سوريا تُجيد اللّـعب على التناقضات وجنْـي الأربـاح

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد زعل السلوم
    عضو منتسب
    • Oct 2009
    • 746

    #16
    الأخت العزيزة رنا خطيب
    سرني كثيرا تعليقك
    السياسة بطبيعتها رمادية
    لا بيضاء ولا سوداء
    أحيانا فيها أخلاق
    وأحيانا تتحول الى الانتهازية
    والوصولية
    السياسة السورية
    وهذا منتدى مخصص لها -أقصد مجموع المقالات التي أقوم بنشرها-
    تتميز بالفعل بمرونتها
    وان حصلت أخطاء فتسعى للتصحيح على الدوام
    الحياة متغيرة بالنسبة لها
    والزمن لصالحها
    فهي تتميز بنفسها الطويل
    وروحها المتسامحة ان تطلب الأمر التسامح
    هي دولة بامتياز
    وأموية الطابع أي السياسة بامتياز
    أختي العزيزة بالنسبة للمقالات المنقولة
    ففيها آراء صائبة تحتمل الخطأ وآراء خاطئة تحتمل الصواب
    وأنا من النوع الذي يتقبل كافة الآراء ومشاركتها الجميع
    وكل يختار مايعجبه
    ولديه القدرة على المحاكمة
    واختيار ما يناسبه
    وبالحقيقة لدي أكثر من 10 آلاف مقال حول السياسة السورية
    وهو مايكفي لكتابة مجلدات
    وبصراحة لدي 4 كتب كدراسات استراتيجية حول السياسة السورية
    سأنشرها في وقت لاحق على الشابكة
    أما بالنسبة للأوراق التي احترقت
    لا أعتقد أنه في قاموس اللغة السياسية السورية شيء قابل للاحتراق
    بل على العكس
    سورية قادرة وكانت كذلك على استخدام كافة الأوراق
    فليس عندها شيء اسمه أوراق محروقة على الاطلاق
    تحياتي
    محمد زعل السلوم

    تعليق

    • رنا خطيب
      عضو منتسب
      • Jul 2010
      • 42

      #17
      الأستاذ الفاضل محمد زعل السلوم

      اقتبس من ردي: " رغم قابلية احتراق الأوراق التي تملكها سورية "

      فأن لم أقل بأن سورية تعمل بأوراق محروقة..لأن الأوراق المحروقة نفذت صلاحيتها فأصبحت لا تعمل .. وما نلاحظه من تقدم ناجح في نشاطها السياسي و الاقتصادي و انفتاحها الكبير على جميع القنوات يدل على أنها تعمل و بذكاء و حنكة..

      لكن أي سياسة تعلو صوتها و ينخفض تبعا للظروف التي تقف معها أو ضدها.. الأوراق ذاتها كانت بحوزة سورية لكن حجم الضغوط عليها كان كبيرا و خصوصا مع تزايد حجم المؤامرة عليها عربيا و دوليا فكانت هذه الأوراق تقف صامتة بسبب طبيعة الظروف التي كانت تواجهها .

      بكل الأحوال حمى الله بلدنا الغالي سورية و كل بلد عربي و إسلامي من شرور المحتلين و حلفائهم .

      دمت بود
      رنا خطيب
      مترجمة و كاتبة

      http://rana-khateeb.blogspot.com/

      تعليق

      • محمد زعل السلوم
        عضو منتسب
        • Oct 2009
        • 746

        #18
        تحياتي الأخت رنا خطيب
        يسرني اهتمامك بتلك المقالات
        بطبيعة الحال لم أفهم ما تعنيه بقابلية احتراق الأوراق
        هل تقصدين ماحصل عام 2005 بلبنان على سبيل المثال
        أو انقلاب المالكي بالعراق على سورية
        المهم اهتمامك سرني لأبعد الحدود
        ومهما يكن فمجرد اهتمامك وتعليقاتك تسرني
        وتعني لي الكثير
        بأنني استفدت وأفدت
        تحياتي

        تعليق

        • محمد زعل السلوم
          عضو منتسب
          • Oct 2009
          • 746

          #19
          الجولان أو الخسران آخر تحديث:الأربعاء ,07/10/2009




          فيصل جلول

          بعد توقيع اتفاق وقف النار بين سوريا و”إسرائيل” أثناء اجتياح لبنان (1982) لم تقع مجابهة عسكرية مباشرة بين الطرفين. علماً أن وقف القتال تم بعد أن زجت سوريا في معركة البقاع الغربي جزءاً كبيراً من طيرانها الحربي في مجابهة غير متكافئة وتعرضت لخسائر مرتفعة للغاية لكي تحمي قواتها البرية التي تمكنت من وقف الزحف “الإسرائيلي” نحو البقاع الشمالي وبالتالي استكمال احتلال كل لبنان وتطويق دمشق عبر قوس يمتد من جبل الشيخ مروراً بالبقاع وصولاً إلى تخوم حمص. وكانت السيطرة على هذا القوس تعني أن سوريا كلها صارت تحت رحمة المحتل الصهيوني.

          والجدير ذكره أن “إسرائيل” تعرضت لخسائر بشرية مرتفعة في معركة “السلطان يعقوب وبيادر العدس” المحاذية للحدود اللبنانية السورية ومازال مصير عدد من الجنود “الإسرائيليين” مجهولاً منذ ذلك الحين. والراجح أن أرييل شارون وزير الحرب الأسبق الذي كان يخوض المجابهة بنفسه قد أدرك أن معركة البقاع الغربي هي معركة حياة أو موت بالنسبة لسوريا، وأن دمشق مستعدة لتحمل كل الخسائر المتوقعة في حرب مفتوحة وطويلة، ولكنها لن تسلم باحتلال البقاع الأمر الذي أدى إلى وقف النار وتراجع القوات “الإسرائيلية” إلى أطراف البقاع الغربي المحاذية لجنوب لبنان.

          وإذ رسم الرئيس الراحل حافظ الأسد خطاً أحمر للتحرك “الإسرائيلي” في الأراضي اللبنانية عند حدود مشغرة وكف عن المجابهة العسكرية المباشرة مع الكيان الصهيوني، فإن معركة “السلطان يعقوب وبيادر العدس” شكلت منعطفاً في المجابهة غير المباشرة بين الطرفين، ففي ذلك العام ولدت المقاومة الإسلامية اللبنانية وفي ذلك العام اغتيل الرئيس بشير الجميل المنتخب تحت الاحتلال وخرجت منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، وأعيد ترتيب الأوضاع في هذا البلد وفق استراتيجية تقضي بحرمان “إسرائيل” من كل الأفضليات التي حققتها في الحرب المذكورة بل متابعتها إلى ما بعد الحدود اللبنانية، وقد تم ذلك في العام 2000 وتواصل حتى اللحظة مروراً بحرب العام 2006 لتنقلب خريطة المجابهة رأساً على عقب، فبدلاً من أن تطوق القوات الصهيونية دمشق عبر الأراضي اللبنانية في العام 1982 ها هي صواريخ حلفاء سوريا في جنوب لبنان تهدد تل أبيب، ولعل هذا الحال ما كان بوسع أحد تخيله عند توقيع اتفاق وقف النار في العام المذكور.

          وبعد مضي أكثر من ربع قرن على معركة “السلطان يعقوب” مرت في نهر الشرق الأوسط مياه كثيرة، فقد سقط الاتحاد السوفييتي حليف سوريا الاستراتيجي، وطغت القوة الأوحد على العالم، ودمرت العراق واحتلت أراضيه، وخرجت مصر والأردن من الحرب واغتيل ياسر عرفات.. الخ، وظلت سوريا ممراً اجبارياً للسلام، وهي تكاد اليوم أن تكون ممراً اجبارياً للحرب، ذلك أن خلاصة كسينجر الشهيرة: لا سلام في الشرق الأوسط من دون سوريا ولا حرب من دون مصر ما عادت واقعية بعد حرب تموز عام 2006 وحرب غزة عام 2008 وبداية 2009.

          بعد مضي أكثر من ربع قرن على توقيع آخر اتفاق لوقف النار بين سوريا و”إسرائيل” تعود قضية الجولان مجدداً إلى الواجهة لتقول لمن يرغب في هذا العالم إن مصير السلام والحرب في الشرق الأوسط معلق على هذه الهضبة التي لا تتعدى مساحتها ال 1250 كلم مربع.

