الفرق بين مصطلحَي "الأمثال الشعبية" و"الأمثال العامية"
[align=justify]إن مصطلح "أمثال شعبية" شائع جداً على الألسنة والأقلام. وسبق أن أوضح زملاء كثيرون في مداخلاتهم الغنية ما هو المقصود من هذه التسمية. واتضح من النقاش الدائر أن الصفة "شعبي" ليست مرادفة للصفة "عامّي" فالأمثال كلها "شعبية" بحد ذاتها لأن كل مثل انتشر ودرج على ألسنة الناس أو على أقلامهم وراحوا يتمثلون به في كتاباتهم أو في أقوالهم هو "مثل شعبي". إذن المقصود من قولنا "الأمثال الشعبية" هو الأمثال العربية التي حفظها التراث الأدبي لنا وتمثل بها الكتاب والأدباء في مواقفهم وحالاتهم على اختلافها.
وقد يكون مصدر المثل الشعبي قصةً مِثل "وافق شنٌّ طبقة"، أو شعراً مِثل "مصائب قومٍ عند قومٍ فوائدُ"، أو من القرآن الكريم كقوله تعالى "إن مع العسر يسرا"، أو من الحديث الشريف كقوله صلعم "اليد العليا خير من اليد السفلى (وابدأ بمن تعول)"، أو حكمة أطلقها حكيم فطارت مِثلَ "تاج المروءة التواضع" و"رأس الجهل الاغترار" الخ.
أما "المثل العامي" فهو "المثل الشعبي" المبسط لفظه المنطوق به باللهجات العامية. وغالباً ما تعبر الأمثال العامية عن الحِكَم ذاتها التي تعبر عنها الأمثال الشعبية ولكن بألفاظ بسيطة وأحياناً سوقية. وهنالك طائفة من الأمثال العامية المستعملة في بلاد الشام مخصوصة بمهن بعينها أو طبقة من الناس بعينها قد لا نجد مرادفاً لها في الأمثال الشعبية الأدبية لانعدام ورود الحالة الممثل لها عند كثير من الخاصة ... فالكتاب والأدباء يستشهدون بالأمثال الشعبية مثل ما ترد في كتب الأدب والعامة تتمثل بها كيفما اتفق على اختلاف درجاتهم في العلم والأدب والأخلاق والدين.
مثلاً: نحن نقول "فرخ البط عوام"، والعامة تستعمل مكانه "حِطّ الجرة على تِمّْها (= فَمِها)، البِنت بْتِطْلَع لإمها"! نحن نقول "يُدخل شعبان في رمضان" والعامة تقول "بْيِخلِط عباس بفَرداس"! نحن نقول " تُعلّمني بضَبٍّ أنا حَرشتُه" والعامة تقول "طِلِع من تحتي طِير بَدّو يْعَلِّمني الطَّيران" الخ.
وقديماً بسَّط الناس في صيغة بعض الأمثال الشعبية حتى أصبحت الصيغة المبسطة أكثر انسياباً على اللسان وأسهل حفظاً على الذاكرة، وكثيراً ما حل المثل المبسط مكان المثل القديم وكاد يجعله مهجوراً لولا حفظ الأقدمين له في مؤلفاتهم الجليلة.
مثلاً: حلّ المثل المبسط "القرد في عين أمه غزال" مكانَ المثل القديم: "زُيِّنَ في عينِ والدٍ ولدُ". وحلت الحكمة البليغية "من تدخّلَ فيما لا يعنيه، سمعَ ما لا يُرضيه" مكانَ المثل العتيق "حِمارَيكِ فازْجُري" ـ والخطاب لامرأة تتدخل في ما لا يعنيها! وحل المثلُ "السلامة غنيمة" محل "رَضِيَ من الغنيمة بالإياب". وحل "يأتيك بالخبر اليقين" محل "يأتيك بالأمر من فَصِّه". وحل "خالِفْ تُعرَفْ / تُذْكَرْ" محل "يحجُّ والناسُ راجعون"، وحل "وَعدُ الحرِّ دَين" محل "وعدُ الكريم ألزمُ من دَين الغَريم" الخ والله أعلم.[/align]
تعليق