ترجمة مناظرة Norman Finkelstein vs Shlomo Bin Ami ونظرة تاريخية على الصراع العربي الصهيوني

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فيصل كريم
    مشرف
    • Oct 2011
    • 296

    ترجمة مناظرة Norman Finkelstein vs Shlomo Bin Ami ونظرة تاريخية على الصراع العربي الصهيوني

    بسم الله الرحمن الرحيم


    أقدم لكم أيها الأخوة والأخوات اليوم موضوعا يتناول قضية هامة وخطيرة ولا زلنا نعاني من آثارها وهمومها وشجونها وآلامها. وهي قضية يفترض أنها تجمع ولا تفرق. وسنرى أين أودت بها الأيام والدول. وسنناقشها من خلال طرح موضوع هذه المناظرة التلفزيونية التي قد تبدو بسيطة للوهلة الأولى إلا إنها تقدم لنا دلائل ومؤشرات هامة ومفيدة.







    Norman.Finkelstein.
    Vs.
    Shlomo.Ben.Ami.
    On.Democracy.Now


    مناظرة
    نورمان فينكلستين
    مع
    شلومو بن عامي
    على الديمقراطية الآن





    "مرحبا بكم بشبكة باسيفيكا"

    "وهذه قناة الديمقراطية الآن"



    وقناة الديمقراطية الآن أيها الأخوة ولأخوات هي قناة حوار وبرامج إخبارية وتحليلات سياسية ومناظرات أكاديمية متخصصة. وهي قناة نقابية مستقلة لا تخضع لأي توجهات حكومية أو القوى الاقتصادية أو السياسية المتنفذة بالولايات المتحدة والتي تتحكم بتوجيه معظم وسائل الإعلام والقنوات والشبكات والصحف الكبرى. والقناة تابعة لشبكة باسيفيكا الإذاعية والتلفزيونية. وما يجعل هذه القناة مستقلة بآرائها وتحليلاتها أنها تتلقى معظم تمويلاتها من المتبرعين الأفراد، خلافا لمعظم المؤسسات الإعلامية الأخرى بالولايات المتحدة الذين يتم تمويلهم من قبل الشركات والمجموعات التجارية الضخمة التي ترغب بالنفوذ السياسي فتلجأ للتحالف مع مجموعات الضغط والمنظمات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني (اللوبيات) فتقوم هذه القنوات الإعلامية بعرض ما تريده اللوبيات (ومن أهمها اللوبي الصهيوني) من قضايا وأمور. فضلا عن إن المنظمات اليهودية كانت لها الأسبقية بالسيطرة على الإعلام والسينما منذ ثلاثينات القرن الماضي، وهذا يفسر شن الحملات السينمائية شبه المنظمة لتشويه صورة الإنسان العربي عبر الكثير من الأفلام السينمائية. وكل هذا يكوّن شبكة هائلة من العلاقات والمصالح السياسية والاقتصادية والإعلامية متبادلة بين أطراف عديدة (ومنها اللوبي الصهيوني وقضيته الرئيسية خدمة إسرائيل وتكريس وجودها بالمنطقة). وبالتالي يصبح من الصعب جدا بعد كل هذه التراكمات وبعد كل هذه الأعوام أن يأتي من يريد كسر هذا الطوق ومحاولة عرض آراء متوازنة ومستقلة لا تخضع لمصالح اللوبيات ومجموعات الضغط التي من فسيفسائها يتشكل الموقف الرسمي للولايات المتحدة. ورغم أن قناة الديمقراطية الآن تبث من خلال إمكانيات محدودة وشبه متواضعة إلا إنها تلفت الانتباه بسبب توجهها المستقل خصوصا فيما يتعلق بسياستها التحريرية. تم إنشاء القناة عام 1996 على أيدي مجموعة من المحررين والإعلاميين من أبرزهم آيمي جودمان وخوان جونزاليس ولاري بينسكي وسالم موكّل وجولي دريزين وشريف عبد المقصود. وقد نالت القناة منذ تأسيسها عددا من الجوائز التقديرية الإعلامية منها جائزة George Polk Award عام 1998 عن برنامجها الوثائقي Drilling and Killing: Chevron and Nigeria's Oil Dictatorship، ثم نالت آيمي جودمان جائزة Right Livelihood Award عن دورها بتأسيس برامج القناة، وتعتبر هذه الجائزة بالأوساط الإعلامية "جائزة نوبل البديلة.



    أطراف المناظرة:


    د. شلومو بن عامي

    *


    ولد د. شلومو بن عامي في تطوان بالمغرب عام 1943. وهو من اليهود السفرديم وهاجر مع أبويه إلى الكيان الصهيوني عام 1955. ثم تلقى تعليمه بجامعة تل أبيب ثم أكمل تعليمه الأكاديمي بجامعة أوكسفورد بكلية سانت أنتوني، فحصل على الدكتوراة بالتاريخ. ثم عاد ليقوم بتدريس التاريخ في جامعة تل أبيب بمنتصف السبعينات إلى أن ترأس قسم التاريخ بالجامعة بالفترة 1982-1986. وكان مجال دراسته "التاريخ الأسباني" ومن أبرز دراساته كتابته لسيرة الديكتاتور الأسباني ميجيل بريمو دي ريفيرا (1923-1930) بالإضافة للعديد من الدراسات التاريخية الحديثة عن أسبانيا. دخل عالم السياسة بدءا من عام 1991 حيث عين قبلها سفيرا ثانيا لأسبانيا. وبعد فوز حزب العمل بقيادة إيهود باراك بالانتخابات العامة بالكيان الصهيوني تم اختيار شلومو بن عامي ليشغل كرسي وزارة الأمن الداخلي (بما يعادل وزارة الداخلية). ثم تم تكليفه بالقيام بأعمال وزارة الخارجية بعد استقالة ديفيد ليفي في أغسطس 2000 خلال محادثات السلام مع القادة الفلسطينيين في واشنطن. ثم تم تعيين بن عامي رسميا كوزير للخارجية في نوفمبر 2000 بالإضافة لحقيبة الأمن الداخلي. وبعد فوز حزب الليكود بالانتخابات بقيادة أرئيل شارون، رفض بن عامي العمل تحت حكومته واستقال من الكنيست في أغسطس 2002. حمّلت لجنة التحقيق الحكومية أور شلومو بن عامي مسؤولية سلوك الشرطة (العنيف) في أحداث الأقصى بسبتمبر عام 2000 ما أدى إلى استشهاد 13 فلسطينيا وأشعل شرارة الانتفاضة الثانية بنفس العام، وأوصت اللجنة بعدم توليه لأي حقيبة لوزارة الأمن الداخلي مستقبلا.