          بعد مضي أكثر من ربع قرن على تلك المعركة ما عاد بوسع “إسرائيل” طي صفحة الجولان إلا إذا قررت “أن تندم على كل يوم يمر من دون أن توقع السلام مع جيرانها” كما رأى بعد فوات الأوان رئيس وزرائها المنصرف ايهود أولمرت.. إذن الجولان أو الخسران لا أكثر ولا أقل.

          تعليق

          • محمد زعل السلوم
            عضو منتسب
            • Oct 2009
            • 746

            #20
            المتروبول الدمشقي: حين تصبح السياسة أرفع
            هل تستطيع البورجوازية الدمشقية، وهي التي كانت ولا تزال "ام الصبي" في مشروع "الاستقرار" المديد البادئ عام 1970 بقيادة نظام الرئيس حافظ الاسد، هل تستطيع، قبل غيرها، ان تقبل فكرة انتقال العاصمة (الادارية) للجمهورية العربية السورية الى منطقة ابعد نحو الوسط بين بلدة النبك ومدينة حمص كما يقترح المهندس "وضاح صائب" في مقاله الذي نشرناه امس في "قضايا النهار" نقلاً عن صحيفة اسبوعية سورية... وتحت شعار انقاذ مدينة دمشق من ازماتها الناتجة عن توسعها الهائل في العقود المنصرمة وارفقناه بمقدمة سريعة تشير الى ان الروائي الكبير الراحل نجيب محفوظ كان قد اقترح في احدى سنواته الاخيرة – وطبعاً بسبب توسّع القاهرة الخانق جداً - نقل العاصمة المصرية منها الى مدينة جديدة يجري استحداثها.
            الفكرة – الجنين جريئة لا شك ولكن الاهم انها نابضة بالحداثة كمشروع انقاذي لمدينة دمشق، احدى اقدم مدن التاريخ، والمدينة العربية ذات الشخصية الحياتية الثقافية العمرانية التي لا تزال قائمة وسط "الميغا دمشق" المتوسعة بشكل ضخم وفي بعض الاتجاهات بشكل عشوائي.
            واذا كانت فكرة الانتقال نحو الشمال (الغربي) قبل حمص ودائماً على سفوح امتدادات سلسلة جبال لبنان الشرقية هي فكرة طبيعية جداً لان موقع دمشق على الخارطة السورية هو عملياً في اقصى الجنوب الغربي من الكيان السوري فإمكانات الانتقال، اياً يكن شكل هذا الانتقال، الى عاصمة ادارية اخرى، لا يمكن تصوره الا نحو الشمال الاوسط لان الشريط الجنوبي ضيّق جداً (قرب الحدود مع اسرائيل) والجنوب الشرقي (نحو الحدود مع الاردن) اما الشرق فتمتد عليه كما هو معروف الصحراء السورية الكبرى التي تحاذي كل خط المدن التاريخية من دمشق فحمص فحماه فحلب، في حين يتميز الخط الطويل بين دمشق الى ما قبل حمص بقليل بمحاذاته من الغرب لامتدادات سلسلة جبال لبنان الشرقية، المعروفة باسم جبال القلمون.
            دمشق الحالية الكبرى تجمّع باطوني هائل بات يضم بين اربعة ملايين ونصف مليون نسمة وخمسة ملايين نسمة. كل ذلك خلال خمسة عقود انتقلت فيها هذه المدينة من اكثر قليلاً من نصف مليون نسمة الى ما هي عليه الآن حتى ان بعض التقديرات يذهب الى اعتبارها بحوالى ستة ملايين مقيم. كل هذا رغم الجهود الكبيرة التي بذلت وتبذل للاحتفاظ بالحارات والاسواق العثمانية (وحتى المملوكية) المحيطة بالجامع الاموي كما بالامتدادات الكلاسيكية لمرحلة الانتداب الفرنسي وبعض الاحياء الجديدة للاربعينات والخمسينات بما فيها بعض احياء المزة الغربية والشرقية الناشئة منذ الستينات. هكذا حتى مع النجاح النسبي الذي حصل في وقف تآكل الغوطتين الباطوني فإن "الميغا دمشق" باتت متوسعة في الغرب والشمال الغربي (نحو قاسيون) والى الشرق والخط الجنوبي الشرقي (على طرق المخيمات والسيدة زينب) باحجام ضخمة جداً لا يعود معها طرح فكرة نقل العاصمة طرحاً مستهجناً.
            لنستعرض بعض التجارب خلال القرن العشرين من نقل العواصم:
            اسطنبول بقيت دائماً منذ العام 1923 العاصمة الاقتصادية بل تزايدت اهميتها مع الوقت كعاصمة اقتصادية اعلامية ثقافية رغم وجود انقرة العاصمة السياسية للجمهورية منذ البداية. بل حتى ان اسطنبول عانت ايضاً ولا تزال من ضخامة الامتداد الباطوني العشوائي سواء على جهتها الآسيوية التي تعودت استقبال العمال الريفيين المهاجرين من الاناضول (واحياناً النازحين الهاربين قسراً من حروب الجنوب الشرقي) في حين كفّت احياؤها على الجهة الاوروبية عن استقبال نازحي حروب البلقان ثم الحرب مع اليونان في العشرينات من القرن العشرين لتتحول التوسعات على القاطع الاوروبي خارج المدينة القديمة الى شاهد – دافع للازدهار الاقتصادي التركي منذ الثمانينات المنصرمة، وهذا استوجب محاولة "التقاط انفاس" عمرانية لوقف "اختناق" المدينة القديمة العريقة بدأ العمل عليه منذ التسعينات وحقق نجاحات في منطقة "القرن الذهبي" الشهيرة".
            المثال الاسطنبولي يقدم علامتين متناقضتين:
            من جهة هو نموذج لكيفية استمرار مدينة في صدارة البلد رغم انتقال العاصمة السياسية منها الى مدينة اخرى. وهذا عنصر مطمئن بأن صدارة دمشق لن تكون مهددة.
            ولكن من جهة اخرى هي ايضاً نموذج على ان مشاكل التوسع الخانقة يمكن ان تبقى رغم هذا الانتقال للعاصمة السياسية. وهذا يعني ان كونها عاصمة اقتصادية ثقافية تاريخية اعلامية لا يجنبها مخاطر التردي العمراني الخطرة اذا لم ترفق بخطط بنيوية على كل المستويات.
            كذلك ايضاً هناك مثال كراتشي التي لم يؤثر نقل العاصمة السياسية منها الى المدينة الجديدة كلياً اسلام آباد في صدارتها الاقتصادية وحتى الاعلامية والتربوية لباكستان. كذلك لم يجعلها تتلافى مشاكل التوسع الكبيرة. من هنا ربما يصبح المثال "الآمن" اكثر على نقل العاصمة هو المثال البرازيلي او ربما، ولو في سياق مبكر جداً يجعله غير مطروح للمقارنة، المثال الاميركي الذي جعل من واشنطن بدل فيلادلفيا العاصمة السياسية لـ"الاتحاد" وابقى واشنطن حتى اليوم – نسبياً - مدينة "هادئة" رغم انها عاصمة العالم السياسية، في حين ان "نيويورك" هي المدينة الاكبر وحتى اللحظة لا تزال عاصمة العالم الاقتصادية والثقافية.
            • • •
            لا شك ان انتقالاً من هذا النوع سيشكل فرصة إنمائية نوعية لمدن حمص وحماه وحلب. ولربما أمكن التكهن – ولا زلنا في المخيلة – تبعاً للثنائية التاريخية بين دمشق وحلب، ان البورجوازية الحلبية ستجد أيضاً فرصاً أفضل في تعزيز دورها الاقتصادي مع هذا الانتقال نحو الشمال ولو أن الأمر سيبقى في حدود الماية كيلومتر إلى الماية وعشرين كيلومتراً بعيداً عن دمشق اي حوالى ثلث المسافة أو أكثر قليلاً بين دمشق وحلب. لكن ينبغي الانتباه الى أن عهد الرئيس بشار الأسد – بالاختلاف عن عهد الرئيس حافظ الأسد – هو عهد تعزيز "الدور الحلبي" في الاقتصاد كما يلاحظ أكثر من مراقب جدي بالتوازي مع الدور الدمشقي الذي أملت ظروف السبعينات مركزته في عهد الرئيس حافظ الأسد. لكن دعونا هنا نقف عند الاعتبارات الموضوعية لا الذاتية فقط. فإذا كان عهد بشار الأسد بامتياز عهد الانفتاح على تركيا، بل بناء تفاهم استراتيجي مع تركيا بعد طول "عداء بارد" معها أيام والده، أو معظم أيام والده حتى عام 1998 تاريخ إنتهاء الاستخدام السوري للورقة الكردية التركية والمعبر عنه بـ"إتفاق اضنه"... إذا كان عهد بشار هو عهد هذا الانفتاح المتبادل والذي اتخذت فيه الدولة التركية قرارها الاستراتيجي هذا، أي ليس فقط حكومة "حزب العدالة والتنمية" بل المؤسسة العسكرية ايضاً... فإن عودة "صعود" دور حلب، مفتاح الجغرافيا السورية على تركيا، هو أمر طبيعي.
            إلا أنه أيضاً - من باب الاستشراف – سيكون هناك مستفيد آخر من هذا الاتجاه الإنمائي نحو الوسط الغربي. انهما الشمال والبقاع اللبنانيان، اللذان يعانيان من مفاعيل غياب الإنماء المتوازن في السياسات الاقتصادية اللبنانية. فالعاصمة (الادارية) الجديدة ستكون أقرب إلى مرفأ طرابلس. صحيح ان مرفأ طرطوس سيكون المرفأ الاكثر استفادة داخل سوريا يليه مرفأ اللاذقية، ولكن القرب الجغرافي، كما احتمال تجديد الميزات التوسطية اللبنانية يمكن ان يجعلا نهوض المدينة الجديدة فرصة فعلية للمرفأ الطرابلسي كما للريفين الساحلي الشمالي والبقاعي الشمالي.
            يغريني هذا الموضوع كمراقب سياسي لأنه يشعرني بالحصول على فرصة لمناقشة تحديات المستقبل في العلاقات اللبنانية – السورية على مستوى أرفع من اهتمامات السياسة التقليدية، خصوصاً في زمن تتفاقم فيه سياسات "الدويلات الطائفية" التي تبلورت في لبنان تحت صيغة ما آل إليه النظام الطائفي اللبناني، بحيث لا تغيب فقط الاستراتيجية الاقتصادية على المستوى الوطني من الحسابات الفعلية للنخب الأساسية الحاسمة، بل أيضاً ينشأ نوع من الحسابات البدائية – الفئوية في فهم "التنمية".
            إعادة نقل الاهتمام السياسي إلى ما هو أعلى من السياسة القائمة من نوع التفكير بالمستوى التنموي التحديثي للعلاقات اللبنانية السورية، يعطينا فعلاً فرصة لـ"مخيلة" علاقات من منطق القرن الحادي والعشرين ما بعد الحداثي. ففي أوروبا شهد العقدان الأخيران تطور ما تسميه الادبيات الاوروبية "أوروبا المناطق" أي نوع من تكامل المدن بين مناطق أوروبية عابرة للدول يتحقق فيها نمط من تقاسم الوظائف الاقتصادية الصناعية والخدماتية.
            لقد كتبت قبل سنوات بضعة مقالات حول انه يمكن قراءة تاريخ التوترات في العلاقات اللبنانية – السورية بل تاريخ التوترات داخل سوريا من زاوية التخلف التنموي للريف السوري سواء قياساً بالمدن السورية وتحديداً دمشق أو قياساً بلبنان وتحديداً بيروت.
            وأي نظرة واسعة الأفق لـ"استقرار" لبنان، لا سوريا فقط، آن الأوان لكي تعتمد على مشاريع استراتيجية تقلب السياق الذي سيطر على تاريخنا الاجتماعي السياسي الحديث في المنطقة كلها الى عكسه: فبدل ترييف المدن، الانتقال عميقاً إلى تحديث بالمعنى غير المسبوق الذي يمكن أن يشكل النقاش الدمشقي احدى نُواه المبدعة.
            جهاد الزين
            jihad.elzein@annahar.com.

