أمريكا بين القناعة والعاهة
<table id="table8" style="border-top-width: 0px; border-left-width: 0px; border-collapse: collapse; border-right-width: 0px" bordercolor="#006d31" cellpadding="4" width="94%" border="2"><tr><td style="border-bottom: 1px solid" bgcolor="#c1d552"><p align="center"><b><font face="Simplified Arabic" size="4">أميركا بين القناعة والعاهة / ربيع الحافظ</font></b></p></td></tr><tr><td style="border-right: #006d31 1px solid; border-left: #006d31 1px solid; border-bottom: #006d31 1px solid" bgcolor="#f4f7e6" height="52"><p align="center"><font face="Verdana" size="2"><span style="font-weight: 700">التاريخ:<font color="#ff0000">13/01/1429</font> الموافق <font color="#ff0000"></font>|القراء:174 | <a href="http://www.almokhtsar.com/html/news/1797/10/print_83754.php" target="_blank"><span style="text-decoration: none"><font color="#ff0000">نسخة للطباعة</font></span></a></font /></span></font> | </p><p><font face="Simplified Arabic" size="4">المختصر/ <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: " Simplified="" Arabic??="">الحياة / </span><b><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; color: blue; font-family: simplified arabic">تزدحم شبكة الانترنت بصور الجنود الأميركيين العائدين من العراق والمصابين بعاهات مزمنة، فهذا فاقد عينيه، وذاك قدميه، وثالث أطرافه الأربعة، ورابع انصهرت معالم وجهه وغار أنفه في وجنتيه أواختفت أذناه، وخامس ثبّتت له أطراف صناعية بمسامير فولاذية، وسادس وعاشر وألف بل عشرات الألوف.</span></b></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: " Simplified="" Arabic??="">هذه الصور يتداولها قسمان من الناس بشكل عام: ذوو الضحية في العراق وذوو الجنود الأميركان. ما يريده القسم الأول واضح ولسان حاله يقول: «الظلم مرتعه وخيم» أو «الجزاء من جنس العمل»، أو «انظروا ما فعلته أسلحتكم بفلذات أكبادنا، ها قد أصابكم بعض ما أصابنا». ورب معنىً آخر لاسيما أن جورج بوش كان يظهر في الصور إلى جانب الجندي المقعد، وهو الذي سينصرف عن المشهد السياسي بعد أشهر قلائل ليقضي حياة هادئة في هوايات صيد السمك ولعبة الغولف على ضفاف بحيرة أو في سهول أميركا الغافية أو في مزرعته العامرة، ولن يلتقي مرة أخرى بالجنود البائسين الذين ألقى بهم في أتون الحرب.</span></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><b><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; color: blue; font-family: simplified arabic">ما يستعصي على الأفهام هو ما يريده القسم الثاني الذي تمثله روابط الأمهات الأميركيات اللاتي ينظمن معارض لهذه الصور، كلما حاولت الإجابة عن هذا السؤال اعترضني سؤال آخر هو: هل بقي من يشك بعد خمسة أعوام على احتلال العراق أن الذي أخرج هؤلاء الجنود من بلادهم ومن أحضان أمهاتهم وعشيقاتهم لم يكن سوى حركة استباقية لتأمين إمدادات النفط في القرن الحادي والعشرين ليعودوا لأقوامهم بالكلأ والنار (النفط) والخبز والحليب؟ هل بقي في الدنيا ساذج لا يدرك أن الأمر لم يكن سوى عملية قرصنة اقتصادية (وسياسية)؟</span></b></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: " Simplified="" Arabic??="">الأمر الآخر هو أن ذهاب الشباب الأميركي إلى العراق (أو إلى القرصنة) كان قرار نخبة مع سبق الإصرار، ويؤكد نقاد أميركيون أنه قرار مؤسساتي لا علاقة له بمن يحتل البيت الأبيض، وأن العراق هو المكان الذي رأت النخبة السياسية الأميركية أن يكون فيه الجيش الأميركي، فنحن أمام قرار تتخذه النخب ويصادق عليه المجموع في سلوك مشترك يجسد النمط الأميركي في تدبير القوت.</span></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: " Simplified="" Arabic??