البديل من العبريــــة
المدونــــة الخامســـة عشرة
المدونــــة الخامســـة عشرة
[align=justify]كيف تفسرون هذه الظاهرة؟
أستمع إلى محادثات بين شبابنا، فأعجب كيف يستخدمون اللفظة العربية بلُـكْنة عبرية، فبدلاً من أن يقول: طَبِـيعي تراه يلفظها كما هي في العبرية טִבְעִי (طِـبْعي – الطاء مكسورة، والباء تكون كلفظ v الإنجليزية، وهي ساكنة)، ولا تسأل عن لفظ (صبابة)، (ألى كيفك)، (بأسة)، (تصوم) = صوم قبل الفحص الطبي، جيبـِس (بالجيم المصرية طبعًا)، شِـطخي (سَطحي)، أخلى (وما هي بالأحلى!) ...إلخ
فهل تظنون أن هذا نوع من الشعور بالنقص؟
أم أن القائل بها نسي الأصل بسبب اختلاطه بناطقي العبرية؟
هل لهذا الأمر علاقة بقصة الغراب الذي أراد أن يقلد مشية الحجل؟
أترك لكم الإجابة!
נַיֶּידֶת= جَوّابـــة
كانت اللفظة العبرية נַיֶּידֶת قبلاً تتركز على السيارات المتنقلة للشرطة أو الجيش، وقد سميناها نحن في اللغة الدارجة- دَوْرِيــّة، مع أن هذه اللفظة محدثة في المعاجم،حيث أقرها مجمع اللغة العربية، وأثبتها معجم الوسيط بمعنى "العسس يطوفون ليلاً"، وبالطبع فإن هذا المعنى غير كاف لما كنا اعتدنا عليه من معنى، ذلك لأن (الدورية) تطوف نهارًا أيضًا، وقد تكون هذه الدورية في سيارة أو بدونها .
غير أننا اليوم نستخدم اللفظ العبري נַיֶּידֶת لسيارة البريد، ولنجمة داود الحمراء، وللإطفائية، ولدائرة السجون، ولسيارات أخرى تروح وتغدو، وكم بالحري سيارة الشرطة- الأمر الذي يدعونا للبحث عن لفظة عربية نجعلها بدلاً من (النيّــيدِت).
رأيت أن معنى (الجوّاب) كثير الأسفار، أو من عادته جَوب البلاد- أي قطعها، هو الأكثر ملاءمة لفظًا ومعنى، أقول "لفظًا" لأن لفظ (الـجـَوّاســة) يفي بالمعنى، ولكنه غير وارد في حياتنا اليومية، ومن الصعب استخدامه في الدارجة، كما أن لفظ (الجوّالــة) يفي هو كذلك بالمعنى، لكننا لا نبغي الخلط بين هذه السيارة وبين الجوّال الذي اعتاد الكثيرون على إطلاق اسمه على الخَلَويّ.
أرى أن نسمي السيارة هذه جَـوّابــَة، وجمعها جوّابات.
عندما حضرت جوابة البريد حصلت على رسالة مسجّلة.
ليت لنا جوّابــة لشرطة اللغة تزور المجالس المحلية لتتأكد من ضرورة كتابة رسائلها بالعربية!
סיפוק= ارتِــضاء
هذه اللفظة التي تنحو منحى الرضا والقبول- لم أر لها ترجمة دقيقة، فلفظة סיפוק تعني المتعة في الشيء أو الإشباع، أو الرضا العميق، وليس مجرد القبول، وبسبب عدم الدقة في ترجمتها أرى أن نخصص لها في ترجمتها لفظة الارتــضاء= (satisfication).
فأنا مرتضٍ (מְסופָּק) من هذا المشروع- أعني بها أكثر من الرضا، إذ أجد المتعة في ذلك أيضًا، ذلك لأن الفعل ارتـضى أعني به- رضي في نفسه، ولها ظلال معنى من المتعة والرضا الداخلي العميق.
إذن لنمايز:
(מְרוצֶה) تعني (راض) ، بينما (מְסופָּק) من معانيها (مُرتَـضٍ).
