خلفيات عن قصة المدرسة الإنجليزية في السودان وهل هي قصة تسمية دب أم قصة تسمية كلب
<TABLE borderColor=#000000 cellSpacing=2 borderColorDark=#000000 cellPadding=2 width="100%" bgColor=#f3f3f3 borderColorLight=#f0f0f0 border=0><TBODY><TR><TD>كيف تختلق الاحابيل: هل اطلاق اسم محمد على دب من القش هو كل الحقيقة؟
د. خديجة صفوت
<TABLE borderColor=#000000 cellSpacing=0 borderColorDark=#000000 cellPadding=0 width="100%" bgColor=#f3f3f3 borderColorLight=#f0f0f0 border=0><TBODY><TR><TD>في الساعة الثالثة فجر الثلاثاء 27 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007 سمعت خبرا مفاده ان السلطات السودانية اعتقلت مدرسة بمدرسة الاتحاد العليا في الخرطوم اطلقت على كلبها اسم محمد. ولأن من عاداتي الرديئة ترك المذياع مفتوحا فتختلط احلامي ـ ان نمت ـ بالاخبار ـ سمعت الخبر مرة ثانية ـ وربما ثالثة ـ دون تغيير. الا انه ما ان حلت ساعة الاخبار الصباحية المباركة حتى تحول الخبر الى ان مدرسة انكليزية طلبت من التلاميذ في فصلها ان يختاروا اسما لدب دمية تيدي بير فاختار واحد منهم واسمه محمد اسم محمد للدب . وعلى الهاتف مع احد المحررين للـ بي بي سي قال لي احدهم ان طفلا عمره 14 عاما مستعد لان يشهد لصالح المدرسة كونه هو الذي اختار الاسم. هذا رغم ان اعمار تلاميذ الفصل الذي تدرسه تلك المدرسة لا تتعدي 6 الى 7 سنوات. ولعل ذلك ما حدا بالمسؤولين عن انتاج واخراج القصة البديلة ان يعدلوا الرواية فبات الطفل الذي اختار اسما للدب عمره 7 سنوات واسمه محمد.
ولم تلبث البي بي سي ان نشرت قصة خبر المدرسة جيليان غيبونز Gillian Gibbons وعمرها 54 عاما وتعمل بالسودان على شبكة المعلومات داعية المستمعين والمشاهدين الى الادلاء بآرائهم حول قضية ايداعها السجن بانتظار البت في امرها. ولم تلبث العرائض الاليكترونية ان راحت تترى مطالبة بانقاذ السيدة جيليان غيبونز من تهمة اثارة الكراهية والاساءة للاسلام وعدم احترام معتقدات الاخرين وعقوبتها 40 جلدة او السجن 6 اشهر او غرامة كبيرة. ومع نشرة اخبار الخميس على الواحدة بعد الظهر لم تعد تذكر عقوبة الغرامة او السجن وباتت العقوبة الجلد 40 مرة.
وحتى عندما لم تكن قد اتهمت بشيء بعد وقد اكد بيان المسؤول الصحافي في السفارة السودانية مرارا أن القصة التي اطلقتها وسائل الاعلام مضخمة ولا حاجة لاطلاق العنان للخيال الا ان اسوأ اشكال الوحشية الاسلامية بقي ماثلا بالتكرار. ومع ذلك فقد كانت السفارة السودانية قد صادقت على قصة الاعلام دون ان تدحضها ربما رغبة من الحكومة السودانية في الحفاظ على ما بقي من حسن التعامل مع وعدم الدخول في مواجهة مع الحكومة البريطانية.
وكنت أرسلت رسالة الكيترونية للبي بي سي ذكرت فيها انني وابنتي وامي وجدتي درسنا في تلك المدرسة وكان والد جدتي ضابطا في الجيش المصري بالسودان على عهد الفتح التركي الاول تحت قيادة كيتشنر. كانت قوات الفتح التركي ـ المصري قد عسكرت بمنطقة البحر الاحمر تحاصر الثورة المهدية من الشرق لتعود مجددا مع قوات الفتح الثاني. والمدرسة قديمة انشأها الاكليروس الانجيلي الانكليزي في السودان لابناء الجالية الانكليزية وأبناء الجاليات الاجنبية الاخرى ممن جاء السودان مع جيش محمد علي في 1821 ـ 1885. ولعلها اغلقت اثناء الثورة المهدية وافتتحت مرة اخري بعد 15 عاما مع التركيبة الثانية اي الحكم الثنائي في 1898. وكانت المدرسة تضم المراحل الاولية الي الثانوية حيث تتخرج التلميذة بشهادة اكسفورد الثانوية. وبالقاعة الرئيسية حيث يصلي التلاميذ كل صباح ان يحفظ الله الملك ثم الملكة توجد صورة كبيرة للطالبات القدامي ومن بينهن جدتي وامي. والمدرسة خاصة ويجند لها افضل المدرسات والمدرسين وكان معظمهم مدرب علي التلقين الاستعماري لغسل ادمغة الاطفال والشباب. وكانت وما تبرح باهظة المصروفات ولا يحتمل اي كان الحاق بناته وابنائه بها.
