قطع الذراع الطويلة (1-2) - ترجمة البرنامج الوثائقي ?Will Israel Bomb Iran

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فيصل كريم
    مشرف
    • Oct 2011
    • 296

    قطع الذراع الطويلة (1-2) - ترجمة البرنامج الوثائقي ?Will Israel Bomb Iran

    <center>
    بسم الله الرحمن الرحيم

    أحييكم أيها الأخوة والأخوات الكرام، وأقدم لكم اليوم ترجمة جديدة تنقلنا لموضوع حيوي ومؤثر يناقش مسألة التنمر الصهيوني عبر ذراعه الطويلة والمقصود بها سلاحه الجوي. والحقيقة أنني لم أقصد أن يكون الموضوع الحالي متصلا بالموضوع الذي سيعقبه بإذن الله (غارة إسرائيل على مفاعل تموز الذري بالعراق عام 1981) حيث جاء هذا التسلسل بمحض الصدفة. وما كنا نود مناقشته -بقصد- هو استكمال ما بدأناه بحديثنا السابق عن إيران عبر موضوع (إيران والغرب) وتمحيص الفكرة التي طرأت منذ عام 2006 والقائلة أن هناك تحالفا سريا غير معلن بين كل من إيران وإسرائيل والولايات المتحدة. إلا إنني سأحاول الموازنة ما بين الفكرتين في ثنايا الموضوع، مع صعوبة هذه المهمة قطعا.




    Will Israel Bomb Iran

    هل ستقصف إسرائيل إيران؟



    وهذا البرنامج هو عبارة عن تقرير إخباري إسبوعي ضمن حلقات برنامج Panorama الأسبوعي الذي تقدمه البي ي سي. وقد تم تقديمه بعد انتهاء حرب عام 2006 التي شنها الكيان الصهيوني على لبنان بذريعة خطف حزب الله لثلاثة جنود إسرائيليين. ويطرح التقرير تساؤلا حول قدرة ذلك الكيان على التخلص من الخطر المتصاعد من تعاظم قوة إيران النووية وانضمامها للدول التي تمتلك القدرة النووية. ويعرض البرنامج المزايا التي تتمتع بها "إسرائيل" لتكرار ضربتها الناجحة للأسف على مفاعل تموز في العراق عام 1981، حيث يجزم قادة الكيان الصهيوني على قدرتهم بإنجاز ذات العملية وتعطيل القوة النووية لإيران، وهو الأمر الذي لم يحدث منذ عام 2006. ورغم أن هذا التقرير -على غير عادة البي بي سي- كان غير متوازن، ومنحاز بشكل فاضح لإبراز ذلك الكيان على أنه الطرف القوي والمنتصر بشكل متكرر على الدول التي تحيط به، إلا إنه يحمل بعض النقاط الإيجابية من ناحية عرض الغرور والصلف الصهيوني إلى الحد الذي يجعلهم مضطرين دائما لعرض عضلاتهم كي يحدث ذلك نوعا من التخويف والردع لإعدائهم الذين يحيطون بهم من كل جانب. وهذا الكشف الذاتي والتباهي بالقدرات العسكرية يجعلنا أمام احتمالين:


    الأول:امتلاكهم بالفعل لثقة مطلقة بالنفس والإمكانيات تؤهلهم لكشف هذه القدرات بلا تردد بسبب ضعف القدرات المحيطة بهم بالدول العربية فضلا عن تفرقها وتشتتها وهذا ما يثير نشوة "الإسرائيليين"
    الثاني: على عكس الاحتمال الأول، مداراتهم لخوفهم الشديد وذعرهم المتواصل من محيطهم العربي والإسلامي عبر محاولاتهم المستمرة لفرد عضلات تقنية وعسكرية لإخفاء "ضعف إسرائيل الحقيقي" كما ورد بالتقرير.