    د. نورمان فينكلستين






    ولد نورمان فينكلستين عام 1953 بالولايات المتحدة. وهو يهودي نجا والديه من محرقة الجيتو ومعسكر الاعتقال النازي أوشفيتز في بولندا قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية ما بين 1939-1944. أكمل فينكلستين دراسته الجامعية عام 1974 بجامعة بينجهامتون في نيويورك، ثم أعقبها بالدراسة بجامعة باريس بكلية Ecole Pratique des Hautes Etudes. ثم تابع دراساته للحصول على درجة الماجستير من جامعة برينستون في نيوجيرسي عام 1980 ثم حصل لاحقا على درجة الدكتوراة من نفس الجامعة وذلك بعد أن قدم أطروحة مثيرة للصدمة بالأوساط الأميركية تتناول "الصهيونية". وأصبح نورمان فينكلستين بعد ذلك استاذا أكاديميا يقوم بتدريس العلوم السياسية بالعديد من الجامعات والمعاهد الأكاديمية سواء في نيويورك أو شيكاجو أو غيرها من المدن الأمريكية. ود. نورمان فينكلستين رجل مثير للجدل داخل أمريكا، وهو يسير على خطى الاستاذ والمعلم الكبير نعوم تشومسكي (اليهودي أيضا)، وهذه الخطى ليست باليسيرة ولا السهلة فهي سير ضد تيار عاتي من الرياح وسباحة شاقة ضد أمواج معاكسة هائجة. وهذا مصير مصلحي الأمم العظمى حين تشذ قواها عن الحق وترتمي بأحضان الباطل وتغويها أهواء السيطرة والهيمنة على مقدرات المستضعفين بالأرض. هكذا كانت مسيرة نورمان فينكلستين ومن قبله الاستاذ والمعلم نعوم تشومسكي مليئة بمحاولات الطمس والتشويه والنيل من المستقبل الوظيفي وغلق الأبواب في محاولة لتشديد الضغوط على مثل هؤلاء العلماء المستقلين لتغيير آرائهم الحرة بعد أن يأس المفسدون من تقديم الإغراءات المادية والامتيازات المهنية لهم، وهذا يثبت أن لا خصومة لنا بهذا العصر مع اليهود إطلاقا، ولكننا يجب أن نتصدى للزيف والأباطيل التي يستغلها من يرتدي عباءة الدفاع عن اليهود من قوى الظلام والبطش العالمية. ونحن بهذا سندخل الاختبار الصعب بهذا الزمان: "من يميز الحق بالرجال ومن يميز الرجال بالحق".

    وإن أراد الأخوة المشاهدون التمعن بتفاصيل أكبر عن نورمان فينكلستين فيمكن مشاهدة البرنامج الوثائقي الذي دبلجته الجزيرة عن هذا الرجل بعنوان يهودي ضد التيار الذي قام بتسجيله ورفعه الأخ أحمد الزعبي عبر هذا الرابط مـن هنــا واسم البرنامج الأصلي بلغته الإنجليزية American Radical.





    موضوع المناظرة



    في البداية وقبل شرح موضوع المناظرة أود أن أشير إلى إنني كنت أبحث عن مناظرة أخرى بالواقع بين د. شلومو بن عامي والسيد عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية الحالي ووزير خارجية جمهورية مصر العربية الأسبق (أثناء المناظرة)، وجرت بإحدى الشبكات التلفزيونية الأمريكية. فلم أجد مثل هذه المناظرة التلفزيونية التي عرضت بوقت ما من عام 2000 تقريبا. إلا أن بحثي أثمر عن هذه المناظرة التي وجدتها عبر اليوتيوب أولا، ثم ساعدني الأخ العزيز أحمد الزعبي بالعثور على روابط ذات جودة عالية وكذلك نص كامل للمناظرة مكننا من قديم ترجمة مناسبة قدر الإمكان.

    أما موضوع المناظرة التي جرت في فبراير عام 2006 (أي قبل عدوان الكيان الصهيوني على لبنان وعلى غزة) فيتناول مدى قدرة أحد مسؤولي هذا الكيان بالرد على منتقدي السياسات التي يتبناها كيانه الصهيوني بالمنطقة، وأسباب فشل محادثات السلام في كامب ديفيد وطابا عامي 2000 و2001 بين القيادة الفلسطينية وبين حكومة حزب العمل بزعامة إيهود باراك. وكانت الانتقادات تنصب بأمور خطيرة لا تخفى على أحد وتتمثل بالسياسات الاستيطانية المتتالية للحكومات الصهيونية سواء الليكودية منها أو العمالية. وكذلك الاستمرار باعتقال ما يزيد على 9 آلاف أسير فلسطيني وعربي وتعمل الحكومات الصهيونية على المساومة بهم بين كل وقت وحين (وهم من قلب الدنيا ولم يقعدها على جندي واحد أسير). ومما هو أخطر من هذا وذاك ويكشفه فينكلستين بالمناظرة أن الكيان الصهيوني هو الدولة الوحيدة بالعالم التي شرّعت قانونا يجيز استخدام التعذيب وهدم المنازل وغيرها من السياسات التخريبية الأخرى. كل هذا وأكثر سيشكل محور هذه المناظرة التي تم عرض نسخة منقحة منها لتستغرق مدة 55 دقيقة عبر هذه المادة المرئية التي سنعرضها لكم. بينما استغرقت المناظرة الكاملة مدة ساعتين تقريبا.


