صفّقوا للصحراء

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد زعل السلوم
    عضو منتسب
    • Oct 2009
    • 746

    صفّقوا للصحراء

    صفّقوا للصحراء آخر تحديث:الاثنين ,16/08/2010




    سعد محيو


    هل يمكن أن تكون الصحراء الجرداء مصدر الحياة الرئيس للغابات الغنّاء التي توفّر الأوكسجين لنا ولبقية المخلوقات؟



    أجل، يرد بسرعة الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، الذي عقد مؤخراً مؤتمراً موسّعاً في برازيليا خُصصت أعماله لمسألة حماية صحارى الأرض التي تُغطي ثلث المساحة البرية لكوكب الأرض .



    وهذا كان اكتشافاً مفاجئاً، إذ إن الانطباع الذي ساد البشر في كل مراحل تاريخهم الطويل، هو أن الصحراء بمثابة عقوبة طبيعية أو إلهية، إذ هي قاسية، وجرداء، وحارة، القانون فيها هو البقاء للأصلح الممهور بدمغة السيف، والندرة الشديدة هي لعنتها الأبدية . ثم إن عواصف الغبار التي تهب فيها تتسبب بأمراض تنفسية، حيث إن كل غرام من غبار الصحراء يحمل مليار ميكروب، وهو المسؤول عن اندلاع الأمراض المفاجئة لدى الحيوانات والنباتات في مناطق قصية من المحيطات .



    بيد أن مؤتمر الاتحاد الدولي كشف النقاب عن أهم اكتشافات العقد الماضي، وهو دور الصحارى في تزويد المناطق المطيرة في العالم بالمغذيات الضرورية لحياتها، إذ إن نحو 40 مليون طن من الغبار الذي تحمله الرياح، يُغذي كل سنة غابات الأمازون التي تُعتبر الأخصب في العالم والأكثر تنوعاً بيئياً . وهذه الدراسات نفسها أثبتت أن تربة الأمازون نفسها فقيرة بالمغذيات، وأنها تحتاج إلى مصدر خارجي للإبقاء على أشجارها سامقة وخضراء ومورقة .



    ومن أين تأتي هذه المُغذيات؟



    من منطقة صغيرة في صحراء تشاد، تضخ يومياً 700 ألف طن من الغبار تحملها الرياح عبر محيط الأطلسي، وتنقلها إلى الأمازون وبقية المناطق المطيرة والخضراء .



    علاوة على ذلك، يُكوّن غبار الصحراء الأسطح الضرورية للماء كي يتمكّن من التحوّل إلى كرات ثلج ليسقط في شكل أمطار، ومن دون هذا الغبار لا أمطار .



    ماذا أيضاً؟



    هناك الكثير .



    فالصحارى هي موطن 500 مليون إنسان، أي 8 في المئة من سكان الأرض، الذين يعتاشون إما على نباتاتها وحيواناتها النادرة أو على ثرواتها النفطية والمعدنية . كما أنها موطن لأكثر الحيوات تأقلماً مع الظروف المناخية القاسية، ولأجمل مواهب الشعر والنثر والتأمل الروحي والصفاء الذهني .



    بيد أن هذه البيئة، التي احتضنت على مدار التاريخ ولادة كل الديانات السماوية (كما يعتقد كمال الصليبي) والعديد من المفاجآت الضخمة التي غيّرت تاريخ العالم، عُرضة الآن لسلسلة لا تنتهي من المخاطر، في مقدمها تغيّر المناخ الذي يُهدد بقلب توازنات البيئة فيها، والاستغلال المُسرف لمصادر المياه الجوفية النادرة والتي تستخدم للري أو التعدين أو لمجرد الاستهلاك غير المسؤول، وتدمير النباتات النادرة .



    بالطبع، تنشط بعض الدول، كالإمارات وقطر وعُمان وغيرها، للحفاظ على نقاء الصحراء عبر نشر المحميات على مساحاتها، إلا أن الغالبية العظمى من الدول الصحراوية تعيث فساداً فيها وتهدد كل توازناتها . وهذا لا يشكل خطراً على الصحارى نفسها وحسب، بل هو (كما يتبيّن الآن) يرسم مستقبلاً قاتماً لكل أنماط الحياة في المناطق غير الصحراوية، حتى تلك الغنية بالأنهار والبحيرات .