والصرفيون يرون أن وزان (افتعل) قد يأتي للمبالغة نحو اكتسب، أو للطلب، نحو اكتدّ، أو بمعنى الفعل اللازم، نحو اجتذب= جذب.
إذن، لماذا نتردد في "ارتضيت" إذا أردنا معنى מצאתי סיפוק??!!
עוגמת נפש= غُــمّّـَـة
أما هذه اللفظة التي حمانا الله من أن نقع في وضع نصف أنفسنا بها، فهي تعني الكرب والأسى وقد تصل إلى درجة الكمد، وذلك إذا لم نجد ما يرضينا، بل إذا وجدنا فيها ما يؤذينا، فسبب لنا ذلك خيبة أمل ومرارة وأسف وامتعاض.
كنت آمل أن يكون ترجمتها مرارة، وهي صحيحة لما تسببه مجازًا من مرارة في الطعم، والحياة، وعدم الثبات في زمنيتها، وكنت أود أن أترجمها امتعاض، وهي صحيحة كذلك بسبب أن اللفظ يدل على الإيلام والغضب.
لكني أفضل في ترجمة עוגמת נפש= غُـمَّــة، فهي تعني بالفصيحة الحزن، والكرب، ولكنها في الدارجة تعنى- عدم ارتياح البال والخاطر (غمّ بالــه)، وهذه أقرب للمعنى، وبسبب الدارجة اخترتها.
ذاك الرجل الذي خيب املي (אכזב אותי) سبب لي غُـمّـة (עוגמת נפש)، ومن يدري فقد
يندم، ويحسن في المستقبل صنيعًا لي، وما ألبث أن أرتضي- אמצא סיפוק.
מִצְפֶּה= مَـرْقـَـب
كنت مؤخرًا في رحلة إلى الشمال، وكان المرشد يأخذنا إلى أكثر من مطلّ نطل منه على مواقع جميلة، وكان في كل مرة يستخدم لفظة مَرْصَـد، فقلت له: يا أخي هذا اللفظ يستخدم عادة للنجوم عندما نرصدها ونراقبها، وكذلك لرصد حركات الزلازل.
قال: هل أقول مَـطَـلّ؟
قلت له: لعل لفظ مَـطَـلّ ملائم، لكنه لا يحمل في معناه المشاهدة والمراقبة، فهو حيادي، إذ يمكنني أن أطل على مكان إطلالة ما، دون أن أدرس أو أتعرف، لكن المَـرْقَـَـب أقرب، وهو في الإنجليزية Look out ، ولا أظن المصطلح لديهم يعني مجرد النظر (طلة وع الماشي)، بل ما أفترض فيه أن تصاحبه مراقبة أو دراسة.
المَرْقَب في (مسغاف عام) شمالاً مذهل، فهل زرتموه لتروا صفحة القرى اللبنانية مفتوحة أمامكم؟ المنظر من هذا المرقب مدهش.
ورجاء:
من طلاب الجامعات والكليات:
أن يقولوا: امتحان موعد أ، وامتحان موعد ب، وموعد خاص!
هل ذلك بحاجة إلى توضيح؟!
ما الفرق بين لفظ מועֵד ولفظ مَوْعِـد؟
المسافة الصوتية قريبة!
فلماذا تصر على (موعيــد) يا بو زيد؟
وأخيرًا استفسار!
أَيــمَـلَ لي صديق:
ابتكرتَ في المدونة السابقة فعلاً جديدًا هو ثـاه ترجمة للفعل עִנְיֵן، وجعلت مُـثِـيــه ترجمة للفظة מְענְיין، فهل ذلك أصلاً مستخدم في اللغة العبرية القديمة؟
وإجابتي هي:
في أثناء بحثي عن بداية اللفظة العبرية מְענְיֵן تبين لي أن اللفظة ابتدعها إليعزر بن يهودا سنة 1897، وقد هاجمه ليلنبلوم في حينه، وسخر من اللفظة المستحدثة. (انظر كتاب رؤوبين سيفان: בהתחדש לשון – מהדורה שניה, 1993,עמ' 96.)
أرجو ألا يكون حظي مثل حظ ليلنبلوم إزاء اللفظة الجديدة الغريبة!
[/align]