"هيمنة" النص المنقول

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالقادر الغنامي
    كبار الشخصيات
    • May 2006
    • 218

    "هيمنة" النص المنقول

    لعل أهم مشكلة يواجهها المترجم هي "التخلص" من "هيمنة" النص المنقول. فمن الملاحظ أن مستوى بعض المترجمين في اللغتين، المنقولة والمنقول إليها، ممتاز، وعندما ينشئون كلاما من عند أنفسهم، يأتون بأفانين من البيان، لكن بمجرد ما يوضع بين أيديهم نص للترجمة، تجد البيان قد انفلت من أقلامهم انفلاتا! ولا أخفي عليكم أن هذه المشكلة تؤرق فكري منذ فترة ليست باليسيرة ولم أقف لها على جواب شاف كاف عند من قرأت لهم من المنظرين والممارسين أو من تحدثت معهم في الموضوع. فما السر يا ترى؟ فمن كان لديه جواب أو بصيص من جواب فليتكرم علي به، وله مني خالص الشكر سلفا.
    الترجمة فهم وإفهام
    الترجمة السياق
    الترجمة الحوار

    www.atida.org

    مستقبَلات الأمة واحدة، وإنْ كانت الطرق إليها متعددة
    مَن ترك غيره يخطط له، رَهَن له مستقبله

    facebook.com/oumma.futures
    twitter.com/oummafutures

    العلم الذي لا عمل معه، لا قيمة له
  • إيناس محمد محمود
    عضو منتسب
    • Jun 2010
    • 4

    #2
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أفهم من تعليق حضرتك أنك تعيب سيطرة النص الاصلي على فكر واسلوب المترجم أثناء ترجمته له، ولكني أجد انه أمر طبيعي فالمترجم مهما كان مبدعاً على مستوى الفكر والاسلوب فأنه يظل مقيداً بأفكارغيره ولا يحق له بأي حال من الأحوال الخروج عن السياق حتى وإن كان سيضفي اثراء للعمل وإلا تحول المترجم من الترجمة إلى التأليف وفقد الأمانة في التعبير عن النص كما هو.
    المترجم ببساطة يعبر عن فكر غيره، فهذه الحرية التى تمتع بها كاتب النص الأصلى من التعبير عن أفكاره وتطويع المعنى كما يشاء أمر مفقود بالنسبة للمترجم.
    ولكن عليه ان يخرج نص يبدو متكامل (الى حد ما) بمعنى ان القارئ يشعر بأنه يقرأ عمل أو رواية أدبية بلغته وليس رواية مترجمة عن لغة اخرى وعلى فكرة هذا الفرق بين الكاتب والمترجم يقلل كثيراً من قيمة المترجم في عالمنا العربي للآسف على الرغم من صعوبة اللغة العربية والترجمة اليها كما أن تعبير المؤلف عن أفكاره أيسر بكثير من تعبير المترجم عن أفكار غيره.
    احذر عدوك مرة واحذر صديقك الف مرة فلربما انقلب الصديق إلى عدو فكان أعلم بالمضرة