    والحقيقة أننا نادرا ما نرى برامج غربية وثائقية لا سيما من البي بي سي كهذا التقرير تنحاز لإسرائيل بشكل واضح دون أن تعرض وجهتي النظر بشكل متوازن. فعلى سبيل المثال، عندما ترجمنا سلسلة إيران والغرب رأينا عرضا شديد التوازن والموضوعية يحرص على طرح جميع الآراء الإيرانية والغربية وتلك السلسلة قامت بانتاجها نفس الهيئة، البي بي سي. وهو ما يثير علامات استفهام حول المواقف المتذبذبة لهذه الهيئة التي تعبر عن وجهة النظر البريطانية الرسمية.



    وإذا ما تطرقنا للجانب الإسرائيلي بموضوعنا، سنجد أن هذا الكيان قد خاض 8 حروب كبرى ضد الدول العربية المحيطة به، ومنها حربين خلال أقل من عامين ضد منظمات مسلحة ومقاومة على أقاليم لا حول لها ولا قوة كلبنان وقطاع غزة. وقد اعتمد الصهاينة بذلك على سلاح الطيران المتطور لديهم لعمل تفوق نوعي على الدول التي تكثرهم عددا. ولعل أبرز الأسباب لهذا التفوق الجوي هو خوض الطيارين اليهود للمعارك الجوية العديدة بالحرب العالمية الثانية مما مكن الكثير منهم للحصول على خبرة قتالية عالية المستوى بالجو، وكذلك استجلاب كل يهودي مارس الطيران وتدرب عليه من كل أنحاء العالم. ورغم أن معظم هؤلاء الطيارين ينتمون لدول مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبولندا وغيرها، إلا إنه أمكن لاحقا تجنيدهم بسهولة للكيان الصهيوني وحصولهم على جنسية ذلك الكيان الذي يسمح بازدواجية الجنسية. وكان أبرز نجاح للطيران الصهيوني في حرب عام 1967 "النكسة". حيث يقول الاستاذ محمد حسنين هيكل عبر إحدى حلقات برنامج تجربة حياة الذي عرضته قناة الجزيرة أن القوات المسلحة المصرية كانت تعلم بحجم القوات الجوية في إسرائيل ومدى قدراتها واستعداداتها بشكل تقريبي عام. لكن ما قلب الحسابات وخلط الأوراق أن مرحلة الغارات الأولى لم تأت من الشرق (أي إسرائيل) بل من الغرب (أي من القواعد الأمريكية والبريطانية في ليبيا) وهو ما شكل المفاجأة. بمعنى أن المفاجأة لم تكن بالكيفية أو الوسيلة أو التوقيت بل من الاتجاه والكثافة غير المحسوبة. فالرئيس الراحل جمال عبد الناصر قدّر الموقف بأن الدول العربية لا بد أن تتلقى الضربة الأولى (بسبب طلب مصر من قوات الأمم المتحدة الفاصلة بسيناء الانسحاب والتقدم بالقوات المصرية ناحية الحدود، وهذه قصة طويلة أخرى) وكان سؤاله للقادة لديه: هل نستطيع امتصاص هذه الضربات الأولى وتحديد خسائرها؟ فرد القائد العام المشير عبد الحكيم عامر أنهم قادرون على ذلك بكل تأكيد! وفات الجميع آنذاك أن الحرب خدعة، ولم يحسبوا حسابا لليبيا إطلاقا. واللافت للنظر أن الصهاينة قد خططوا لأربع موجات جوية استمرت طوال اليوم، وكل موجة تستهدف مواقع وأهداف معينة عبر العديد من الغارات المتلاحقة والمكثفة، والطائرات القادمة من ليبيا لا تعود إليها بل تتجه نحو "إسرائيل" طبعا. ومن هنا بدأت أسطورة ذراع إسرائيل الطويلة، ورغم أن هذه الأسطورة انكسرت بحرب أكتوبر عام 1973، إلا أنها ما لبثت أن رممتها على الدول العربية الأخرى بعد أن قرر الرئيس الراحل أنور السادات إخراج مصر من قيادة الصراع المستمر مع الكيان الصهيوني ومن يدعمه. فكان أن مارس هذا الكيان عدوانه عام 1982 على لبنان ثم كرره عام 2006 وعلى قطاع غزة عام 2008، بينما لم نجد من النظام السوري سوى أصوات "المدافع الحنجورية" كما كان يردد الكاتب الراحل محمود السعدني، وانكشف هذا النظام حاليا بالغرض الذي يريده من الجيش السوري "حماة الديار" فهو لا يريده جيشا قويا ليصد إسرائيل أو يردعها، بل يريده جيشا ليقمع الفلسطينيين واللبنانيين ومن قبلهم الشعب السوري، وهذا موضوع آخر. المهم أن الجيش الإسرائيلي عبر ذراعه الطويلة أخذت ثقته بنفسه تتعزز وتتنامى إلى أن قام بعمليات جريئة مثل الوصول لتونس لاغتيال القيادي بمنظمة التحرير الفلسطينية خليل الوزير (ابو جهاد) عام 1987، وقبلها العملية النوعية ضد المفاعل الذري العراقي عام 1981، وهو ما سنتحدث عنه بموضوعنا القادم بحول الله. أما العمليات الجوية التي نفذها في كل من لبنان وسوريا فهي بمثابة نزهة، ومنها مثلا تدمير ما قيل عنه أنه مبنى مفترض لمفاعل نووي سوري في أقصى شرق سورية، وكذلك التحليق الاستفزازي للطيران الصهيوني فوق قصر رئيس النظام السوري الذي لم يتجرأ بالرد واكتفى بذكر "أننا سنرد بالمكان والوقت المناسب" ويبدو أنه صدق بذلك، فرده كان على شعبه الأعزل المطالب بالحرية، لأنه شعب من "الجراثيم" و"عصابات مسلحة" كما ذكر ذلك على لسانه، فهكذا تكون الشجاعة وإلا فلا!



