تيفاوين أو ضياء الفكر في عددها الأول
علي صدقي أزايكو سيرة رجل من العيار الثقيل
بقلم خديجة عزيز
بثت التلفزة المغربية يوم الإثنين 17 01 2005 على الساعة 11 و15 دقيقة مساءًا الحلقة الأولى من برنامج " تيفاوين" وهو برنامج ثقافي. في حلقات من إعداد الزميلة خديجة رشوق بمساهمة أطر من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ونشير إلى أن محاور البرنامج انطلقت من عمق التأمل في الإبداع الأدبي، وكذا في الإنتاج الفكري الأمازيغي، الذي ارتأى أن يعيد اكتشاف ذاته ويزداد عطاء في جسم الأدب المغربي، الذي شمل الموروث الأدبي الأمازيغي بمختلف أجناسه من الشعر والرواية والقصة القصيرة والمسرح .
المساهمون في هذه الجلسة شددوا على أبعاد من شخصية المرحوم علي صدقي أزايكو، الذي سيظل علامة مميزة في تاريخ الإبداع المغربي، وسيظل كذلك خالدا بأفكاره وطروحاته العابرة للأزمنة والأمكنة، فأمثال هذا المناضل الأمازيغي يحتلون مكانة سامقة في سجلات التاريخ مع دعاة المبادئ والقيم النبيلة.
لقد خسرت برحيله الأمازيغية عبقرية بارزة كان لها إسهام غني وواسع في جميع مجالات الثقافة والفكر والإبداع، واحتل موقعاً مرموقاً كمدافع عن القيم الإنسانية الرفيعة وكل ما هو مستنير وحر في تاريخ الفكر المغربي.
ويمكن اختزال محاور الحلقة في السيرة والتاريخ والنشاط الجمعوي والإهتمام بالهوية الأمازيغية والعطاء الشعري لهذا العَلَم الفكري. ونسجل بارتياح مشاركة رئيس اتحاد كتاب المغرب في اللقاء وعنايته الإيجابية بهذا الرافد الأمازيغي من التراث الوطني.
تناولت الحلقة أديبا موهوبا، وساكنا في قلب التاريخ الثقافي المغربي.الوطن عشقه الأكبر والأنقى والأوحد...
الأمازيغية في وجدانه حياة كاملة لا تتجزأ... حتى مماته، متجذراً في ترابها، محافظا على أصالته، وفيا لأرضه وتقاليده وعاداته، لم يتبدل أو يرضى عن الأمازيغية بديلاً، اتخذ الكلمة وسيلة للتعبير عن نضاله الوطني لأنه يعتبر أن القضية الأمازيغية قضية وطنية تهم كل المغاربة لا تقل أهمية عن القضايا المطروحة على الساحة الوطنية. إنه جسد الغائب الكبير علي صدقي أزايكو نموذج المثقف المؤرخ الذي يعيش عصره بكل حمولاته الفكرية. جعلته خصوبة فكره مثقفا من طراز نادر يتسم بالثقافة الموسوعية حيث استطاع أن ينوع إبداعاته وتألقاته الفكرية، ويخرج من نطاق اختصاصه الأكاديمي وهو التاريخ، إلى فضاءات وآفاق معرفية وعلمية أرحب ويبدع فيها بذات القوة والإجادة، من التاريخ، إلى الشعر، إلى الأدب.هذا ما نقرأه خلال تتبع مسار الحلقة وتدخلات المشاركين:
أجمعت الشهادات المقدمة في حقه على أنه كان ذلك المثقف المشهود له بعمق التفكير ونظرته الثاقبة في كل ما يكتب، فهو شاعر متميز، شاعريته رقيقة، سقاها من نجيع القلب بشفافية وبهاء وصدق ورفق دؤوب، فأخرج بين أنامله شعرا صادقا وأدبا مفعما بعبق التاريخ العريق، نقرأ في كتبه جميعها الصدق والغيرة عن الأمازيغية، ونقرأ الوعي بالحقيقة، ونقرأ الفهم لحركة التاريخ والتراث، المعبر عن أحوال الحركة الأمازيغية منذ عهود سحيقة.
