سلامُ الله عليكم
حذاقة أهل الصِّين
أَهلُ الصِّينِ مِن أحْذقِ خَلقِ اللهِ كَفًّا بنقْشٍ وصِناعةٍ وكُلِّ عَملٍ لا يَـقْدُمُهم فيهِ أَحدٌ مِن سَائرِ الأُممِ. والرَّجُلُ مِنهم يَصْنعُ بِيدِهِ ما يُـقدِّرُ أَنَّ غـيرَهُ يعجِزُ عَنهُ فيقْـصِدُ بهِ بَابَ الملِكِ يلتمِسُ الجزاءَ على لَطيفِ ما ابتدَعَ. فيأمُرُ الملِكُ بِنَصْبِهِ على بابِهِ مِن وقتِهِ ذلك إلى سنَةٍ. فإنْ لم يُخرِجْ أحدٌ فيه عيْبًا جازاهُ وأَدْخلَهُ في جُملةِ صُنَّاعِهِ وإنْ أُخْرِجَ فيه عيْبٌ اطَّرَحَهُ ولم يُجازِهِ. وإنَّ رَجُلاً مِنهم صوَّرَ سُنْبُلةً عليها عُصفورٌ في ثَوبِ حَريرٍ لا يَشُكُّ النَّاظرُ إليها أنَّها سُنبُلةٌ وأنَّ عُصفورًا عليها. فبقيَتْ مُدَّةً ثمَّ اجتازَ بها رَجُلٌ أَحْدَبٌ فَعابَها. فأُدْخِلَ إلى مَلِكِ ذلك البَلدِ وحَضرَ صَانِعُها. فسُئِلَ الأحْدَبُ عن العيْبِ فقالَ: الـمُتعارَفُ عند النَّاسِ جمَيعًا أنَّهُ لا يَقعُ عصفورٌ على سُنبلَةٍ إلاَّ أمالَها. وإنَّ هذا الـمُصوِّرَ صَوَّرَ السُّنبُلةَ قَائمةً لا مَيْلَ لها وأثْبَتَ العُصفورَ فَوْقَها مُنتَصِبًا فأخْطَأَ. فصُدِّقَ ولم يُثَبْ صَانِعَها بشيءٍ. (سلسلة التَّواريخ)
**********
عبد الرَّؤوف
تعليق