    اكتشافات مُذهلة؟



    حتماً . لذا، في المرات المقبلة حين نتطلع إلى الصحراء، يجب أن تتضمن هذه النظرة القليل من الشكوى والكثير من الحب والاحترام، بعد أن أثبتت الدراسات أن الصحراء ليست ابنة غير شرعية لأمّنا الطبيعة، بل هي وليدتها البكر الأولى، والضرورية .


    saad-mehio@hotmail.com
  • محمد زعل السلوم
    عضو منتسب
    • Oct 2009
    • 746

    #2
    أنهار وبحيرات في أعماق الربع الخالي

    أنهار وبحيرات في أعماق الربع الخالي آخر تحديث:الأحد ,22/08/2010




    محمد خليفة
    اكتشاف أنهار من المياه في باطن الأرض لم يجئ مصادفة ولا جزافاً . هذا القدر الواسع من الماء في نسبته المتوازنة اللازمة لوجود الإنسان، ومن هذه الكتلة الصحراوية الضخمة الواسعة تنبعث الأبخرة تحت حرارة الشمس، وهي التي تعود فتسقط أمطاراً ليتكون منها الماء العذب في جميع أشكاله، وعلى هذا الماء قامت الحياة، هذه الحقيقة الهائلة التي أثبتها العلماء في أراضي الربع الخالي .

    فقد ذكر العالم الجيولوجي هال ماكلور في أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة لندن أن تلك الصحراء بدأت في التكون قبل نحو مليوني سنة، وهي متغيرة على الدوام نظراً لامتلاكها نظاماً جيولوجياً فريداً من نوعه، الأمر الذي يسمح لها بالتحول من صحراء إلى مروج وغابات على مر الزمان، حيث تكونت البحيرات على سطحها مرتين، المرة الأولى ما بين 37000 إلى 17000 سنة، وبعد ذلك تكونت البحيرات للمرة الثانية أي منذ نحو 10000 إلى 5000 سنة، وبين هاتين المرتين حدثت تغيرات مناخية وسادت فترة من الجفاف الشديد تحولت فيه من جديد إلى صحراء، فالأرض أثناء دورانها الحالي حول محورها تميل ب 23 درجة ونصف عن هذا المحور، وكانت درجة ميلان هذا المحور قبل آلاف السنين أكبر مما هي عليه الآن، ولذلك مرت الأرض بعصور جليدية وكانت أقاليم كبيرة مغطاة بالثلوج منذ أكثر من عشرين ألف سنة، ويتوقع العلماء حدوث فترات جليدية أخرى بسبب التغيرات في مدار الأرض حول الشمس وحول محورها وفي زاوية ميلها، ما سيؤدي إلى برودة تزيد من تكون الكتل الجليدية .

    كما دعا العالم الأمريكي كريج دريمان في دراسة بعنوان “تبريد الكوكب من خلال إعادة التشجير” الصادرة في يوليو/ تموز 2010 إلى زراعة مناطق شاسعة من شبه الجزيرة العربية، بما فيها الربع الخالي بالحشائش والشجيرات المحلية من أجل تهيئتها للتحول من صحراء إلى مروج وغابات، كما كانت عليه في الماضي السحيق، مستنداً في دراسته على نتائج بحوث علمية أجرتها وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”، وشبكات الرصد والتنبؤ الجوي، وشركات النفط العالمية . فالربع الخالي الذي يقع في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية يتكون من صحراء رملية قاحلة غير مأهولة وغير مستكشفة بأكملها لاستحالة المرور بها، وهي إحدى أكبر صحارى العالم، وتغطى مساحة 650،000 كيلومتر مربع تقريبا، ويصل طولها إلى 1000 كم وعرضها إلى 500 كم، وتتجاوز أعلى كثبانها 330 مترا . ومناخها من أشد المناخات في العالم، فهو قاري حار صيفاً، وتتراوح درجات حرارته مابين ال 50 إلى فوق 60 درجة مئوية، وهو بارد شتاء وتتراوح درجات حرارته مابين ال 15 درجة مئوية إلى ما دون الصفر، وأمطاره نادرة، وعلى مدار العام تهب عليه عواصف رملية، وتنمو فيه بعض الأعشاب والشجيرات خصوصاً في فصل الربيع، وتعد من الناحية الجيولوجية ثاني أغنى منطقة في العالم لاحتوائها على مخزون كبير من النفط .