كما تحدث الأستاذ أبو العزم عن مسار الفكر الجمعوي للمرحوم أزايكو الذي اتخذه جسرا للعبور نحو تحقيق ذاته موضحا أنه أعطى الكثير للثقافة الأمازيغية من خلال عمله في مجموعة من الجمعيات الثقافية كان أهمها جمعية البحث والتبادل الثقافي... التي أصدرت نشرة وثائقية "أراثن" مضيفا أن المرحوم يحتفظ بتجديد الفكر والتطلع إلى ثقة المستقبل، وبدوره عبر الأستاذ اسماعيل العلوي الأمين العام لحزب التقدم والإشتراكية عن إعجابه بتواضع وبحنكة المرحوم أزايكو في المادة التي كان يشتغل فيها أي التاريخ حيث من خلال كتاباته ومقالاته كان يدعو إلى تغيير نظرتنا إلى تاريخنا القديم "
كان يتسم بدماثة في الخلق وكرم في الروح ورحابة في العقلية، مؤرخا استثنائيا وإنسانا غنيا سواء بإنسانيته أو بخبرته الثقافية وبتجربته في الحياة، مما شكل إضافة بارزة للثقافة الأمازيغية ونموذجا من النماذج التي يصعب تكرارها.
في شعره كلمات مميزة، وصدق في الآداء والتعبير وقد أشار الأستاذ حسن أوريد مدير مركز طارق بن زياد للدراسات والأبحاث في تدخله خلال البرنامج أن " وعي سي علي أزايكو بانتمائه للأمازيغية أتى بعد أن انتقل إلى مراكش وكل وعي بالذات وبالهوية هو عملية تتم عن الاكتساب، هذا الوعي الذي حفزه إلى أن يوعي أبناء جلدته بأهمية البعد الأمازيغي في الثقافة المغربية في ظروف لم يكن يعطى لهذا البعد الأهمية التي يستحقها" مضيفا أن المرحوم اتخذ من الشعر فسحة للتأمل " إضافة إلى الجانب الأكاديمي الذي يتبلور في المؤرخ الرصين كان يخفي نفسية شاعرية حيث قرر القدر أن يولد الشاعر أزايكو من قلب سحر الكلمة الأمازيغية وكرم إشراق حرف تيفيناغ ... كان شاعرا فذا نحت حقيقة القصيدة الأمازيغية وأغنى القاموس والإيقاع "
في شعره كلمات مميزة، وصدق في الآداء والتعبير، لقد حملت كتاباته مساحات تاريخية شاسعة، وكنوزا مخبوءة في قلب التاريخ، فأصبح مع الزمن عَلَماً من معالم تراثه وحضارته .
وتناولت الحلقة مولده ونشأته. فقد ازداد سنة 1942 بقرية " إكران" ن " تاوينخت" قريبا من أولاد برحيل بإقليم تارودانت وكذا مساره الفكري والنضالي.
له إسهامات كثيرة في مجال البحث التاريخي المتعلق بالمغرب وشمال إفريقيا، كما يعد من رواد الحركة الثقافية الأمازيغية، كما ساهم بشكل غزير في مختلف الجوانب اللغوية والمعجمية المتعلقة بإدماج الأمازيغية في الحياة العامة.
زيادة على مساهمته في تكوين العديد من الطلاب الجامعيين والإشراف على بحوثهم، فإنه أنتج عدة مؤلفات ودراسات إلى جانب التاريخ ومن أبحاثه في الثقافة المغربية، نذكر تأملات حول اللغة والثقافة الأمازيغيتين، في معارك فكرية حول الأمازيغية، منشورات مركز طارق بن زياد للدراسات والأبحاث، 2002 ؛ وفي مجال تحقيق النصوص التاريخية: نذكر" رحلة الوافد لعبد الله ابن ابراهيم التاسافتي الزرهوني"، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية- القنيطرة،1992 ، إضافة إلى معاجم منها المعجم الصغير عربي- أمازيغي، أمازيغي عربي، معجم بالأمازيغية والعربية، وفي ميدان الشعر، ألف المرحوم العديد من القصائد في إطار مشروعه الأدبي الهادف إلى تحديث الشعر الأمازيغي وتوحيد لغته، وقد أصدر مجموعتين " تيمتار" علامات سنة 1989 و" إيزمولن" – ندب- سنة 1995 باللغة الأمازيغية .