    تعليق

    • AliHussainAbdulMAjid
      عضو منتسب
      • Jan 2008
      • 80

      #3
      فن الترجمة

      [align=justify]
      السلام عليكم:
      ولهذه الأسباب ظهرت مدارس الترجمة المختلفة. فمنها الحرفية و الأستنباطية ...الى آخره من المدارس المعروفة للجميع.
      ولكن ماهو الأمر الذي يلعب دورا كبيرا في امكانية التصرف بالنص من عدمه؟
      اذا ماكان النص علميا فالتقيد بالترجمة الحرفية يكون من واجبات المترجم.
      أما النصوص الأدبية فهي التي تفتح شهية المترجم على التفنن والأبداع في النقل وقد نرى نصوصا مترجمة أطول بكثير من النص الأصلي لوجود اضافات فضفاضة ادخلها المترجم على النص المترجم.
      ولكني اعترض على وصف المترجم هنا بأنه قد أصبح مؤلفا!فالمؤلف هو من يكتب نصا من بنات افكاره يؤلّفها ويؤالفها ليخرج نصا متكاملا. أما المترجم في النصوص المترجمة بتصرّف فأنه يكون مترجما ومعدا لأفكار الكاتب الأصلي لينقلها الى اللغة الهدف.
      ماورد عن صعوبة اللغة العربية والترجمة اليها فأود أن أوضح أن الترجمة الى اللغة الأم اسهل كثيرا من الترجمة الى اللغة الثانية.هنا يكون المترجم ناقلا وضليعا بمفاهيم مجتمع اللغة المنقول اليها ، عندها سيظهر من هو ضليع بالترجمة ومن هو الدخيل عليها.
      أسأل الله أن يفتح أفكار كلّ مترجم عند الترجمة ويعينه على تلك المهمّة الجبارة، لكي لاتلصق اليه تهمة ( الخيانة!!) وهو ليس بخائن أعانه الله.
      [/align]
      تحية بابلية...

      تعليق

      • lamlouma algérie
        عضو منتسب
        • Jun 2010
        • 13

        #4
        مادا يفعل المترجم في حالة الغياب التام للمقابلات المناسبة في اللغة المترجم اليها كحال بعض المصطلحات النحوية للغة العربية التي لم يتوصل بعد الىمقابلاتها الصحيحة ,فمثلاو حسب رأيي لا أظن أن déclinaison مقابل مناسب للفظة اعراب؟

        تعليق

        • إيناس محمد محمود
          عضو منتسب
          • Jun 2010
          • 4

          #5
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
          للرد على هذا السؤال فلابد ان نتسأل كيف ينظر البعض لعملية الترجمة فالكثير ينظر اليها على إنها وسيلة لتعلم لغة اجنبية و كثير من المؤسسات مثلما قرأت في أحدى الأبحاث المنشورة في المجلة الدولية لدراسات اللغتين العربية والأجنبية إن تسعة عشر مؤسسة جامعية لتدريس برامج البكالوريوس في الجامعات البريطانية تستخدم الترجمة لرفع كفاءة الطلاب في اكتساب اللغة الأجنبية.
          في هذه الحالة تتحول الترجمة الى محاولة لتطابق مباني وتراكيب وألفاظ اللغة التي يترجمون عنها مع مباني وتراكيب وألفاظ اللغة التي يترجمون إليها فيتحول النص المترجم الى تحليل تقابلى أو عملية مقارنة ما بين تراكيب ومفردات النص المصدر وتراكيب ومفردات النص الهدف وتصبح الترجمة وسيلة لتعليم لغة وليست مهارة واختصاص، فالتطابق التام ما بين مباني وألفاظ لغة ما وأخرى غير وارد على الإطلاق بالرغم من الاعتراف بوجود قواسم مشتركة عالمية ما بين اللغات.
          المترجم لابد أن يُمسك جيدا بالسياق ومضمون النص لان هذا هو سبيله لتوصيل الكلمة أو التركيب من لغة إلى لغة آخرى و إلا كانت ترجمتة أشبه بالقص واللصق أو تحولت إلى ترجمة حرفية مضحكة تنسخ الكلمات وتبحث عن مقابل لها دون الاهتمام بالمضمون، فلا يجب أن ينشغل المترجم فقط بالبحث عن مرادفات للكلمات للغة المترجم اليها.