المهم اتصلت بي اذاعة البي بي سي العالمية الخامسة مساء الثلاثاء واستضافتني مع احد الائمة الآسيويين ثم اتصلت اذاعة راديو 5 في الثانية عشرة مساء الثلاثاء مع احد اعضاء مركز رمضان، ثم اتصل بي ركن اسيا بالبي بي سي السابعة صباح الاربعاء. ولم يتوقف واحد من مقدمي البرامح المذكورة او مقدماته عند قولي انني سمعت انها اطلقت علي كلبها اسم محمد الا بما معناه ضمنا تجاوز قولي سريعا الي المهم. الا ان الضيف القادم من مركز رمضان قال ان ثمة قصصا تدور حول هذه الحادثة ولا يعرف احد ما حدث بالضبط . وليس ذلك غريبا فالاخبار تلفق حسب الطلب. ففي احدي تنويعات الخبر المذكور ذكر ان الحكومة السودانية منحت الطلبة عطلة ابتداء من الاثنين منعا للصدامات التي قد تندلع جراء ما فعلته تلك السيدة. واتصلت بالسودان. ولم يسمع احد بالحكاية ولم تنشر صحيفة شيئا عنها ولا اذاعت الاذاعات او القنوات الفضائية خبرا بهذا الشكل حتي صباح الاربعاء.
ولعل من المفيد ذكر حقيقة ان الاخبار لا تحرر وحسب وانما تنشر انتقاء وتفرد لها ساعة او اخري حسبما يراد لها من ذيوع وتكرر او لا تذكر الا مرة واحدة وكأنها جملة اعتراضية زائدة عن الحاجة. ونتيجة عادتي في مراقبة الاخبار لم اعد اري اي غرابة. فقد اذيع مثلا خبر في نفس يوم الثلاثاء بشأن القبض في مكان ما لعله الشرق الاقصي او في احدي جزر الباهاما علي امرأة انكليزية بتهمة تهريب 4 كليوغرامات من المخدرات. ولم يتكرر الخبر مرة واحدة اخري علي الاطلاق. فلا غرو ان تتحور قصة او خبر او لا يذاع مرة اخري وكانه لم يحدث مع ساعات الليل والنهار. ولدي بحث طويل عريض بتلك الثقافة التي تتعين علي ذكر الحقيقة في ساعة لا مباركة وتعدل عنها عند الصباح وكأنها شهرزاد.
وقياسا لا اميل الي تصديق ان احد اولياء امور تلميذ يتقدم بشكوي للسلطات جراء تسمية دب محمد. اولا لان اولياء امور اولئك الاطفال يسعون الي تربية ابنائهم علي الطريقة الغربية وقد باتت مدرسة الاتحاد العليا مدرسة عالمية. وثانيا ان استيعاب وتثقيف اولئك الاطفال في صيغ ثقافية مثل التيدي بير وباربي حري بان يلقي قبولا بل استحسانا لدي بعض اولياء الامور المذكورين وقد يتباهي بعضهم بان ابنه او ابنته لا يجيد العربية وانه لا يحب الملوخية ولا يعرف الطعمية ناهيك عن ملاح الخضرة لانه يستحب ويعيش علي الكريسبس والبيرغر. وادرك من بحث اجريته علي مدارس مشابهة انتشرت في الخرطوم وتلقي رواجا بين الطبقات الوسيطة الجديدة ومحدثي نعمة العولمة ان تكل الذهنية شائعة ويربي الاطفال علي مفاهيم وتقاليد او لا تقاليد عولمية قد تعلم الطفل عدم احترام كل ما هو مألوف ومقدس في مجتمعاتنا. ولا اعتقد ان السيدة جيليان الآتية من ليفربول هاربة من علاقة زوجية فاشلة الي كل مكان في العواصم العربية ان مثل تلك المدرسة غير مطالبة غالبا بالتفريق بين قيمنا وثقافتنا وبين ما حملته معها مما يضرب اطنابه في الغرب باسم التحضر وما بعد الحداثة والا كيف تقع في مثل ذلك الخطأ المميت وهو تسمية كلبها بذلك الاسم اجزم.
