المشاركة الأصلية بواسطة Dr-A-K-Mazhar
مشاهدة المشاركة
أمريكا أيها الناس تريد إعادة الخلافة، لا مانع عندها في ذلك. لكنها تسابق الزمن في تنصيب أسس خلافة تتبعها أو تساير مصالحها (وقارن في ذلك الحال الذي وصل إليه النظام الديني الحاكم في إيران تحديدا حيث ادعى العداوة مع الغرب غير أنه تقاطع وتحالف معهم في نقاط محورية ومفصلية). وقد صرح مجموعة لا بأس بها من مفكري الغرب وألفوا مؤلفات وكتب بضرورة "عودة الخلافة". واقرأ بذلك كتاب ديفيد فرومكين سلام ما بعده سلام الصادر في عام 1989 (وترجمه في بداية التسعينات الأستاذ أسعد كامل إلياس وهو مدير المكتب الإعلامي للرئيس حافظ الأسد) وقالها فرومكين بصريح العبارة "الصبغة الأساسية للمنطقة هي الدين، وإن إلغاء الخلافة ووضع سايكس-بيكو وخريطتها خطأ فادح ارتكبه الإنجليز والفرنساوية". ثم كرر ذلك على لسان تلميذه مارتي كالاغان بعد 27 سنة في البرنامج الوثائقي الذي ترجمته بعنوان الدماء والنفط
ولديك كذلك كتاب نواه فيلدمان The Fall And Rise Of The Islamic State الصادر سنة 2008 (هو طبعا لا يقصد "الدولة الإسلامية" داعش) حيث حاول جس النبض بالتلميح إلى أن الإخوان المسلمين قادرين على إنشاء "الدولة الإسلامية الديمقراطية" (هذا الكتاب عثرت عليه بصعوبة وكنت أنوي ترجمته فوجدت أن أحد الزملاء من المغرب العربي ترجمه في بداية سنة 2014).
أما لماذا يفتحون المجال لداعش لكي تنشر الفوضى بهذه الطريقة وتشغّب على الإرادة الشعبية؟ هنا ربما يجوز لنا أن نعود لتصريح كونداليزا رايس وطرحها لمفهوم "الفوضى الخلاقة" (وليس كما تحذلق بعض الجهابذة في أن الربيع العربي هو الفوضى الخلاقة). ألا يستحق الأمر منا التريث قليلا وتأمل مقولة رايس ومدى انطباقها على داعش وفوضاها الجارية؟ وعلينا أن ننتبه إلى نقطة محورية في هذا الصدد، وهي أن إحداث التغيير الذي تتمناه أمريكا وتعمل جاهدة على استباق التغيير الشعبي الحقيقي للأمة (والأخير قادم لا محالة بمشيئة الله) لن يحدث إلا بضربة شبيهة بضربة البداية في لعبة البلياردو Snooker، وهو ما فعلته بريطانيا وحلفائها في بداية القرن العشرين بإحداث فوضى مماثلة لما نشهده الآن لكي تتخلص من الدولة العثمانية. (وانصح هنا بقراءة كتاب عبيد بلا أغلال (نشر سنة 2010) الذي يربط هذه الأجزاء ويقدم للقارئ صورة شبه واضحة للعبة الكبرى: حمله من هنا)
على الرغم من أن الصحوة الفكرية بدأت تظهر ملامحها على شعوب منطقتنا منذ فترة، إلا أن مثقفينا -مثل الدكتور أحمد علي- مازالوا متأخرين عن إجادة ربط أجزاء الصورة الكبرى، وربما تسبقهم الإرادة الشعبية في تحقيق ذلك بينما هم ما يزالون يركّبون قطع الصورة المتناثرة. هو شيء يدعو للاحباط نوعا ما، لكنها مرحلة لا مفر منها، وربما هي سمة إيجابية على كل حال.
تعليق