            تعليق

            • محمد زعل السلوم
              عضو منتسب
              • Oct 2009
              • 746

              #21
              تخلّت سوريا عن علاوي... فهل تقبل المالكي ؟
              يعرف العراقيون والسوريون والايرانيون كما ابناء المنطقة كلها، فضلاً عن الجهات الاقليمية والدولية المعنية، ان اختلافاً حصل او على الاقل تبايناً بين القيادة السياسية السورية العليا والقيادة السياسية – الدينية العليا في الجمهورية الاسلامية الايرانية في الموقف من الانتخابات التشريعية في العراق قبل إجرائها، واستمر او ربما تفاقم بعد النتائج التي اسفرت عنها. فدمشق ايدت منذ البداية "القائمة العراقية" بعد قرارها خوض الانتخابات، كما ايدت وصول زعيمها اياد علاوي الى رئاسة الحكومة في حال فوزها.
              واسباب هذا التأييد كثيرة ومتنوعة. منها اقترابه من النظام الحاكم في سوريا بسبب عاملين. اولهما، بعثيته السابقة. وثانيهما، علمانيته او بالاحرى ابتعاده عن الطائفية والمذهبية. واقترابه من العربية السعودية. وسوريا، وبعد مبادرة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز الى مصالحتها، تمكنت من تحقيق مكاسب مهمة في لبنان او من استعادة مكاسب مهمة. ولم يكن ذلك ممكناً لو استمرت القطيعة او شبه القطيعة بين الدولتين الشقيقتين. وهي تسعى الى استعادة كل مكاسبها اللبنانية السابقة. كما تسعى الى الافادة من السعودية في العراق تلافياً لتحوّله جرماً يدور في فلك ايران، ورغبة منها في اكتساب نفوذ سياسي دائم فيه، عجزت عن تحقيقه منذ عقود عدة رغم تنوع الانظمة التي تعاقبت على حكمها وتناقضها، وذلك بسبب رفض عربي عام وخليجي خاص، وكذلك بسبب رفض دولي وخصوصاً اميركي وكذلك اسرائيلي. لذلك كله قررت دمشق تأييد "مرشح" مدعوم من السعودية، ومقبول منها هي حرصاً منها على استمرار العلاقة الطيبة معها وعلى جني الفوائد المهمة من هذه العلاقة.
              ويعرف العراقيون والسوريون والايرانيون كما ابناء المنطقة كلها فضلاً عن الجهات الدولية – الاقليمية المعنية ان النظام في ايران رفض علاوي وسدَّ طريق وصوله الى رئاسة الحكومة. وعمل على توحيد الطرفين الشيعيين المتنافسين رغم تحالفهما معه لأنهما يشكلان غالبية، ولأنهما بصفتهما هذه قادران على تأليف حكومة جديدة. ونجح في ذلك شكلاً. لكنه عملياً لا يزال يواجه صعوبات بسبب الخلافات الشخصية الحادة بين اركان الطرفين، وبسبب تناقض المصالح والطموحات داخل كل منهما وبين قادتهما وداخل قيادة كل منهما. وبسبب كل ذلك لا يزال العراق من دون حكومة عاملة رغم انقضاء قرابة ستة اشهر على الانتخابات، الامر الذي اقلق العراقيين ودول الجوار وحتى اميركا والمجتمع الدولي. ذلك ان الفراغ السياسي بدأ يواكبه فراغ عسكري وربما امني او على الاقل انحسار امني وعسكري بعد تنفيذ اميركا المرحلة قبل النهائية من انسحابها العسكري من العراق. وبدأ يواكب الفراغ ايضاً تصعيد للإرهاب وتوجيه له بحيث يعيد اشاعة مناخات ملائمة لمعاودة الحرب الاهلية وربما المذهبية بين العراقيين.
              هل يتفق الاطراف المتنافسون بحدة في العراق على الموضوع الحكومي؟ وهل يستمر الخلاف السوري – الايراني حول الموضوع نفسه؟ وهل تستطيع الولايات المتحدة القيام بأي دور ايجابي على هذا الصعيد؟
              لا يستطيع احد انكار حقيقة ان العراقيين، ورغم تأثر بعضهم بالسعودية وبعضهم الآخر بسوريا وبعضهم الثالث بايران، تصرفوا احياناً كثيرة اثناء ازمتهم الحكومية المستمرة انطلاقاً من "وطنية" عراقية او انتماء عراقي وكذلك من مصالح شخصية. وقد ساهم ذلك في احباط جهود الدول المذكورة لإيجاد حل. لكن لا يستطيع احد ايضاً انكار امور اخرى سيكون لها دور في حل الازمة. منها الضغط الاميركي على الجميع للتفاهم تلافياً للحرب التي تؤذيهم كلهم. والتمسك الايراني بالخطوط العريضة لتسوية حكومية ملائمة لها. وعجز السعودية عن فرض التسوية التي تريد للأزمة الحكومية. ونجاح ايران الاسلامية وسوريا بشار الاسد في التوصل الى تفاهم نتيجة لقاءات ومشاورات عدة ربما ليس على التسوية الحكومية في ذاتها بل على آلية التعاطي مع الأزمة بغية ايجاد حل لها. وهذا التفاهم يؤكد حصوله قريبون من طهران ودمشق في بيروت ولا ينفيه قريبون من الرياض، رغم انهم يحاولون اعطاء تفسيرات لبعض مضمونه لا تتوافق مع هذا المضمون. وقد لفت هؤلاء الى ان "سوريا كانت تتعاطف مع السنة في العراق وتدعم بعض مقاومتهم للاحتلال"، والى ان "ايران كانت تدعم الفصائل الشيعية على اختلافها، كما كانت لها علاقة مع بعض السنّة وخصوصاً الاسلاميين". وقالوا ان "دمشق ابلغت الى ايران اثناء انتخابات العراق انها تدعم علاوي، وانها اتفقت على ذلك مع السعودية، وان لها فيه حصة تراوح بين 15 و18 في المئة، في حين ان البقية هي لاميركا". وقالوا ايضاً: "ما حصل بعد ذلك معروف. حصل الاختلاف ووقعت الازمة بعد فوز علاوي بغالبية نائبين، فحصلت مشاورات بين طهران ودمشق اثمرت تفاهماً من شقين. الاول، لزوم تشاور البلدين في كل موضوع عراقي وخصوصاً الانتخابات والمواقع ومنها رئاسة الحكومة. ووجوب اتفاقهما على كل ذلك وعلى ان يكون لكل منهما حق "الفيتو" الامر الذي يلزمهما التشاور. اما الشق الثاني، فهو ابعاد علاوي عن رئاسة الحكومة، والبحث في اسماء اخرى لهذا الموضوع منها عادل عبد المهدي والجعفري ونوري المالكي. لم تقبل سوريا المالكي لأنه اتهمها علانية وغير مرة بالمسؤولية عن الإرهاب في العراق. لكنها اكدت انها يمكن ان تقبله رئيساً للحكومة "على مضض" اذا ارادته ايران. اما اذا وضعت "فيتو" عليه فسيستبعد".
              ويبدو استناداً الى القريبين انفسهم من دمشق وطهران والرياض في بيروت ان هذا التفاهم لا يزال سارياً. لكنه لم يصل بعد الى النهاية السعيدة. فهل يصل اليها؟
              سركيس نعوم
              sarkis.naoum@annahar.com.lb