="">ارتفاع أصوات الأمهات مع بداية وصول الجثامين والمعوقين في كل مرة (كما في حرب فيتنام) وليس قبلها أو ليس مع صدور قرار الحرب يضعهم أمام مسؤولية أخلاقية. غالبية الأمهات والزوجات والعشيقات وقفن على أرصفة الموانئ قبالة البوارج الحربية التي كانت تستعد للإبحار يحيين المهمة النبيلة التي سيذهب من أجلها الجنود، وتجاهلن أصوات العقل في أميركا التي حذرت من تحالف السياسة/المال الذي تتشكل منه الحكومة الأميركية ومشاريعه التي تدفع العالم نحو الهاوية.</span></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><b><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; color: blue; font-family: simplified arabic">وثمة مسألة أخرى، وهي أن القرصنة بمقاصدها وعواقبها هي مرحلة مهمة في التاريخ الأميركي لا تنفيها أو تتبرأ منها ثقافة المجتمع الأميركي ومناهجه التعليمية، لا بل هي نمط الحياة الاجتماعية وآيديولوجية الدولة في مرحلة التأسيس، ولو أن طفلاً أميركياً طلب منه رسم صورة لقرصان لرسم صورة يتلازم فيها أمران: كنز وإنسان فيه عوَر أو عرَج.</span></b></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: " Simplified="" Arabic??="">«القرصنة والعاهة» هما طرفا معادلة البقاء على قيد الحياة عند الإنسان القديم، الذي يَغير على جنسه من بني الإنسان كلما أحسّ بالجوع أو البرد للظفر بالكلأ والحطب والعودة إلى الصغار بالدفء وما يسد الرمق، والعودة مثخناً بالجراح التي يلامس دماءها قوت الصغار. أي أننا اليوم أمام إنسان قديم في عالم «رقمي» </span><span dir="ltr" style="font-size: 14pt">Digital</span><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: " Simplified="" Arabic??="">، حلّت فيه «الهمر» محل العربة، والعبوة الناسفة التي تزرع على جانب الطريق وتمزق جسده محل السهم.</span></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: " Simplified="" Arabic??="">إدراج المجتمع الأميركي للقرصنة كمحطة على سلمه الاجتماعي هو قبول لمتوالية سلوكية لا أخلاقية ثلاثية: حاجة - قرصنة – عاهة. بلغت هذه المتوالية أجلى صورها في سلوك الأميركي في مرحلة تأسيس أميركا عندما كان يمارس قتل الهندي الأحمر بيده ويسلب مزرعته بيده ويجلب الرقيق الإفريقي بسفينته.</span></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: " Simplified="" Arabic??="">الطفل الأميركي لن يرسم صورة حديثة للقرصان على هيئة مقاتل حليق الرأس مبتور الساق ومجدوع الأنف تتحرك أطرافه بآلات ألكترونية معقدة، والأم ترفض عاهة ابنها، لأن المارينز بحسب الإعلام الأميركي لم يخرج للسلب وإنما لإشاعة الحرية.</span></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><b><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; color: blue; font-family: simplified arabic">من سنن الامبراطوريات أنها تحتاج إلى الحروب لتأمين نفقاتها ونمط عيشها الباهظ، وستكون أميركا في حاجة دائمة لإرسال شبابها إلى حيث يوجد النفط والغاز واليورانيوم وإلى الدخول في حروب مع أصحاب الثروات الحقيقيين.</span></b></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: " Simplified="" Arabic??="">لن نجد للأمهات الأميركيات المنكوبات عزاءً، فقرصان الأمس كان يستأثر بسلبه، وفقد العين أو الساق يبقى ضمن مغامرة محسوبة، أما قرصان اليوم فيعمل لصالح الشركات المتعددة الجنسيات التي يهيمن عليها 2 في المئة من الشعب الأميركي، وهؤلاء هم الذين يتحكمون بالسياسة والإعلام والاقتصاد ويملكون صناعة السلاح وبيدهم قرار الحرب، فلهم المغنم وعلى الجندي الأميركي وأمه المغرم، فلا قيماً أشاع ولا عاد بسلب ولا أبقى على قدميه.</span></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: " Simplified="" Arabic??="">شكوى الأمهات لا يمكن أن تكون من أمرين كلاهما شرّ وكل منهما مسبب للآخر. شكواهن ينبغي أن تتوجه نحو ثقافة الجشع والبطر التي لا تؤمنها سوى الحروب ونهب خيرات الشعوب. على الأم الأميركية أن تدرك أنها أمام خيارين: البطر والعاهة، أو القناعة والسلامة، وأن الجمع بين البطر والسلامة ليس من سنن الحياة.