالد لطرح ردود موضوعية على هذه السلسلة بالرغم من مشاغله الكثيرة، وذلك في قادم الأيام بمشيئة الله.اسطنبول
بعد أن حلت محل
القسطنطينية
التي أخذت مكان
بيزنطة
وقبل أن استعرض فصول الموضوع، يسرني إهداء الترجمة ومقالها إلى مؤرخ شاب تعرفّت عليه مؤخرًا وسُعدت بلقائه في بيتي.
إنه الأستاذ
نادر بن وثير
نفتح هذه المصافحة الجديدة مع مقدم السلسلة المؤرخ البريطاني سايمون صبّاغ مونتيفيوري، بعد أن ترجمنا له سلسلته الأخري الدم والذهب: قصة أسبانيا ونشأتها. وقد وعدت في موضوع تلك الترجمة أن سلسلة بيزنطة ستترجم إن شاء الله، وها نحن على الوعد.
تكفّلت زميلتنا المجتهدة السيدة الفاضلة سناء حسن بركات بالبدء بترجمة أولى حلقات السلسلة، وقت ترجمتي لسلسلة أسبانيا، ثم واصلت ترجمة الحلقة الثانية إلى أن انتهت مؤخرًا. ومن الملاحظ أن أم محمد تفضّل ترجمة الوثائقيات التاريخية وتهواها، إذ ترجمت لنا عدة أعمال تاريخية جميلة منها “إرث لورنس العرب” في فبراير/شباط 2015 و”أفغانستان: اللعبة الكبرى” في أكتوبر/تشرين من العام ذاته، وجهدها في ذلك محمود مشكور بإذن الله، على الرغم من مشاغلها كربّة عائلة كبيرة ونشاطها التجاري وكذلك صعوبة التعامل مع اللغة والترجمة ومشقة تقديم عمل لائق للجمهور، والتوفيق بين كل ذلك. وأتذكر نقاشنا السابق حول منح موقع الديفيدي العربي (السابق) ألقابًا تشجيعية وتكريمية لنشطاء الترجمة، وهو ما جعل السيدة سناء تتحمس لهذا النشاط وتخلص له. وهي بالفعل تستحق اللقب، وإن زال ذلك الموقع العريق، لكننا نحن من كان يحركه ويجعله نابضًا بالحياة. ولذا فإن مسؤوليتي، كوني آخر من تولى مسؤولية الإشراف العام على قسم ترجمة الأفلام والمسلسلات في مندى الديفيدي العربي، الوفاء بهذا الوعد الرسمي وذلك قريبا بمشيئة الله في موضوع منفصل. وبارك الله في جهد الأستاذة سناء حسن بركات، لما فيه من بذل وعطاء وفكر وإخلاص واجتهاد وعدم ركون إلى اليأس أو التعب. أحسنتِ يا أم محمد.
لكن بقيت حلقة ثالثة في هذه السلسلة. فأما هذه فقد برزت فيها زميلة مخضرمة في عالم الترجمة وجديدة في مجال الترجمة المرئية. إنها السيدة الفاضلة شيماء ياقوت إبراهيم، التي تطوعت مشكورة لإنهاء ترجمة هذه الحلقة المتبقية من السلسلة. ومع صعوبة المهمة وحداثة عهد أم زياد بمجال الترجمة المرئية المميز عن غيره من صنوف الترجمة، إلا إنها كأبناء طنطا الكرام ومصر الكنانة لم تستسلم لكل العقبات التي قد تقف في طريقها لإتقان هذا المجال، وساعدها في ذلك تشجيع زوجها الأستاذ المهندس إيهاب أحمد شاكر الذي تشرفت بمعرفته عن قرب ومدى ما يمتلكه من وعي ومعرفة وتقدير لهذه الجهود الخيّرة في مجال الترجمة. فبارك الله لهذه العائلة المستنيرة بنور الله ورزقها من حيث لا تحتسب.
وأود هنا تقديم الاعتذار إلى السيدتين سناء وشيماء وإلى الجمهور الكريم بسبب تأخري في مراجعة نصوص الترجمة، نظرًا لانتقالي إلى منزل جديد منذ عيد الفطر لهذا العام وما تبعه من ظروف الاستقرار ومتطلباته
لننتقل بحديثنا إلى السلسلة التي سأضع روابطها المباشرة أدناه ثم نناقشها تاليًا
الحلقة الأولى
((من بيزنطة إلى القسطنطينية))
الحلقة الأولى
((من بيزنطة إلى القسطنطينية))
تكشف هذه الحلقة الأولى الجذور الأغريقية العتيقة للمدينة، وترسم معالم تحولها إلى عاصمة إمبراطورية مسيحية على يد الإمبراطور قسطنطين العظيم، كما تميط الحلقة اللثام عن الصدامات الكنسية (الإكليركية) وكيف أدى ذلك إلى الانقسام بين الكنيستين الشرقية والغربية.