              تعليق

              • محمد زعل السلوم
                عضو منتسب
                • Oct 2009
                • 746

                #22
                مع أن طيّ الاتهام السياسي بدأ عملياً مع زيارة دمشق
                حديث الحريري أثار تحفظات في التوقيت والمضمون
                أثار الحديث الصحافي الذي ادلى به رئيس الحكومة سعد الحريري مطلع هذا الاسبوع ارباكا وبلبلة على مستويات سياسية وديبلوماسية عدة. وقد أخذ هذا الارتباك، والبعض يقول الانزعاج، ابعاداً كبيرة، في ظل تفسيرات وتأويلات لما ورد في الحديث الذي اعتبر البعض انه كان مقصودا بكل التعابير التي وردت فيه، في حين يقول البعض ان التأويل ذهب ابعد من المقصود ولو ان هذا المقصود في ذاته صعب قبوله من حيث المبدأ لاعتبارات كثيرة. ويدرج متابعون سياسيون وقانونيون كثر هذا الحديث الذي تناول فيه ما اعتبره اتهاما سياسيا لسوريا في اطار سعيه الى ترتيب الامور مع دمشق واقفال ملف الصراع بين البلدين. وقد اعطى إدلاؤه بهذا الحديث الى صحيفة سعودية بعداً يتصل بهذا الامر في ضوء العلاقات السورية السعودية الجديدة. الا ان هناك تحفظات كثيرة سجلها هؤلاء على مقاربة الحريري لهذا الموضوع كما على مقاربته ما يسمى "شهود الزور"، بدليل الأبعاد والتفسيرات التي أُعطيت لتناوله هاتين النقطتين. وهذه التحفظات تتناول التوقيت كما المضمون.
                ففي موضوع الخطأ في الاتهام السياسي لسوريا هناك من اعتبر ان الحريري وضع وراءه هذا الاتهام منذ أن قرر زيارة سوريا، ولا يفترض أن يكون ثمة جديد في الموقف المعلن في هذا الاطار. الا ان الكلام على الخطأ، والذي انتقل فيه حلفاء سوريا الى مرحلة جديدة في اتجاه مطالبة الحريري باعتذار منها يعني، او يفترض انه يعني، المغالاة التي رافقت التعبير عن مرحلة وليس الاعتذار عن الانتفاضة التي حصلت، اذ ان الاتهام السياسي لم يكن اتهاماً عشوائياً، او حتى مبنيا على ما يسميه البعض شهود زور بل كان مبنيا على ظروف ومعطيات كانت قائمة لفترة طويلة من الزمن، وربما لثلاثين سنة من الاحتقان في شأن الوجود السوري. والظروف التي ادت الى توجيه اصابع الاتهام الى سوريا في ذلك الوقت كانت ايضا نتيجة الاوضاع التي سبقت اغتيال الرئيس رفيق الحريري وما تعرض له شخصيا من اهانة مع الشعب والنواب اللبنانيين قبيل التمديد قسراً للرئيس السابق اميل لحود. فما حصل لم يكن افتراء على علاقة كانت في الأصل طيبة مع سوريا بل انعكاساً لمرحلة كانت شديدة التوتر تدير سوريا فيها الوضع اللبناني وحفلت بالكثير من التجاوزات والاخطاء، وردّ الفعل الفوري بعد الاغتيال بني على ذلك. فالخطأ قد يكون حصل في التمادي في الكلام والاتهام او في بعض الشعارات. ويعتقد البعض ان ما فُهم من كلام الحريري، حتى لو قصد المعنى الاخير، هو انه يعتذر عن الانتفاضة وعن التغيير الذي ادى الى خروج القوات السورية من لبنان وعن كل المسار الذي بدأ في 2005، علما انه لا يزال يقول في كل مواقفه انه يتمسك بلبنان أولاً وبما تحقق من تحسن في العلاقة من دولة الى دولة بين لبنان وسوريا.
                ويذهب بعض آخر الى القول ان اغلاق الملف مع سوريا لا يفترض ان يعطي الحريري الحق بامتلاك حق البراءة او الادانة، اذ ان الاصول تعني انه لا يعرف لا بالادانة ولا بالبراءة، ومن السابق لاوانه القول بأي من الاحتمالين قبل اشهر افتراضيا على صدور القرار الظني، فمثل هذا الموقف يمكن ان يصدر بعد القرار الظني في الوقت المناسب وفي الشكل والحجم المناسبين.
                في موضوع ما يسمى "شهود الزور"، فان ثمة تحفظات اكثر عما قاله الحريري في هذا الشأن نتيجة مغالطات قانونية وسياسية، اذ ان التسمية خاطئة في الاساس، لان لا وجود لشهود زور ما لم يدلوا بشهادتهم فعلا امام المحكمة وكانت شهادتهم خاطئة. اضافة الى ان مجلس الوزراء كلّف وزير العدل ابرهيم نجار ليس في البحث في مضمون هذه القضية بل في الشكل، لان وزارة العدل لا يمكن ان تدخل في الموضوع في انتظار احد امرين: إما القرار الظني الذي يقول بأن المحكمة لم تأخذ بشهادات هؤلاء، او انها كانت شهادات خاطئة، او مستند رسمي خطي موقع من المدعي العام للمحكمة ومن رئيس المحكمة يقول بذلك. وعندئذ فقط يمكن القضاء اللبناني ان يضع يده على الموضوع والتصرف، علماً ان اي شهادة تكون بلا قيمة او شهادة زور اذا تبين لهذا القضاء ان الضباط الاربعة قد اوقفوا بناء على شهادة هؤلاء الذين يسمون شهود زور وليس بناء على اي ادلة او وثائق اخرى. وتقول مصادر قريبة من الرئيس الحريري انه يعتبر شخصياً انه كان هناك تضليل وتشويش على التحقيق ولاحقا على المحكمة منذ الساعات الاولى التي تلت عملية الاغتيال. وكثر كانوا على خط هذا التضليل لجهة الضغط لاخذ التحقيق في اتجاهات مختلفة وغير صحيحة ولاهداف صغيرة او كبيرة. وهو يدرك انه اذا كان لبنان يملك او يعرف مقدار واحد في المئة مما جرى في هذا الاطار فإن لجنة التحقيق تعرف 99 في المئة من محاولات التضليل. وتاليا هناك الكثير من الصحة في الكلام على محاولات التضليل لكن الاطار الذي اتى فيه كلامه بدا متبنيا لما يمكن ان يساهم في تحويل مسار التحقيق لكي يدخل هذا الاخير في متاهات جديدة حتى اذا لم تأخذ المحكمة بهذا الموقف تكون قد سقطت في الامتحان وقد مست صدقيتها.
                وهناك من يعتبر ان موقف الحريري من "شهود الزور" قد يكون جزءاً من شروط اللقاء الذي يفترض ان يحصل بينه وبين الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله كما كان الموقف من سوريا جزءا من ترتيب العلاقات معها. لكن في الامر الاول تفسيراً لمراجعة ايديولوجية لمرحلة ولانتفاضة عنت استعادة استقلال البلد وسيادته، وفي الامر الثاني اعطاء ورقة مسبقاً لا بل اعطاء آخر ورقة حتى قبل انعقاد اللقاء الاول بينه وبين السيد نصرالله. وفي وقت يعتقد البعض ان مواقف اخرى قد توضح ما ذهب اليه تحديدا وتزيل الالتباسات، يرى كثر وجوب ان يوضح الحريري مغزى كلامه، في حين يعتقد كثر آخرون ان استباق الامور قبل القرار الظني ليس في مصلحة المحكمة.
                روزانا بومنصف
                rosana.boumounsef@annahar.com.lb

