من الصفويين والعثمانيين إلى الإيرانيين والأمريكيين آخر تحديث:الأحد ,15/08/2010
سعد محيو
قلنا بالأمس إن مستقبل الوجود العسكري الأمريكي في العراق، لن يكون نتيجة للاستجابة أو اللااستجابة إلى “المناشدات” العراقية له بالبقاء، بل سيكون مرتبطاً إلى حد كبير بمستقبل الصراع الإقليمي في الشرق الأوسط .
وسنقول اليوم لماذا؟
كما أن أزمة لبنان ارتبطت منذ عام 1969 (ولاتزال) بالصراع العربي- “الإسرائيلي”، كذلك ارتبطت أزمة العراق منذ عام 2004 بالصراع الإيراني- الأمريكي و”الإسرائيلي” . وكما أن لبنان لن يعرف الخلاص النهائي إلا بعد تسوية الأمور مع “إسرائيل”، أو حتى بعد تفكك المشروع الصهيوني، فإن أزمة العراق لن تصل إلى خواتيمها الحقيقية إلا على إثر حل الصراع الإيراني- الأمريكي سلماً أو حرباً .
هذه الحقيقة لا تنفي دور العوامل الداخلية العراقية، بل تعززها ولكن بشكل سلبي . إذ إن هذا الدور موجود، لكن وبسبب تشظي المجتمع العراقي إلى مذاهب وطوائف وعشائر متناحرة، بات بطن الداخل العراقي مفتوحاً أمام كل أنواع المباضع أو الصفقات الخارجية .
الآن، وطالما الصورة على هذا النحو، ينبغي الإطلالة على بلاد العباسيين من النافذتين الإيرانية والأمريكية لمعرفة كلٍ من مستقبل العراق والاحتلال الأمريكي له .
وهنا تشير الدلائل المتوافرة إلى أن التسوية، أو ما سمي “الصفقة الكبرى”، بين طهران وواشنطن تبتعد يوماً بعد يوم، وتحل مكانها فرص المجابهة يوماً بعد يوم .
المؤشر الأول كان ما أوردته مؤسسة واشنطن لدراسات الشرق الأدنى قبل أسبوعين، من أن إدارة أوباما وصلت إلى الاستنتاج بأن العقوبات لن تثني إيران عن مواصلة السعي للحصول على القنبلة، ولذا فهي باتت في وارد استبدال اليد الممدودة بالقبضة الحديدية .
ويبدو أن هذه المعلومات صحيحة . إذ إن بنيامين نتنياهو الذي كان يأتي خلال السنتين الماضيتين إلى واشنطن وهو يصرخ مطالباً بوضع المجابهة مع إيران على رأس الأولويات الأمريكية، التزم في زيارته الأخيرة الصمت، ما دفع المراقبين إلى الاستنتاج بأنه ربما حصل من أوباما على “تطمينات” أرضته .
المؤشر الثاني هو الدراسة التي نشرها الأمريكيان راي تقية وستيفن سيمون (*)، المشهوران بتأييدهما الحماسي المشبوب للصفقة الكبرى مع إيران، وتحدثا فيها للمرة الأولى عن احتمال انتقال إدارة أوباما من التحضير للحل إلى الاستعداد للحرب . وهما تخيلا لذلك حرباً تنشب خلال سنة من الآن تبدأ بشكل محدود ثم تنتهي كحرب إقليمية .
وكان مُثيراً أن يختم تقية وسيمون دراستهما بالكلمات التالية: “إن العالم الذي تخيلناه هنا (أي سيناريو الحرب) قد لايكون قَدَرَاً، لكن سيكون من الصعب الإفلات منه” .
هذه التطورات المتواترة والمتوترة لابد أن تنعكس سلباً على العراق، الذي سيتحوّل إلى حلبة ملاكمة رئيس بين واشنطن وطهران قد تستخدم فيها كل الأسلحة: من الشلّ السياسي المتبادل إلى الإرهاب الأمني المتبادل . وهذا سيكون شبيهاً إلى حد كبير بحروب الصفويين والعثمانيين التي حوّلت العراق إلى أرض الصراع الرئيسة بينهم .
ومثل هذه الأوضاع ستوفّر للولايات المتحدة فرصة ممتازة لتحقيق ما أسميناه، أمس، الخروج من الحرب الأهلية العراقية بهدف إحكام القبضة على النفط والعراق ككل، سواء عبر حلف الأطلسي أو الأمم المتحدة أو كليهما معاً .
وهذا السيناريو موضوع على نار حامية الآن .
Steven Simon, Ray Takeyh: would Obama use force?