          الترجمة هو مجال دراستي لذلك فقد قرأت عدة تراجم عربية لنفس النص الأجنبي و ما لفت انتباهي هو ان بعض المترجمين يتعاملوا مع النص كما لو كان ملكية خاصة، فهنك مترجم يحذف ما يشأ من التفاصيل التى تبدو له مملة أو غير هامة ويذكر ما يشاء دون اعتبار للنص الأصلى ولا حتى اعتبار للقارئ الذي سيقرأ نص مبتورعلى الرغم من ان دوره كمترجم لا يعطيه هذا الحق وفي هذه الحالة لا استطيع أن اطلق عليه مترجم لانه لم يكن كذلك فهو بهذه الترجمة المشوهة يعطي لنفسه الحق في تقييم النص فيرا أن هذا ضروري وهذا لا.
          ولا استطيع أن اطلق عليه "مؤلف" لان الأفكار التى آخد أو اقتطع منها ما يشاء ليست أفكاره.
          فربما هناك من لديه معرفة بالغة الأجنية ويستطيع أن يميز بين المترجم الجيد الذي ينقل النص الأصلي بصورة يبدو معها النص كما لو أنه كُتب بالغة العربية ولكن القارئ الذي يريد ان يقرأ رواية مترجمة وليس لديه دراية بلغة النص الأصلي اعتقد أن رؤيته للعمل ستصبح غير مكتملة ولن يكون حكمه على العمل أو المؤلف الأصلى عادل.
          احذر عدوك مرة واحذر صديقك الف مرة فلربما انقلب الصديق إلى عدو فكان أعلم بالمضرة

          تعليق

          • عبدالرحمن السليمان
            عضو مؤسس، أستاذ جامعي
            • May 2006
            • 5732

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة lamlouma algérie
            ماذا يفعل المترجم في حالة الغياب التام للمقابلات المناسبة في اللغة المترجم اليها كحال بعض المصطلحات النحوية للغة العربية التي لم يتوصل بعد الىمقابلاتها الصحيحة ,فمثلا وحسب رأيي لا أظن أن déclinaison مقابل مناسب للفظة إعراب؟
            [align=justify]الأستاذة الكريمة lamlouma،

            ناقشنا هذه المسألة كثيرا في الماضي. وعلى المترجم الذي يواجهه مصطلح غير موجود في العربية أن يجتهد في وضع مقابل له في العربية بعد التحقق جيدا من خلوه في العربية. وينبغي عليه شرحه بطريقة واضحة جدا للقارئ بحيث يتم التواصل المرجو.

            ترجمة إعراب بـ déclinaison أمر اصطلاحي وهو قديم نسبيا ونجده في قواعد اللغة العربية الموضوعة في الفرنسية. إذن لا مشكلة في ذلك.

            وتحية طيبة عطرة. [/align]

            تعليق

            • عبدالرحمن السليمان
              عضو مؤسس، أستاذ جامعي
              • May 2006
              • 5732

              #7
              [align=justify]بالنسبة إلى هيمنة النص الأصلي على المترجم، فهذه بسبب مفهوم الأمانة التقليدي في الترجمة الذي أصبح في ذمة التاريخ كما قال أحد الباحثين .. إلا أن المترجم العربي لا يزال أسيرا للنص الأصلي، لا يستطيع التحرر منه ربما لأن مناهج تعليم الترجمة في البلاد العربية تعير مسألة الأمانة والحرفية والدقة وما أشبه ذلك أهمية كبيرة جدا، فيبقى المترجم العربي يدور في رحاها، ولا يستطيع الخروج منها. لذلك غالبا ما تكون ترجمة الملتزم كليا بالنص الأصلي رديئة.

              المترجم العربي بحاجة ماسة إلى الاطلاع على المدارس الحديثة في الترجمة، وعلى صناعة الترجمة الحديثة، وعلى سوق الترجمة الدولية، وعلى الآليات الكثيرة التي تفرض على المترجم استراتيجات الترجمة المتبعة، لأن هذا كله هو الذي يحدد للمترجم ماذا كيف يترجم، وليس غير ذلك. ومتى تحرر المترجم العربي من مسألة الأمانة والحرفية وصار يأخذ صناعة الترحمة الحديثة بعين الحسبان، فإنه وقتها يتحرر شيئا فشيئا من هيمنة النص الأصلي، فتأتي ترجمته وقد أخذت النص الأصلي وكذلك النص المترجم بعين الاعتبار.

              وتحية طيبة.[/align]

              تعليق

              • AliHussainAbdulMAjid
                عضو منتسب
                • Jan 2008
                • 80

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة عبدالرحمن السليمان
                [align=justify]الأستاذة الكريمة lamlouma،[/align][align=justify]

                ناقشنا هذه المسألة كثيرا في الماضي. وعلى المترجم الذي يواجهه مصطلح غير موجود في العربية أن يجتهد في وضع مقابل له في العربية بعد التحقق جيدا من خلوه في العربية. وينبغي عليه شرحه بطريقة واضحة جدا للقارئ بحيث يتم التواصل المرجو.