واقول وقلت ان السيدة المذكورة اما علي درجة من عدم الحساسية لثقافة مجتمع تعمل فيه معلمة وليس اي مهنة أخري، واما انها علي درجة من السذاجة تشارف احتقار السودانيين. وليس ثمة عذر فيما تقوله وتردده الصحافة من انه خطأ حسن النية فما اكثر ما يتذرع الغرب بحسن النية والغلطة البريئة وعدم القصد فيما يبقي الغرب اكثر من يتعين علي سوء النية وعدم البراءة والقصد. والسيدة جيليان لا يمكن الا ان تكون لاهية تماما مما لا يغتفر لمدرسة في افضل مدرسة في السودان ولعلها تتقاضي مرتبا محترما جدا زيادة علي التسهيلات الاخري والاحترام الذي لا تحلم به هنا. أو الاحري تدرك جيدا انها حرية بان تشتهر وربما تثري عند عودتها فسوء الخلق والسمعة يقيضان مردودا وان الفضيحة هنا ترفع معدل التوزيع وان لم توجد اختلقتها الصحف.
ورغم انه من سوء حظها ان قصتها خرجت علي الناس في وقت كانت الصحف منهمكة في قصايا اكثر اهمية فلم تلق ربما ما كانت تلقاه لو تفردت بساحة الاخبار المثيرة في واحدة من ايام الاخبار البائرة الا ان قصتها مع ذلك سوف تسد فراغ الصحافة الذي لا تملؤه سوي الاثارة في يوم من ايام الاخبار البائرة.
واجزم ان جيليان غيبونز اما محبطة جراء امر يخصها او ـ وطالبة شهرة وقد حدث، فقد غدت جيليان غيبونز بليل من كم مجهول الي علم فوق صفحات الجرائد وشبكة المعلومات والاعلام في وقت تتفجر فيه أخبار اكثر اهمية مثل الكوميديا الفاجعة التي تجري فصولها البائخة في انابوليس بجوار واشنطن. وتبقي قصة المتبرع الغامض ديفيد ابراهام لحزب العمال ولهارييت هارمان ـ نائبة رئيس حزب وزوجها امين صندوق الحزب وكانت المحامي العمومي في حكومة توني بلير اخطر بل الاخطر واكثر تشويقا. ذلك ان فضيحة التبرعات الخفية لحزب العمال تتهم كل من جون مينديلسون وديفيــــــد ابراهام وهارييت هارمان وكلهم يهــــود، وكان لورد ليفي المتهم في فضيحة بيع الالقاب يهودي بـــــدوره. وتجــــأر الجويش كرونكل Jewish Chronicle يوم الخميس 29 تشرين الثاني (نوفمبر) حسب نشرة اخبار الخامسة علي راديو بي بي سي 4 بان خطر اندلاع العداء للسامية ماثل جراء مثابرة الصحافة علي اتهام تلك الاسماء.
ومهما كان الامر فقد خلقت جيليان غيبونز ستار دخان موات. وقد حصلت هي بدورها علي شهرة الخمس دقائق بالمقابل. فستبتاع احدي الصحف الشعبية قصتها وكانت صورها قد ظهرت بالفعل علي شبكة المعلومات وصحف الثلاثاء واخذ اعضاء اسرتها يناشدون الحكومة السودانية ان تطلق سراحها وقد اصطفوا في ابهي حللهم وقد ذهب بعضهم للكوافير فتلك فرصة نادرة ان يتميز احاد الناس العاديون فيحالفه الحظ بالظهور علي شاشة التلفاز وفوق صفحات الجرائد فهي ضربة حظ كما اللوتاريه. فلا اهمية لاحد الا بكارثة او فضيحة وسوف توضع الصورة في غرف المعيشة وتتحدث الاسرة عن الحكاية الي يوم الدين وسوف يردد احفاد جيليان تلك الحكاية وقد احتفظوا بالبوم الصور اللازمة مما يخلد سيرة اسرة من شمال انكلترا الشرقي لم يسمع بها وما كان احد ليسمع بها لولا الفضيحة المجلجلة حين اطلقت احدي بناتها علي كلبها اسم محمد. ولا بأس الا يسمع احد عن جيليان غيبونز مرة اخري. فالصاعقة لا تضرب مرتين.