كما أشاد الأستاذ أحمد التوفيق " وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية" في ذات البرنامج " تيفاوين" بخصال المرحوم الأستاذ أزايكو قائلا " ...كان رجلا وطنيا مغربيا بالمعنى الكامل للكلمة. وكان مناضلا من أجل إثبات نصيب هويتنا الأمازيغية ... وكان يعتبر أن التاريخ المتروك الذي كونته مختلف الأجيال يعد تاريخا شموليا يجب أن يُبرز من أجل استيعابه... وكان دائما حريصا على أن يذهب إلى أبعد نقطة ممكنة ولكن دون السقوط في الغلو، كان رحمه الله رجلا بشوشا ذا شخصية عميقة...".
كما أدرجت الحلقة جلسة أدبية كان ضيوفها الأستاذ محمد أقضاض الباحث بمركز الدراسات الأدبية والفنية والإنتاج السمعي البصري والأستاذ حسن نجمي رئيس اتحاد كتاب المغرب، وكان حوارا يغرس جذوره في الذات الوطنية. التي تتحدث عن ملكات البحث عن صمت الإبداع وخلفياته بلغة تفاعلية تؤسس مشهدا ثقافيا يلتقي عند زاوية الوحدة ، وقد أشار الأستاذ حسن نجمي أن الأدب الأمازيغي هو رافد حيوي أساسي من الشخصية المغربية مضيفا أن هذا الأدب عرف تنوعا في الأشكال والأجناس ووصفه بكونه من المذخرات الأساسية في الثقافة المغربية وتساءل عن عدم استفادة الأدب المغربي من هذه المدخرات، مضيفا أن الشعر الأمازيغي يتميز بقيمة فنية جمالية، كما أشار الأستاذ محمد أقوضاض إلى أن الأدب الامازيغي هو أدب شفاهي حيث أن الشفاهية احتفظت على هذا الأدب الذي التصق بحياة المجتمع. كما يعد أدبا قديما حيث كتب باللاتينية قبل وبعد المسيحية، ونموذج "الحمار الذهبي" لأبليوس" أبرز مثال.
كما أشار الأستاذ أحمد بوكوس عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية إلى البعد التوثيقي في كل أدب شفوي يختزن علاقة الإنسان بالسياق الإجتماعي التاريخي، مضيفا أن اللغة الأمازيغية تعد لغة مستقلة بنيويا عن اللغات الأخرى موضحا أنها أساس الهوية الأمازيغية... ".
ثم استعرضت الحلقة ديوان " تيميتار" أو "علامات" لمؤلفه المرحوم علي صدقي أزايكو وقفة عند قوة الدلالة الرمزية للكلمة الأمازيغية من خلال قراءة للأستاذ محمد الخطابي، وترجمة لمقتطفات من هذا النص الشعري إلى اللغة العربية.
وفي لحظات اللقاء يصبح البرنامج قنطرة للعبور إلى الإشراقات الجميلة التي تتحدث عن ملكات البحث عن صمت الإبداع وخلفياته بلغة تفاعلية تؤسس مشهدا ثقافيا يلتقي عند زاوية الوحدة في التنوع .
ترك المرحوم أزايكو وراءه آثاراً هامة تشهد على أصالة انتمائه وإيمانه بالقضية الأمازيغية لقد عرف عنه رحمه الله عمق رؤيته وإخلاصه للقيم الإنسانية الرفيعة، لقد افتقدت الأمازيغية بغيابه أحد روادها ورموزها والمعبرين عنها، كما حملت كتاباته مساحات تاريخية شاسعة، وكنوزا مخبوءة في قلب التاريخ، فأصبح مع الزمن عَلَماً من معالم تراثه وحضارته.