                تعليق

                • محمد زعل السلوم
                  عضو منتسب
                  • Oct 2009
                  • 746

                  #23
                  اجتماع وشيك في دمشق يمهّد لدخان أبيض في بغداد

                  المالكي خلال مؤتمر صحافي الشهر الماضي (صافين حامد - أ ف ب )ظهرت على مدى اليومين الماضيين إشارات تُبشّر بدخان أبيض وشيك فوق بغداد، إيذاناً باتفاق على رئيس جديد للحكومة، تجمع المعلومات على أنه الحاكم القديم نفسه، نوري المالكي، الذي حظي أخيراً بقبول الأطراف الشيعية كافة، ولو على مضض، لترشحه، بعدما تقاطعت عنده المصالح الأميركية والإيرانية، وسلّمت به القوى الإقليمية، عدا السعودية التي سعت إلى عرقلة وصوله حتى اللحظة الأخيرة من خلال تحريض الداخل العراقي عليه

                  إيلي شلهوب
                  تفيد المعلومات الواردة من أكثر من جهة معنية بملف تأليف الحكومة العراقية بأن الأطراف الداخلية والقوى الإقليمية توافقت على تسوية، وضعت اللمسات الأخيرة عليها الاثنين الماضي، ونقطة الانطلاق لعملية إخراجها ستبدأ بعد أيام قليلة من عيد الفطر، باستقبال الرئيس السوري بشار الأسد لوفد من «دولة القانون»، للمرة الأولى علناً منذ الانتخابات العامة العراقية قبل نحو سبعة أشهر. وكان هذا الاجتماع مقرراً بعد ظهر الثلاثاء، لكنه أرجئ إلى ما بعد العيد لأسباب لوجستية.
                  وتفيد مصادر من شركاء السر في المفاوضات العراقية بأن «عقد هذا الاجتماع يعدّ حاسماً لتنفيذ الاتفاق. أي تطور يطرأ عليه، يعني أن هناك مشكلة استجدّت تستوجب جولة جديدة من الجهود»، وتضيف «لقد باركت سوريا الاتفاق. في النهاية، هي لاعب رئيسي في العراق، وقد أخذت على عاتقها رعاية سنّة هذا البلد وضمان حقوقهم، فكيف بالأحرى تمثيلهم في الحكومة المقبلة؟».
                  بعد ذلك، يعقد التحالف الوطني العراقي بأعضائه الـ159 اجتماعاً يترشح فيه من يرغب لرئاسة الحكومة، على أن يُختار الفائز بغالبية الأصوات» المضمونة باتفاق مسبق للمالكي بين مكونات هذا التحالف»، علماً بأن هناك من يرجّح انسحاب عادل عبد المهدي من السباق، الذي يبدو شكلياً أكثر منه عملية اختيار لمرشح التحالف. انسحاب هيّأ أجواءه عبد المهدي شخصياً عندما أعرب علناً عن استعداده لخطوة كهذه قبل يومين.
                  ومعروف أنّ المشكلة الرئيسة داخل البيت الشيعي التي عرقلت الاتفاق على رئيس حكومة، خلال الفترة الماضية، كانت تصلُّب السيد مقتدى الصدر في رفضه للمالكي، بل حتى تملّصه من اتفاق موقّع مع دولة القانون في هذا الشأن.
                  لكن جهود الأسابيع الثلاثة الماضية و«المساعي الحميدة» التي شاركت فيها أكثر من جهة شيعية نافذة على المستوى الإقليمي، والضغوط التي مورست على مقتدى الصدر من جهات عديدة، بينها المرجعيات الشيعية، تحت عنوان أنّ «تصرفاته تهدد المصالح الاستراتيجية للشيعة في العراق والمنطقة»، قد أثمرت قبولاً صدرياً، انضمت إليه باقي مكونات الإئتلاف الموحّد، بمبدأ التجديد لنوري المالكي. ورغم التعتيم الذي تفرضه الشخصيات المطّلعة على هذا الاتفاق، على قلّتها، إلا أنّ المصادر تقاطعت على أنّ الاتفاق حصل على مجموعة من المبادئ، في مقدمتها وحدة الصف الشيعي، وأن يكون رئيس الحكومة العراقية المقبل حصراً من التحالف الوطني، وعلى قاعدة أن توزَّع المناصب بين مكوّنَيه، دولة القانون والائتلاف الموحد، على أساس أنّ من يأخذ منهما رئاسة الحكومة لا يحظى بأيّ من المناصب السيادية الأخرى والعكس صحيح (وهو ما حصل عندما اختير المالكي في ولايته الأولى) للحؤول دون الاستئثار بالسلطة، وعلى أن يكون رئيس الوزراء هذا شيعياً إسلامياً كي لا يُقال إن الإسلاميين فشلوا في الحكم.
                  أما بالنسبة إلى مقتدى الصدر، فقد حصل على وعود بالحصول على امتيازات وحصة أكبر من التي يستحقها تياره وفق النتائج الانتخابية التي حققها، كما حصل على «ضمانات بعدم استئثار المالكي بالسلطة». ومن المقرَّر أن تؤلّف لجنة مشتركة من التيار الصدري ودولة القانون، خلال الأيام القليلة المقبلة، بالتوازي مع بحث توزيع المقاعد الحكومية، من أجل الخروج بميثاق شرف أو وثيقة شراكة وطنية بين الجانبين، على ما تفيد المصادر نفسها.
                  مصادر من الدائرة الضيقة المحيطة بالمالكي أكدت حصول الاتفاق بالطريقة التي بيّناها في ما سبق، مشيرة إلى «أن هذا لا يعني أن دولة القانون لن تحظى سوى برئاسة الوزراء، لكن سيُعمل على إرضاء التيار الصدري بحصة مهمة». وأضافت أن «مسألة الحصص كانت القضية التي استغرقت الوقت الأكبر من الجهود. على سبيل المثال، طالب الصدريون بوزارة الداخلية، فقلنا مستحيل، كثير من الأطراف لن تقبل، في مقدمتهم الأكراد. الوزارات الأمنية يجب أن تُعطى لشخصيات يرضى عنها الجميع». وأوضحت، في ما يتعلق باللقاء الذي كان مقرراً الثلاثاء مع الأسد، فقد «أرجئ إلى ما بعد العيد بسبب تضارب في جدول مواعيد الجانبين».
                  في المقابل، فإن مصادر قريبة من المجلس الأعلى تنفي اكتمال الاتفاق، موضحة أن «كل ما جرى توافق مبدئي على مبدأ تقاسم السلطة ضمن التحالف على قاعد رئاسة الوزراء لمكوّن والمناصب للمكوّن الآخر»، وتضيف «العقدة في آلية انتخاب رئيس الوزراء ضمن التحالف. دولة القانون تطالب بأن يكون الفائز من يحصل على تأييد النصف زائداً واحداً، فيما يصرّ الائتلاف الموحد على الإجماع أو تأييد 80 في المئة في الحد الأدنى».
