بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين واهب العقل ومالك يوم الدين
والصلاة والسلام على سيدنا وشفيعنا إمام المرسلين
أما بعد،،،
فيسعدني أيها الأخوة والأخوات الكرام بالجمعية الدولية لمترجمي العربية أن نقدم لحضراتكم موضوعا من مواضيع ترجماتنا نأمل من الله أن يحوز على اهتمامكم ورضاكم. وهذا الموضوع يرتبط ارتباطا وثيق الصلة بما نحن نتعامل به ومعه. إنها اللغة الإنجليزية بكل ما بها من شؤون وشجون، وكيف لا تكتنفها الشجون وتاريخها يتأرجح ما بين الصراع والسكينة وبين الحياة إلى الموت وبين التقوقع والانزواء إلى الرفعة والارتقاء. وهذا ما سنجتهد بطرحه. وقد شاركني بترجمة هذا العمل الوثائقي وكتابة الموضوع أخي وزميلي أحمد الزعبي من سوريا الشقيقة. وعلى مدار شهر كامل تقريبا تمكنا أنا والأخ الزعبي من إخراج ترجمة لهذه السلسلة عبر ست حلقات من ضمن ثمانية (وشرحت ظروف عدم ترجمة الحلقتين الأخيرتين بالرد الثاني) ونأمل من الله أن تنال رضى المشاهدين والمتخصصين باللغة وعلم اللغة الاجتماعي والتاريخي. على أننا لا بد أن نشير أن هذه الترجمات ما هي إلا اجتهاد ذاتي من قبل المترجمين اللذين خاضا غمار هذه "المغامرة" الشيقة والشاقة، ولا أنكر أننا كنا نشتكي أحيانا من صعوبة استيعاب عبارات وجمل وأصوات قد لا يكون لها أحيانا من شرح أو تفسير في الشبكة العنكبوتية وكذلك القواميس والمراجع اللغوية. ومن الطرائف التي أتذكرها عند ترجمتنا لبعض العبارات والأصوات التي استعصت علينا أننا بحثنا عنها على شكل صور علنا نصل للشكل المقصود من المرادف المذكور، فمثلا كان لا بد علينا أن نتوغل أحيانا بلغة الهنود الحمر وكلماتها التي ولجت للإنجليزية الأمريكية التي تزعم أنها أصح من "الإنجليزية الإنجليزية". هذا بخلاف العودة للغة الإنجليزية القديمة Old English وكذا التطرق للغة اللاتينية وصراعها مع الإنجليزية القديمة التي قتلها فيما بعد الحكام الجدد النورمانديين ورتل على قبرها الترانيم كبار قساوسة كانتربيري. وبهذا كانت المهمة تصعب بأحيان كثيرة، إلا إن تعاوننا المكثف ورغبتنا الحثيثة بإنجاز العمل جعلا النتيجة تصل لما هو بين أيدي حضراتكم. وهذا ليس إلا من باب الاجتهاد الذي قد نخطيء به، ويتوجب علينا شكر كل نقد أو تصحيح لأي أخطاء قد لا تتراءى لنا، وهنا سيحدث الانجاز الحقيقي الذي ستستفيد منه الأجيال اللاحقة ممن قد يقع بإيديهم هذا العمل.
أترككم بهذه المشاركة الأولى التي يستهلها الأخ أحمد الزعبي بإضاءات عن تطور التاريخ الأدبي للغة الإنجليزية. ثم سأعرض بالمشاركة التي تليها نظرة خاصة عن مراحل حياة اللغة الإنجليزية وموتها ثم عودتها للحياة بشكل مختلف ومتطور. أما المشاركة الثالثة فستحتوي على ملخص للحلقات وعرضها كاملة من خلال قناة اليوتيوب.