    ولا بد أن أشير وبكل وضوح أننا يجب أن نحترم العقلية الصهيونية التي وصلت لهذا المستوى المتطور من التفوق واليد العليا سواء بالمجالات المادية الضرورية، أو حتى بالأشكال المعنوية للتعبير عما يريدونه ويهدفون إليه. أيها الأخوة والأخوات، إن المسؤولين الصهاينة لا يراوغون ولا يتجملون ولا يتشنجون لا سيما إن أتاهم من يعرف ويتقن أساليبهم تماما، ولعل هذا مرجعه إلى حالة القوة والصلف والغطرسة والغرور التي يتمتعون بها فيطبقون بذلك مقولة "من أمن العقوبة أساء الأدب". فالدكتور بن عامي رجل صريح تماما -ولا بد علينا أن نشكره على ذلك- فهو ذكر بالحرف الواحد "أنه لو كان فلسطينيا لما وافق على ما قدمه باراك وكلينتون في المفاوضات". وهذا إقرار ورد واضح على كل من يطبلون ويزمرون في الغرب أو في محيطنا -حيث الجهل والتجهيل- أن الفلسطينيين قد أضاعوا فرصة تاريخية لوضع حل للنزاع. فهذا حديث سطحي فعلا. ورغم أن اتفاقيات أوسلو كانت خطأ تاريخيا ارتكبه الزعيم الراحل ياسر عرفات رحمه الله، إلا إن هذا لم يشفع له بالنهاية عند الصهاينة واتهم الاتهام المعلب الجاهز أنه إرهابي، وقد أمعن بن عامي بصراحته واعتبر أوسلو "اتفاقية رخيصة حاول أن يبيعها (ياسر) عرفات" لهم. إلا أن فينكلستين أيقظ بن عامي من الأوهام التي يحاول نسجها ذرا للرماد بالعيون وذكره بأن إسحق رابين هو من لعب لعبة أوسلو وامتطاها لا سيما بعد حرب الخليج 1991 وهبوط أسهم منظمة التحرير بالمنطقة. فحاول رابين أن يستغل هذا الوضع لمصلحته بحيث أنه رغب بوجود "وكيل أو مقاول" يقوم بمهام قوات الاحتلال وينفذ رغباتها دون أن تتورط أو "تتسخ يداها" وليقمع التوجهات الديمقراطية للشعب الفلسطيني. وهو ما وقع فعلا خلال فترة معينة من التسعينات. ولكن "لعبة" أوسلو أودت بكل من رابين وعرفات وأدخلتهما بنفق مظلم شخصيا (ولا داعي لذكر مصير كل منهما بسبب هذه اللعبة) وأودت بالقضية الفلسطينية إلى وضع غير واضح بسبب ما تلا تلك الأحداث من اشتعال للانتفاضة الثانية بسبتمبر 2000 ثم وقوع تفجيرات نيويورك بسبتمبر من العام الذي تلاها. وبالإضافة لهذا، يعترف د. بن عامي بحقيقة تاريخية هامة وهي أن الصهاينة مارسوا سياسة التهجير والاقتلاع للفلسطينيين الذين كانوا يعيشون بأرض فلسطين وأردف قائلا: "هذا مؤسف فعلا، ولكن هكذا تقوم الدول والأمم"، ولعمري كدت أن أقف له مصفقا على كلمته التي عبر بها عن مكنونات صدره وأزاح عن كاهله عبء الإفصاح عن وطأة الجريمة التي ترفضها طبيعة الإنسان السوي، وهو بذلك رد ردًّ عمليا على الخزعبلات التي نشرتها جوان بيترز بكتابها الصادر عام 1984 بعنوان From Time Immemorial: The Origins of the Arab-Jewish Conflict over Palestine والذي فنده علميا د. فينكلستين، وكذلك على الأكاذيب الخيالية التي روج لها مارك توين التي تم دحضها بسهولة فيما بعد والواردة برسائل السفر التي قام بتجميعها بكتاب بعنوان The Innocents Abroad حيث ذكر أنه "وجد بفلسطين أرضا بلا شعب"، وهي لا تعدو كونها خيالات أدبية واهمة تم تلقفها والترويج لها بالولايات المتحدة، وهو ما تم تفنيده علميا وبحقائق لا تقبل الجدل من قبل الكثيرين لا سيما اليهود الشجعان المنصفين منهم أمثال الأكاديميين نعوم تشومسكي وآفي شلايم ونورمان فينكلستين. ومن جهة أخرى، لا يعترض شلومو بن عامي على أنهم من كان قد أوقف المفاوضات عام 2001 في طابا مع الفلسطينيين. والسبب أن الانتخابات العامة الإسرائيلية قد حانت آنذاك. ونحن نشير أن حكومة حزب العمل بقيادة إيهود باراك قد انتخبت عام 1999، في حين أن الانتخابات العامة التي يتحدث عنها بن عامي جرت في 2001. بمعنى أن هذه الحكومة التي قيل عنها أنها تتكون من تحالف أحزاب قوي قد انهارت قبل ثلاثة أعوام أو عامين من إتمام مدتها البرلمانية. وهذا لا يشير إلا إلى حقيقة لا مناص منها وهي أن الشعب الذي يحتل فلسطين لا يرغب بالسلام إطلاقا أو هو شعب لا يجرؤ على السلام أو التعايش السلمي بالمنطقة، وهذا يشير بوضوح أيضا إلى أن هذا الشعب القادم من الشتات لا يؤمن سوى أنه يعيش بقلعة عسكرية كبرى تسمى "إسرائيل" وأنها "قوة أقليمية عظمى نشأت بهذه المنطقة" حسب زعم بن عامي بالمناظرة، وهذا إعلان موقف صريح اتخذه شعب الكيان الصهيوني على مبادرة القادة العرب للسلام عام 2002 حيث ردوا عمليا عبر انتخاب أكبر الشخصيات كرها للعرب ألا وهو أرئيل شارون. فهل من يريد سلاما ينتخب شارونا؟! لكن القادة العرب الفطاحل يحاولون مداراة إحدى أمرين: إما قلة أو عدم حيلتهم أو أنهم أصبحوا لا يعبأون بالقضية الفلسطينية ومبادرة السلام هي آخر ما بجعبتهم.