                  وفي السياق، كشفت مصادر من شركاء السر في هذا الاتفاق أن مقتدى الصدر أبلغ عادل عبد المهدي أن «لا مانع لديه في تولّيه رئاسة الحكومة شرط أن يحظى بموافقة دولة القانون وإيران على هذا الترشح الذي يجب أن يُبتّ ضمن الائتلاف لا في مجلس النواب، وقد أمهله 10 أيام لتحقيق ذلك»، تنتهي مع حلول العيد، اليوم. وتضيف «غير أنّ عبد المهدي يحاول تمديد هذه المدة لأسبوع أو أكثر، لكن لا يبدو أن هذا سيحظى بموافقة الصدر. وتؤكد المصادر نفسها أن هناك إجماعاً في صفوف الائتلاف والجهات التي تقف خلفه على ضرورة الحؤول دون أن تتولى القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي أي حقيبة أمنية في الحكومة المقبلة.
                  ويبدو أنّ الرهان الأخير لعلاوي لتحقيق حلمه بإعادة انتخابه رئيساً للوزراء، على ما تؤكد مصادر على علاقة مع أكثر من عاصمة إقليمية معنية بالملف العراقي، كان على الزيارة الأخيرة للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للدوحة. هناك، في العاصمة القطرية، بادر أمير البلاد الشيخ حمد إلى مفاتحة الضيف الإيراني سائلاً عن فرص الموافقة على إياد علاوي تحت عنوان أنه يمثّل مدخلاً إلى المصالحة العربية مع العراق أو على الأقل إيجاد بديل من المالكي. جواب الرئيس الإيراني جاء، بحسب هذه المصادر، «حاسماً. رئيس الوزراء المقبل لا بد أن يكون من التحالف الوطني».
                  وتؤكد المصادر نفسها أنّ «جميع الأطراف العراقية والإقليمية المعنية قد أُبلغت من الجهات صاحبة المونة عليها باسم المالكي رئيساً للحكومة المقبلة». وتضيف أن «الأمور وصلت إلى حدّ أن نائب الرئيس الأميركي جوزف بايدن أبلغ رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، رداً على تشكيك الأخير في إمكان اقتناع علاوي بالانسحاب، ما مفاده أن: الحل عند السي آي إيه (وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية). إذا لم يقتنع، فإن الوكالة ستتولى هذه المهمة».
                  وتشدّد هذه المصادر، رداً على سؤال عمّا إذا كان التوافق على المالكي هو تكريس لشراكة أميركية ـــــ إيرانية في العراق، أنّ «أياً من الطرفين لم يكن لديه اعتراض على المالكي منذ البداية. صحيح أن كلاً منهما كان لديه مرشح يفضّله على المالكي، لكنهما لم يعارضاه يوماً. كان الأميركي لا يمانع توليه رئاسة الحكومة، لكن وفق تركيبة تجعل الشيعة ضعفاء. لقد سعوا منذ البداية إلى تركيب ائتلاف يجمع المالكي وعلاوي والأكراد. ما حصل هو أن الطرف المقابل، الإيراني ـــــ الشيعي، نجح في ضمان وصول المالكي وفق تركيبة الشيعة هم فيها المكوّن الأساس، والحاكم الفعلي الممسك بزمام السلطة، بوجود شريك كردي وآخر من العراقية».
                  وتلفت هذه المصادر إلى أن «السعودية تبدو المشاكس الوحيد هنا. لقد زارها عدد من الوفود العراقية الأسبوع الماضي، بطلب من الرياض، وحاول السعوديون أن يحرّضوا الزوار العراقيين للانقلاب على هذا الاتفاق. حتى الآن يبدو أن هذا التحريض لم يؤت ثماره».
                  شخصية عراقية مرموقة امتلكت من الخبث وخفة الدم ما مكّنها من أن تقول «إنه الإعجاز عن حق. الكل يجمع على الشخصية التي يرفضها الجميع في الداخل والخارج. نجح المالكي في فرض نفسه ضرورة على كل الأطراف. ليس واضحاً نجاحه بذلك بسبب صفاته الاستثنائية، أم لغياب البديل القوي».
                  مصادر عليمة بشؤون النجف وشجونها ترى أن «هذا الالتفاف من المراجع والأطراف الشيعية النافذة على مستوى المنطقة حول المالكي ينبع من كونه أثبت أنّه الشخصية الأقوى في الشارع الشيعي. يا رجل، حصل وحده على 89 مقعداً. كان سيحصل الأمر نفسه مع أي شخصية أخرى تحقق هذه النتائج. في النهاية لا يمكنك خوض سباق إلا بحصان قوي. هي القوة نفسها التي جعلت إيران تخوض معركة المالكي رغم تحفظاتها الكثيرة على أدائه خلال ترؤسه للحكومة السابقة. تراه الشخصية التي يمكن من خلالها مواجهة التحديات المقبلة».
                  أما الولايات المتحدة، فترى، بحسب مصادر متابعة، في المالكي «الخيار الأسهل. كل همّها في الوقت الراهن استكمال الانسحاب وتطبيق الاتفاقية الأمنية التي وقّعتها مع المالكي. ومن أقدر منه على تنفيذها؟ يمتلك كل مقوّمات الحكم بأجهزته التنفيذية والأمنية، في النهاية الحكم استمرارية، يضمنها المالكي في الوقت الراهن».

                  ❞الصدر حصل على ضمانات بعدم استئثار المالكي بالسلطة ❝الأوساط المقرّبة من المالكي ترى أن «المشكلة الأساسية بالنسبة إلى الإيرانيين أمنية بالدرجة الأولى، وتنحصر في تيار أساسي داخل القائمة العراقية شعاره الوقوف في وجه طهران التي كان همّها طوال الفترة الماضية الحؤول دون وصول القائمة العراقية إلى رئاسة الحكومة أو الحقائب الأمنية. تخيّل كياناً سياسياً معادياً على الحدود الإيرانية، هذا يهدد الوضع الاستراتيجي الإيراني». وأضافت «قد لا يكون إياد علاوي من هذا التيار، لكنه تيار قوي قدّم تعهدات لدول إقليمية بمحاربة إيران والوقوف في وجهها إذا ما استطاع بلوغ السلطة. بل أكثر من ذلك، لقد طالبت شخصيات من هذا التيار بإعادة الاعتبار إلى البعث ووقف اجتثاثه، وإطلاق سراح كل السجناء، حتى المحكومين منهم بالإرهاب، واعتبار (الرئيس العراقي السابق) صدام حسين شهيداً». وتابعت «نُدرك أن كل الضغوط التي مارسها الإيرانيون من أجل ضمان بقاء المالكي، لم تكن حباً به. كذلك الأمر بالنسبة إلى الأميركيين».



