تأملات في صفقة الأسرى الأخيرة
[align=justify]ترسخ صفقة تبادل الأسرى الأخيرة، التي أطلق فيها سراح 1027 أسير عربي مقابل أسير يهودي واحد، مبدأ رسخته إسرائيل في الصفقات السابقة وتجتهد كثيرا في ترسيخه على الدوام، ألا وهو أن قيمة الانسان اليهودي الواحد أكثر من قيمة ألف انسان عربي .. ولقد ركزت وكالات الإعلام العالمية كثيرا على هذه النقطة في تعاطيها مع الخبر عن إتمام صفقة التبادل .. ولقد قرأت هذه الصباح أخبار الصفقة في الصحف العالمية، فانزعجت كثيرا من الإمعان في التركيز على قيمة العربي مقارنة بقيمة اليهودي.
وترسيخ هذه الحقيقة، حقيقة أن قيمة الانسان اليهودي، في الوقع، أغلى من قيمة ألف انسان عربي، ليس إنجازا يهوديا، بل إنجاز عربي بامتياز، ذلك أن الأنظمة القومية (الناصرية والبعثية) التي عرفها العالم العربي هي التي جعلت قيمة ألف انسان عربي أقل من قيمة الانسان اليهودي الواحد، بل هي التي جعلت من قيمة الانسان العربي أقل من قيمة علبة سردين فاسدة. ولن يحترم أحد في العالم مواطنين يعتبرههم حكامهم "جرذانا" و"جراثيم" فقط لأنهم طالبوا بحقوقهم المشروعة .. ولن يقيم أحد في العالم اعتبارا لمواطنين يعتبرهم بعض المثقفين وأشباه المثقفين "حميرا" و"كلابا" فقط لأنهم طالبوا بحقوقهم الطبيعية أيضا .. ولن يقدر أحد في العالم مواطنين يعتبرهم نبيحةُ الأنظمة القمعية خونة فقط لأنهم يطالبون بحقوقهم الآدمية أيضا .. فالاحترام يفرضه الشخص على الآخر، وهو ـ أي احترام الذات ـ غير موجود على الإطلاق .. ومن يهن يسهل الهوان عليه كما قال شاعر العرب.
لذلك ينبغي وقف الاسطوانة المشروخة، أسطوانة المقاومة والممانعة التي حررت ألف أسير عربي بأسير يهودي واحد .. فألف لعنة على مقاومة وممانعة تجعلان من قيمة الانسان اليهودي الواحد أكثر من قيمة ألف انسان عربي .. ولا بد للعرب أن يتوقفوا عن ممارسة رذيلة الكذب التي زرعتها فيهم وسائل إعلام الأنظمة القومية .. لا بد لهم عن التوقف عن اعتبار الهزائم المنكرة التي ابتلي العرب بها نصرا مجيدا .. لا بد من التوقف عن اعتبار هذا الإذلال لهم أمام العالم عزا وكرامة .. لا بد لهم من التأمل مليا في أسباب النصر والعزة والكرامة الحقيقية، ذلك أن قيمة العربية الحقيقة اليوم في ميزان الأمم، لا شيء على الإطلاق، وأن للنصر والعزة والكرامة أسبابا غير ما يدعيه خريجو الكباريهات السياسية العربية.
[/align]
تعليق