    لكننا عموما إن تأملنا هذه المناظرة جيدا يتكشف لنا أن الظفر بمثل هذه المناظرات المستقلة وعدمه بالنسبة للمسؤولين الصهاينة سـيـّان. لأن دوائر النفوذ الكبرى والمؤثرة بالولايات المتحدة تلعب لصالحهم مهما فعلوا ومهما كانت تجاوزاتهم. وبالتالي فإن الإنسان المنطقي سيشعر مباشرة أن المشكلة ليست مع الكيان الصهيوني بل مع من يقويه ويسنده ويثبت من أركانه مهما اقترف من جرائم وكوارث ضد البشرية. وهذا ما ذكره د. فينكلستين علانية بأن الفلسطينيون والإسرائيليون لو أجروا محادثاتهم بمكن آخر غير الولايات المتحدة فإنهم يكونون قد خرجوا من مكان "اللامعقول وانعدام التوازن". وهذا يدل على أن التسليم بأن الحل يكمن بأيدي أمريكا لا يعد سوى كونه وهما كبيرا أو يقال لتحقيق مصالح شعوبية ضيقة أو لتثبيت أنظمة قمعية أكل عليها الدهر وشرب. آخر من يرغب بحل هذا الصراع هي الولايات المتحدة لأسباب عديدة ومعقدة وقد تبدو لنا وحتى للأمريكيين أنفسهم صعبة الفهم، إلا إنه واقع مرير نصطدم به. والمرارة لا تنبع من معارضة أو تعطيل الولايات المتحدة للحل، بل من عدم اتخاذنا لاستراتيجية واضحة المعالم تهدف للضغط على كل من يعارض الحل أو حسمه، وهذه الاستراتيجية ليست بالضرورة استخدام القوة المسلحة. بل هناك أدوات فعالة كثيرة أخرى باستطاعتها أن تشكل عاملا ضاغطا على القوى المهيمنة لحل الصراع حلا عادلا كما أشعلوه هم عبر إثارة اليهود وبيع الأوهام لهم رغبة بالتخلص مما سمي بالمشكلة اليهودية بأوروبا. ولعلنا قد جربنا بفترة معينة أحد هذه الأدوات وهي قطع الإمدادات النفطية عن الغرب، وانكشفت حينها الأقنعة عن خطط لغزو ساحل الخليج العربي النفطي كما ذكر هنري كيسنجر صراحة بأحد كتبه وتم الترويج لذلك في الكونجرس والبنتاجون. ولكننا للأسف لا نحسن قراءة التاريخ لا القريب منه ولا البعيد. فكيف قضى شعب جنوب أفريقيا على نظام بريتوريا العنصري؟ أليس بالعصيان المدني والمقاطعة؟ وكيف انتصرت فيتنام على الغرب؟ أليس بالكلمة الواحدة والمقاومة؟ وكيف نجح المهاتما غاندي بالقضاء على الوجود البريطاني بالهند دون أن يطلق رصاصة واحدة؟ أليس بسلاح المقاطعة والعصيان؟ وقال كلمته الشهيرة "ابدأ بالاستقلال بنفسك أنت ولا تنتظر الاستقلال يأتي من غيرك" فرمى الملح الإنجليزي وسار حافي القدمين هو وشعبه ليستخرج الملح من ماء البحر فكانت مسيرة الملح الشهيرة، ثم حرق ملابسه الإنجليزية والأوروبية وأخذ يغزل ملابس هندية أصيلة، فأصبح المغزال رمزا يوضع بقلب العلم الهندي. فمتى نوحد منظورنا ونسير إلى الملح الذي يطهر أرواحنا؟ وكيف نصنع الملابس التي تستر عيوب أنانيتنا؟






    تفاصيل نسخة المناظرة:

    اسم النسخة: Norman.Finkelstein.vs.Shlomo.Ben.Ami.On.Democracy. Now
    حجم النسخة: 475 ميجا
    مدة النسخة: 55 دقيقة
    عدد الإطارات: 29.97


    مشاهدة المناظرة على اليوتيوب:

    http://www.youtube.com/watch?v=LngN8...ayer_embedded#!




    ويمكن كذلك تنزيل النسخة التي تحتوي على نشرة إخبارية
    لا صلة لها بالمناظرة ويوجد على الترجمة تعديل لها



    رابط تحميل مباشر بجودة عالية
    (2 جيجا و830 ميجا) مع نشرة أخبار جانبية


    من هنا


    رابط تحميل مباشر بجودة متوسطة
    (245 ميجا) مع نشرة أخبار جانبية


    من هنا








    ولمن يودون الاستفاضة بموضوع الخلفية التاريخية
    للصراع العربي الصهيوني،
    يرجى قراءة المشاركة التالية --->



    -----------------

    * أعتذر عن نشر صور لأحد مسؤولي الكيان الصهيوني
  • فيصل كريم
    مشرف
    • Oct 2011
    • 296