يجوب مقدم السلسلة المؤرخ مونتيفيوري اسطنبول بحثًا ودراسةً للقرون الأخيرة لبيزنطة المسيحية اليائسة حين واجهت تلك المدينة المجيدة في الماضي عدوين أحدهما قادم من الغرب والآخر من الشرق، ومع ذلك أنتجت نهضة فنية ذهبية. وهي حلقة تستعرض قصة تدمير الصليبيين المسيحيين للمدينة، ثم إعادتها للحياة على يد المسلمين العثمانيين الذين رمموها لتصبح عاصمةً إمبراطوريةً عقب حصار عام 1453 الملحمي.
تبرز الحلقة الثالثة المفاجآت المكتشفة في اسطنبول مع ارتقائها لتصبح العاصمة الإمبراطورية للإسلام وأقوى مدنها على الإطلاق. فيروي مقدم السلسلة مونتيفيوري وهو يزور المساجد والقصور التي شيدها السلاطين العثمانيين كل القصص الخفية وراءها – من محظيات القصور ووالحراس القتلة وحكايات السلاطين الأقوياء والمنحرفين معًا. كما أنه يكشف النقاب عن كيفية حدوث التعايش المشترك بين كلٍ من المسلمين والمسيحيين واليهود قبل أن تعمل موجات التمرد القومي على تركيع الدولة العثمانية. أما في القرن العشرين، فقد تبدل شكل العاصمة العتيقة وأحوالها بعد تنفيذ الرؤية العلمانية الجديدة لأتاتورك.
يصعب وضع القسطنطينية (أو اسطنبول الحالية) في فصل بعينه من فصول التاريخ أو في حلقة محددة من حلقات الحراك الإنساني الممتد والطويل. لكن هل يصح وضعها في إطار عملية حراك كبرى في التاريخ البشري ألا وهي “سنن الله الكونية”؟ أرى ذلك بصورة متقدة عند دراسة التاريخ التركي وما تمخض فيه من احتضان بشري لأرض الأناضول التي استقبلته واحتضنته. فهذه السنن تلقي بإرهاصاتها العظمى في ثنايا هذه القصة التي تأملت في جانب منها في موضوع فتح القسطنطينية ومحمد الفاتح. لا أرى سنة من هذه السنن إلا وقد تحققت فيها، فقد تغير حال قومٍ وتغير كذلك حال قومٍ آخرين في الآن ذاته. والمدهش في القوم الذين تغير حالهم من الأحسن إلى الأسوأ -وهم أهل القسطنطينية ذوي الأصول اليونانية- أن سبب هذا الانحدار أو التغيير نحو السوء إنما جاء من صنع إيديهم وجنايتهم على أنفسهم بالدرجة الأولى. ومصدر اندهاشي أن هذا ما هو إلا تطبيق لقول الله تعالى في سورة الأنفال
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
أي أن حال أي قوم أو أمة -سواء مسلمة أم كافرة- تعهد الباري عز وجل ألا يغيرها إلى الأسوأ إلا إذا هم فعلوا ذلك بإيديهم وعبر ازدياد فسادهم وآفاتهم، والأخطر من ذلك تثبيت ذلك الفساد بقوانين وشرائع باطلة. هذا ما تعرضه السلسلة الوثائقية بتفاصيل مفيدة وكاشفة عن أحوال بيزنطة وكيفية انكماشها وتضاؤلها في محيط مدينتها القسطنطينية فقط مع مرور الزمن، وهي التي كانت يومًا القوة العظمى في العالم مع الإمبراطورية الفارسية على اختلاف حقباتها. في المقابل نجد أن معادلة هذه السُنّة الكونية الإيجابية صبّت في صالح المسلمين الأتراك، الذين عانوا من ظروف سيئة إثر هجرتهم على فترات طويلة من بلادهم الأصلية في آسيا الوسطى إلى الأناضول، غير أنهم أحسنوا التفكير والتدبير إلى أن بلغوا إنجازهم الأعظم سنة 1453 ألا وهو فتح القسطنطينية. فانطبقت عليهمسنة التغيير من الحال الأسوأ إلى الأحسن، وبالمناسبة انطبقت عليهم كذلك السنة ذاتها عندما ساءت أحوالهم وكثرت مفاسدهم في القرون المتأخرة، وهو ما يوصف تاريخيًا بزوال حقبة “سلاطين العثمانيين العشرة الأقوياء” وظهور حقبة سيئة وهي حقبة “السلاطين التنابلة”، فغيّروا حالهم بإيديهم من الأحسن إلى الأسوأ، إلى أن زالت الدولة العثمانية وخلافتها فعليًا سنة 1924. ويدلّل مونتيفيوري على بدء هذا التغيير المنحدر بجملة غريبة في الحلقة الثانية من السلسلة من أن حكام القسطنطينية وأهلها لم ينجحوا بالصمود في وجه الفاتحين الأتراك لكن المدينة نجحت بإلقاء شباك الإغواء والإغراء على فاتحيها على مدى متدرج وطويل. وهنا، يثبت أن سنة التغيير تحرض الجماعات البشرية على الاستيقاظ والانتباه وعدم الركون إلى مظاهر النعمة.
