ثمة في تقييم الترجمة، أية ترجمة، تحليل للأدوات اللفظية والبصرية المحيطة بالترجمات المنشورة يندمج ضمن الأبحاث التطبيقية المتعلقة بالنصوص المترجمة. يشار إلى هذه الأدوات التي توجد على عتبات الترجمات بـ "المناص". و"المناص (= Paratext) مصطلح يشمل عناصر عرض الأعمال الأدبية بشكل عام، ومنها الأعمال المترجمة. ومن أمثلة المناص الأنموذجية: العناوين الرئيسية والعناوين الفرعية والأسماء المستعارة والمقدمات والإهداءات والتصديرات والاستهلالات والعناوين الداخلية والهوامش والحواشي والخاتمات .. ويقوم الباحثون ــ في محاولتهم للكشف عن القواعد التي يلاحظها المترجمون في النص المترجم، بتحليل هذه الأدوات النصية، أي الترجمات والتحليل المقارن للنص الأصل والنص الهدف، والأدوات الخارجة عن النص، أي المصادر الثانوية التي تكون على شكل شهادات حول الترجمة أو نصوص مترجمة معينة أو حول مترجمين معينين. وتقوم دراسة المناصات بتكملة هذا الإطار وتساهم في كشف كيفية عرض الترجمات على قرائها، والتي تقوم بدورها بتوفير معلومات للباحثين حول القواعد والمفاهيم وتوقعات مجتمع معين فيما يتعلق بنصوص مترجمة معينة. وبالرغم من أن العناصر الخارجة عن النص غالبا ما تكون جزءا لا يتجزأ من النصوص المترجمة، إلا أن لها وجودا مستقلا لكونها منفصلة فعليا عن النص المترجم ومرجحة أكثر للوصول للقارئ قبل الترجمة نفسها.
قد لا نلحظ فروقا في الترجمة التي يؤديها المترجم الفلاني أو تؤديها المترجمة الفلانية فيما يتعلق بالعناصر اللغوية المنقولة من لغة لأخرى، لكننا سوف نلحظ بالتأكيد فرقا في المناصات (= Paratexts) أي في عتبات النص الخارجة عنه، وهو الفرق الذي قد يأتي نتيجة للفروق البيولوجية والتكوينية والثقافية للمترجمين. وعتبات نص المترجم عبدالقادر الغنامي ليست هي عتبات نص المترجمة جميلة حسن، أليس كذلك؟!
للمزيد عن المناص في الترجمة ودور عتبات النص المحيطة به، انظر المقالة التالية:
Şehnaz Tahir Gürçağlar: Paratexts المنشورة في كتاب Handbook of Translation Studies، النسخة الرقمية منه. والحاشية أعلاه تلخيص لبعض المقالة المذكورة.
ثمة في تقييم الترجمة، أية ترجمة، تحليل للأدوات اللفظية والبصرية المحيطة بالترجمات المنشورة يندمج ضمن الأبحاث التطبيقية المتعلقة بالنصوص المترجمة. يشار إلى هذه الأدوات التي توجد على عتبات الترجمات بـ "المناص". و"المناص (= Paratext) مصطلح يشمل عناصر عرض الأعمال الأدبية بشكل عام، ومنها الأعمال المترجمة. ومن أمثلة المناص الأنموذجية: العناوين الرئيسية والعناوين الفرعية والأسماء المستعارة والمقدمات والإهداءات والتصديرات والاستهلالات والعناوين الداخلية والهوامش والحواشي والخاتمات .. ويقوم الباحثون ــ في محاولتهم للكشف عن القواعد التي يلاحظها المترجمون في النص المترجم، بتحليل هذه الأدوات النصية، أي الترجمات والتحليل المقارن للنص الأصل والنص الهدف، والأدوات الخارجة عن النص، أي المصادر الثانوية التي تكون على شكل شهادات حول الترجمة أو نصوص مترجمة معينة أو حول مترجمين معينين. وتقوم دراسة المناصات بتكملة هذا الإطار وتساهم في كشف كيفية عرض الترجمات على قرائها، والتي تقوم بدورها بتوفير معلومات للباحثين حول القواعد والمفاهيم وتوقعات مجتمع معين فيما يتعلق بنصوص مترجمة معينة. وبالرغم من أن العناصر الخارجة عن النص غالبا ما تكون جزءا لا يتجزأ من النصوص المترجمة، إلا أن لها وجودا مستقلا لكونها منفصلة فعليا عن النص المترجم ومرجحة أكثر للوصول للقارئ قبل الترجمة نفسها.
قد لا نلحظ فروقا في الترجمة التي يؤديها المترجم الفلاني أو تؤديها المترجمة الفلانية فيما يتعلق بالعناصر اللغوية المنقولة من لغة لأخرى، لكننا سوف نلحظ بالتأكيد فرقا في المناصات (= Paratexts) أي في عتبات النص الخارجة عنه، وهو الفرق الذي قد يأتي نتيجة للفروق البيولوجية والتكوينية والثقافية للمترجمين. وعتبات نص المترجم عبدالقادر الغنامي ليست هي عتبات نص المترجمة جميلة حسن، أليس كذلك؟!