                ترجمة إعراب بـ déclinaison أمر اصطلاحي وهو قديم نسبيا ونجده في قواعد اللغة العربية الموضوعة في الفرنسية. إذن لا مشكلة في ذلك.

                وتحية طيبة عطرة. [/align]


                حضرات الزملاء والزميلات الكرام:
                السلام عليكم!

                1- إن ضاقت السبل بإيجاد البدائل حينها فلنستخدم المفردة المطلوبة ونعتبرها اسما من أسماء الأعلام التي نطلقها بلساننا على أناس من مجتمع آخر لانغيّر بها. يفهمها الجميع وتسهّل من المهمة وخصوصا مهمة المترجم الفوري الذي يحتاج إلى مفردة صاروخية تطابق الكلمة المراد نقلها. وما الضير في ذلك ومادمنا لانخترع شيئا فنضع عليه اسما عربيا نعولمه مع بضاعتنا ونجعل الآخر يبحث في لغته عن شئ مطابق لتلك المفردة التي أطلقناها على اختراعاتنا وأظنها ضرب من الخيال. فزمن الأندلس قد مرّ بعد أن كانت لغتنا هي لغة المنتصر.<O</O
                التعديل الأخير تم بواسطة AliHussainAbdulMAjid; الساعة 06-23-2010, 03:46 PM. سبب آخر: تعطيل الأبتسامات
                تحية بابلية...

                تعليق

                • lamlouma algérie
                  عضو منتسب
                  • Jun 2010
                  • 13

                  #9
                  السلام عليكم
                  أشكركم جزيل الشكر على افادتي .في الحقيقة أنا بصدد التحضير لرسالة الماجستير و أردت فقط أن أعرف ان كان البحث في بعض المصطلحات النحوية التي اتفق على جعلها مقابلات لمثيلاتها في اللغة العربية رغم وجود اختلاف في الشحنات امرا مهما و يستحق العناء.

                  تعليق

                  • Ali Al-Hassnawi
                    عضو منتسب
                    • Sep 2016
                    • 8

                    #10
                    المترجم وسُلطة النص

                    المُترجــِم وسلطة النــَّص
                    بداية، وقبل الخوض في تفاصيل هذا الموضوع... لا بد من لنا من التسليم بحقيقة أحسبها معروفة لدى كافة المشتغلين في ميدان الترجمة، لكنها قد لا تكون كذلك بالنسبة لغيرهم.هذه الحقيقة هي أن لا وجود لترجمة تتطابق تطابقا كاملا مع النص الأصلي( Source Text ) المراد نقله للغة الهدف ( Target Language ) ، واعني بهذا التطابق هو إمكانية المطابقة التامة التي لا تزيغ قيد أنملة بين كل من النص الأصلي ومكافئه ، أي نسخة المترجمة في لغة الهدف. ولعل في هذه الحقيقة ما يمكننا من الرد على شبهة الخيانة التي طالما يُنبَزُ بها المُترجِمون وتُنسب إليهم دون وجه حق وهذه هي ذات الحقيقة الذي اعتمدها كثيرٌ من المُنظـّرين في ميدان الترجمة كقانون فاعل من قوانين صنعة الترجمة سمَّوه بفرضية الترجمة المطابقة ( Exact Translation Hypothesis ) حيث اعتبرها (Quine,1978) بمثابة الفرضية الصفرية الغير قابلة للتحقق أو بمثابة الفعل اللاممكن. وكان حكمه على عدم صحة هذه الفرضية مستندا إلى أساس منطقي هو أن " النص هو فِعلٌ (Act) في الواقع لا يمكن أن يُكرر نفسه على الإطلاق، لا سيما في ذات المكان وذات الزمان. فهو.. أي النص.. فعل قد سجل وجودا في العالم المادي والزماني لحظة الفراغ من إنتاجه أو صياغته .ومن غير الممكن عقلاً ومنطقا أن يعيد الزمن نفسه والمكان نفسه ليولد نفس النص في ذات المكان والزمان حتى في ذات اللغة التي وُلد فيها".إذاً فكيف الحال بترجمة ذلك النص ونقله إلى لغة أخرى؟؟!!