على سبيل الختم يعد البرنامج بادرة خير كشفت الغطاء على موروث أدبي مغربي زاخر حيث تم تقديم الحلقة بأسلوب جديد وجميل. يتمتع بالعمق في التناول وبالشمولية غير المملة. هي بادرة ونقلة نوعية في برامج القنوات المغربية التي تستحق التشجيع.[img align=right]khadija aziz[/img]
علي صدقي أزايكو سيرة رجل من العيار الثقيل
بقلم خديجة عزيز
بثت التلفزة المغربية يوم الإثنين 17 01 2005 على الساعة 11 و15 دقيقة مساءًا الحلقة الأولى من برنامج " تيفاوين" وهو برنامج ثقافي. في حلقات من إعداد الزميلة خديجة رشوق بمساهمة أطر من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ونشير إلى أن محاور البرنامج انطلقت من عمق التأمل في الإبداع الأدبي، وكذا في الإنتاج الفكري الأمازيغي، الذي ارتأى أن يعيد اكتشاف ذاته ويزداد عطاء في جسم الأدب المغربي، الذي شمل الموروث الأدبي الأمازيغي بمختلف أجناسه من الشعر والرواية والقصة القصيرة والمسرح .
المساهمون في هذه الجلسة شددوا على أبعاد من شخصية المرحوم علي صدقي أزايكو، الذي سيظل علامة مميزة في تاريخ الإبداع المغربي، وسيظل كذلك خالدا بأفكاره وطروحاته العابرة للأزمنة والأمكنة، فأمثال هذا المناضل الأمازيغي يحتلون مكانة سامقة في سجلات التاريخ مع دعاة المبادئ والقيم النبيلة.
لقد خسرت برحيله الأمازيغية عبقرية بارزة كان لها إسهام غني وواسع في جميع مجالات الثقافة والفكر والإبداع، واحتل موقعاً مرموقاً كمدافع عن القيم الإنسانية الرفيعة وكل ما هو مستنير وحر في تاريخ الفكر المغربي.
ويمكن اختزال محاور الحلقة في السيرة والتاريخ والنشاط الجمعوي والإهتمام بالهوية الأمازيغية والعطاء الشعري لهذا العَلَم الفكري. ونسجل بارتياح مشاركة رئيس اتحاد كتاب المغرب في اللقاء وعنايته الإيجابية بهذا الرافد الأمازيغي من التراث الوطني.
تناولت الحلقة أديبا موهوبا، وساكنا في قلب التاريخ الثقافي المغربي.الوطن عشقه الأكبر والأنقى والأوحد...
الأمازيغية في وجدانه حياة كاملة لا تتجزأ... حتى مماته، متجذراً في ترابها، محافظا على أصالته، وفيا لأرضه وتقاليده وعاداته، لم يتبدل أو يرضى عن الأمازيغية بديلاً، اتخذ الكلمة وسيلة للتعبير عن نضاله الوطني لأنه يعتبر أن القضية الأمازيغية قضية وطنية تهم كل المغاربة لا تقل أهمية عن القضايا المطروحة على الساحة الوطنية. إنه جسد الغائب الكبير علي صدقي أزايكو نموذج المثقف المؤرخ الذي يعيش عصره بكل حمولاته الفكرية. جعلته خصوبة فكره مثقفا من طراز نادر يتسم بالثقافة الموسوعية حيث استطاع أن ينوع إبداعاته وتألقاته الفكرية، ويخرج من نطاق اختصاصه الأكاديمي وهو التاريخ، إلى فضاءات وآفاق معرفية وعلمية أرحب ويبدع فيها بذات القوة والإجادة، من التاريخ، إلى الشعر، إلى الأدب.هذا ما نقرأه خلال تتبع مسار الحلقة وتدخلات المشاركين:
أجمعت الشهادات المقدمة في حقه على أنه كان ذلك المثقف المشهود له بعمق التفكير ونظرته الثاقبة في كل ما يكتب، فهو شاعر متميز، شاعريته رقيقة، سقاها من نجيع القلب بشفافية وبهاء وصدق ورفق دؤوب، فأخرج بين أنامله شعرا صادقا وأدبا مفعما بعبق التاريخ العريق، نقرأ في كتبه جميعها الصدق والغيرة عن الأمازيغية، ونقرأ الوعي بالحقيقة، ونقرأ الفهم لحركة التاريخ والتراث، المعبر عن أحوال الحركة الأمازيغية منذ عهود سحيقة.