</span></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: " Simplified="" Arabic??="">عندما يدرك الأميركي أن التركيب الاجتماعي الذي وصل به إلى الأرض الجديدة لم يتغير، وأن الأبناء (المهذبين في الداخل) يسلكون سلوك الإنسان البدائي القديم في الخارج لتأمين البنزين الرخيص والخبز، وعندما يدرك أن الذي تغير ليس حياة القرصنة وإنما تقنياتها ومجيء الطائرة التي نقلته من مسرح ذبح الهندي الأحمر على ضفاف المسيسيبي إلى مسرح ذبح العراقي على ضفاف دجلة والفرات، عندما يدرك ذلك ستكون العاهات في نظره نتيجة حتمية لنمط عيش اختاره، فهو الذي هاجر من أجل القوت، وأفنى أصحاب الأرض الأصليين من أجل القوت، وكون أول تجمع بشري على أساس القوت، واليوم يجوب الأرض ويشعل الحروب من أجل القوت بعد أن شحت موارد الأرض الجديدة.</span></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><b><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; color: blue; font-family: simplified arabic">مع اشتداد تنافس إنسان قرن الواحد والعشرين على الماء والكلأ والنار، ستتسارع وتيرة تراجعه إلى نمطية الإنسان القديم، الذي ليس في جسده موضع الا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح، وسيكون للإمبراطورية التي تأسست بطريقة الإنسان القديم، والتي تدافع للبقاء على قيد الحياة بطريقة الإنسان القديم (هيروشيما، ناكازاكي، كوريا، فيتنام، ابتزاز شعوب أميركا اللاتينية، العراق ... إلخ) سيكون لمدن هذه الامبراطورية وشوارعها وميادينها ومشافيها الحظ الأوفر من العاهات</span></b></p></font></p></td></tr></table><br /><br /><a href="http://www.almokhtsar.com/html/news/1797/10/83754.php">http://www.almokhtsar.com/html/news/1797/10/83754.php</a>
<table id="table8" style="border-top-width: 0px; border-left-width: 0px; border-collapse: collapse; border-right-width: 0px" bordercolor="#006d31" cellpadding="4" width="94%" border="2"><tr><td style="border-bottom: 1px solid" bgcolor="#c1d552"><p align="center"><b><font face="Simplified Arabic" size="4">أميركا بين القناعة والعاهة / ربيع الحافظ</font></b></p></td></tr><tr><td style="border-right: #006d31 1px solid; border-left: #006d31 1px solid; border-bottom: #006d31 1px solid" bgcolor="#f4f7e6" height="52"><p align="center"><font face="Verdana" size="2"><span style="font-weight: 700">التاريخ:<font color="#ff0000">13/01/1429</font> الموافق <font color="#ff0000"></font>|القراء:174 | <a href="http://www.almokhtsar.com/html/news/1797/10/print_83754.php" target="_blank"><span style="text-decoration: none"><font color="#ff0000">نسخة للطباعة</font></span></a></font /></span></font> | </p><p><font face="Simplified Arabic" size="4">المختصر/ <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: " Simplified="" Arabic??="">الحياة / </span><b><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; color: blue; font-family: simplified arabic">تزدحم شبكة الانترنت بصور الجنود الأميركيين العائدين من العراق والمصابين بعاهات مزمنة، فهذا فاقد عينيه، وذاك قدميه، وثالث أطرافه الأربعة، ورابع انصهرت معالم وجهه وغار أنفه في وجنتيه أواختفت أذناه، وخامس ثبّتت له أطراف صناعية بمسامير فولاذية، وسادس وعاشر وألف بل عشرات الألوف.</span></b></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: " Simplified="" Arabic??