وقد حاولت تلك المرأة ابلسة الاسلام مرة بصورة متقصدة او ـ وصدفة وتكريس بربرية امة مسلمة وليس معقولا ان يتمسك القضاء السوداني بقضية بهذه البساطة فما خفي كان اعظم. وقد اسقط الامر في ايدي محرضي السيدة جيليان حين لم تستجب الحكومة السودانية لغواية رد الفعل. وان كنت لا ادافع عن الحكومة السودانية ولا اي حكومة الا انني اري الي المنطق الذي ساق الاخيرة الي اتخاذ موقف يحبط اي محاولة لتأجيج الفتنة وتصوير السودان بصورة همجية. ولعل ذلك يسقط في يد تلك المرأة ومن وراءها ـ ولم اعد اخشي تهمة النظرية التآمرية علي الاطلاق فليوفر من ينبــرون لارهابنا بها علي انفسهم الجهد والمشقة.
المهم اجادل ان فشل محاولة خلق شرط ابلسة السودان مجددا تعاصر واتهام الحكومة السودانية الاربعاء 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007 بتعجيز قوات حفظ الامن الدولية بمطالب وشروط عن القيام بمهامها في دارفور. ولا يقول احد شيئا عن رفض بعض فصائل المعارضة الدارفورية لوجود قوات من مهندسين صينيين بين القوات الدولية بوصف ان الاخيرة موالية لحكومة السودان. واموت وبي شيء من دارفور.
المهم لعل الفشل النسبي في ترويع السودان كما في كل مرة يرجع دائما الي ان الغرب يكوم الاسلام السياسي في كومة واحدة وقد تعود ردود افعال ابناء شبه القارة الهندية علي الخصوص من مواطني هذه الجرز الذين تستعديهم السلطة او غيرها لتثيرهم فتثبت بربرية الاسلام والمسلمين كما في كل مرة في مواويل لا تنتهي. فرغم ان السودان يحكمه اسلام سياسي عسكري الا انه وبعد فترة من التجريب واعتراك الساحة وقد ادرك ان السودانيين لا يقرون بالقهر والتعقب طويلا لم يلبث ان تعين علي تسامح نسبي. وليس ذلك غريبا فالسودان متسامح ومتعدد الثقافات لولا تحريض امثال صامويل هنتينغتون وفرانسيس فوكوياما وبرنارد لويس وغيرهم من المحافظين الجدد وربابيـــــهم الليبراليين الجدد.
ورغم انني لا اؤيد العقوبة علي فعل يكاد لا يعني كثيرا الا انني علي يقين ان العقوبة ـ ان تمت ـ لن تكون سوي علي تهمة لا يجرؤ احد بعد علي النطق باسمها وهي ان تلك السيدة اطلقت علي كلبها اسم النبي (صلعم) وهي مدركة لمغبة ما تفعل. ذلك ان ما هناك فوق سطح الاشياء حتي ليس كل الحقيقة. ولعل الصمت علي الحقيقة ينتهي ما ان تخرج تلك السيدة يصحبة ديفيد ميليباند رئيس حزب العمال الجديد او كذا سير ديفيد ستيل وقد سارع الاول ويلحق به الثاني ثم يلحق بهم اللورد احمد علي رأس وفد اسلامي الي السودان لمقابلة عمر البشير لاطلاق سراحها. فهم ينتهكون قوانيننا ويعصفون بثقافاتنا. بل يقول السير ديفيد ستيل ان ما يحدث من شأنه ان يظهر الحكومة بصورة مزرية. فلهم الحق فيما يقولون ويفعلون في كل مكان الا انه ما ان يقبض علي احدهم متلبسا حتي نتهم نحن بالجور والبربرية.