    وبالإضافة إلى ذلك، كانت جهود علماء “وكالة ناسا” منصبة على اكتشاف مناطق الثروات الطبيعية كالنفط والمعادن في باطن الأرض عبر تقنية الاستشعار عن بعد، لكن الصور الملتقطة بالأشعة الكهرطيسية بينت لهم أن منطقة الربع الخالي تجثم على بحيرات وأنهار من المياه الجوفية العذبة، ونظراً لوجود هذه الثروة المائية على أعماق بعيدة، فإن تكلفة استخراجها ونقلها باهظة جداً . كما كانت شركات النفط تعثر على مياه جوفية عند حفر الآبار، وكانت تهجرها لاعتقادها أن المياه تعرقل عمليات استخراج البترول . فوجود هذه المياه الجوفية يثبت هطل الأمطار بغزارة على الربع الخالي منذ عشرات آلاف السنين، والحقول النفطية الحالية تبين وجود حياة نباتية وحيوانية متنوعة تحللت عبر الزمن مكونة النفط الخام، وصور الأنهار والبحيرات المدفونة تحت الكثبان الرملية توضح على أنها كانت منطقة خصبة استوطنتها شعوب مجهولة، وأسست عليها حضارات مزدهرة لم تجد من يكتشفها .

    ويوضح العالم الأمريكي كريج دريمان في دراسته أن عملية إعادة زراعة الربع الخالي بالحشائش والشجيرات ستسهم في تكون السحب الركامية المحملة ببخار الماء، وتهيئتها لمزيد من الأمطار الموسمية، حيث إن التربة الجرداء الحارة الخالية من النمو النباتي والغبار المنتشر في الغلاف الجوي يعملان على إعاقة وصول الأمطار الموسمية إلى المنطقة، فإعصار “غونو” المداري الذي ضرب السواحل الشرقية العمانية في يونيو/ حزيران 2007 لم يؤد إلى هطل أمطار على شبه الجزيرة العربية بسبب تصدي التربة الجرداء الحارة له، وهذا ما حدث أيضاً لإعصار “فيت” المداري في يونيو/ حزيران 2010 . ووفقاً لتقديرات مراكز الرصد الجوي من المتوقع أن تحدث زيادة في معدل سقوط الأمطار خلال العقود القادمة نتيجة للتغيرات المناخية في العالم، والتي ستؤدي إلى انخفاض معدل الأمطار في مناطق خصبة وارتفاعها في مناطق جافة، وسيزداد هطل الأمطار على شبه الجزيرة العربية، ونتيجة لذلك سيتحسن مستوى الحياة النباتية على سطحها، وستزداد مواردها من المياه الجوفية . إذ إنه من المرجح في حالة وجود غطاء نباتي وهطول أمطار موسمية على الربع الخالي أن يحدث تغير في نمط المناخ، وبالتالي سيبدأ نهران من أنهاره المدفونة تحت الكثبان الرملية في التدفق من جديد، ويبلغ طول النهر الأول 650 ميلاً وعرضه 5 أميال وعمقه 50 قدماً، أما النهر الثاني فيسمى بنهر الربع الخالي ويرتبط بالعديد من البحيرات والأهوار، ويمر عبر جنوب شبه الجزيرة العربية، وستبدأ بحيرتان من البحيرات الكبرى في تخزين المياه من جديد، والبحيرة العملاقة الأولى يصل عمقها إلى 100 متر، وتقع بحيرة “بتوليمي” الثانية في اليمن .

    وإعلان العلماء عن وجود هذا المحيط الهائل من البحيرات المائية الضخمة في جوف الأرض لهو دليل على أطوار وماضي هذه البقعة وظهور المجتمعات واندثارها، شأنها شأن سائر ما يقع في هذا الكون من أحداث ومن أحوال مرده كله إلى هذه الإرادة المطلقة في هيكل الكون الهائل وفي محتوياته المنوعة، الشاملة للأحياء والأشياء الخافية والظاهرة في ضمير الزمان وأبعاد التاريخ، وهي دعوة إلى التأمل في مصائر الغابرين، ودعوة أيضاً إلى إدراك حقيقة هذه الحياة وروابطها على مدار الزمان . وفي كل لحظة يجف عود أو شجرة تستوفي أجلها فتتحول إلى هشيم وحطام، ومن خلال الهشيم توجد الحبة الساكنة في الأرض المتهيئة للحياة والإنبات، ومن هذا التراب الميت الساكن يخرج الماء المتحرك من باطن الأرض الميتة استقراراً للحياة على هذه الأرض لتموج صفحتها بالحياة في هذا الماء، والماء هو الحياة، فحيث كان تكون الحياة .

    وعليه يتوجب على جميع الدول العربية ضرورة الاهتمام بالبحوث والدراسات العلمية المتعلقة بالمناطق الصحراوية، لما لها من أهمية في اكتشاف المياه والمعادن الأخرى التي تحتويها هذه الأراضي الشاسعة في الدول العربية .



    كاتب من الإمارات

    تعليق

    يعمل...