="">هذه الصور يتداولها قسمان من الناس بشكل عام: ذوو الضحية في العراق وذوو الجنود الأميركان. ما يريده القسم الأول واضح ولسان حاله يقول: «الظلم مرتعه وخيم» أو «الجزاء من جنس العمل»، أو «انظروا ما فعلته أسلحتكم بفلذات أكبادنا، ها قد أصابكم بعض ما أصابنا». ورب معنىً آخر لاسيما أن جورج بوش كان يظهر في الصور إلى جانب الجندي المقعد، وهو الذي سينصرف عن المشهد السياسي بعد أشهر قلائل ليقضي حياة هادئة في هوايات صيد السمك ولعبة الغولف على ضفاف بحيرة أو في سهول أميركا الغافية أو في مزرعته العامرة، ولن يلتقي مرة أخرى بالجنود البائسين الذين ألقى بهم في أتون الحرب.</span></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><b><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; color: blue; font-family: simplified arabic">ما يستعصي على الأفهام هو ما يريده القسم الثاني الذي تمثله روابط الأمهات الأميركيات اللاتي ينظمن معارض لهذه الصور، كلما حاولت الإجابة عن هذا السؤال اعترضني سؤال آخر هو: هل بقي من يشك بعد خمسة أعوام على احتلال العراق أن الذي أخرج هؤلاء الجنود من بلادهم ومن أحضان أمهاتهم وعشيقاتهم لم يكن سوى حركة استباقية لتأمين إمدادات النفط في القرن الحادي والعشرين ليعودوا لأقوامهم بالكلأ والنار (النفط) والخبز والحليب؟ هل بقي في الدنيا ساذج لا يدرك أن الأمر لم يكن سوى عملية قرصنة اقتصادية (وسياسية)؟</span></b></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: " Simplified="" Arabic??="">الأمر الآخر هو أن ذهاب الشباب الأميركي إلى العراق (أو إلى القرصنة) كان قرار نخبة مع سبق الإصرار، ويؤكد نقاد أميركيون أنه قرار مؤسساتي لا علاقة له بمن يحتل البيت الأبيض، وأن العراق هو المكان الذي رأت النخبة السياسية الأميركية أن يكون فيه الجيش الأميركي، فنحن أمام قرار تتخذه النخب ويصادق عليه المجموع في سلوك مشترك يجسد النمط الأميركي في تدبير القوت.</span></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: " Simplified="" Arabic??="">ارتفاع أصوات الأمهات مع بداية وصول الجثامين والمعوقين في كل مرة (كما في حرب فيتنام) وليس قبلها أو ليس مع صدور قرار الحرب يضعهم أمام مسؤولية أخلاقية. غالبية الأمهات والزوجات والعشيقات وقفن على أرصفة الموانئ قبالة البوارج الحربية التي كانت تستعد للإبحار يحيين المهمة النبيلة التي سيذهب من أجلها الجنود، وتجاهلن أصوات العقل في أميركا التي حذرت من تحالف السياسة/المال الذي تتشكل منه الحكومة الأميركية ومشاريعه التي تدفع العالم نحو الهاوية.</span></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><b><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; color: blue; font-family: simplified arabic">وثمة مسألة أخرى، وهي أن القرصنة بمقاصدها وعواقبها هي مرحلة مهمة في التاريخ الأميركي لا تنفيها أو تتبرأ منها ثقافة المجتمع الأميركي ومناهجه التعليمية، لا بل هي نمط الحياة الاجتماعية وآيديولوجية الدولة في مرحلة التأسيس، ولو أن طفلاً أميركياً طلب منه رسم صورة لقرصان لرسم صورة يتلازم فيها أمران: كنز وإنسان فيه عوَر أو عرَج.</span></b></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: " Simplified="" Arabic??="">«القرصنة والعاهة» هما طرفا معادلة البقاء على قيد الحياة عند الإنسان القديم، الذي يَغير على جنسه من بني الإنسان كلما أحسّ بالجوع أو البرد للظفر بالكلأ والحطب والعودة إلى الصغار بالدفء وما يسد الرمق، والعودة مثخناً بالجراح التي يلامس دماءها قوت الصغار. أي أننا اليوم أمام إنسان قديم في عالم «رقمي» </span><span dir="ltr" style="font-size: 14pt">Digital</span><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: " Simplified="" Arabic??="">، حلّت فيه «الهمر» محل العربة، والعبوة الناسفة التي تزرع على جانب الطريق وتمزق جسده محل السهم.</span></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: " Simplified="" Arabic??