(*)Washington Post, August 1, 2010
saad-mehio@hotmail.com
سعد محيو
قلنا بالأمس إن مستقبل الوجود العسكري الأمريكي في العراق، لن يكون نتيجة للاستجابة أو اللااستجابة إلى “المناشدات” العراقية له بالبقاء، بل سيكون مرتبطاً إلى حد كبير بمستقبل الصراع الإقليمي في الشرق الأوسط .
وسنقول اليوم لماذا؟
كما أن أزمة لبنان ارتبطت منذ عام 1969 (ولاتزال) بالصراع العربي- “الإسرائيلي”، كذلك ارتبطت أزمة العراق منذ عام 2004 بالصراع الإيراني- الأمريكي و”الإسرائيلي” . وكما أن لبنان لن يعرف الخلاص النهائي إلا بعد تسوية الأمور مع “إسرائيل”، أو حتى بعد تفكك المشروع الصهيوني، فإن أزمة العراق لن تصل إلى خواتيمها الحقيقية إلا على إثر حل الصراع الإيراني- الأمريكي سلماً أو حرباً .
هذه الحقيقة لا تنفي دور العوامل الداخلية العراقية، بل تعززها ولكن بشكل سلبي . إذ إن هذا الدور موجود، لكن وبسبب تشظي المجتمع العراقي إلى مذاهب وطوائف وعشائر متناحرة، بات بطن الداخل العراقي مفتوحاً أمام كل أنواع المباضع أو الصفقات الخارجية .
الآن، وطالما الصورة على هذا النحو، ينبغي الإطلالة على بلاد العباسيين من النافذتين الإيرانية والأمريكية لمعرفة كلٍ من مستقبل العراق والاحتلال الأمريكي له .
وهنا تشير الدلائل المتوافرة إلى أن التسوية، أو ما سمي “الصفقة الكبرى”، بين طهران وواشنطن تبتعد يوماً بعد يوم، وتحل مكانها فرص المجابهة يوماً بعد يوم .
المؤشر الأول كان ما أوردته مؤسسة واشنطن لدراسات الشرق الأدنى قبل أسبوعين، من أن إدارة أوباما وصلت إلى الاستنتاج بأن العقوبات لن تثني إيران عن مواصلة السعي للحصول على القنبلة، ولذا فهي باتت في وارد استبدال اليد الممدودة بالقبضة الحديدية .
ويبدو أن هذه المعلومات صحيحة . إذ إن بنيامين نتنياهو الذي كان يأتي خلال السنتين الماضيتين إلى واشنطن وهو يصرخ مطالباً بوضع المجابهة مع إيران على رأس الأولويات الأمريكية، التزم في زيارته الأخيرة الصمت، ما دفع المراقبين إلى الاستنتاج بأنه ربما حصل من أوباما على “تطمينات” أرضته .
المؤشر الثاني هو الدراسة التي نشرها الأمريكيان راي تقية وستيفن سيمون (*)، المشهوران بتأييدهما الحماسي المشبوب للصفقة الكبرى مع إيران، وتحدثا فيها للمرة الأولى عن احتمال انتقال إدارة أوباما من التحضير للحل إلى الاستعداد للحرب . وهما تخيلا لذلك حرباً تنشب خلال سنة من الآن تبدأ بشكل محدود ثم تنتهي كحرب إقليمية .
وكان مُثيراً أن يختم تقية وسيمون دراستهما بالكلمات التالية: “إن العالم الذي تخيلناه هنا (أي سيناريو الحرب) قد لايكون قَدَرَاً، لكن سيكون من الصعب الإفلات منه” .
هذه التطورات المتواترة والمتوترة لابد أن تنعكس سلباً على العراق، الذي سيتحوّل إلى حلبة ملاكمة رئيس بين واشنطن وطهران قد تستخدم فيها كل الأسلحة: من الشلّ السياسي المتبادل إلى الإرهاب الأمني المتبادل . وهذا سيكون شبيهاً إلى حد كبير بحروب الصفويين والعثمانيين التي حوّلت العراق إلى أرض الصراع الرئيسة بينهم .
ومثل هذه الأوضاع ستوفّر للولايات المتحدة فرصة ممتازة لتحقيق ما أسميناه، أمس، الخروج من الحرب الأهلية العراقية بهدف إحكام القبضة على النفط والعراق ككل، سواء عبر حلف الأطلسي أو الأمم المتحدة أو كليهما معاً .
وهذا السيناريو موضوع على نار حامية الآن .
Steven Simon, Ray Takeyh: would Obama use force?
(*)Washington Post, August 1, 2010
saad-mehio@hotmail.com
تعليق