منذر أبو هواش
المترجم هو إنسان قبل كل شيء، وكل إنسان له مشاعر وله عواطف، لذلك فهو يتأثر شعوريا وعاطفيا بالظروف المحيطة به، كما أنه ولا شك، يتأثر بما يقرأ، وبما يسمع، لكن يفترض هنا أن تأثر المترجم المخلص والصادق والأمين وصاحب المبادئ، قد ينعكس على ردود فعله أو تصرفاته، ولا ينعكس بأي شكل من الأشكال على ترجمة العمل المطلوب منه، فالمترجم يقوم بالعمل المطلوب منه بشكل محايد، لأن التزام الحياد أثناء القيام بالترجمة تحريرية كانت أم شفوية هو من واجبات المترجم الجيد، بل هو من أهم الشروط والصفات التي يتعلمها، ويتوجب عليه الالتزام بها إذا أراد النجاح في عمله ومهنته.
إذن فالعاطفة من ناحية المبدأ لا تؤثر ولا يفترض بها أن تؤثر على النص الأصلي المترجم، ولا أن تؤدي إلى إحداث أية تشوهات فيه، أما عن دور مشاعر وعواطف المترجم وتأثيرها على تصرفات المترجم تجاه من لهم علاقة بالنص المترجم فهو أمر أكيد، وهو يختلف من مترجم إلى آخر.
كنت أعمل في عمان لدى صاحب عمل تركي، وكان عقد العمل ينص على أن مكان عملي هو الأردن. وفي أحد الأيام جاءني صاحب العمل ليحدثني عن إقامة معرض تجاري تركي في تل أبيب، وحدثني عن رغبته في دعوة بعض التجار ورجال الأعمال الأردنيين، وإرسالهم في رحلة مجانية ليوم واحد إلى تل أبيب، من أجل زيارة المعرض التركي هناك. كان الأمر يبدو عاديا حتى تلك اللحظة، لكن صاحب العمل هذا سرعان ما أبدى لي رغبته في إرسالي كمترجم مرافق للوفد المذكور، في رحلته المشئومة إلى تل أبيب. ولم تمض ثوان على انتهائه من كلامه حتى غلت الدماء في عروقي، ونزل عليه ردي نزول الصاعقة: "لا ... وألف لا ... كيف تطلب مني هذا الطلب يا هذا؟ أولا أنا ملتزم بالعمل لديك ضمن حدود المملكة الأردنية الهاشمية. ثانيا أنا ملتزم بقضايا أمتي وملتزم بعدم التطبيع مع العدو الصهيوني، ثالثا مبادئي ومشاعري وعواطفي نحو أهلي في فلسطين لا تسمح لي بالقيام بمثل هذا العمل مهما كانت النتائج ..." والنتيجة المعروفة طبعا كانت المبادرة الكريمة من صاحب العمل بإنهاء عملي فورا ومن دون أية تعويضات...!!!
وقبل سنوات، سمعت في وسائل الإعلام، أن أحد النصابين الأتراك غرر ببضعة مئات من مواطنيه الحجاج المسلمين الأتراك، وأنه قبض منهم بضعة ملايين من الدولارات، مقابل إرسالهم إلى الحج، عن طريق الأردن، لكنهم علقوا على الحدود السعودية، وأعيدوا إلى الأردن، فضاعت عليهم الحجة، وضاعت عليهم الأموال التي دفعوها لهذا النصاب الذي تم القبض عليه وتقديمه إلى القضاء الأردني من أجل محاكمته. لم أصب بالدهشة حينما جاءني هذا النصاب من أجل ترجمة بعض الأوراق والوثائق التركية التي لزمته من أجل تقديمها كأدلة إلى القضاء، لكن الأمر الذي أدهشني هو تلك الوثائق التي أراد ترجمتها، فقد لاحظت أنها كانت أوراق جديدة، مروسة باسم شركته، مع الأختام اللازمة، لكنه وضع عليها تواريخ سابقة. أدركت اللعبة على الفور، وثارت مشاعري تعاطفا مع الحجاج المساكين المنصوب عليهم، فثرت فيه، ورفضت عرضه، ورفضت الترجمة، ورفضت الأجور التي عرضها مقابل ذلك.