كما تحدث الأستاذ أبو العزم عن مسار الفكر الجمعوي للمرحوم أزايكو الذي اتخذه جسرا للعبور نحو تحقيق ذاته موضحا أنه أعطى الكثير للثقافة الأمازيغية من خلال عمله في مجموعة من الجمعيات الثقافية كان أهمها جمعية البحث والتبادل الثقافي... التي أصدرت نشرة وثائقية "أراثن" مضيفا أن المرحوم يحتفظ بتجديد الفكر والتطلع إلى ثقة المستقبل، وبدوره عبر الأستاذ اسماعيل العلوي الأمين العام لحزب التقدم والإشتراكية عن إعجابه بتواضع وبحنكة المرحوم أزايكو في المادة التي كان يشتغل فيها أي التاريخ حيث من خلال كتاباته ومقالاته كان يدعو إلى تغيير نظرتنا إلى تاريخنا القديم "
كان يتسم بدماثة في الخلق وكرم في الروح ورحابة في العقلية، مؤرخا استثنائيا وإنسانا غنيا سواء بإنسانيته أو بخبرته الثقافية وبتجربته في الحياة، مما شكل إضافة بارزة للثقافة الأمازيغية ونموذجا من النماذج التي يصعب تكرارها.
في شعره كلمات مميزة، وصدق في الآداء والتعبير وقد أشار الأستاذ حسن أوريد مدير مركز طارق بن زياد للدراسات والأبحاث في تدخله خلال البرنامج أن " وعي سي علي أزايكو بانتمائه للأمازيغية أتى بعد أن انتقل إلى مراكش وكل وعي بالذات وبالهوية هو عملية تتم عن الاكتساب، هذا الوعي الذي حفزه إلى أن يوعي أبناء جلدته بأهمية البعد الأمازيغي في الثقافة المغربية في ظروف لم يكن يعطى لهذا البعد الأهمية التي يستحقها" مضيفا أن المرحوم اتخذ من الشعر فسحة للتأمل " إضافة إلى الجانب الأكاديمي الذي يتبلور في المؤرخ الرصين كان يخفي نفسية شاعرية حيث قرر القدر أن يولد الشاعر أزايكو من قلب سحر الكلمة الأمازيغية وكرم إشراق حرف تيفيناغ ... كان شاعرا فذا نحت حقيقة القصيدة الأمازيغية وأغنى القاموس والإيقاع "
في شعره كلمات مميزة، وصدق في الآداء والتعبير، لقد حملت كتاباته مساحات تاريخية شاسعة، وكنوزا مخبوءة في قلب التاريخ، فأصبح مع الزمن عَلَماً من معالم تراثه وحضارته .
وتناولت الحلقة مولده ونشأته. فقد ازداد سنة 1942 بقرية " إكران" ن " تاوينخت" قريبا من أولاد برحيل بإقليم تارودانت وكذا مساره الفكري والنضالي.
له إسهامات كثيرة في مجال البحث التاريخي المتعلق بالمغرب وشمال إفريقيا، كما يعد من رواد الحركة الثقافية الأمازيغية، كما ساهم بشكل غزير في مختلف الجوانب اللغوية والمعجمية المتعلقة بإدماج الأمازيغية في الحياة العامة.
زيادة على مساهمته في تكوين العديد من الطلاب الجامعيين والإشراف على بحوثهم، فإنه أنتج عدة مؤلفات ودراسات إلى جانب التاريخ ومن أبحاثه في الثقافة المغربية، نذكر تأملات حول اللغة والثقافة الأمازيغيتين، في معارك فكرية حول الأمازيغية، منشورات مركز طارق بن زياد للدراسات والأبحاث، 2002 ؛ وفي مجال تحقيق النصوص التاريخية: نذكر" رحلة الوافد لعبد الله ابن ابراهيم التاسافتي الزرهوني"، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية- القنيطرة،1992 ، إضافة إلى معاجم منها المعجم الصغير عربي- أمازيغي، أمازيغي عربي، معجم بالأمازيغية والعربية، وفي ميدان الشعر، ألف المرحوم العديد من القصائد في إطار مشروعه الأدبي الهادف إلى تحديث الشعر الأمازيغي وتوحيد لغته، وقد أصدر مجموعتين " تيمتار" علامات سنة 1989 و" إيزمولن" – ندب- سنة 1995 باللغة الأمازيغية .