    #2
    الصراع العربي الصهيوني
    أم صراع الغرب مع الشرق؟







    لا شك أننا عندما نتطرق لصراع دولي كبير كالصراع في منطقة الشرق الأوسط، سندخل حتما لقضايا متعددة ومختلفة زمنيا وفكريا واستراتيجيا. وهذا الصراع ليس بجديد أو مستحدث بل هو حلقة جديدة من حلقات الصراع ما بين الغرب والشرق، وهو صراع أزلي منذ أن تشعبت شعوب البشر بأركان الكرة الأرضية بعد الطوفان الذي وقع بعصر النبي نوح عليه السلام. فجميع البشر هبطوا على أرض واحدة بعد الطوفان وقد أثبتت العلوم الإنسانية أن هذه الأرض التي تجمع عليها البشر لم تكن سوى بلاد الرافدين Mesopotamia. أما مسألة تفرق البشر وتنوعهم للغات وأعراق وألوان مختلفة فهذا مبحث آخر، ولكنها قطعا سنّة من سنن الله بالأرض. وما نسعى له ببحثنا هنا نقطة محددة بمسألة الصراع العربي الصهيوني ألا وهي الخلفية التاريخية لهذا الصراع وما هي مسبباتها وما مدى أحقية المزاعم الصهيونية بأن هذه الأرض (أي فلسطين) تعود لليهود. ولكن قبل الدخول لتفاصيل هذه المسألة، أود الإشارة إلى أن المشارك بالمناظرة المذكورة سلفا د. شلومو بن عامي وكونه متخصص بالتاريخ دائما ما يقدم تبريرات ومسوغات تاريخية لقيام ما سمي "دولة إسرائيل" وهو ما يطلق عليه د. عبد الوهاب المسيري رحمه الله مصطلح "تأريخ الكوارث". وبالفعل اعترف بن عامي مرارا "أن ارتكاب الفظائع والجرائم ضد البشرية أمر لا بد (حسب زعمه) لقيام الأمم والدول". وهو بهذا يلوي عنق التاريخ لتحقيق مصلحة سياسية وتبرير انتهاكات لا تغتفر على البشرية. وقد استخدم بن عامي هذا الأسلوب الغريب كذلك في مناظرته مع السيد عمرو موسى حيث أقدم على ما أطلق عليه د. نورمان فينكلستين The Abuse Of History "انتهاك أو تشويه التاريخ". فبينما كان موسى كان يتحاور معه بلغة سياسية عصرية، نجد أن بن عامي يعود لطرح نظرته "المشوهة عن التاريخ" لتقوية موقفه السياسي أو الإعلامي. فهذا أيها الأخوة سبب تسليطنا الضوء على الخلفيات التاريخية للصراع.




    د. عبد الوهاب المسيري: أفضل مفكر عربي وضح مفاهيم الصهيونية


    يدٌ على الأرض، وقدرٌ بالشتات


    في بداية نقاشنا لهذا الموضوع لا بد أن نميز بين أمرين مختلفين: الأول، من هو صاحب الأرض الفعلي على مر التاريخ دون انتقاء فترة معينة وترك الأخرى. الثاني، من يقف بجانب الحق (الديني بشكل أكبر) ومن يساند الباطل ويعصي أمر الرب الجلي الواضح. وعند تطرقنا للنقطة الثانية فلا شك أن بني إسرائيل -عبر أوقات صلاحهم- كانوا هم أهل الحق والخير وطاعة الرب عز وجل. ذلك أن الأنبياء والرسل أنزِلوا عليهم وهم أهل الرسالة الأولى وكان الله راضيا عنهم ما داموا سائرين على شريعته التي قسمها لهم أما إذا خالفوها وعصوها فهم "مغضوب عليهم" إلى أبد الدهر. بينما في المعسكر الآخر، نجد أن الكنعانيين كانوا هم أهل الكفر والجبروت والطغيان ولم تنشرح قلوبهم لكلمات الرحمن تعالى، فكان مصيرهم حرب من الله والمؤمنين بذلك العصر. وهذا الوضع لا علاقة له بتاتا بالنقطة الأولى. فالله سبحانه وتعالى مكن بني اسرائيل بفلسطين لأنهم أقاموا شريعته بإخلاص

    "الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ" الحج 41

    لكنه لم يأمرهم بعبادة الأرض بل بعبادة رب الأرض، وأمر الله هذا منطبق كذلك على المسلمين، فالله لا يأمرهم بعبادة الكعبة بل بعبادة رب الكعبة وحده لا شريك له. إلا أن اليهود عموما لا يقدرون هذا الاختبار النفسي الصعب حق تقديره بل سرعان ما يقعون بخطيئة المغريات فيظنون أن الله متجسد بهم وأنهم شعب الله المختار. ويطلق د. عبد الوهاب المسيري على مسألة إدعاء اليهود ارتباطهم بالأرض بـ"الإحلال الكموني". وهكذا فإن أحقية الأرض مرتبطة بـ(ترمومتر) الطاعة وتطبيق الشريعة الحقة. والرب وعد بني إسرائيل بفلسطين طالما طبقوا ما أمرهم به بالآيات الكريمة الواردة أعلاه، ودون هذا فإن ليس لهم بفلسطين شبرا واحدا. وهذا واضح كذلك حتى عندما كان موسى عليه السلام نبيا عليهم حيث حكم عليهم الباري عز وجل بالتيه بصحراء سيناء 40 عاما رغم أنه تعالى أنجاهم من قبضة فرعون، ذلك لأنهم عصوا عصيانا بائنا وعبدوا العجل. وحتى يكون شرحنا واضحا لا بد من تبيان من هم بني إسرائيل ومتى كانت أوج قوتهم وكيف كانت نهايتهم كأمة أو دولة موحدة. وأجد لزاما على نفسي كقاريء أن أسمي الأمور باسمائها الصحيحة، فلا يمكن إطلاقا تسمية الكيان القائم حاليا بفلسطين بـ"إسرائيل" لأن هذا يشكل امتهانا واضحا لنبي الله يعقوب عليه السلام. فكيف نطلق هذا الوصف على كيان يحترف القتل والتدمير وذبح الأطفال والنساء والإبادة منذ أن تم تأسيسه؟ فأنصحكم جميعا بذكر الاسم الذي يفضله الصهاينة أنفسهم ويتفاخرون به، الكيان الصهيوني.


    المشاركة الأصلية بواسطة عبدالله العاشق من منتديات ماجدة
    - نشأ إبراهيم عليه السلام في أرض بابل وما جاورها في بيئة مشركة تعبد الأصنام وقد قص الله تعالى علينا إنكار إبراهيم عليه السلام على قومه شركهم فلما لم يجد منهم استجابة لدعوته هاجر إلى فلسطين وأقام في مدينة نابلس.

    - لما حدث قحط وجدب في فلسطين هاجر إبراهيم إلى مصر مع زوجته سارة، وحصلت لهم أحداث كثيرة، ثم أهداه فرعون مصر جارية اسمها هاجر أنجبت له إسماعيل عليه السلام، فأخذها إبراهيم عليه السلام وابنها ووضعهما في مكة. ثم بنى هو وإسماعيل الكعبة –كما هو معلوم-.