والحمد لله رب العالمين واهب العقل ومالك يوم الدين
والصلاة والسلام على سيدنا وشفيعنا إمام المرسلين
أما بعد،،،
فيسعدني أيها الأخوة والأخوات الكرام بالجمعية الدولية لمترجمي العربية أن نقدم لحضراتكم موضوعا من مواضيع ترجماتنا نأمل من الله أن يحوز على اهتمامكم ورضاكم. وهذا الموضوع يرتبط ارتباطا وثيق الصلة بما نحن نتعامل به ومعه. إنها اللغة الإنجليزية بكل ما بها من شؤون وشجون، وكيف لا تكتنفها الشجون وتاريخها يتأرجح ما بين الصراع والسكينة وبين الحياة إلى الموت وبين التقوقع والانزواء إلى الرفعة والارتقاء. وهذا ما سنجتهد بطرحه. وقد شاركني بترجمة هذا العمل الوثائقي وكتابة الموضوع أخي وزميلي أحمد الزعبي من سوريا الشقيقة. وعلى مدار شهر كامل تقريبا تمكنا أنا والأخ الزعبي من إخراج ترجمة لهذه السلسلة عبر ست حلقات من ضمن ثمانية (وشرحت ظروف عدم ترجمة الحلقتين الأخيرتين بالرد الثاني) ونأمل من الله أن تنال رضى المشاهدين والمتخصصين باللغة وعلم اللغة الاجتماعي والتاريخي. على أننا لا بد أن نشير أن هذه الترجمات ما هي إلا اجتهاد ذاتي من قبل المترجمين اللذين خاضا غمار هذه "المغامرة" الشيقة والشاقة، ولا أنكر أننا كنا نشتكي أحيانا من صعوبة استيعاب عبارات وجمل وأصوات قد لا يكون لها أحيانا من شرح أو تفسير في الشبكة العنكبوتية وكذلك القواميس والمراجع اللغوية. ومن الطرائف التي أتذكرها عند ترجمتنا لبعض العبارات والأصوات التي استعصت علينا أننا بحثنا عنها على شكل صور علنا نصل للشكل المقصود من المرادف المذكور، فمثلا كان لا بد علينا أن نتوغل أحيانا بلغة الهنود الحمر وكلماتها التي ولجت للإنجليزية الأمريكية التي تزعم أنها أصح من "الإنجليزية الإنجليزية". هذا بخلاف العودة للغة الإنجليزية القديمة Old English وكذا التطرق للغة اللاتينية وصراعها مع الإنجليزية القديمة التي قتلها فيما بعد الحكام الجدد النورمانديين ورتل على قبرها الترانيم كبار قساوسة كانتربيري. وبهذا كانت المهمة تصعب بأحيان كثيرة، إلا إن تعاوننا المكثف ورغبتنا الحثيثة بإنجاز العمل جعلا النتيجة تصل لما هو بين أيدي حضراتكم. وهذا ليس إلا من باب الاجتهاد الذي قد نخطيء به، ويتوجب علينا شكر كل نقد أو تصحيح لأي أخطاء قد لا تتراءى لنا، وهنا سيحدث الانجاز الحقيقي الذي ستستفيد منه الأجيال اللاحقة ممن قد يقع بإيديهم هذا العمل.
أترككم بهذه المشاركة الأولى التي يستهلها الأخ أحمد الزعبي بإضاءات عن تطور التاريخ الأدبي للغة الإنجليزية. ثم سأعرض بالمشاركة التي تليها نظرة خاصة عن مراحل حياة اللغة الإنجليزية وموتها ثم عودتها للحياة بشكل مختلف ومتطور. أما المشاركة الثالثة فستحتوي على ملخص للحلقات وعرضها كاملة من خلال قناة اليوتيوب.
The Adventure of English
مــغــامــرة الــلــغــة الإنــجــلــيــزيــة
السادة مشرفي وأعضاء ملتقى الأدباء والمبدعين العرب يسعدنا أن نسافر معًا في مغامرة للتعرف على تاريخ اللغة الإنجليزية.
إنها مغامرة سنخوض غمارها على مدى 8 حلقات، مغامرة تختلف عن بقية المغامرات، فهي مغامرة في التاريخ ومغامرة في الأدب.
إنها مغامرة في اللغة بدأها الإنسان الإنجليزي
منذ مئات السنوات، واليوم ينفق سكان العالم المليارات لتعلم هذه اللغة.
إنه لمن المدهش حقاً أن لغة جزيرة منعزلة في غرب أوربا قد أصبحت اللغة المسيطرة في العالم ولغة العلم والتجارة والاقتصاد واللغة التي يتحدثها ما يزيد عن 500 مليون نسمة، فما هو السر الكامن خلف اللغة الإنجليزية وهل هي متفردة بخصائص لغوية ونحوية جعلت منها لغة مرنة تتقبل كل ما هو جديد في ميادين الحياة كافة.
سنكتشف هذه الأسرار وغيرها بهذا البرنامج الذي يسلط الضوء
على كيفية نشوء اللغة الإنجليزية
ومراحل تطورها والنكسات التي تعرضت لها عبر تاريخها الذي لا يتجاوز الـ 600 عام.
هذه السلسلة هي من تقديم "ميلفن براغ" وعلى مدار 8 حلقات حيث يسافر "براغ" في أنحاء انجلترا ليكشف جذور اللغة وتطورها من لغة بسيطة إلى ماهي عليه الآن، وهذه السلسلة من انتاج عام 2002 وتتكون من 8 حلقات كما أشرت سابقاً ولكن لسوء الحظ لم نجد ملفات نصية باللغة الإنجليزية سوى للحلقات الست الأولى.
