بسم الله الرحمن الرحيم
جاء في القرآن الكريم {وَقَالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً}. وقد تكررت هذه العبارة في أكثر مِن موضع بصيغة الجمع (أساطير)، ولم يأتِ لها مفرد في القرآن. وقد ذكر اللغويون لها أكثر مِن صيغة للمفرد مِن بينها كلمة (أسطورة)، ومنهم مَن جعلها صيغة جمع الجمع. وقد تعامل اللغويون مع هذه الكلمة تعاملاً عربيًّا محضًا ولم يقع في كلامهم ما يشير إلى عجمتها.
على أن هناك مَن نفى عروبة هذه الكلمة، وذهب إلى أنها دخيلة في اللغة العربية وأن أصلها يرجع إلى اللغة اليونانية. نعم سبق وزعم نولدكه أن العرب أخذوا الكلمة من الآرامية، وادَّعى آرثر جفري أن وقوع هذه الكلمة في النقوش اليمنية كان بتأثير من اللغة الفهلوية التي أخذتها بدورها عن الآرامية. إلا أن هذه الدعاوى لم تَخرج عن إطار الأسرة السامية نظرًا لوقوع هذا الجذر اللغوي في اللغة الأكادية التي هي أقدم لغات الأسرة تدوينًا.
لكن هناك دعوى أخرى مختلفة في تأثيل هذه الكلمة، لعل أول ظهور لها بالعربية كان في كتاب (تفسير الألفاظ الدخيلة في اللغة العربية) للقس طوبيا العنيسي الحلبي اللبناني، والمطبوع بمكتبة العرب بمصر سنة 1932، أن هذه الكلمة يونانية الأصل:
«أساطير ـــــ يوناني istoria معناه أخبار تاريخية، وقد استعملها العرب بمعنى خرافات وحكايات» (ص3).
وهي دعوى قديمة في الغرب، وقد ذكرها ألُويس شبرنجر في القرن التاسع عشر في كتابه (حياة محمد).
وسأحاول في السطور التالية أن أتناول هذه المسألة من الناحية اللغوية من باب الفائدة لي ولغيري. والله الموفق.
تعليق