    - رزق الله إبراهيم ابنه (اسحق) من زوجته سارة. فلما كبر اسحق تزوج وأنجب ولدين هما (عيصو) و(يعقوب) وهو المسمى إسرائيل، وإليه ينتسب بنو إسرائيل .

    - ورزق يعقوب باثني عشر ولداً كان أحبهم إليه (يوسف) عليه السلام الذي تآمر عليه إخوته –كما هو معلوم- وألقوه في الجب … الخ القصة المذكورة في سورة يوسف.

    - استدعى يوسف أهله إلى مصر بعد أن كانوا يعيشون في فلسطين، فعاش بنو إسرائيل من بعده في مصر.

    - لما اشتد أذى الفراعنة لبني إسرائيل في مصر بذبح أبنائهم واستحياء نسائهم بعث الله موسى وأخاه هارون إلى فرعون، وقد قص الله نبأ ما حدث بينهم إلى أن خرج بنو إسرائيل بقيادة موسى عليه السلام من مصر وتبعهم فرعون وجنوده فأهلكهم الله في اليم.

    - قدَّر الله على بني إسرائيل أن يتيهوا في الأرض بعد خروجهم من مصر عقاباً لهم لعدم قتالهم الجبابرة المستولين على بيت المقدس، قال سبحانه : (…قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين ).

    - في فترة التيه توفي موسى وهارون عليهما السلام فتولى قيادة بني إسرائيل (يوشع بن نون) خليفة موسى عليه السلام . الذي فتح الله على يديه بيت المقدس.



    - بعد استقرار بني إسرائيل في فلسطين مر اليهود بثلاثة عهود متتالية:

    1- عهد القضاة : حيث كانت جميع أسباطهم تحتكم إلى قاضٍ واحد فيما شجر بينهم، واستمر هذا العهد حوالي 400 سنة.

    2- عهد الملوك : وهو المذكور بعقوله تعالى : ( ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله.. ) فجعل الله عليهم طالوت ملكاً، ثم ملكهم بعده داود، ثم ابنه سليمان عليهما السلام .

    3- عهد الانقسام : وهو العهد التالي لسليمان عليه السلام حيث تنازع الأمر بعده ابنه ( رحبعام بن سليمان ) و ( يربعام بن نباط )، فاستقل ( رحبعام ) بسبط يهوذا وسبط بنيامين وكون دولة سميت بدولة يهوذا نسبة إلى سبط حكامها وهو سبط يهوذا الذي من نسله داود وسليمان عليهما السلام وكانت عاصمتها بيت المقدس.



    - واستقل يربعام بن نباط ببقية الأسباط (وهي عشرة) وكون دولة إسرائيل شمال فلسطين وعاصمتها نابلس، وهم من يسمون (السامريين) نسبة إلى جبل هناك يسمى شامر .

    - كان بين الدولتين عداء بدون قتال.

    - سقطت دولة إسرائيل بيد الآشوريين بقيادة ملكهم (سرجون) عام 722 ق.م، وسقطت دولة يهوذا بيد الفراعنة عام 603 ق.م .



    - في حدود عام 586 ق.م تقريباً أغار ( نبوخذ نصر ) ملك بابل على فلسطين فطرد الفراعنة، ثم دمر دولة يهوذا التي تمردت عليه وأسر عدداً كبيراً من اليهود وأجلاهم إلى بابل بما عرف بـ ( السبي البابلي ) .

    - في سنة 538 ق.م تغلب (قورش) ملك الفرس على البابليين فأطلق سراح اليهود ورجع كثير منهم إلى فلسطين.

    - في سنة 135ق.م أخمد الرومان في عهد الحاكم (أدريان) ثورة قام بها اليهود فدمروا البلاد وأخرجوهم، فأصبح اليهود مشتتين في بقاع الأرض. قال سبحانه (وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم وقطعناهم في الأرض أمما…) .






    سبي اليهود في بابل


    ولعل من المثير للاهتمام أن نذكر أن انقسام اليهود التاريخي قائم إلى الآن ومن أبرز أمثلته أن مملكة يهوذا المذكورة أعلاه قد استعانت بالآشوريين بصراعها ضد مملكة شمال إسرائيل فهجمت عليها قبل الغزو البابلي القاصم الذي قام به نبوخذ نصر والذي لا يذكره اليهود بالخير. ولا بد أن مملكة شمال إسرائيل هي التي أججت الفراعنة للهجوم على مملكة يهوذا لتطويعها وتركيعها. أي أن المملكتين كانتا أداتين بيد القوى العظمى آنذاك وهي الامبراطورية الفرعونية والممالك الآشورية والبابلية. ومن الواضح أن هاتين المملكتين لم تكونا تمتلكان وعيا يهوديا موحدا، وهذا بدوره يشكك بوجود زعم بأحقية تبعية أرض فلسطين طالما أن الطوائف اليهودية أمعنت بالتشكيك بصحة مذاهب بعضها البعض. ولا نغفل أن فترة الاستقرار اليهودي بدءا من فتح يوشع بن نون لفلسطين وحتى غزو بابل والفراعنة للممالك اليهودية وهي فترة تتراوح ما بين 400 إلى 600 سنة، لا تمنح إطلاقا دليلا على أحقيتهم لأرض فلسطين طالما أنها مشروطة بتنفيذهم لأوامر الرب، أما إذا حادوا عنها فإن الوضع إذن سيكون ان كافرا استبدل بكافر. ولهذا سلط الله عليهم من يبطش بهم ويسومهم سوء العذاب وهو نبوخذ نصّر، الذي سلط الله عليه كذلك من يبطش به ويقضي على مملكته إلى الأبد ألا وهو قورش.