وقد قام أخي فيصل بمراسلة الشركة المسؤولة عن توزيع البرنامج وطلب منهم ملفات الترجمة ولكن الجواب كان الرفض القاطع من طرفهم، أما بالنسبة للترجمة السماعية للحلقتين الأخيرتين فالأمر صعب جداً نظراً لأن البرنامج يحوي مصطلحات لغوية دقيقة
ومن غير الوارد تأويل بعضها في حال الترجمة السماعية،
لذا آثرنا أنا وأخي فيصل ترجمة الحلقات المتوفرة بالنص الإنجليزي ومن ثم الإنتظار إلى حين توافر نص للحلقتين الأخيرتين.
وهذه نبذة عن مقدم السلسلة
مـيلـفـن بـراغ
ولد "ميلفن براغ" عام 1939 في "ويجتون" في بريطانيا وحصل على منحة دراسية في جامعة أكسفورد لدراسة التاريخ وفي العام 1961 حصل على وظيفة في هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي وقام "براغ" بتقديم برنامج بداية الأسبوع عامي 88 و98 وقدم بعد ذلك برنامج "On Giant's Shoulders" وأجرى خلاله مقابلات مع علماء للكشف عن أسلافهم الساميين ومن العام 1999 إلى العام 2001 قدم برنامج "The Routes of English" وهو بمناسبة مرور 1000 عام على استخدام الإنجليزية كلغة منطوقة وقد قام بكتابة ما يزيد عن 19 رواية.
وهو أيضا نائب رئيس جمعية أصدقاء المكتبة البريطانية، وهي مؤسسة خيرية أنشئت لتوفير الدعم المالي للمكتبة البريطانية وحصل على دكتوراه فخرية من الجامعة المفتوحة عام 1989 وحصل في عام 1998 على لقب "بارون" بعد تعيينه في مجلس اللوردات عن مقاطعة "ويغتون"، كما أنه يحمل 13 دكتوراه فخرية من جامعات مختلفة وفي عام 2010 حصل على الزمالة من الجمعية الملكية البريطانية.
وأرغب بالتنويه أننا اتفقنا أنا وأخي الأستاذ فيصل على تقاسم موضوع اللغة، فهو سيتحدث في معرض مشاركته عن اللغة الإنجليزية وتاريخها وقواعدها، بينما سأتولى أنا الحديث عن الأدب الإنجليزي ورواده ودوره في تطور اللغة.
بريطانيا أم أمريكا، أيهما أقرب؟
الأدب الإنـجـلـيـزي
مـقـدمـة
إن التحدث عن أدب لغة عمرها 600 عام يبدو أمراً سهلاً، ولكن تتضح صعوبة المسألة عند الاطلاع على مراحل تطورها والأدباء الذين ساهموا في نهضة الأدب واللغة على حد سواء حيث أشار مقدم البرنامج لذلك بقوله:
"من خلال صقل الشعراء لأساليبهم، كانوا أيضاً يصقلون الإنجليزية كلغة مناسبة لمعظم المحاولات الشعرية والتجارب المسرحية"
وعند حديثنا عن الأدب الإنجليزي لا يمكننا تجاهل الشعراء والمؤلفين المسرحيين الذين ساهموا في صياغة كلمات جديدة لم تعرفها اللغة من قبل، وقد حاولت قدر الإمكان استعراض بعض أهم الأدباء دون الإطالة في الموضوع بالرغم من كوني متخرج حديثاً من قسم اللغة الإنجليزية ولي ذكريات مع كل رواية ومسرحية وقصيدة حيث طرق هذا البرنامج باب الماضي مرة أخرى ولكن سأحاول الإختصار ما استطعت ولكن حسب التسلسل الزمني.
بداية ظهور الأدب الإنجليزي في العصور الوسطى
بدأت الأعمال الأدبية بالظهور في زمن "جفري تشوسر" (1340- 1400)، ولكننا لا ننكر وجود محاولات لكتابة الشعر أو حتى النثر قبل عصر "تشوسر" ولكنها لا تندرج تحت مسمى الأدب الإنجليزي لكونها مكتوبة بالإنجليزية القديمة وقصيدة "بيولف" مثال على ذلك وهي أقدم قصيدة في تاريخ إنجلترا حيث ظهرت في عصر الأنجلوساكسون ومؤلفها مجهول الهوية ومن المستحيل استيعابها دون ترجمتها إلى الإنجليزية الحديثة وبالرجوع إلى "تشوسر" نجد أهم أعماله وهي "حكايات كانتربري"
وتعتبر أول قصيدة مكتوبة باللغة الإنجليزية تتحدث هذه القصيدة عن مجموعة من الحجاج من طبقات إجتماعية مختلفة في طريقهم إلى "كانتربري" لزيارة ضريح القديس "بيكيت"، وخلال هذه الرحلة يروي كل شخص من هؤلاء الحجاج قصة لتمضية الوقت خلال هذه الرحلة الطويلة وتختلف أصول كل فرد منهم حيث نجد بينهم الفارس والراهب والتاجر والطحان وغيرهم وقد استعار "تشوسر" أفكار القصيدة من مصادر مختلفة وأبرزها الإنجيل وقصيدة "ديكاميرون" للشاعر الإيطالي "بوكاتشيو".