للمزيد عن المناص في الترجمة ودور عتبات النص المحيطة به، انظر المقالة التالية:
Şehnaz Tahir Gürçağlar: Paratexts المنشورة في كتاب Handbook of Translation Studies، النسخة الرقمية منه. والحاشية أعلاه تلخيص لبعض المقالة المذكورة.
هل يمكن الحديث أيضا في هذا السياق عن "الترجمة النسوية" على غرار "الكتابة النسوية"؟
تنتقد الحركة "النسوية" الكتابة بصفة عامة مهما كان مصدرها، سواءا أكان ذكوريا أو أنثويا أو هما معا ـ في حالات معينةـ، وتصفها بـصورة آلية بـ "الكتابة الذكورية"، وهذا الوصف بطبيعة حال غير إيجابي مطلقا حيث أنها تحيل عبره إلى سطوة الذكر على الأنثى غير المرغوب فيها والمراد تصحيحها في عرف الحركة النسوية.
الترجمة كعملية ما هي في نهاية المطاف إلا كتابة! على ضوء هذا يمكن نظريا للحركة النسوية أن تنتقد الترجمة بدورها وتعتبرها مثال مستقلا على سطوة و هيمنة الذكر حينما تصف الترجمة أيًا كانت ومهما كان مصدرها بأنها "ذكورية" ويتعين بالتالي انتقادها في سبيل إسقاط الهيمنة "الذكورية" على الترجمة.
شخصيا أرى أنه لا توجد هنالك كتابة/ ترجمة "نسوية" مرغوب فيها وأخرى "ذكورية" مغضوب عنها من طرف النظريات النسوية أو النظريات الجندرية ذات التأثير القوي في الجامعات الأوربية على الأقل، والأهم من هذا: لا أرى شخصيا أي دور للأنوثة أو الذكورة في عملية الترجمة مطلقا! هناك اعتبارات أخرى لها أدورا معينة في الترجمة، من بين هذه الاعتبارات على سبيل المثال لا الحصر: التكوين الترجمي، التمكن اللغوي إلخ...
في الختام أود منكم التأمل على سبيل المثال في النصوص الطبية، التقنية أو القانونية، التي تترجم يوميا بين عدة لغات، هل هنالك تأثيرات للذكورة أو الأنوثة على هذه الترجمات؟
فللجواب عن التساؤل، من وجهة نظري القاصرة، اسمحوا لي بأن أنطلق من المسلّمات التالية:
بين النساء والرجال اختلافات، بعضها جوهري؛
لا يمكن للإنسان، ذكرا أو أنثى، أن ينسلخ من ذاتيته؛
النصوص تنقسم قسمين: نصوص علمية محض (وهي النصوص التي لا مكان فيها للذات تقريبا) ونصوص غير علمية محض (وهي النصوص التي تحضر فيها الذات حضورا كبيرا نسبيا)؛
الذات، أي ذات، تتدخل في النصوص غير العلمية المحض، فهمًا وإفهامًا (أو قراءة وترجمة، فيما نحن بصدده)؛
الترجمة تأويل.
وبناء على ما تقدّم، فإن للاختلاف بين الرجال والنساء دورا في التعامل مع النصوص.
هذا، ولنضرب مثالا من جهة المترجمة. إذا كانت المترجمة -على سبيل المثال- متشبعة بالفكر النسائي ومن مناصريه والمنادين به والمناضلات من أجله، كانت أمْيل إلى تأويل النصوص من هذا المنظور، وإلى ترجمة النصوص ذات النزعة النسائية (لترويج الفكر النسائي) أو دراسات الترجمة التي أعدتها نساء، أو دور المرأة في الترجمة، وسوى ذلك...
ويجدر بالملاحظة في هذا المقام أن النزعة النسوية انتشرت في العالم بوسائل عدة، منها الترجمة؛ وأن أكثر من ترجم النصوص التي لديها تلك النزعة نساء.
وفي الختام، اسمحوا لي بأن أضرب مثالا آخر، في هيئة تساؤل، وهو عن ترجمة الكتب المقدسة، لاسيما القرآن الكريم. السؤال هو: لو كانت المترجمة من صاحبات النزعة النسائية: كيف ستفسر الآيات الكريمات التي تتحدث عن المرأة خاصة؟
والله أعلم وأحكم
الترجمة فهم وإفهام
الترجمة السياق
الترجمة الحوار www.atida.org
وفي الختام، اسمحوا لي بأن أضرب مثالا آخر، في هيئة تساؤل، وهو عن ترجمة الكتب المقدسة، لاسيما القرآن الكريم. السؤال هو: لو كانت المترجمة من صاحبات النزعة النسائية: كيف ستفسر الآيات الكريمات التي تتحدث عن المرأة خاصة؟
تعليق