من أهم السنن الكونية التي نراها تتجسد في قصة اسطنبول سنة التداول. فالجماعات البشرية والمجتمعات والأقوام والأمم لابد وأن تؤمن أنها واقعة في تبدّل ومداولة دائمة، فهي تارةً منتصرة وتارةً أخرى مهزومة، وأحيانًا حاكمة وأحيانًا أخرى محكومة. يقول الله تعالى في سورة آل عمران
{إن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ القَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}
وهي كغيرها من السنن الكونية الثابتة تنطبق على المسلمين وغير المسلمين، فالقسطنطينية المنيعة وذات الحصون والبروج والقلاع لم تفد من كل تلك تلك التحصينات لأن سنة التداول قد حلت عليها ولا مناص من ذلك. لأسباب موضوعية وذاتية عديدة، لعل السلسلة الوثائقية تستعرض جانبًا منها في الحلقتين الأوليتيين. ويبدو -والله أعلى وأعلم- أن هذه السنة مرتبطة بالقَدَر والحكمة الربانية العليا وبصيرة الله سبحانه التي تنفذ إلى الأفراد والجماعات فتقرر ما إذا استحق هؤلاء القوم ما يريدون أو لم يستحقوا. فالمسألة ليست نصرًا وحُكمًا فحسب، بل جوهر أفكار ومعتقدات ومبادئ والحكمة التي تسير عليها هذه الأمة أو تلك. فهكذا انطلق المسلمون الأوائل ونجحوا بمبادئهم الربانية وحسن تطبيقهم لها، وهكذا سقط المسلمون المتأخرون بعد ابتعادهم عن المبادئ السامية وضعفهم وتأخرهم عن ركب العلم، في حين دال الأمر إلى الغرب الذي أتقن فهم العملية الكونية وسننها، فأمسينا نرى رجالاته يتسمون بالحكمة والنظر إلى الأمور من أعماقها وعدم الركون إلى مظاهرها وسطحياتها.
لعل ما يدعو إلى احترام الدولة العثمانية وتاريخها هو إيمانها بسنة كونية لا مفر منها لكل من يريد التفوق والتقدم. إنها سنة الاختلاف. ومنبع الاحترام يتأتى من نجاح هذه الدولة في استيعاب هذه السُنّة التي يصعب على أمم كثيرة تطبيقها والعمل عليها. فمنذ أن وطأت أقدام العثمانيين أرض القسطنطينية، عملوا على احترام أهلها وعقائدهم وعاداتهم. إذ ظلت الكنيسة الشرقية الأرثوذكسية عاملةً كأهم الكنائس الممثلة لهذه الطائفة المسيحية لقرون طويلة، والعثمانيون لم يختلفوا بذلك عن دولة الأندلس الإسلامية وإماراتها اللاحقة التي مشهود لها باحترام الديانات السماوية. بل إن المسلمين عندما حكموا الهند لقرون طويلة احترموا العقائد والديانات غير السماوية كالهندوسية والبراهمية والبوذية ولم يضطهدوا أحدًا على دينه. كل هذا جرى في وقت كان النظام السائد في العالم القديم هو النظام الكهنوتي الذي تتحالف فيه السلطتين السياسية والدينية وتمنعان أي مظهر من مظاهر الحريات الدينية. فما هو السبب يا ترى؟ إنه يكمن ببساطة في هذه الكلمات الربانية
{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}
فالديانة الإسلامية التي آمن بها الأتراك كغيرهم من الأمم، تنص بشريعتها على احترام الأديان والعقائد المختلفة، بل تزيد أنها تحمي أهل هذه الديانات وتوفر لهم غطاء آمنا لممارسة شعائرهم وطقوسهم بحرية، كما أكد مرارا مونتيفيوري في سلاسله الوثائقية. ومرد ذلك الإيمان بإن الناس مختلفين وسيظلون مختلفين إلى يوم الدين، فيذكر الباري في كتابه الحكيم
وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً غ– وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} هود-118}
وما من أحد يريد أن يفرض على الخلق التشابه والنمطية الأحادية سوى الطغاة وكبار المجرمين، لأن في بعض الاختلاف رحمة، كما ذكر مفسرون كثر. هذا ما سارت عليه الدولة العثمانية في أوج قوتها وعنفوانها حين أسبغت على الأمم التي استظلت تحت ظلها بالرحمة والاحترام، وهو عكس ما سارت عليه حين ضعفت وانحدرت حين سادت الشكوك وراج العنف وأطلت الخيانة برأسها.