وبالنسبة للمسرح في العصور الوسطى فقد كان مقتصراً على عروض داخل الكنيسة يقوم بها الرهبان داخل الكنيسة وهي عروض دينية وشعائرية معظمها تتحدث عن السيد المسيح ثم انتقل المسرح إلى خارج الكنيسة وأخذ أشكالاً مختلفة ولكن ضمن السياق الإنجيلي كطوفان نوح وسير حياة القديسين ولم يلبث المسرح أن انتقل إلى مراكز المدن والقرى واقتضى ذلك مشاركة ممثلين من خارج الكنيسة وصناعة منصات ومسارح لتأدية تلك العروض ولم يعد للكنيسة سيطرة على المسرح بعد الآن وظهرت في تلك الفترة عربات مخصصة لهذه المسرحيات وهي تتألف من حجرتين علوية وسفلية ولها 6 إطارات وإعتمدوا على الأقنعة لتقديم شخصيات مختلفة وظلت المسرحيات الدينية هي المسيطرة على هذا النوع من المسرحيات.
الأدب الإنجليزي في عصر النهضة
يُعتبر القرن الخامس عشر نهاية العصور الوسطى وبداية ما يُعرف بعصر النهضة والسبب لإختيار هذا القرن يرجع لعدة حوادث مهمة حصلت في مطلع ذلك القرن، نذكر منها إكتشاف القارة الأمريكية وإختراع الطباعة وسقوط القسطنطينية ويُعتبر عصر النهضة بداية عصر ذهبي للأدب فقد تزامن مع ظهور أعظم المؤلفين المسرحيين والشعراء في تاريخ إنجلترا والسبب في هذه النهضة الأدبية هو حل الملك "هنري الثامن" للكنائس والأبرشيات التي كانت بمثابة مصدر رزق للمتخرجين من جامعات كامبريدج وأكسفورد بعد ثورة الإصلاح البروتستانتي فانتقل هؤلاء الخريجين للكتابة والتأليف
لإعالة أنفسهم وبذلك إنطلق العصر الذهبي الإليزابيثي.
وكذلك لا ننسى الاستقرار والرخاء الذين جلبتهما الملكة إليزابيث خلال فترة جلوسها على عرش إنجلترا الأمر الذى قاد لإزدهار جميع أشكال الأدب في عصرها أما الطابع المسيطر في تلك الحقبة كانت محاكاة الأعمال الكلاسيكية التراجيدية لكتّاب مثل الشاعر الإيطالي "لوسيوس سنيكا" (4ق.م - 65م).
وقد ارتبط الأدب في عصر النهضة في إنجلترا بأسماء بارزة كان لهم دور عظيم الأثر في ارتقائه وارتقاء اللغة الإنجليزية في آن معاً كما أشرت سابقاً، وسأستعرض هنا بعجالة بعض أهم الأسماء التي لمعت في سماء الأدب الإنجليزي خلال عصر النهضة والمعروف أيضاً بـ"العصر الإليزابيثي"
"كريستوفر مارلو" (1564-1593)
أحد أعظم المؤلفين المسرحيين وصاحب أروع المسرحيات في تاريخ الأدب الإنجليزي.
ويدّعي بعض النقاد لو أن "مارلو" وصل من العمر لنفس سن "شكسبير" لكان قد تفوّق عليه
في مجال المسرح حيث لم يعش "مارلو" سوى 29 عاماً.
ومن الجدير ذكره أن "مارلو" هو أول من كتب مسرحيات تراجيدية في العصر الإليزابيثي ومن مسرحياته التراجيدية نذكر
"دكتور فاوست" و"يهودي مالطة" و"إدوارد الثاني"
وتعتبر مأساة دكتور فاوست من أعظم التراجيديات على مر التاريخ وتتحدث هذه المسرحية عن شخصية اسمها "فاوست"
حيث يبيع روحه للشيطان "مفستُوفوليس" لقاء 24 عامًا يحقق فيها الشيطان لـ"فاوست" كل رغباته وكان فاوست في هذه السنوات يطوف أرجاء أوروبا ممارساً السحروالشعوذة وفي النهاية يذهب إلى الجحيم ويتملكه الرعب بسبب اللعنة التي حلت به وقد تُرجم الكتاب إلى العديد من اللغات وأعيدت كتابته ثلاث مرات في السنوات الـ 125 التالية.
