في الإسرائيليات
إن المشكلة الرئيسية في موضوع الإسرائيليات، كما أراها، هي شرح الآيات القرآنية التي تشير إلى الأمم السابقة، ومنها بنو إسرائيل، من كتب العهد القديم، أو من الأساطير القديمة، لأن كثيراً ممن دخل الإسلام من أهل الكتاب اجتهدوا في شرح تلك القصص القرآنية الموجزة، التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم للعبرة من سير الأمم الغابرة، انطلاقاً من خلفيتهم الدينية المؤسسة على كتب العهد القديم والتلمود والمشناة والمدراش والهالاخاه وسائر كتب اليهود الدينية. ومن أشهر من قام بذلك في تاريخنا ابن سبأ وكعب الأحبار. ولا أدري، ولا أستطيع الجزم فيما إذا كان ابن سبأ (علماً أني أشك في كونه شخصية حقيقية) وكعب الأحبار وغيرهما كانا ذكرا القصص التوراتية من قبيل التطوع بإيراد المعلومات التي كانا يعرفانها، أو من قبيل الدس. ومهما يكن، فإن شرح القرآن من كتب العهد القديم لا يجوز في جميع الأحوال لأسباب كثيرة جداً أهمها فقدان الإسناد في رواية كتب العهد القديم واستعجام قسم منها عن الفهم وكثرة تناوب الأيدي عليها حذفاً وإقحاماً وتحريفاً، وهذا كله ثابت لدى أصحاب الاختصاص ولا يجادل فيه أحد!
إن كتب العهد القديم مليئة بظاهرة الإقحام (Interpolation). وأكثر ما تكون هذه الظاهرة في إقحام الأسماء، مثل إقحام اسم إسحاق عليه السلام في رواية التضحية (لأن الرواية التوراتية تتحدث عن "ابن وحيد" لإبراهيم، وولادة إسماعيل سابقة على ولادة إسحاق)، ومثل إقحام تلك الشروح لأسماء الأماكن والأشخاص في السياق العام للقصص، وهي الظاهرة المعروفة باسم "الاشتقاق الشعبي"، ومنها القول إن يعقوب عليه السلام سمي "يعقوب" لأنه أمسك بعقب أخيه ... ومنها القول إن يعقوب عليه السلام سمي فيما بعد "إسرائيل" لأنه صارعَ اللهَ وغلبَ اللهَ فسماهُ اللهُ "إسرائيل"! ومنها القول إن مدينة "بابل" سميت هكذا لأن الله "بلبل" فيها ألسنة الناس، بينما الثابت علمياً أن اسم المدينة في اللغة البابلية يعني "باب الآلهة" (باب إلِّيم) [1].
ولمعالجة موضوع الإسرائيليات معالجة شاملة لا بد من قيام لجنة بذلك يكون من بين أعضائها متخصصون في علوم القرآن وعلوم الحديث وعلم التفسير وعلم السير وكذلك في الديانة اليهودية واللغة العبرية وكذلك في الديانة المسيحية وفي اللغات السامية بالإضافة إلى الإغريقية واللاتينية والفارسية (الأبستاقية لغة الأبستاق كتاب زردشت)، لأن الأمر أكثر تعقيداً من أن يستطيع الإتيان عليه عالم واحد مهما علا كعبه في العلم. وإذا افترضنا وجود شخص يلم بهذه العلوم أو بأكثرها، فإنه قد يحتاج إلى خمس وعشرين سنة على الأقل لجمع الإسرائيليات وتبويبها ومعالجتها معالجة علمية جامعة، اللهم إلا إذا تفرغ لذلك وساعده في ذلك فريق من المساعدين الملمين ببعض هذه العلوم!
ـــــــــــــ
[1] اسم مدينة "بابل" مشتق من الأكادية: "باب إلّيم" (= Bāb Ill-īm) أي "باب الآلهة".
إن المشكلة الرئيسية في موضوع الإسرائيليات، كما أراها، هي شرح الآيات القرآنية التي تشير إلى الأمم السابقة، ومنها بنو إسرائيل، من كتب العهد القديم، أو من الأساطير القديمة، لأن كثيراً ممن دخل الإسلام من أهل الكتاب اجتهدوا في شرح تلك القصص القرآنية الموجزة، التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم للعبرة من سير الأمم الغابرة، انطلاقاً من خلفيتهم الدينية المؤسسة على كتب العهد القديم والتلمود والمشناة والمدراش والهالاخاه وسائر كتب اليهود الدينية. ومن أشهر من قام بذلك في تاريخنا ابن سبأ وكعب الأحبار. ولا أدري، ولا أستطيع الجزم فيما إذا كان ابن سبأ (علماً أني أشك في كونه شخصية حقيقية) وكعب الأحبار وغيرهما كانا ذكرا القصص التوراتية من قبيل التطوع بإيراد المعلومات التي كانا يعرفانها، أو من قبيل الدس. ومهما يكن، فإن شرح القرآن من كتب العهد القديم لا يجوز في جميع الأحوال لأسباب كثيرة جداً أهمها فقدان الإسناد في رواية كتب العهد القديم واستعجام قسم منها عن الفهم وكثرة تناوب الأيدي عليها حذفاً وإقحاماً وتحريفاً، وهذا كله ثابت لدى أصحاب الاختصاص ولا يجادل فيه أحد!
إن كتب العهد القديم مليئة بظاهرة الإقحام (Interpolation). وأكثر ما تكون هذه الظاهرة في إقحام الأسماء، مثل إقحام اسم إسحاق عليه السلام في رواية التضحية (لأن الرواية التوراتية تتحدث عن "ابن وحيد" لإبراهيم، وولادة إسماعيل سابقة على ولادة إسحاق)، ومثل إقحام تلك الشروح لأسماء الأماكن والأشخاص في السياق العام للقصص، وهي الظاهرة المعروفة باسم "الاشتقاق الشعبي"، ومنها القول إن يعقوب عليه السلام سمي "يعقوب" لأنه أمسك بعقب أخيه ... ومنها القول إن يعقوب عليه السلام سمي فيما بعد "إسرائيل" لأنه صارعَ اللهَ وغلبَ اللهَ فسماهُ اللهُ "إسرائيل"! ومنها القول إن مدينة "بابل" سميت هكذا لأن الله "بلبل" فيها ألسنة الناس، بينما الثابت علمياً أن اسم المدينة في اللغة البابلية يعني "باب الآلهة" (باب إلِّيم) [1].
ولمعالجة موضوع الإسرائيليات معالجة شاملة لا بد من قيام لجنة بذلك يكون من بين أعضائها متخصصون في علوم القرآن وعلوم الحديث وعلم التفسير وعلم السير وكذلك في الديانة اليهودية واللغة العبرية وكذلك في الديانة المسيحية وفي اللغات السامية بالإضافة إلى الإغريقية واللاتينية والفارسية (الأبستاقية لغة الأبستاق كتاب زردشت)، لأن الأمر أكثر تعقيداً من أن يستطيع الإتيان عليه عالم واحد مهما علا كعبه في العلم. وإذا افترضنا وجود شخص يلم بهذه العلوم أو بأكثرها، فإنه قد يحتاج إلى خمس وعشرين سنة على الأقل لجمع الإسرائيليات وتبويبها ومعالجتها معالجة علمية جامعة، اللهم إلا إذا تفرغ لذلك وساعده في ذلك فريق من المساعدين الملمين ببعض هذه العلوم!
ـــــــــــــ
[1] اسم مدينة "بابل" مشتق من الأكادية: "باب إلّيم" (= Bāb Ill-īm) أي "باب الآلهة".
تعليق