? كاتبة واكاديمية من السودان تقيم في اكسفورد
</TD></TR></TBODY></TABLE>
http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=today\02g80.htm&storytitle=ff???%2 0?????%20????????:%20%20??%20?????%20???%20????%20 ???%20??%20??%20????%20??%20??%20????????fff&story titleb=?.%20?????%20????&storytitlec=
<TABLE borderColor=#000000 cellSpacing=2 borderColorDark=#000000 cellPadding=2 width="100%" bgColor=#f3f3f3 borderColorLight=#f0f0f0 border=0><TBODY><TR><TD>كيف تختلق الاحابيل: هل اطلاق اسم محمد على دب من القش هو كل الحقيقة؟
د. خديجة صفوت
03/12/2007
</TD></TR></TBODY></TABLE><TABLE borderColor=#000000 cellSpacing=0 borderColorDark=#000000 cellPadding=0 width="100%" bgColor=#f3f3f3 borderColorLight=#f0f0f0 border=0><TBODY><TR><TD>في الساعة الثالثة فجر الثلاثاء 27 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007 سمعت خبرا مفاده ان السلطات السودانية اعتقلت مدرسة بمدرسة الاتحاد العليا في الخرطوم اطلقت على كلبها اسم محمد. ولأن من عاداتي الرديئة ترك المذياع مفتوحا فتختلط احلامي ـ ان نمت ـ بالاخبار ـ سمعت الخبر مرة ثانية ـ وربما ثالثة ـ دون تغيير. الا انه ما ان حلت ساعة الاخبار الصباحية المباركة حتى تحول الخبر الى ان مدرسة انكليزية طلبت من التلاميذ في فصلها ان يختاروا اسما لدب دمية تيدي بير فاختار واحد منهم واسمه محمد اسم محمد للدب . وعلى الهاتف مع احد المحررين للـ بي بي سي قال لي احدهم ان طفلا عمره 14 عاما مستعد لان يشهد لصالح المدرسة كونه هو الذي اختار الاسم. هذا رغم ان اعمار تلاميذ الفصل الذي تدرسه تلك المدرسة لا تتعدي 6 الى 7 سنوات. ولعل ذلك ما حدا بالمسؤولين عن انتاج واخراج القصة البديلة ان يعدلوا الرواية فبات الطفل الذي اختار اسما للدب عمره 7 سنوات واسمه محمد.
ولم تلبث البي بي سي ان نشرت قصة خبر المدرسة جيليان غيبونز Gillian Gibbons وعمرها 54 عاما وتعمل بالسودان على شبكة المعلومات داعية المستمعين والمشاهدين الى الادلاء بآرائهم حول قضية ايداعها السجن بانتظار البت في امرها. ولم تلبث العرائض الاليكترونية ان راحت تترى مطالبة بانقاذ السيدة جيليان غيبونز من تهمة اثارة الكراهية والاساءة للاسلام وعدم احترام معتقدات الاخرين وعقوبتها 40 جلدة او السجن 6 اشهر او غرامة كبيرة. ومع نشرة اخبار الخميس على الواحدة بعد الظهر لم تعد تذكر عقوبة الغرامة او السجن وباتت العقوبة الجلد 40 مرة.
وحتى عندما لم تكن قد اتهمت بشيء بعد وقد اكد بيان المسؤول الصحافي في السفارة السودانية مرارا أن القصة التي اطلقتها وسائل الاعلام مضخمة ولا حاجة لاطلاق العنان للخيال الا ان اسوأ اشكال الوحشية الاسلامية بقي ماثلا بالتكرار. ومع ذلك فقد كانت السفارة السودانية قد صادقت على قصة الاعلام دون ان تدحضها ربما رغبة من الحكومة السودانية في الحفاظ على ما بقي من حسن التعامل مع وعدم الدخول في مواجهة مع الحكومة البريطانية.
وكنت أرسلت رسالة الكيترونية للبي بي سي ذكرت فيها انني وابنتي وامي وجدتي درسنا في تلك المدرسة وكان والد جدتي ضابطا في الجيش المصري بالسودان على عهد الفتح التركي الاول تحت قيادة كيتشنر. كانت قوات الفتح التركي ـ المصري قد عسكرت بمنطقة البحر الاحمر تحاصر الثورة المهدية من الشرق لتعود مجددا مع قوات الفتح الثاني. والمدرسة قديمة انشأها الاكليروس الانجيلي الانكليزي في السودان لابناء الجالية الانكليزية وأبناء الجاليات الاجنبية الاخرى ممن جاء السودان مع جيش محمد علي في 1821 ـ 1885. ولعلها اغلقت اثناء الثورة المهدية وافتتحت مرة اخري بعد 15 عاما مع التركيبة الثانية اي الحكم الثنائي في 1898. وكانت المدرسة تضم المراحل الاولية الي الثانوية حيث تتخرج التلميذة بشهادة اكسفورد الثانوية. وبالقاعة الرئيسية حيث يصلي التلاميذ كل صباح ان يحفظ الله الملك ثم الملكة توجد صورة كبيرة للطالبات القدامي ومن بينهن جدتي وامي. والمدرسة خاصة ويجند لها افضل المدرسات والمدرسين وكان معظمهم مدرب علي التلقين الاستعماري لغسل ادمغة الاطفال والشباب. وكانت وما تبرح باهظة المصروفات ولا يحتمل اي كان الحاق بناته وابنائه بها.