="">إدراج المجتمع الأميركي للقرصنة كمحطة على سلمه الاجتماعي هو قبول لمتوالية سلوكية لا أخلاقية ثلاثية: حاجة - قرصنة – عاهة. بلغت هذه المتوالية أجلى صورها في سلوك الأميركي في مرحلة تأسيس أميركا عندما كان يمارس قتل الهندي الأحمر بيده ويسلب مزرعته بيده ويجلب الرقيق الإفريقي بسفينته.</span></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: " Simplified="" Arabic??="">الطفل الأميركي لن يرسم صورة حديثة للقرصان على هيئة مقاتل حليق الرأس مبتور الساق ومجدوع الأنف تتحرك أطرافه بآلات ألكترونية معقدة، والأم ترفض عاهة ابنها، لأن المارينز بحسب الإعلام الأميركي لم يخرج للسلب وإنما لإشاعة الحرية.</span></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><b><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; color: blue; font-family: simplified arabic">من سنن الامبراطوريات أنها تحتاج إلى الحروب لتأمين نفقاتها ونمط عيشها الباهظ، وستكون أميركا في حاجة دائمة لإرسال شبابها إلى حيث يوجد النفط والغاز واليورانيوم وإلى الدخول في حروب مع أصحاب الثروات الحقيقيين.</span></b></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: " Simplified="" Arabic??="">لن نجد للأمهات الأميركيات المنكوبات عزاءً، فقرصان الأمس كان يستأثر بسلبه، وفقد العين أو الساق يبقى ضمن مغامرة محسوبة، أما قرصان اليوم فيعمل لصالح الشركات المتعددة الجنسيات التي يهيمن عليها 2 في المئة من الشعب الأميركي، وهؤلاء هم الذين يتحكمون بالسياسة والإعلام والاقتصاد ويملكون صناعة السلاح وبيدهم قرار الحرب، فلهم المغنم وعلى الجندي الأميركي وأمه المغرم، فلا قيماً أشاع ولا عاد بسلب ولا أبقى على قدميه.</span></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: " Simplified="" Arabic??="">شكوى الأمهات لا يمكن أن تكون من أمرين كلاهما شرّ وكل منهما مسبب للآخر. شكواهن ينبغي أن تتوجه نحو ثقافة الجشع والبطر التي لا تؤمنها سوى الحروب ونهب خيرات الشعوب. على الأم الأميركية أن تدرك أنها أمام خيارين: البطر والعاهة، أو القناعة والسلامة، وأن الجمع بين البطر والسلامة ليس من سنن الحياة.</span></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; font-family: " Simplified="" Arabic??="">عندما يدرك الأميركي أن التركيب الاجتماعي الذي وصل به إلى الأرض الجديدة لم يتغير، وأن الأبناء (المهذبين في الداخل) يسلكون سلوك الإنسان البدائي القديم في الخارج لتأمين البنزين الرخيص والخبز، وعندما يدرك أن الذي تغير ليس حياة القرصنة وإنما تقنياتها ومجيء الطائرة التي نقلته من مسرح ذبح الهندي الأحمر على ضفاف المسيسيبي إلى مسرح ذبح العراقي على ضفاف دجلة والفرات، عندما يدرك ذلك ستكون العاهات في نظره نتيجة حتمية لنمط عيش اختاره، فهو الذي هاجر من أجل القوت، وأفنى أصحاب الأرض الأصليين من أجل القوت، وكون أول تجمع بشري على أساس القوت، واليوم يجوب الأرض ويشعل الحروب من أجل القوت بعد أن شحت موارد الأرض الجديدة.</span></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 2.85pt 0pt; vertical-align: top"><b><span lang="AR-SA" style="font-size: 14pt; color: blue; font-family: simplified arabic">مع اشتداد تنافس إنسان قرن الواحد والعشرين على الماء والكلأ والنار، ستتسارع وتيرة تراجعه إلى نمطية الإنسان القديم، الذي ليس في جسده موضع الا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح، وسيكون للإمبراطورية التي تأسست بطريقة الإنسان القديم، والتي تدافع للبقاء على قيد الحياة بطريقة الإنسان القديم (هيروشيما، ناكازاكي، كوريا، فيتنام، ابتزاز شعوب أميركا اللاتينية، العراق ... إلخ) سيكون لمدن هذه الامبراطورية وشوارعها وميادينها ومشافيها الحظ الأوفر من العاهات</span></b></p></font></p></td></tr></table><br /><br /><a href="http://www.almokhtsar.com/html/news/1797/10/83754.php">http://www.almokhtsar.com/html/news/1797/10/83754.php</a>
تعليق