    كتابة عبرية تذكر أول ظهور لوجود يهودي في مصر


    وليس هناك من دليل قطعي مثبت أن اليهود باستثناء فترة الاستقرار المذكورة شعب يستقر بمكان واحد. فيذكر الاستاذ المسيري بموسوعته اليهود واليهودية والصهيونية "أنه إذا كانت الاسماء الموجودة بلوحات تل العمارنة لعبرانيين فهذا لا يدل سوى على أنهم شعب بدوي متجول"، ومن المعلوم أن وطن البدوي الدائم راحلته وزاده وخيمته ولحافه وفراشه أرض الله الواسعة. وكذلك "لم يستقر العبرانيون منذ عام 2000 ق.م. بأي أرض سكنوها سواء لدى الكنعانيين بفلسطين أو في مصر". بمعنى أن الفترة التي منحهم الله إياها الاستقرار بفلسطين كانت فترة مؤقتة، أما ما قبلها وبعدها فكان التنقل والترحال حالهم، ثم النفي والشتات والانتشار سواء قسرا أو طوعا. وإذا ما أردنا قياس الأمور بالكم الزمني كما يريد أمثال د. شلومو بن عامي من المؤرخين، فإن الناتج يوضح أن فترة استقرار اليهود بفلسطين لا تقاس إطلاقا باستقرار الكنعانيين والآموريين (العرب القدماء) بالعصور الغابرة ثم العرب ما بعد زوال الممالك اليهودية الإسرائيلية حتى أثناء الحكم الإغريقي-اليوناني ثم الروماني للشام. ومن البديهي القول بطبيعة الحال أن ما قبل فترة الاستقرار اليهودي وما بعده كان الكنعانيون -وهم عرب أقحاح ويطلق عليهم أيضا العماليق ويوصفون بشعب الجبارين- هم من عاش على هذه الأرض قبل اليهود بآلاف السنين ثم تلتهم بقية قبائل العرب وعشائرها وفروعها، ومسألة كفرهم أو إيمانهم لا تغير من حقائق الأرض طالما لم يتم تكليفهم كما تم تكليف بني إسرائيل بتحقيق وعد مشروط، وهو ما فشل اليهود من ذريتهم بتطبيقه. وتوّج معظمهم هذا الفشل عبر إنكار نبوة المسيح عليه السلام، ومن ثم عدم إيمان كبار أحبارهم بالإسلام دينا بعد بعث خاتم الأنبياء المصطفى عليه الصلاة والسلام بل والتآمر بقتله صلى الله عليه وسلم مرارا. فأضاعوا الفرصة تلو الفرصة من قبل رب العرش العظيم للتكفير عن خروجهم وتشويههم للشريعة السمحاء التي أرسلها لهم وللبشرية جمعاء.




    الإرث اليهودي والفكر الصهيوني والحضارة الغربية


    عندما نناقش قضية معينة فإننا لا نكون بالضرورة في وضع ناقد لها وإن كانت تستحق النقد أو حتى القدح أو الذم. بل نحن بحاجة لوضع توصيفات موضوعية دقيقة مرتكزة على حقائق ووقائع علمية مثبتة. ومن هذا المنطلق فإننا يجب أن نحسن ونجيد التفصيل والتوصيف ما بين ذكر الحقائق والمسميات وما بين النقد واقدح. ونحن بهذا لا بد أن نميز ما بين اليهودية والصهيونية فشتان ما بين الإثنين. ونشير بهذا الخصوص إلى "العبقرية اليهودية" كما وصفها الاستاذ المسيري. فاليهود بعد شتاتهم كان لا بد عليهم أن يطبقوا تفكيرا إبداعيا سليما لكي يتمكنوا من الحياة والتأقلم والتكيف مع جميع المجتمعات التي تعايشوا بها، فهم يهود سفارديم أو سفارد ويهود يشيديين ويهود إشكناز ويهود خزر ويهود فلاشا ويهود عرب، والتفكير العبقري عنصر حتمي لكي يتمكنون من النجاة والبقاء وهم يعيشون في ظل "الأغيار" بشكل شبه دائم. ولعل من الإنصاف أن نذكر أن اليهود قاموا بإنجاز حضاري رائع حين حافظوا على المخطوطات العلمية والثقافية التي أنتجتها الحضارة الإسلامية العربية بعد أن ضاعت أصولها إثر الخروج من الأندلس وكذلك عقب الغزو المغولي، وإن كانت عبقريتهم أحيانا تسير بمنحى خاطيء من ناحية إشعال الأزمات وإحداث المشاكل والفتن.