المهم اتصلت بي اذاعة البي بي سي العالمية الخامسة مساء الثلاثاء واستضافتني مع احد الائمة الآسيويين ثم اتصلت اذاعة راديو 5 في الثانية عشرة مساء الثلاثاء مع احد اعضاء مركز رمضان، ثم اتصل بي ركن اسيا بالبي بي سي السابعة صباح الاربعاء. ولم يتوقف واحد من مقدمي البرامح المذكورة او مقدماته عند قولي انني سمعت انها اطلقت علي كلبها اسم محمد الا بما معناه ضمنا تجاوز قولي سريعا الي المهم. الا ان الضيف القادم من مركز رمضان قال ان ثمة قصصا تدور حول هذه الحادثة ولا يعرف احد ما حدث بالضبط . وليس ذلك غريبا فالاخبار تلفق حسب الطلب. ففي احدي تنويعات الخبر المذكور ذكر ان الحكومة السودانية منحت الطلبة عطلة ابتداء من الاثنين منعا للصدامات التي قد تندلع جراء ما فعلته تلك السيدة. واتصلت بالسودان. ولم يسمع احد بالحكاية ولم تنشر صحيفة شيئا عنها ولا اذاعت الاذاعات او القنوات الفضائية خبرا بهذا الشكل حتي صباح الاربعاء.
ولعل من المفيد ذكر حقيقة ان الاخبار لا تحرر وحسب وانما تنشر انتقاء وتفرد لها ساعة او اخري حسبما يراد لها من ذيوع وتكرر او لا تذكر الا مرة واحدة وكأنها جملة اعتراضية زائدة عن الحاجة. ونتيجة عادتي في مراقبة الاخبار لم اعد اري اي غرابة. فقد اذيع مثلا خبر في نفس يوم الثلاثاء بشأن القبض في مكان ما لعله الشرق الاقصي او في احدي جزر الباهاما علي امرأة انكليزية بتهمة تهريب 4 كليوغرامات من المخدرات. ولم يتكرر الخبر مرة واحدة اخري علي الاطلاق. فلا غرو ان تتحور قصة او خبر او لا يذاع مرة اخري وكانه لم يحدث مع ساعات الليل والنهار. ولدي بحث طويل عريض بتلك الثقافة التي تتعين علي ذكر الحقيقة في ساعة لا مباركة وتعدل عنها عند الصباح وكأنها شهرزاد.
وقياسا لا اميل الي تصديق ان احد اولياء امور تلميذ يتقدم بشكوي للسلطات جراء تسمية دب محمد. اولا لان اولياء امور اولئك الاطفال يسعون الي تربية ابنائهم علي الطريقة الغربية وقد باتت مدرسة الاتحاد العليا مدرسة عالمية. وثانيا ان استيعاب وتثقيف اولئك الاطفال في صيغ ثقافية مثل التيدي بير وباربي حري بان يلقي قبولا بل استحسانا لدي بعض اولياء الامور المذكورين وقد يتباهي بعضهم بان ابنه او ابنته لا يجيد العربية وانه لا يحب الملوخية ولا يعرف الطعمية ناهيك عن ملاح الخضرة لانه يستحب ويعيش علي الكريسبس والبيرغر. وادرك من بحث اجريته علي مدارس مشابهة انتشرت في الخرطوم وتلقي رواجا بين الطبقات الوسيطة الجديدة ومحدثي نعمة العولمة ان تكل الذهنية شائعة ويربي الاطفال علي مفاهيم وتقاليد او لا تقاليد عولمية قد تعلم الطفل عدم احترام كل ما هو مألوف ومقدس في مجتمعاتنا. ولا اعتقد ان السيدة جيليان الآتية من ليفربول هاربة من علاقة زوجية فاشلة الي كل مكان في العواصم العربية ان مثل تلك المدرسة غير مطالبة غالبا بالتفريق بين قيمنا وثقافتنا وبين ما حملته معها مما يضرب اطنابه في الغرب باسم التحضر وما بعد الحداثة والا كيف تقع في مثل ذلك الخطأ المميت وهو تسمية كلبها بذلك الاسم اجزم.