                  --------------------------------------------------------------------------------

                  عُطَري يكسر القطيعة

                  في إشارة جديدة إلى قرب إعلان الاتفاق على التجديد لنوري المالكي لولاية حكومية ثانية، تلقّى رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته، أمس، اتصالاً هاتفياً من نظيره السوري محمد ناجي عطري، وذلك للمرة الأولى منذ القطيعة بين البلدين، الصيف الماضي. وأوضح بيان حكومي عراقي أنّ «المالكي تلقّى اتصالاً من رئيس الوزراء السوري محمد عطري، بحثا خلاله العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وسبل تطويرها على الصعيدين السياسي والاقتصادي». وأكّد الجانبان «ضرورة العمل خلال المرحلة المقبلة على تنمية علاقات البلدين بما يحقق المصالح العليا للشعبين». وكانت علاقة المالكي بدمشق قد شهدت أسوأ أزمة في الصيف الماضي، عندما اتّهمت الحكومة العراقية، سوريا، بإيواء مخطّطي سلسلة تفجيرات عنيفة ضربت بغداد.
                  (أ ف ب)



                  عدد الجمعة ١٠ أيلول ٢٠١٠ | شارك

                  تعليق

                  • محمد زعل السلوم
                    عضو منتسب
                    • Oct 2009
                    • 746

                    #24
                    اللبنانيون في دائرة الانفعال السلبي والإيجابي آخر تحديث:الجمعة ,10/09/2010




                    سليمان تقي الدين


                    لم يقرر المعسكران السياسيان في لبنان وقف النزاع بينهما والانصراف إلى معالجة المشكلات السياسية والاجتماعية في الحوار وداخل المؤسسات . الهدنة المفروضة نتيجة التفاهم السوري السعودي تضع سقفاً للنزاعات، خاصة الأمنية، لكنها لم تنتج تسوية جديدة متكاملة تعالج عناصر التدخل الدولي الأخرى، وفي مقدمتها المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وما يمكن أن يؤدي إليه قرارها الاتهامي .



                    التوازن الحالي في لبنان بعد اتفاق “الدوحة” الذي تلا أحداث مايو/ أيار 2008 يقوم على احتفاظ فريق 8 آذار بقوته الميدانية، أي بالسلاح وبشرعيته وبتطويع جزء من مؤسسات الدولة لذلك .



                    أما فريق 14 آذار فهو يحكم مفاصل السلطة التنفيذية والمسار الاقتصادي للبلد مع تشريع بعض المؤسسات الأمنية التابعة له . يحاول الفريقان احتواء الدولة كلها عبر مسار سياسي لتعزيز وتطوير التحالفات والنشاط والعلاقات، في انتظار تفاعلات الوضع الإقليمي الذي يقرر أي محور يغلب أو ترجح قوته أو خياراته . عندها يستأنف الفريقان اللبنانيان هجومهما لتغيير المعادلة في الخيارات السياسية ربما بصورة سلمية، وربما بصورة عنيفة تفترض حدوداً من الصدامات أو الانتكاسات الأمنية .



                    حتى هذه اللحظة قامت التسوية السورية السعودية على حفظ مصالح الطرفين وممثليهما ورموزهما رغم التغيير السياسي النسبي الذي حصل لمصلحة سوريا ودورها الشامل في لبنان . في مكان ما تحافظ سوريا على حلفائها وتزيدهم ولكنها تحتوي الطرف الآخر وتسعى لكي ينضوي في المناخ العام الذي تهمين عليه أمنياً وسياسياً . يذهب اللبنانيون غالباً أبعد مما يمكن لهم أن يقرروا فيه، يرفعون شعارات كبيرة ويطلقون وعوداً خطيرة، لكنهم يصطدمون بالسقف العربي ويفسرونه، أحياناً كثيرة، وفق رغباتهم لا وفق المصالح الفعلية والوقائع الموضوعية، الفارق الجوهري في موقع كل من الأطراف اللبنانية ومواقع الدول ومصالحها وأساليب ووسائل عملها . يستنتج اللبنانيون انقلابات في التحالفات والعلاقات الإقليمية من لحظات تمايز بسيطة أو من دبلوماسية معينة . يسقطون أوهامهم وتخيلاتهم على العلاقات الدولية المحكومة باعتبارات المصالح والحسابات المعقدة والمركّبة .



                    يستنتج البعض من جو التفاوض الإقليمي حتمية التسوية أو رضوخ هذا الطرف أو ذاك لشروط الآخر . الأمور أعقد من ذلك بكثير، وليست الدول بحاجة إلى هذا المستوى من التحريض السياسي واستقطاب الجمهور الذي يمارسه الفرقاء السياسيون في بلد مفتوح كلبنان .



                    أخطأ ويخطئ من يعتقد أن العلاقات السورية الإيرانية من النوع الذي تحكمه بعض الاختلافات الظرفية في المصالح تجاه بعض الملفات . كما يخطئ من يعتقد أن سوريا لا تحسب حساب الفوضى في لبنان، أو أنها في لحظة استعادة نفوذها الإقليمي ودورها لا تستوعب مصالح الآخرين ولا تراهن على الشرعية اللبنانية بكافة أطرافها . قيل الكثير عن سيناريوهات الانقلاب السياسي في لبنان، وسعت إليه جديّاً بعض الأطراف في محاولة التعامل مع تداعيات قرار المحكمة الدولية أو استباق القرار . السرعة التي يتصرف بها الفرقاء والسياسيون هنا لا تتفق مع التوقيت الإقليمي والدولي، وكذلك الأولويات التي عند اللبنانيين عن تلك التي لدى الدول . هناك ملفات متشابكة تمتد من المتوسط حتى وسط آسيا يجب أن تتداخل عناصر التعامل معها وحلها، بينما يعتقد اللبنانيون أن قضاياهم وحدها تشغل العالم . هناك قضايا لبنانية خرجت عن سلطة الداخل بإرادة القوى السياسية أم بغير إرادتها لكنها تستخدمها في الخطاب السياسي في شكل هزلي أحياناً . هذه سلوكيات لا تقتصر على طرف واحد . فلا تحرير القدس ولا المواجهة مع “إسرائيل” أو الحرب أو السلام ولا معالجة مسألة السلاح والمحكمة الدولية والقرار 1701 يمكن حسمها هنا . لم نعتد بعد على إيجاد المسافات اللازمة بين تلك القضايا ومسألة معالجة شؤون الدولة ومؤسساتها وحاجات الناس ومشاكلهم .



                    لم نملك أدوات التعامل مع المشكلات لحلها . لم نطور مؤسساتنا الأمنية لنتحدث عن دور الدولة في الدفاع الوطني والأمني الداخلي . لم ننزع الصفة “المقاطعجية” عن الإدارة وسياسة المحاصصة الطائفية، ولم نبن مؤسسات الرقابة والمحاسبة، لكي نستطيع معالجة المرافق الحيوية برؤية وطنية وبأسلوب جذري .



                    السياسة اللبنانية في حال من الفصام بين انتظار الحلول الخارجية وبين ادعاء التصدي لهذه الحلول . أما المتيسر من الإنجازات والأعمال فهو رهينة مصالح فئوية متنافرة . المشكل الأساس أن المواقف لا تصدر عن حسابات لبنانية عامة، بل عن مواقع سياسية ذات حسابات سياسية مناطقية وطائفية . ما هو مشترك بين الناس وما يجب أن يحظى باجتماع الرأي في الخدمات والأمن السياسي والاجتماعي يتحول في لعبة الاستثمار السياسي إلى قضايا خلافية . فعلاً لا يستطيع اللبنانيون أن يحكموا أنفسهم أو يديروا شؤونهم وفق معايير الدولة الحديثة . هناك شيء استثنائي هو أن القوى السياسية أشبه بجاليات للقوى الإقليمية، وهي لا تخضع لضغوط المجتمع اللبناني وحاجاته، بل إلى ضغوط وحاجات دوائر نفوذها ومواقعها . يُعيل الخارج قسماً مهماً من المجتمع اللبناني، لا سيما النخب السياسية في جميع الأطراف . السياسية تحولت في لبنان إلى مهنة واسعة الانتشار لها أجهزتها ومؤسساتها ومتفرغوها وحاجاتهم، وهذه تختلف عن حاجات الناس العاديين . عندما نتحدث عن ظاهرة التسلح في لبنان فإننا نتخيّل حجم الأموال التي تستهلكها، أما الإعلام فهو استثمار خاسر على الصعيد المادي، فكيف بمؤسسات الرعاية الاجتماعية الأهلية الطائفية، حيث مليارات الدولارات تنفق هنا من مصادر مختلفة وتعطل نوابض المجتمع وضغوط الفئات الخارجة عن نظام السيطرة وشبكات هذه المصالح .