كما أشاد الأستاذ أحمد التوفيق " وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية" في ذات البرنامج " تيفاوين" بخصال المرحوم الأستاذ أزايكو قائلا " ...كان رجلا وطنيا مغربيا بالمعنى الكامل للكلمة. وكان مناضلا من أجل إثبات نصيب هويتنا الأمازيغية ... وكان يعتبر أن التاريخ المتروك الذي كونته مختلف الأجيال يعد تاريخا شموليا يجب أن يُبرز من أجل استيعابه... وكان دائما حريصا على أن يذهب إلى أبعد نقطة ممكنة ولكن دون السقوط في الغلو، كان رحمه الله رجلا بشوشا ذا شخصية عميقة...".
كما أدرجت الحلقة جلسة أدبية كان ضيوفها الأستاذ محمد أقضاض الباحث بمركز الدراسات الأدبية والفنية والإنتاج السمعي البصري والأستاذ حسن نجمي رئيس اتحاد كتاب المغرب، وكان حوارا يغرس جذوره في الذات الوطنية. التي تتحدث عن ملكات البحث عن صمت الإبداع وخلفياته بلغة تفاعلية تؤسس مشهدا ثقافيا يلتقي عند زاوية الوحدة ، وقد أشار الأستاذ حسن نجمي أن الأدب الأمازيغي هو رافد حيوي أساسي من الشخصية المغربية مضيفا أن هذا الأدب عرف تنوعا في الأشكال والأجناس ووصفه بكونه من المذخرات الأساسية في الثقافة المغربية وتساءل عن عدم استفادة الأدب المغربي من هذه المدخرات، مضيفا أن الشعر الأمازيغي يتميز بقيمة فنية جمالية، كما أشار الأستاذ محمد أقوضاض إلى أن الأدب الامازيغي هو أدب شفاهي حيث أن الشفاهية احتفظت على هذا الأدب الذي التصق بحياة المجتمع. كما يعد أدبا قديما حيث كتب باللاتينية قبل وبعد المسيحية، ونموذج "الحمار الذهبي" لأبليوس" أبرز مثال.
كما أشار الأستاذ أحمد بوكوس عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية إلى البعد التوثيقي في كل أدب شفوي يختزن علاقة الإنسان بالسياق الإجتماعي التاريخي، مضيفا أن اللغة الأمازيغية تعد لغة مستقلة بنيويا عن اللغات الأخرى موضحا أنها أساس الهوية الأمازيغية... ".
ثم استعرضت الحلقة ديوان " تيميتار" أو "علامات" لمؤلفه المرحوم علي صدقي أزايكو وقفة عند قوة الدلالة الرمزية للكلمة الأمازيغية من خلال قراءة للأستاذ محمد الخطابي، وترجمة لمقتطفات من هذا النص الشعري إلى اللغة العربية.
وفي لحظات اللقاء يصبح البرنامج قنطرة للعبور إلى الإشراقات الجميلة التي تتحدث عن ملكات البحث عن صمت الإبداع وخلفياته بلغة تفاعلية تؤسس مشهدا ثقافيا يلتقي عند زاوية الوحدة في التنوع .
ترك المرحوم أزايكو وراءه آثاراً هامة تشهد على أصالة انتمائه وإيمانه بالقضية الأمازيغية لقد عرف عنه رحمه الله عمق رؤيته وإخلاصه للقيم الإنسانية الرفيعة، لقد افتقدت الأمازيغية بغيابه أحد روادها ورموزها والمعبرين عنها، كما حملت كتاباته مساحات تاريخية شاسعة، وكنوزا مخبوءة في قلب التاريخ، فأصبح مع الزمن عَلَماً من معالم تراثه وحضارته.
على سبيل الختم يعد البرنامج بادرة خير كشفت الغطاء على موروث أدبي مغربي زاخر حيث تم تقديم الحلقة بأسلوب جديد وجميل. يتمتع بالعمق في التناول وبالشمولية غير المملة. هي بادرة ونقلة نوعية في برامج القنوات المغربية التي تستحق التشجيع.[img align=right]khadija aziz[/img]