    ولا شك أن عالم الأسلحة قد تطور ومن الممكن إيجاد وسيلة لتحييد سلاح الجو الصهيوني، وعلينا أن نتذكر بهذا الصدد أن طائرة الشبح الأمريكية Stealth قد سقطت بأول اختبار حقيقي عام 1999 في حرب البوسنة حيث تمكنت الدفاعات الصربية من إسقاط إحدى هذه الطائرات الأسطورية آنذاك وتفكيك قطعها وتسليمها لروسيا لمعرفة أسرارها، وهو ما أجبر الولايات المتحدة على إجراء إعادة دراسة وتطوير لهذا النوع المكلف من الطائرات. وما يهم الآن هو ضرورة اتخاذ مواقف استعداد وتأهب وقرار لجعل خيار التصدي للعدوان الصهيوني وذراعه الطويلة مطروحا على الطاولة من جديد، وسنكتشف حينها أن هذا السلاح لا يصلت إلا على الضعفاء والمشتتين والذين لا قرار لهم.



    فالسؤال الذي يفرض نفسه الآن: هل سيستطيع الكيان الصهيوني الوصول للمواقع الإيرانية التي تعتبر أماكن لمنشآت نووية، رغم بعد المسافة وإمكانية عدم وقوع أضرر بالغة لهذه المواقع؟ إسرائيل من جانبها تؤكد أنها قادرة على ذلك بكل سهولة رغم تخوف الأمريكان ومحاولتهم كبح جماح الصهاينة. ولعل هذه الثقة تثير الريبة بالنفوس، فمن المعلوم أن الطيران الصهيوني لكي يصل إلى االمواقع الإيرانية فإنه سيمر حتما بالأجواء الأردنية أو السورية أو السعودية أو العراقية أو التركية، أو بهم تباعا مجتمعين. فهل هناك مثلا اتفاق مع بعض هذه الأنظمة على السماح للطيران الصهيوني لفعل ذلك حتى نفهم هذه الثقة الإسرائيلية المطلقة؟ إنها نقطة حساسة للغاية وتؤشر على انبطاح كامل للأهداف الغربية والصهيونية. وبغض النظر عن مدى كرهنا أو حبنا للنظام القائم في طهران، فهل من الممكن أن يسمح أي نظام عربي للطيران الصهيوني بالمرور بأجواء بلاده بردا وسلاما لكي يقوم بعمل عدائي واضح ضد إيران؟ ولعل الأمور الآن أوضح مما كانت عليه في صيف عام 1981 حيث وقعت الضربة المفاجئة لمفاعل تموز، فإسرائيل أعلنت بوضوح عن حتمية القيام بهذه الغارات على إيران، وبالتالي فإن العملية إن وقعت لن تكون مفاجئة إطلاقا. وإن سمحت هذه الدول للطيران الإسرائيلي بالمرور لقصف إيران فإنه يتعين علينا النظر بجدية بمدى استقلالها وامتلاكها لقرارها السيادي في أوقات التوتر والنزاعات خصوصا. وأظن أنه عند وقوع هذا الأمر ستعتبر أوصاف "العمالة" و"الخيانة" و"التبعية" تحصيل حاصل ولا تحتاج لكبير اجتهاد لشرحها أو للتدليل عليها. وهذا ليس دفاعا عن النظام الإيراني، بل رؤية مجردة لواقع عربي مهلهل ومخترق تسوده أوهام استراتيجية خطيرة ومنها المقدرة على محاربة عدوين في وقت واحد.



    وعندما نعرج على إيران، فإننا سنناقش أمرا مثيرا للاهتمام استراتيجيا ولكنه بذات الوقت مصيري جدا لمنطقة الخليج العربي. لا خلاف من ناحية المبدأ على أن جميع الدول ذات السيادة تمتلك حقا مشروعا بالاستفادة من الطاقة النووية. لكن هناك من يجزم أن الغرب لا يريد لإيران ولا الدول العربية -وخاصة القريبة من إسرائيل- أن تمتلك هذا النوع من الطاقة والعلوم المتعلقة بها حتى لو كان للأغراض السلمية، والأسباب لهذا الأمر متعددة ومتشعبة. ولكن من ناحية أخرى، فإن إيران، وعبر عدائها الواضح للغرب وإسرائيل، تجعل من الصعب تصديق أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية كتشغيل الكهرباء والمحطات الصناعية الحيوية. والحقيقة أننا مهما أطلنا النقاش بهذا الجانب فسنصطدم بحقيقة لا مفر منها ومفادها أن الدول ذات السيادة لها حق أصيل بالاستفادة من أي مصادر للطاقات، أما إذا تبين أن السعي للحصول على الطاقة النووية هو للأغراض العسكرية والتسليح، فكيف ستقنعنا الدول الغربية أنها تنطلق من مبدأ سليم ونزيه وهي التي لا تزال تجري التجارب النووية برا وبحرا وتعرض بيئة الأرض للموت البطيء. فكيف سيأتون حينها ليطالبون إيران لإيقاف برنامجها النووي سواء كان سلميا أم حربيا؟ ثم لماذا لا يطبقون ذات المعايير على "إسرائيل" التي ترفض منذ الستينات رقابة وكالة الطاقة الذرية على نشاطاتها النووية في ديمونة وغيرها؟ والأدهى والأمر من ذلك أن الولايات المتحدة لا زالت حتى اليوم ترفض التوقيع على اتفاقية كيوتو والتي تعتبر ضمانا للحد الأدنى من تقليل التلوث بالكرة الأرضية، وهذه السلوكيات العنجهية لا تقدم مبررا يجعل دولا كثيرة كإيران وغيرها تمتنع عن السعي للحصول على الطاقة النووية.