                    لبنان مجتمع استثنائي، أي غير سوي وغير طبيعي، لذا هو ينتج ظاهرات إيجابية أو سلبية استثنائية . الانفتاح غير المقيد بأية ضوابط قانونية يجعل من هذا البلد حالة فريدة على الانتظام في منطق الاستقرار إلا حين تنعقد التسوية الدولية حوله، ويتولى طرف واحد تنفيذها، على ما في ذلك من استبداد السلطة غير المراقبة . تتهدد لبنان اليوم تحديات كبيرة في مناخ التسوية غير المؤكدة أو في مناخات النزاعات المحتملة . ليس في الداخل اللبناني من يستطيع أن يضع تصوراً مشتركاً للتعامل مع التطورات . الارتجال السياسي سمة من سمات القوى التي لا تملك التأثير في العنصر الإقليمي المهيمن .

                    تعليق

                    • محمد زعل السلوم
                      عضو منتسب
                      • Oct 2009
                      • 746

                      #25
                      لأن لا حلّ لمشكلة السلاح إلا بتحقيق السلام أو بتفاهم مع سوريا وإيران
                      الحكومة مطالَبة بتوحيد موقفها من أولويات الناس

                      ترى أوساط سياسية واقتصادية أنه كما أصبحت جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وكشف مرتكبيها ومعاقبتهم، من مسؤولية المحكمة ذات الطابع الدولي، فان السلاح غير الشرعي سواء في لبنان أو في غير لبنان ينبغي ان تكون معالجته وايجاد حل له من مسؤولية الدول التي تتولى التسليح والتمويل كسبيل الى التخلص منه وجعل السلاح حصراً بالسلطة الشرعية من دون سواها لتصبح قادرة على حفظ الأمن والنظام وتطبيق القوانين على الجميع، فلا يبقى أحد فوقها مستقوياً بسلاحه.
                      الواقع إن السلاح الذي جاء من سوريا وغير سوريا وأشعل أحداث 1958 انتهى دوره مع انتخاب اللواء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية فكان عهده عهد أمن واستقرار. وعندما دخل المسلحون الفلسطينيون الى لبنان من سوريا ومن غير سوريا وتسلح اللاجئون الفلسطينيون في المخيمات، كان الرد على ذلك بتسلح اللبنانيين المناهضين لهؤلاء من شرق وغرب وحتى من اسرائيل ليصبح لبنان ساحة لحروب الآخرين. وانتهت وظيفة هذا السلاح بتوقف الدول المعنية عن مدّ الفلسطينيين واللبنانيين به وتمويل حروبهم، واخضاع لبنان لوصاية سورية دامت 30 عاماً بعدما اخرجت المسلحين الفلسطينيين من لبنان الى تونس، وضبطت كل سلاح يمتلكه أفراد أو أحزاب أو تنظيمات، وكان حكم الوصاية كافياً لردع أي مخالف.
                      وعندما واجهت الدولة سلاح "حزب الله" وبقايا سلاح المنظمات الفلسيطنية بدت عاجزة عن ايجاد حل له، بل كادت اذا ما تصدت له ان تشعل حرباً اهلية لأن لهذا السلاح وظيفة وطنية مقدسة هي تحرير الأرض اللبنانية من الاحتلال الاسرائيلي والتصدي لخطر أي عدوان يقع على لبنان، ولم تنفع لا القرارات الدولية ولا قرارات هيئة الحوار الوطني في ايجاد حل لمشكلة السلاح خارج الدولة لأن هذا السلاح له امتداد اقليمي ولا حلّ له إلا إذا توقفت الدول المعنية عن تصديره الى الاحزاب والتنظيمات في لبنان، وتمويل تسليحها ليس لمواجهة اسرائيل فحسب بل لمواجهة المشاريع والمخططات الاسرائيلية والاميركية وغيرها من المخططات التي تعتبرها هذه الدول مشبوهة وينبغي محاربتها واسقاطها، لا بل محاربة كل سلطة وكل حزب وكل قوة سياسية تساند هذه المخططات.
                      لذلك لا جدوى من انشغال السلطة اللبنانية وحتى بعض المجتمع العربي والمجتمع الدولي بالبحث عن الوسائل المجدية للتخلص من السلاح غير الشرعي لأن شرعيته مستمدة من الدول التي تمد بالمال والسلاح، وهذه الدول هي وحدها تستطيع المعالجة، وهي تحديداً سوريا وايران، فإيران ترسل الأسلحة الى "حزب الله" والى غيره بمختلف أنواعها وأحجامها بدعوى التصدي لاسرائيل وتحرير الأراضي المحتلة وبالتالي التصدي لكل المشاريع والمخططات التي تعتبرها مشبوهة وليست في مصلحة المنطقة، وسوريا التي تسمح بمرور هذه الأسلحة عبر أراضيها الى لبنان.
                      لذلك، لا حلّ لمشكلة السلاح خارج الدولة لا في مجلس الوزراء ولا في هيئة الحوار الوطني ولا حتى في انسحاب اسرائيل من باقي الاراضي اللبنانية التي تحتلها والعودة الى اتفاق الهدنة لأن لهذا السلاح دوراً آخر، له علاقة بالتطورات الاقليمية والدولية وبالأوضاع الداخلية في لبنان بدليل ان حامليه بعد ان رفضوا بشدّة طلب التخلي عنه بقرارات دولية ومحلية ورفضوا حتى وضع استخدام هذا السلاح بأمرة الدولة لجعل الأمرة واحدة في استخدامه في الزمان والمكان المناسبين لأن الأمرة عليه هي لمن يعطي ولمن يموّل... فلا جدوى إذاً من انشغال السلطة اللبنانية في معالجة موضوع شائك يفوق قدرتها على المعالجة، انما الانصراف الى شؤون الناس والاهتمام بأولوياتهم في تأمين الكهرباء والمياه والتعليم والطبابة والاستشفاء وتحقيق العدالة الاجتماعية، فعندما تنجح الدولة في تحقيق كل ذلك فإنها تجعل الناس يثقون بها ويدافعون عنها ويعيشون بأمن وأمان وراحة بال، والبلاد تنعم بالهدوء والاستقرار وهو ما يحد من هجرة الشباب، لا بل بجعل من هاجر أو تهجّر لأسباب شتى يعود اليه، ولتترك الدولة لغيرها معالجة الملفات الشائكة ومنها على الأخص ملف السلاح غير الشرعي وهي معالجة تتم بسلوك أحد المسالك الآتية:
                      أولاً: انتظار تحقيق السلام الشامل في المنطقة بحيث تنتفي مع تحقيقه أسباب حمل السلاح سواء كان بهدف التحرير أو غيره من الأهداف، لأن الدول التي تمد به حامليه تتوقف عن ذلك عندما يحقق لها السلام أهدافها ومطالبها.
                      ثانياً: أن توافق إيران على وقف مدّ الأحزاب والتنظيمات بالأسلحة وتمويل نشاطاتها لقاء التوصل الى تفاهم معها سواء على برنامجها النووي أو على دور محوري في المنطقة تطمح اليه. وما لم يتم التوصل الى هذا التفاهم، فان إيران ستظل تمول وتسلّح من تريد من الأحزاب والتنظيمات من جنسيات وهيئات مختلفة الى أن تحقق أهدافها...
                      ثالثاً: أن توافق سوريا على منع مرور الأسلحة الى لبنان وغير لبنان عبر أراضيها، وهذا يتطلب استجابة مطالب سورية سواء في لبنان أو في المنطقة من دون أن يسبب ذلك انفكاكاً لها عن إيران خصوصاً ما دامت إيران تمتلك قدرة التصدي ومواجهة خصومها كما تفعل حتى الآن.
                      لا حلّ إذاً لمشكلة السلاح خارج الشرعية في كل دولة في المنطقة، إلاّ بتحقيق سلام شامل أو بالتفاهم مع إيران أو مع سوريا أو مع كليهما لأن ايران هي التي تمسك بأوراق الضغط وسوريا التي تمسك بجزء منها قد لا تكون مستعدة لخوض مغامرة الابتعاد عنها ومواجهة التداعيات.

                      اميل خوري
                      emile.khoury@annahar.com.lb

                      تعليق

                      يعمل...
                      X