"وليم شكسبير" (1546-1616)
عند محاولة الإطلاع على الأدب الإنجليزي فإن أول ما يصادفنا هو مسرحيات وسونيتات الكاتب المسرحي الأعظم على مر التاريخ ألا وهو "وليم شكسبير".
وُلد وليم شكسبير لأبوين من الطبقة الوسطى في بلدة تجارية صغيرة اسمها "ستراتفورد ـ أبون ـ آفون".
يرجع الإقبال الشديد الذي قوبلت به أعمال شكسبير إلى أسباب عدة، أهمها فهم الكاتب للطبيعة البشرية فقد فهم شكسبير طبيعة الإنسان بشكل متميز، لم يتح إلا لقلة من الكَُّتاب المسرحيين الآخرين، مما مكنه من رسم شخصيات ذات معنى تعدى حدود الزمان والمكان اللذين جرت فيهما أحداث مسرحياته.
قام شكسبير بتأليف 37 مسرحية على الأقل، ويكاد يتفق النقاد على تصنيفها في ثلاثة أنواع هي: المسرحيات الكوميدية والتراجيدية والمسرحيات التاريخية تملّك شكسبير وستة من رفاقه عام 1599 مسرح جلوب، وهو مسرح مفتوح يقع في ساوثوارك، إحدى ضواحي لندن، ويُعد من أكبر مسارح منطقة لندن، إذ يتسع لثلاثة آلاف متفرج.
صورة لمسرح "الجلوب"
ومن أهم أعماله المسرحية نذكر "تاجر البدقية" و"الملك لير" و"هاملت" و"عطيل" و"ماكبث" و"أنطوني وكليوبترا" وغيرها الكثير من المسرحيات التي استطاعت سبر أعماق الإنسان وكان ذلك تأسيساً لعلم النفس الحديث فيما يتعلق بتحليل النفس البشرية وقد كتب "شكسبير" نمطاً جديداً من الشعر أصبح يُعرف بـ"سوناتة شكسبير"،وهذا النوع من القصائد له وزن وقافية مختلفة عما سبقها من أنواع الشعر.
شكسبير "حقائق وطرائف"
مما قرأته عن "شكسبير" أنه كان بارعاً في بناء مسرحياته على قصص أو روايات موجودة في السابق وقد تعرّض للنقد الشديد وتم وصفه أحياناً بأنه كان يسرق أعماله من مؤلفين آخرين ومن وجهة نظري المتواضعة فإنني أعتقد أن هذا الأمر تحديداً هو سر نجاح "شكسبير" فمجرد إحضار قصة أو رواية وإعادة صياغتها وإضافة حبكة وشخصيات جديدة عليها وتحويلها إلى عمل خالد تتناقله الأجيال ويُدرس في جامعات العالم ويتم ترجمته إلى معظم اللغات العالمية لهو أمر عظيم
ولا يمكن لأحد القيام به سوى كاتب بحجم وعبقرية "شكسبير".
ومما قرأته أيضاً أن "شكسبير" من أصل عربي واسمه الحقيقي "شيخ زبير"
ولكنني لم أجد دليلاً يقود لهذا الإعتقاد ولا حتى من أين نشأ، حيث أن "شكسبير" إنجليزي أباً عن جد.
ومن الجدير ذكره أن "شكسبير" - في سرحياته الأخيرة على وجه التحديد - لم يكن يستطيع الصبر للرجوع إلى ذاكرته في انتقاء الكلمات، فكلما صادفته فكرة معينة وأراد التعبير عنها كان يلجأ مباشرة إلى الإبتكار لذا فمن المؤكد أن "شكسبير" أضاف إلى اللغة الإنجليزية مئات الكلمات الجديدة.
ومن المعروف أنه خلال العصور الوسطى وحتى العصر الإليزابيثي كان محظوراً على النساء المشاركة في التمثيل لذلك استبدل شكسبير شخصيات النساء بأطفال يرتدون ثياب النساء.
السّير "فيليب سيدني" (1554- 1586)
كان "سيدني" شاعراً وكاتباً ورجل بلاط وجندياً خلال فترة حكم "إليزابيث" وله عدة مؤلفات وقصائد، فمن قصائده الطويلة "أستروفيل وستيلا" والتي تتألف من 108 قصائد وقد ألف أيضاً كتاباً مشهوراً اسمه "الدفاع عن الشعر"، عرض "سيدني" في هذا الكتاب تعريف الشعر ومن هو الشاعر الحقيقي.