واقول وقلت ان السيدة المذكورة اما علي درجة من عدم الحساسية لثقافة مجتمع تعمل فيه معلمة وليس اي مهنة أخري، واما انها علي درجة من السذاجة تشارف احتقار السودانيين. وليس ثمة عذر فيما تقوله وتردده الصحافة من انه خطأ حسن النية فما اكثر ما يتذرع الغرب بحسن النية والغلطة البريئة وعدم القصد فيما يبقي الغرب اكثر من يتعين علي سوء النية وعدم البراءة والقصد. والسيدة جيليان لا يمكن الا ان تكون لاهية تماما مما لا يغتفر لمدرسة في افضل مدرسة في السودان ولعلها تتقاضي مرتبا محترما جدا زيادة علي التسهيلات الاخري والاحترام الذي لا تحلم به هنا. أو الاحري تدرك جيدا انها حرية بان تشتهر وربما تثري عند عودتها فسوء الخلق والسمعة يقيضان مردودا وان الفضيحة هنا ترفع معدل التوزيع وان لم توجد اختلقتها الصحف.
ورغم انه من سوء حظها ان قصتها خرجت علي الناس في وقت كانت الصحف منهمكة في قصايا اكثر اهمية فلم تلق ربما ما كانت تلقاه لو تفردت بساحة الاخبار المثيرة في واحدة من ايام الاخبار البائرة الا ان قصتها مع ذلك سوف تسد فراغ الصحافة الذي لا تملؤه سوي الاثارة في يوم من ايام الاخبار البائرة.
واجزم ان جيليان غيبونز اما محبطة جراء امر يخصها او ـ وطالبة شهرة وقد حدث، فقد غدت جيليان غيبونز بليل من كم مجهول الي علم فوق صفحات الجرائد وشبكة المعلومات والاعلام في وقت تتفجر فيه أخبار اكثر اهمية مثل الكوميديا الفاجعة التي تجري فصولها البائخة في انابوليس بجوار واشنطن. وتبقي قصة المتبرع الغامض ديفيد ابراهام لحزب العمال ولهارييت هارمان ـ نائبة رئيس حزب وزوجها امين صندوق الحزب وكانت المحامي العمومي في حكومة توني بلير اخطر بل الاخطر واكثر تشويقا. ذلك ان فضيحة التبرعات الخفية لحزب العمال تتهم كل من جون مينديلسون وديفيــــــد ابراهام وهارييت هارمان وكلهم يهــــود، وكان لورد ليفي المتهم في فضيحة بيع الالقاب يهودي بـــــدوره. وتجــــأر الجويش كرونكل Jewish Chronicle يوم الخميس 29 تشرين الثاني (نوفمبر) حسب نشرة اخبار الخامسة علي راديو بي بي سي 4 بان خطر اندلاع العداء للسامية ماثل جراء مثابرة الصحافة علي اتهام تلك الاسماء.
ومهما كان الامر فقد خلقت جيليان غيبونز ستار دخان موات. وقد حصلت هي بدورها علي شهرة الخمس دقائق بالمقابل. فستبتاع احدي الصحف الشعبية قصتها وكانت صورها قد ظهرت بالفعل علي شبكة المعلومات وصحف الثلاثاء واخذ اعضاء اسرتها يناشدون الحكومة السودانية ان تطلق سراحها وقد اصطفوا في ابهي حللهم وقد ذهب بعضهم للكوافير فتلك فرصة نادرة ان يتميز احاد الناس العاديون فيحالفه الحظ بالظهور علي شاشة التلفاز وفوق صفحات الجرائد فهي ضربة حظ كما اللوتاريه. فلا اهمية لاحد الا بكارثة او فضيحة وسوف توضع الصورة في غرف المعيشة وتتحدث الاسرة عن الحكاية الي يوم الدين وسوف يردد احفاد جيليان تلك الحكاية وقد احتفظوا بالبوم الصور اللازمة مما يخلد سيرة اسرة من شمال انكلترا الشرقي لم يسمع بها وما كان احد ليسمع بها لولا الفضيحة المجلجلة حين اطلقت احدي بناتها علي كلبها اسم محمد. ولا بأس الا يسمع احد عن جيليان غيبونز مرة اخري. فالصاعقة لا تضرب مرتين.