المترجم هو إنسان قبل كل شيء، وكل إنسان له مشاعر وله عواطف، لذلك فهو يتأثر شعوريا وعاطفيا بالظروف المحيطة به، كما أنه ولا شك، يتأثر بما يقرأ، وبما يسمع، لكن يفترض هنا أن تأثر المترجم المخلص والصادق والأمين وصاحب المبادئ، قد ينعكس على ردود فعله أو تصرفاته، ولا ينعكس بأي شكل من الأشكال على ترجمة العمل المطلوب منه، فالمترجم يقوم بالعمل المطلوب منه بشكل محايد، لأن التزام الحياد أثناء القيام بالترجمة تحريرية كانت أم شفوية هو من واجبات المترجم الجيد، بل هو من أهم الشروط والصفات التي يتعلمها، ويتوجب عليه الالتزام بها إذا أراد النجاح في عمله ومهنته.
إذن فالعاطفة من ناحية المبدأ لا تؤثر ولا يفترض بها أن تؤثر على النص الأصلي المترجم، ولا أن تؤدي إلى إحداث أية تشوهات فيه، أما عن دور مشاعر وعواطف المترجم وتأثيرها على تصرفات المترجم تجاه من لهم علاقة بالنص المترجم فهو أمر أكيد، وهو يختلف من مترجم إلى آخر.
كنت أعمل في عمان لدى صاحب عمل تركي، وكان عقد العمل ينص على أن مكان عملي هو الأردن. وفي أحد الأيام جاءني صاحب العمل ليحدثني عن إقامة معرض تجاري تركي في تل أبيب، وحدثني عن رغبته في دعوة بعض التجار ورجال الأعمال الأردنيين، وإرسالهم في رحلة مجانية ليوم واحد إلى تل أبيب، من أجل زيارة المعرض التركي هناك. كان الأمر يبدو عاديا حتى تلك اللحظة، لكن صاحب العمل هذا سرعان ما أبدى لي رغبته في إرسالي كمترجم مرافق للوفد المذكور، في رحلته المشئومة إلى تل أبيب. ولم تمض ثوان على انتهائه من كلامه حتى غلت الدماء في عروقي، ونزل عليه ردي نزول الصاعقة: "لا ... وألف لا ... كيف تطلب مني هذا الطلب يا هذا؟ أولا أنا ملتزم بالعمل لديك ضمن حدود المملكة الأردنية الهاشمية. ثانيا أنا ملتزم بقضايا أمتي وملتزم بعدم التطبيع مع العدو الصهيوني، ثالثا مبادئي ومشاعري وعواطفي نحو أهلي في فلسطين لا تسمح لي بالقيام بمثل هذا العمل مهما كانت النتائج ..." والنتيجة المعروفة طبعا كانت المبادرة الكريمة من صاحب العمل بإنهاء عملي فورا ومن دون أية تعويضات...!!!
وقبل سنوات، سمعت في وسائل الإعلام، أن أحد النصابين الأتراك غرر ببضعة مئات من مواطنيه الحجاج المسلمين الأتراك، وأنه قبض منهم بضعة ملايين من الدولارات، مقابل إرسالهم إلى الحج، عن طريق الأردن، لكنهم علقوا على الحدود السعودية، وأعيدوا إلى الأردن، فضاعت عليهم الحجة، وضاعت عليهم الأموال التي دفعوها لهذا النصاب الذي تم القبض عليه وتقديمه إلى القضاء الأردني من أجل محاكمته. لم أصب بالدهشة حينما جاءني هذا النصاب من أجل ترجمة بعض الأوراق والوثائق التركية التي لزمته من أجل تقديمها كأدلة إلى القضاء، لكن الأمر الذي أدهشني هو تلك الوثائق التي أراد ترجمتها، فقد لاحظت أنها كانت أوراق جديدة، مروسة باسم شركته، مع الأختام اللازمة، لكنه وضع عليها تواريخ سابقة. أدركت اللعبة على الفور، وثارت مشاعري تعاطفا مع الحجاج المساكين المنصوب عليهم، فثرت فيه، ورفضت عرضه، ورفضت الترجمة، ورفضت الأجور التي عرضها مقابل ذلك.
تعليق