الأدب خلال فترة استعادة الملكية (القرن السابع عشر)
تم إطلاق اسم استعادة الملكية على هذا العصر بعد رجوع الملك "تشارلز" الثاني إلى بريطانيا من منفاه في فرنسا وتوليه للعرش ومع رجوعه أحضر معه الذوق الفرنسي في كافة مجالات الحياة في فن العمارة والموسيقى والأدب وأصبح مسموحاً للنساء أن تأخذ أدوراً في المسرحيات وقد حاول البيوريتانيون تطبيق قانون أخلاقي صارم خلال فترة بقائهم في الحكم. وبعد عودة الملكية، كان هناك ردة فعل قوية ضد هذا القانون إذ مارس النبلاء والطبقة العليا حياة إباحية وماجنة أحيانًا وقد عكس كُتّاب هذه الفترة، خاصة الهزليون منهم هذه الإباحية في أعمالهم الأدبية ومن أبرز هؤلاء الكتاب "جون درايدن" و"وليم ويتشرلي" و"وليم كونجريف".
"جون درايدن" (1631 -1700)
برع "درايدن" بوصفه شاعراً مسرحيًا وناقدًا أدبيًا. وكان يعتقد أن الإنسان جزءٌ من المجتمع الذي يمتد بجذوره إلى العهد الإغريقي والروماني القديم ومن أبرز أعماله "أبشالوم وأكيتوفيل" وتناول فيها خصوم الملك بالسخرية والازدراء، كما كتب أيضاً مسرحية "كل شيء في سبيل الحب" وهي محاكاة لمسرحية شكسبير "أنطوني وكليوبترا" وقد تم تنصيبه شاعرًا للبلاط الملكي عام 1668م.
الأدب الإنجليزي في عصر التنوير
(من القرن الـ17 إلى القرن الـ18)
وهي مرحلة من التاريخ شهدت تأكيداً على دور العقل الريادي وأهميته في الوصول إلى حقيقة الأشياء وقد تولى مهمة وضع النظريات في هذا المجال مجموعة من الفلاسفة والمفكرين أبرزهم "رينيه ديكارت" و"جان جاك روسو" والفيلسوف "جون لوك"، ومن الأدباء برز في هذا العصر "ألكسندر بوب".
"ألكسندر بوب" (1688-1744)
أشهر شاعر إنجليزي في أوائل القرن الثامن عشر الميلادي. وقد ولد مشوهاً وطوله لم يزد عن 140سم وكان أحدب الظهر وكان حساساً تجاه هذا التشوه، وتسخر أشعاره الهجائية الرائعة من العديد من الحماقات البشرية، أما ظرفه اللاذع فقد جعله واحدًا من أكثر الكُتَّاب إثارة في إنجلترا في عصره.
كتب بوب أشعاره في ثنائيات جريئة تتكون من بيتين مقفيين يتألف كل منهما من عشرة مقاطع لفظية، وهي أشعار حسنة الصياغة. وأصبح "بوب" واحدًا من أكثر الشعراء الغربيين الذين يتم الاستشهاد بأشعارهم وقد نظم العديد من الأبيات الشهيرة منها ثنائية من مقال في النقد، معبرًا عن آرائه الأدبية وتعد قصيدة بوب اغتصاب الخصلة أكثر قصيدة ملحمية ساخرة في اللغة الإنجليزية وفي هذه القصيدة انتقد بوب تفاهات الناس المتأنقين،
وهي تحكي قصة امرأة شابة رائعة الحسن كان أحد خاطبيها قد نتف خصلة من شعرها في حفلة.
"صمويل جونسون" (1709-1784)
تكمن مكانة جونسون في الأدب الإنجليزي أساسًا في مقدمة نسخته عن مسرحيات وليم شكسبير وفي مجموعة مقالاته حياة الشعراء الإنجليز وتبدو بعض آراء "جونسون" في أعماله هذه غريبة لكن الملاحظ فيها شدة الذكاء وقوة التحكم وقوة وبراعة الكتابة.
حيث جعله ذلك أحد أفضل النقَّاد في اللغة الإنجليزية وبالرغم من أن جونسون كان رجلاً بارزًا إلا أن أعماله بوصفه كاتبًا كانت أكثر روعة وقد أعلن جونسون أنه كان يتحدث من أجل المتعة، ويكتب من أجل كسب العيش.