لو تأملنا جميعا هذه القصة وما يظهر لنا فيها من حكمة، لوجدنا سننًا أخرى كثيرة لا تتسع لها هذه السطور القليلة. لكنني أقول هنا ملاحظة. فكرت منذ أيام قليلة بكتابة تغريدة أذكر فيها الإخوة الأتراك أن موطنهم الأصلي ومسقط رأسهم ليس الأناضول أو اسطنبول، بل في آسيا الوسطى. لكن عرضت الحلقة الثانية من هذه السلسلة أحد الحكواتيين أو “المداحين” الذي يتجمع حوله المرتادين لسماع حكاياته فوجدناه يذكر الحكايات عن أصل بني عثمان وغيرهم من الأتراك وقدومهم من تلك البلاد البعيدة إلى الأناضول. فاللافت أنهم لم ينسوا هذا الأمر بل ويحنون لذكراه. على أن كثيرًا من إخواننا الأتراك يدركون أن وجودهم في هذه الأرض (الأناضول وما حولها) إنما هو مرتبط أشد الارتباط بالإسلام. نعم، فالمسلمون الأوائل بما فيهم من عرب وغير عرب هم من جاهدوا وبذلوا النفس والنفيس لفتح هذه الأرض الشاسعة للأسلام، وليس الأتراك لوحدهم. وبالتالي، فإن تطبيق فكرة “الدولة القومية” إنما هو خطأ تاريخي فادح، لأن فتح هذه الأرض حدث بعد حملات جهادية كثيرة سابقة على حملات الأتراك سواء السلاجقة أو العثمانيين. وتسمية هذه البلاد باسم قومي معين يخل بمعادلة تكوينها إخلالاً سافرًا ويخلق اهتزازًا بموازين العدل والإنصاف. ورأيي هذا لا يقف عند ما يسمى “تركيا الحديثة” فقط بل ينسحب على جميع الكيانات القومية والوطنية العربية التي نشأت بعد كارثة زوال الخلافة العثمانية ونشوء هذه الكيانات التي تعاني من فقدان الشرعية فضلا عن فشلها الذريع في تحقيق التنمية والرخاء وكذلك سقوطها في بسط الأمن القومي بعد انجلاء الدور الوظيفي لجيوشها التي تسلطت على الإنسان المغلوب على أمره. وقد ظهر واضحًا أن “الجمهورية التركية” لا تستطيع بمفردها مواجهة القوى العظمى في حال تغيرت الأمواج وانقلبت المواقف (الرجاء النظر إلى مقال “انهيار التحالف التركي الأمريكي“) فلا مفر لإخواننا الأتراك من العودة إلى حضنها الإسلامي الواسع ونبذ أوهام التغريب التي تلاشت إلى لا شيء. على أننا يجب أن نعي أن طامة مصطفى كمال “أتاتورك” في التوجه نحو العلمانية المتشددة لها سياقات تاريخية مؤلمة على الأتراك وعلى الأمة عمومًا، ولابد من دراسة حلقاتها بجدية وعمق بعيدًا عن الشعارات المبتذلة والبكائيات الهزيلة. والحديث في ذلك له حلقات متصلة بإذن الله.
تعليق