    أما إذا تحدثنا واقعيا عن النووي الإيراني فعلينا أن نعي أن إيران من الدول التي تقع بخط الزلازل المستمر والقوي. وقد وقعت الكثير من الزلازل الهائلة بإيران ما يفوق زلزال القاهرة الشهير أضعافا مضاعفة. والزلازل الجبلية في إيران تقع بشكل شبه يومي بخط جبال زاجروس وغيرها من الجبال التي تقع ببلاد فارس. والمستقبل كما يقول الكثير من العلماء الإيرانيين ينذر بزلازل أشد وأقسى من تلك التي وقعت بالفعل. ومن المعلوم أن المفاعلات النووية خلال عملها بضخ أي نوع من أنواع الطاقة قد تتعرض لتسربات إشعاعية خطيرة جدا إذا ما وقع زلزال قوي غير محسوب المعالم، وهذا ما حدث بزلزال فوكوشيما ببداية هذا العام في اليابان. وقد يحدث التسرب الإشعاعي المدمر نتيجة لأسباب أخرى غير الزلازل كالتسرب الخطير الذي وقع في مفاعل تشيرنوبل بالاتحاد السوفييتي (أوكرانيا حاليا) عام 1986. ومما زاد الطين بلة، أنه لو صح هذا التقرير الذي نشرته جريدة القبس الكويتية بعددها الصادر في الثامن من أكتوبر/تشرين عن مفاعل بو شهر الذي يقع غرب إيران، فإن الكارثة واقعة لا محالة. فالتقرير يتحدث عن "أن من أشرف على تشييده «مهندسون درجة ثانية»، واستعانوا خلال ذلك بتقنيات روسية وألمانية من حقب مختلفة، بخلاف أنه لن يصمد بوجه أي زلزال كبير وليس لإدارته أي خطة طواريء عند حدوث أي أمر ما". فلا بد على قادة إيران أن يراعوا ضمائرهم أمام الله ويتحملوا مسؤولياتهم التاريخية لأن هذه أرواح مسلمين وقد يتعرض الأرض والهواء والماء للفساد والتلوث الدائم. وإذا ما أقرينا بحق إيران بالطاقة النووية فإننا نتمنى أن تقدر العقول العواقب المتوقعة والفوائد المتوخاة من هذا الأمر، ولا عيب بالرجوع لناصية الحق. فها هي ألمانيا أعلنت إغلاق مشروعها النووي بعد وقوع كارثة فوكوشيما تحرزا من الأخطار المحتملة وحرصا على حياة الناس وصحتهم. ولعل المثير للاستياء أن مفاعل بو شهر يطل مباشرة على مياه الخليج العربي ويبعد مسافة تزيد عن ألف كيلومتر من طهران، بما يعني أن شعوب الشريط الساحلي الغربي للخليج هم من سيكون بوجه المدفع. والحامي هو الله العلي العزيز دائما.