الأدب الإنجليزي في العصر الرومانسي
قادت ثورات حدثت في نهاية القرن الـ18 إلى تمهيد الطريق لبداية العصر الرومانسي ومن هذه الثورات الثورة الفرنسية والثورة الصناعية وبدأت الثورة الصناعية في بريطانيا لأسباب منها المخزون الكبير من الفحم الحجري والحديد وهما المصدران الطبيعيان اللذان اعتمد عليهما التصنيع بينما كانت المواد الخام الصناعية الأخرى تأتي من مستعمرات بريطانيا وبحلول منتصف القرن الثامن عشر الميلادي أصبحت البلاد القوة الاستعمارية الرائدة في العالم ولم تعد مستعمرات بريطانيا مصدرًا للمواد الخام فحسب بل صارت تمثل أسواقًا للمنتجات المصنَّعة وظهر مجموعة من الشعراء في هذه المرحلة أطلق عليهم الشعراء الرومانسيون.
ومنهم "وليم بليك" و"وليم وردزورث" و"صامويل كلوريدج"
وقد أهمل الشعراء الرومانسيون دور العقل والدين والقانون في المجتمع واعتبروها فاسدة حيث اعتقدوا أن الطبيعة والطفولة هما مصدر البراءة ويجب عدم تلويثها بشرور الإنسان، وسأتحدث عن "وليم بليك" كنموذج عن هؤلاء الشعراء.
"وليم بليك" (1757-1827)
شاعر إنجليزي ورسام مشهور، ولكنه لم يكن يتبع الطرق المألوفة التقليدية التي كان يتبعها غيره. ولم يكن من السهل فهم صوره الرمزية وأشعاره الخيالية لأنه قد اخترع أساطيره الخاصة للتعبير عن أفكاره ومن المعروف رسمه لتصاميم أغلفة كتبه ومن أهم أعماله "الزواج بين السماء والجحيم"، وفيه يمجد الشيطان ويصوره بأنه رمز للحرية، ولكن الأدب الرومانسي لم يستمر طويلاً بسبب وفاة أدبائه في أعمار مبكرة.
العصر الفيكتوري والأدب
لقد غيرت الثورة الصناعية خلال عصر الملكة "فيكتوريا" وجه إنجلترا وحولته من بلد زراعي إلى بلد صناعي حيث شاهد سكان لندن القطار والسيارات والمحركات البخارية للمرة الأولى وسبب ذلك تلوثاً في البيئة، وظهر الشك بوجود الرب جلياً في هذا العصر مع بروز نظريات لعلماء مثل "داروين"، أما في مجال الأدب فقد ظهر على الساحة أدباء كتبوا روايات ما تزال خالدة إلى يومنا الحاضر أمثال "تشارلز ديكنز" والأخوات برونتي ومنهن "إميلي برونتي" مؤلفة رواية "مرتفعات ويذرنج" و"تشارلوت برونتي" مؤلفة رواية "جين آير".
وكما هو جلي فقد كان للفن الروائي النصيب الأكبر في هذا العصر كما كان للصراع الطبقي نصيب في تلك الروايات وسنأتي على ذكر ذلك في حديثنا عن "تشارلز ديكنز"
"تشارلز ديكنز" (1812-1870)
روائي إنجليزي شهير يعد واحدًا من أكثر الكتاب شعبية في جميع العصور ومن أشهر مؤلفاته: "ترنيمة عيد الميلاد" و"ديفيد كوبرفيلد" و"آمال عظيمة" و"أوليفر تويست" و"أوراق بيكويك" و"قصة مدينتين"، كان ديكنز دقيق الملاحظة لما يجري في الحياة، كما كان ذا فهم واسع للجنس البشري وخاصة الشباب وأبدى عطفًا على الفقراء والضعفاء، كما انتقد وسخر من كل أناني جشع غليظ القلب.
وبجانب ذلك، كان فنانــًا هزليــًا مبدعًا واشتهرأيضاً بقصة ذلك الطفل اليتيم الذي تعرض للاستغلال على أيدي اليهودي والذي سخره ليعمل كلص، وما تزال رواية "أوليفر تويست" رمزاً لاستغلال الأطفال حول العالم.
الأدب الإنجليزي في العصر الحديث
شهد العصر الحديث ظهور نوع جديد من الأدب لجأ إلى الرمزية في تناوله للحياة.
أما العالم فقد كان يمر بحالة من اليأس والضياع خصوصاً بعد الحربين العالميتين والقضاء على ملايين البشر وهذا ما عكسه الشعر والمسرح على حد سواء، ومن أبرز أدباء هذا العصر
"دي إتش لورنس" و"جورج برنارد شو" و"جورج أورويل" و"تي إس إليوت".
جورج برنارد شو (1856-1950)
وهو كاتب مسرحي أيرلندي المولد، وناقد، وكاتب. يعد من أشهر الشخصيات الأدبية في أوائل القرن العشرين وأهمها. نال جائزة نوبل للأدب عام 1925م.