                    ومن هنا تتضح لنا استحالة التطابق الكامل بين النصوص المتعدد في حتى في اللغة الواحدة فيما لو وضعنا بنظر الاعتبار كافة العوامل والمتغيرات التي تتضافر لإنتاج النص الواحد في أي لغةٍ من لغات البشر ٍ إذا فما بالك بترجمة هذا النص إلى لغة أخرى؟؟!! وهنا أرجو أن لا يتوهم القارئ بأني من القائلين باستحالة الفعل الترجمي نفسه وما يتمخض عنه من نتاج على هيئة نص مترجَم، وإلا لأمسى التواصل بين أجناس البشر على اختلاف ألسنتهم ضرباً من المستحيل. بل إن ما أقوله وما أعنيه هنا هو - وببساطة شديدة - أن الترجمة هي ذلك الفعل الإنساني الذي تحفُّ به الصعوبات وتكتنفه الإرهاصات المتعددة التي ليس بوسع أي مترجم – ومهما أوتي من مهارة في الصنعة وإجادة في الأداء أن يسلم منها. و بهذا يغدو مقياس التمايز بين المترجمين بعضهم عن البعض الآخر هو في براعتهم ومقدرتهم على تجنب أكبر قدر ممكن من هذه الصعوبات ، ولا أقول جميعها لأن هذه – وكما سلمنا من قبل – غاية لا تُدرك.
                    ولعل من الحكمة أن نتحدث عن (المكافئ الترجمي النِسبي) Relative Translation Equivalence بدلاً من المكافئ التام أو الكلي ( Exact Equivalence ) والذي لا يعدو عن كونه طوباوياً بالفطرة.
                    أردتُ من هذه المقدمة أن أخلـُص لنتيجة واحدة هي أن عنصر القصور الذي سيلمسه قارئ النص المُترجَم لا محال... هو أمر حتمي لا نقاش فيه ولا حُجة لنا نحن المترجمين لرده، اللهم إلا إذا كان هذا القصور ناجماً عن قصور قصديْ أو عن قصور في قدرة المترجم نفسه.. وهذا ما لستُ معنياً فيه هنا على الإطلاق مادمتُ أضع في مخيلتي ذلك المترجم الكفء ذو القدرة على النهوض بواجبه وحمل الأمانة بما هو معهود به من شعور بالمسؤولية. وما دمت أهدف من مناقشتي هذه لأن أبرّءَ ساحة المترجم من شبهة الخيانة أجد الفرصة سانحة الآن لأن أفصِّل في العامل الأول الذي يؤثر على أداء المترجم ويضعه عرضة لشبهة الخيانة أو عدم الأمانة - بأقل تقدير- دون حَول ٍ له ولا قوة. وأعني بهذا سُلطة النص ( Text Authority) وهو ما كرسَّت مقالتي هذه لأجله.

                    إن للنص ِ - ومهما صغر أو كبُر حجماً أو منزلة - سلطة ً وهالةً لا يكاد يدركها أو يتلمسها إلاّ من يتعامل مع هذا النص عن مقربة أو كثب. ومن ذا هو أكثر قرباً إلى النص من المترجم الذي لا مناص له سوى التشبع بروح النص الذي يشتغل على ترجمته كي يرقى بترجمته إلى حيث يشاء ويتمنى؟!. إن المترجم دونما شك يُصبح معنياً بالنص الذي يشتغل عليه بكافة أبعاده وتفاصيله. فهو معنيُ به من حيث الشكل ( Form) والمضمون(Content) ، إما بكليهما على قدم المساواة أو بنسبة متفاوتة، تبعاً لاعتبارات تختص بنوع النص نفسه ( (Text Type) أو بهدف الفعل الترجمي (Purpose of Translation) أو بالطريقة أو المنهج (Approach or Method of Translation ) الذي يتبناه هذا المترجم في للتعامل مع ذلك النص.