    وهناك نقطة أخرى قد تبدو مثيرة للاهتمام ولكنني أشكك بأهميتها لأسباي عديدة. وتتمثل بالعلاقة الثلاثية الغامضة ما بين الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل. لقد قرأت جانبا من كتاب تريتا بارسي The Treacherous Alliance - The Secret Dealings of Israel Iran and the United States "التحالف المضطرب: التعاملات السرية بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة". ورغم أن هذا الكتاب يسلط الضوء على علاقات خطيرة من جانب الإيرانيين مع كل من المسؤولين الأمريكيين بالدرجة الأولى ثم الإسرائيليين، إلا إنه لا يبرهن على تفسير واقعي لشكل السياسات الاستراتيجية بعلاقة هذه الكيانات بعضها مع بعض. بمعنى أنه من الطبيعي أن تلجأ إيران إلى إنهاء صفقات كان قد بدأها نظام الشاه قبل سقوطه عام 1979. فعلى سبيل المثال، ما اصطلح على تسميته فضيحة إيران-كونترا لا تمس بالضرورة إيران بقدر ما تمس إدارة الرئيس رونالد ريجان التي مارست الغش والخداع والتضليل على الكونجرس. فإيران كانت قد دفعت مبالغ كبيرة إبان حكم الشاه مقابل الحصول على أسلحة أمريكية متطورة، وأصبحت إيران بحاجة ماسة لها بعد اندلاع الحرب مع العراق. وحتى لو افترضنا أن النظام الإيراني الثوري هو من ابتدأ الصفقة، فإن هذا لا يعيب الإيرانيين لأنهم تعرضوا لنوع من الحصار باستيراد السلاح ولم يجدوا إلا هذا الطريق ليأخذوا منه ما يبتغون للبقاء بتلك الحرب البلهاء العبثية من الطرفين. أما خلاف ذلك مما ورد بالكتاب لا يعدو سوى كونه علاقات فردية أو أحاديث شخصية مجتزأة أو تصورات ذاتية من السيد بارسي نفسه. وأزعم بكل ثقة أن هناك فرقا بين أن ترى المؤامرة ونتائجها واضحة للعيان وبين أن يتم نسج خيوط غير مترابطة أو مضللة لتوصف أنها مؤامرة أو دسيسة أو مكيدة شريرة. فكما يقول المثل المصري "المية تكذب الغطاس". فإذا كانت إيران متورطة بعلاقات مشبوهة حقيقية مع أمريكا أو حتى إسرائيل فستظهر نتائج هذا الأمر بلا شك واضحا. وعندما يقول البعض أن إيران سهلت غزو أفغانستان والعراق لأمريكا وهذا دليل على علاقاتها المشبوهة معها، سأرد أن هذا جهل مدقع بوقائع الأمور. فماذا نتوقع من استعداء أي طرف ما سوى أنه سيحقق رغبته من التخلص من خطر عدوه. هذا ما حدث لإيران عندما شن عليها الرئيس العراقي الأسبق الحرب قبيل انتهاء صيف عام 1980. وهذا ما حدث عندما هجم مقاتلو طالبان والقاعدة على مدينة مزار شريف ذات الغالبية الشيعية في أفغانستان عام 1997. فحدث ما كنا لا نتمناه من تقاطع للمصالح الإيرانية الأمريكية عند غزو هذين البلدين. إنها السياسة أيها السادة الكرام لا ترحم، وأخطاء الماضي تدمر الحاضر وتحطم المستقبل. بينما استفادت إيران من أخطاء الآخرين، فهل بهذا دليل على غدر إيران وخيانتها للشعارات التي تطرحها دائما؟ علينا أن ننظر للأمور بعقلانية أكبر. فبالتالي لا يمكنني سوى التقليل من أهمية هذه العلاقات الثلاثية، على أننا يجب أن نفترض وجود تقاطع للمصالح بأي مرحلة معينة وهذا أمر يمكن تبريره، ولكن هذا يختلف إطلاقا عن توقيع اتفاق منفرد مع العدو دون النظر للمصالح الاستراتيجية الكبرى.

    عن الترجمة

    ترجمة هذا البرنامج سماعية بطبيعة الحال، وواجهت بها بعض الصعوبات من ناحية أن معظم المتحدثين بالبرنامج هم من مسؤولي الكيان الصهيوني حيث أن معظمهم يقلبون الحروف ويغيرونها مثل "لدغهم" لصوت الراء بمعنى نطقهم له بصوت الغين. بالإضافة لسوء إنجليزية بعضهم مثل إيهود باراك الذي لا يفقه المرء منه أحيانا جملة سليمة. أما "بيبي" فلا شك أنه خطيب مفوه فض فوه وأنيق بإنجليزيته دائما. و"بيبي" لمن لا يعرف هو اسم الدلع لبنيامين نتنياهو، ولعل مغامراتية البلاغية أودت به بمنتصف التسعينات وجعلت منه مشبوها ماليا ومطاردا من الجهات الرقابية. إلى أن تمكن من العودة لسدة رئاسة الوزراء مجددا بعد عشرة أعوام ظل بها هو والكرسي سيان. عدا هذه الملاحظات لم أواجه أمورا يصعب ترجمتها خاصة بلب محتوى البرنامج الوثائقي الذي يظل سؤواله مطروحا منذ 2006 وحتى الآن: هل ستقصف إسرائيل إيران أم لن تقصفها؟




    انتظرونا مع الموضوع التالي عن الذراع الطويلة التي ستقطع ذات يوم لا محالة.


    البرنامج كاملا على اليوتيوب مترجما




    وتقبلوا مني أطيب تحية

    فيصل كريم
    </center>
يعمل...