لم يرُقْ لشو المسرح الفكتوري الرومانسي، والعاطفي في أواخر القرن التاسع عشر، ويرجع هذا لتأثره الشديد بالدراما الاجتماعية الثورية للكاتب المسرحي النرويجي هنريك إبسن ورأى شو المسرح منبرًا لتدعيم الإصلاح الاجتماعي كتب خلال حياته العملية، أكثر من 50 مسرحية. وكانت معظمها من نوع الهزل وكان الحوار فيها عن الأخلاقيات مهمًّا، مثلما هو بالنسبة للقيم التقليدية الدرامية، تصويرًا ومناشدةً لمشاعر المشاهدين ومن أهم أعماله "الرجل والسلاح" وهي ملهاة مناهضة للحرب.
"صمويل بيكيت" والمسرح العبثي
فيما يتعلق بالمسرح نشأ في هذه الحقبة ما يسمى بالمسرح العبثي وكان زعيم هذا النوع من المسرح الأيرلندي "صمويل بيكيت" وهو روائي وكاتب مسرحي حصل على جائزة نوبل للأدب عام 1969 وله عدة مسرحيات منها "نهاية اللعبة" و"وفاة مالون" وأحد أروع المسرحيات في الأدب الإنجليزي وهي مسرحية "في انتظار جودو" والتي كان لها الأثر العظيم في اعتباره الشخصية الرئيسية في دائرة رواد الأدب والمسرح العالمي وتتناول هذه المسرحية رجلين يقفان في مكان وزمان غير معلومين ويمضيان المسرحية في انتظار شخص لا يأتي أبداً واسمه "جودو".
يناقش بيكيت في هذه المسرحية جدلية الحياة وأنها بلا هدف وأن الإنسان أصبح كائناً مجرداً من الإحساس ومن أي خبرات حتى مجرد معرفة الوقت.
توماس ستيرنس إليوت (1888-1965)
واحد من أبرز الشعراء الإنجليز في القرن العشرين. عُرف بقصائده الشهيرة "أغنية حب لألفرد بروفروك" و"الأرض اليباب" و"أربعاء الرماد" ومسرحية "اغتيال في الكاتدرائية" تحرر من الأساليب الفنية والمواضيع الأساسية لشعر ما قبل الحرب العالمية الأولى وساعدت أشعاره وأعماله النقدية على إعادة تشكيل الأدب الأوروبي المعاصر،
وفي عام 1948م حصل "إليوت" على جائزة نوبل للآداب.
وتظهر الرمزية واضحة في قصيدته الطويلة "الأرض اليباب"
وتنقسم هذه القصيدة إلى أربعة أجزاء أحدثت ضجة كبيرة عند صدورها (1922م).
نظر إليها بعض النقاد على أنها عمل رائع، كما وصفها الآخرون بأنها مجرد خدعة ومع أن هذه القصيدة تتضمن العديد من التلميحات الأدبية الغامضة بلغات أخرى، فإن اتجاهها واضح فهي تعكس ماشاهده إليوت في أوروبا المعاصرة من إفلاس في القيم الروحية ومقارنتها بما كان عليه الماضي من قيم ووحدة.
الــخــاتــمــة
شهدت إنجلترا بعد الحرب العالمية الثانية نشاطًا مسرحيًا كبيرًا، فقد جدد "تي. إس. إليوت" و"كريستوفر فراي" المسرحية الشعرية واشتهر العديد من كتاب الجيل المسرحي الجديد منهم "هارولد بنتر" و"جون أردن" و"إدوارد بوند" وغيرهم أما في الولايات المتحدة، فقد كان أبرز كتاب المسرحية منذ بداية الأربعينيات من القرن العشرين "تنيسي وليمز" و"آرثر ميلر" وكلاهما مزجا الحوار الواقعي مع الأساليب التعبيرية في العرض المسرحي و"إدوارد ألبي" الذي حققت مسرحيته "من يخاف فرجينيا وولف" نجاحًا كبيرًا.
وفي القرن العشرين، بدأت المسارح غير التجارية تتولى عرض المسرحيات الجديدة مثل مسرحية سام شبردالطفل المدفون.
وفي النهاية، ما يزال الأدب بشتى أشكاله ومذاهبه وعلى اختلاف جنسيات مؤلفيه في مختلف أنحاء العالم
أداة للتعبير عن الغضب من الظلم السياسي والاجتماعي ونقداً للواقع ومنبراً للحديث بحرية عما يخشى الأديب قوله في الحياة الواقعية ويتخذ هذا التعبير
شكل صور ورموز تبتعد عن الواقع أحياناً وتلامسه أحياناً أخرى، فالأدب هو سجل الإنسانية ومحراب المبدعين والعين التي ترصد الواقع وتسعى إلى النهوض به.
فكم من قصيدة أو رواية أو مسرحية كانت سبباً في ثورة، أو حافزاً لصحوة شعب.
__________________________________________
تعليق