وقد حاولت تلك المرأة ابلسة الاسلام مرة بصورة متقصدة او ـ وصدفة وتكريس بربرية امة مسلمة وليس معقولا ان يتمسك القضاء السوداني بقضية بهذه البساطة فما خفي كان اعظم. وقد اسقط الامر في ايدي محرضي السيدة جيليان حين لم تستجب الحكومة السودانية لغواية رد الفعل. وان كنت لا ادافع عن الحكومة السودانية ولا اي حكومة الا انني اري الي المنطق الذي ساق الاخيرة الي اتخاذ موقف يحبط اي محاولة لتأجيج الفتنة وتصوير السودان بصورة همجية. ولعل ذلك يسقط في يد تلك المرأة ومن وراءها ـ ولم اعد اخشي تهمة النظرية التآمرية علي الاطلاق فليوفر من ينبــرون لارهابنا بها علي انفسهم الجهد والمشقة.
المهم اجادل ان فشل محاولة خلق شرط ابلسة السودان مجددا تعاصر واتهام الحكومة السودانية الاربعاء 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007 بتعجيز قوات حفظ الامن الدولية بمطالب وشروط عن القيام بمهامها في دارفور. ولا يقول احد شيئا عن رفض بعض فصائل المعارضة الدارفورية لوجود قوات من مهندسين صينيين بين القوات الدولية بوصف ان الاخيرة موالية لحكومة السودان. واموت وبي شيء من دارفور.
المهم لعل الفشل النسبي في ترويع السودان كما في كل مرة يرجع دائما الي ان الغرب يكوم الاسلام السياسي في كومة واحدة وقد تعود ردود افعال ابناء شبه القارة الهندية علي الخصوص من مواطني هذه الجرز الذين تستعديهم السلطة او غيرها لتثيرهم فتثبت بربرية الاسلام والمسلمين كما في كل مرة في مواويل لا تنتهي. فرغم ان السودان يحكمه اسلام سياسي عسكري الا انه وبعد فترة من التجريب واعتراك الساحة وقد ادرك ان السودانيين لا يقرون بالقهر والتعقب طويلا لم يلبث ان تعين علي تسامح نسبي. وليس ذلك غريبا فالسودان متسامح ومتعدد الثقافات لولا تحريض امثال صامويل هنتينغتون وفرانسيس فوكوياما وبرنارد لويس وغيرهم من المحافظين الجدد وربابيـــــهم الليبراليين الجدد.
ورغم انني لا اؤيد العقوبة علي فعل يكاد لا يعني كثيرا الا انني علي يقين ان العقوبة ـ ان تمت ـ لن تكون سوي علي تهمة لا يجرؤ احد بعد علي النطق باسمها وهي ان تلك السيدة اطلقت علي كلبها اسم النبي (صلعم) وهي مدركة لمغبة ما تفعل. ذلك ان ما هناك فوق سطح الاشياء حتي ليس كل الحقيقة. ولعل الصمت علي الحقيقة ينتهي ما ان تخرج تلك السيدة يصحبة ديفيد ميليباند رئيس حزب العمال الجديد او كذا سير ديفيد ستيل وقد سارع الاول ويلحق به الثاني ثم يلحق بهم اللورد احمد علي رأس وفد اسلامي الي السودان لمقابلة عمر البشير لاطلاق سراحها. فهم ينتهكون قوانيننا ويعصفون بثقافاتنا. بل يقول السير ديفيد ستيل ان ما يحدث من شأنه ان يظهر الحكومة بصورة مزرية. فلهم الحق فيما يقولون ويفعلون في كل مكان الا انه ما ان يقبض علي احدهم متلبسا حتي نتهم نحن بالجور والبربرية.
? كاتبة واكاديمية من السودان تقيم في اكسفورد
</TD></TR></TBODY></TABLE>
http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=today\02g80.htm&storytitle=ff???%2 0?????%20????????:%20%20??%20?????%20???%20????%20 ???%20??%20??%20????%20??%20??%20????????fff&story titleb=?.%20?????%20????&storytitlec=
تعليق