    ولكي نفهم الفكر الصهيوني لا بد أولا من استيعاب أساسيات الفكر في الحضارة الغربية، فالصهيونية تولدت من خلال مخاض فكري طويل مع التجاذبات والصراعات الأوروبية. وهي لا تختلف عن الأفكار التي خرجت من رحم الثورة الثقافية في أوروبا كالرأسمالية والشيوعية والنازية والفاشستية. ولا نحتاج لدليل واضح أكثر من وضوح مؤسس الحركة الصهيونية ثيودور هرتزل ومكان انعقاد أول مؤتمر صهيوني في الفترة 29 و31 اغسطس 1897 وذلك في بازل في سويسرا. إلا إننا إذا توسعنا بأصول الحضارة أو الثقافة الغربية فسنجد أنها مرت بعدة مراحل منها مثلا عصر الاكتشاف ثم عصر التنوير ثم ننتقل لعصر الثورة ثم الفترة الإمبريالية ثم ننتقل لفكر الوقت المعاصر بالقرن العشرين وما احتواه من أحداث وتغيرات. وعبر كل هذه الحقبات اضمحل التفكير الديني في أوروبا وبلغ الإلحاد المنهجي والليبرالي مداه الأقصى، وهذا بدوره خلق ردا معاكسا عند اليهود باللجوء إلى إثبات وجودهم كشعب Volk. و"الحضارة الغربية تعلي من قيم المنفعة والكفاءة والإنجاز والتقدم مهما كان الثمن المادي والمعنوي وترى أن البقاء للأقوى والأصلح ولا تهتم بقيم البر بالضعفاء والتقوى ومساعدة الآخرين". وبما أن اليهود لجؤوا للتقوقع والانعزال في المجتمعات الأوربية "الجيتو" نظر لهم الغرب عموما على أنهم لا يقدمون أي منفعة (مادية) للمجتمع أو للدولة، فكان قرار إبادتهم تحصيلا حاصلا للفكر المادي البحت للغرب. ولأن "الغرب يؤمن بعقلانية الوسائل لا بعقلانية الأهداف" كما تمثل ذلك بالمنهج النازي، فإنه عمل على إبادة اليهود دون تعذيب (لاحظ الأسلوب العقلاني) أما هدف الإبادة غير مهم أو هو يعتمد على فكر القائد أو الدولة أو الأسطورة الدينية. ولكن الغرب وبعد أن لاحظ أهوال ما قامت به النازية والفاشية فإنه تبرأ منها لسبب أساسي أنها أمعنت بتدمير الإنسان الغربي ولا لشيء آخر. وهناك أكثر من دليل على أن الغرب لم يعادي التوجهات اليمينية المتطرفة كالنازية حبا باليهود، ومنها مثلا أن الغرب وبما فيه الولايات المتحدة رفض استقبال العديد من اليهود الفقراء أو البسطاء بنهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين (راجع ع. المسيري: الصهيونية والنازية ونهاية التاريخ)، وبالتالي فإن مأساة إبادة اليهود يشترك بها الغرب سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. ورغم أن هناك شعورا متغلغلا بأعماق الضمير الجماعي الغربي بمسؤولية الكارثة (محرقة اليهود "الهولوكوست")، إلا أن الغرب لجأ للتهرب من استحقاق حل هذه الكارثة وذلك بأن خلق مشكلة أكبر عبر توليد هذا الصراع الدامي الذي اخترعه منذ منتصف القرن العشرين بعد سلب فلسطين واغتصابها وارتكاب الفظائع والتهجير والتدمير. ومن نافلة القول أن الغرب يعترف دائما بفوائد الإبادة بأنها "تحقق الإمكانيات الجوهرية الكامنة في الحداثة، وأصل الإبادة ينبع من كل ما هو معروف عن الحضارة الحديثة أو أولوياتها ورؤيتها للعالم" حسب ما ذكره عالم الاجتماع البولندي زيجمونت باومان. ولهذا فإننا نلحظ المعايير المزدوجة حين نجد الغرب يتباكى على جريمة الإبادة البشرية في أوشفيتز لكنه يغض الطرف عامدا عن جرائم إبادة جماعية في دير ياسين وجريمة قصف مدرسة بحر البقر في مصر للأطفال وكذلك مجزرة صبرا وشاتيلا برعاية شارون ثم مجزرة قانا على يد "حمامة السلام" بيريز عام 1996 ثم مجزرة جنين ثم مجزرة قانا أخرى عام 2006. كل هذا لا يبدو أنه يتساوى بعيون الحضارة الغربية. وبهذا فإننا نخلص إلى أن الفكر الصهيوني لم ينبع إلا كناتج للفكر المادي الغربي وليس مولودا من الفكر اليهودي الأصيل، على غرار الحركات السياسية والفكرية الغربية الأخرى الرأسمالية والاشتراكية-الشيوعية والنازية والفاشية وغيرها. والصهيونية غير قابلة للتطبيق إلا من خلال قوى خارجية هائلة تدعمها وتثبت من أركانها لأنها لا تقوم على آيديولوجيا ذاتية ولأن الفكر اليهودي الفعلي ينكرها ويرفضها طبيعيا لأن فكرة الشتات أو المنفى أو الانتشار متجذرة داخل أعماق كل إنسان يهودي منذ الأزل.



    زيجمونت باومان

    الفكر اليهودي والفكر الصهيوني نقيضان لا يجتمعان منطقيا. وهناك حالة تنافر منهجي بين الفكرين، ومن الصعب على الإنسان السوي تقبّل المزج بينهما. ولهذا فإننا نحترم الفكر الديني اليهودي على أقل تقدير لأنه نابع من دين سماوي، وعلينا ألا نربطه بالفكر الصهيوني الذي يعتبر نتاجا ماديا صرفا من نتاجات الحضارة الغربية. وبهذا فإننا نكرر أننا يجب أن "نعرف الرجال بالحق لا الحق بالرجال". فجريمة أدولف هتلر هي جريمة ضد البشرية ويجب ألا نعجب بما قام به إطلاقا لسبب بسيط وهو لو أن العرب كانوا هم بموقف اليهود في أوروبا لكان قد أبادهم جميعا دون أن يرف له جفن. والغرب هو من خلق حالة هتلر، وهو من خلق حالة الصراع بين العرب والصهاينة وكما ذكر الأديب والمفكر الكبير د. طه حسين: "ان القضية الفلسطينية اخترعها الغرب وانه المسؤول عنها، وان فلسطين عربية ويجب أن تبقى كذلك، وعلى الغرب ان يُنهيها كما اخترعها وبدأها."







    وأن آخر دعوانا الحمد لله رب السموات والأرض وتعالى عما يصفون. والصلاة والسلام على رسولنا المصطفى النبي الأمين. وأن ينصر أخواننا المجاهدين والمرابطين بفلسطين وكل أخوتنا الثائرين ضد أنظمة الطغيان والظلم، فاللهم سدد رميهم وقوي من قلوبهم واشدد من عزائمهم ولا تقطعهم من عون بخذلان ولا تمنع عنهم فَرَجك بعد حرمان. واللهم ثبط عزائم بني صهيون والظالمين واجعل كيدهم في نحورهم ولا تجعل لهم رميا إلا ضيعته ولا جمعا إلا شتّتته ولا نصيرا إلا أهلكته. اللهم آمين.

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته




    ---------------------
    المصادر والمراجع:


    - كتاب الصهيونية والنازية ونهاية التاريخ، عبد الوهاب المسيري
    - موسوعية اليهود واليهودية والصهيونية - المجلد الثاني، عبد الوهاب المسيري


    http://www.alqabas.com.kw/Article.as...&date=09112010

    http://en.wikipedia.org/wiki/Western...The_Modern_Era



    http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%...B1%D9%86%D8%A9

    Latest news coverage, email, free stock quotes, live scores and video are just the beginning. Discover more every day at Yahoo!

    http://www.4shared.com/document/GWH0qH4s/___-____.htm

    تعليق

    يعمل...