                    وبالعودة إلى بُعديْ الشكل والمضمون (Form and Content) تتشكل سُلطة النص التي لا حِراك للمترجم خارج أسوارها مع تفاوت في تأثير كل واحد من هذه البُعدين من موقف لآخر. وهنا، سيجد قارئ النص الجديد في لغة الهدف(Target Reader) أن المترجم قد كان حبيسا بين هذين البُعدين منزِلقاً صوب أحدهما تارة ومحاولاً الوقوف على مسافة واحدة منهما تارة أخرى .

                    وهنا لابد لي من ألفتَ انتباه القارئ الكريم إلى علاقة هذين البعدين وتلازمهما مع بُعدٍ ثالث يؤثر فيهما سلباً وإيجاباً من حيث تحديد ولاء المترجم وميْله لأي من البُعدين الأوليْن، وأعني بهذا البٌعد نوع النص أو جنسه اللغوي (Text Type/Genre). وبعبارة أخرى، إن هذا البعد الجديد هو الذي يرسم في أغلب الأحيان معالم أداء المترجم ويؤثر تأثيراً حاسماً على قراره بالجنوح نحو أحد الُبعدين الأوليْن على حِساب البُعد الآخر. فنراه يميل تارة نحو بُعد الشكل وتارة نحو بُعد المضمون وكأني به كالرجل المتزوج بامرأتين " فلن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم". ومن غير الوارد في الحسبان مطلقاً أن يوفق المترجم إلى أن يشطر ولاءه لهذين البُعدين بدرجة متكافئة بالكمِّ والمقدار. ولو قُدَّر لنا أن نعبِّر عن هذا القول بصيغة رياضية فليس بوسعنا أن نطلب من المُترجِم أن يشطر ولاءه للنص الأصلي كما يشطر العدد (100 ) إلى نصفين متساويين50%) لبُعد الشكل و (50% ) لبُعد المضمون. وهذا ما كنت أعنيه بقولي باستحالة تحقق فرضية الترجمة المتطابقة تماماً ( Exact Translation Hypothesis ). أقول : أن المترجم ليس له من محيص سوى أن يميل ولو بمقدار درجة واحدة نحو أي من هذين البعدين ، وسيكون قراره هذا مستندا ، في جملة ما يستند عليه من متغيرات، إلى الجنس اللغوي أو الأدبي للنص الذي يشتغل عليه كأن ذلك النص قصيدة شعر ، أو تعبيرا اصطلاحيا أو نصاً دينياً أو قانونياً أو نصاً علمياً من علوم الفيزياء أو غيرها من باقي العلوم الصرفة أو أغنية أو نصاً تاريخياً و تقريرا صحفياً... الخ، والقائمة تطول مع ما لا أحصيه عدداً من الضروب اللغوية المتعددة والأجناس الأدبية المختلفة. وكلما أرتبط النص الأصلي بثقافة وحضارة وعادات وتقاليد مستخدمي لغة الأصل، كلما تصاعدت وتيرة الخسارة التي لا حول ولا قوة للمترجم في تفاديها وكلما كان أقرب لشبهة الخيانة التي تلصق به دونما عدل أو إنصاف. وهذا هو المكون الآخر من المكونات التي يستمد منها النص سلطته.
                    ولعل أن تكون لنا وقفة أخرى نتناول فيها الآثار المترتبة على جودة الترجمة ومستوى صعوبتها بفعل التمازج بين النص كسبيكة من المفردات والتشكيلات اللغوية من جهة وبين ثقافة وفكر أهل اللغة التي دُوِّن فيها ذلك النص. وهو الأمر الذي طالما يعبِّر عنه المشتغلون بعلم اللغة الاجتماعي (Sociolinguistics) بالقول أن اللغة ما هي إلا مرآة لحضارة وأفكار أهلها ومستخدميها.
                    د. علي الحسـناوي
                    استـاذ مشـارك
                    اللغويات والترجمة (التحريرية والشفوية)

                    تعليق

                    يعمل...