قيام داعش: الجذور والمنبع، ومصير الأمة - ترجمة الفيلم الوثائقي The Rise Of ISIS

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • Dr-A-K-Mazhar
    ملاح
    • Nov 2007
    • 1858

    في ذاك الوقت اشتعل تنافس محتدم على الهيمنة العالمية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، ومع محاولة كل منهما ضم العالم العربي إلى منطقة نفوذه، أصبح الشرق الأوسط إحدى الحلبات العديدة التي تتصارع عليها القوى العظمى. ومع دخول العالم العربي عصر الاستقلال القومي، وجد أن القواعد الأجنبية — قواعد الحرب الباردة — تقيد المساحة المتاحة له للإمساك بزمام أموره لما يقرب من نصف قرن (من 1945 إلى 1990).

    كانت قواعد الحرب الباردة واضحة: إما أن يكون البلد حليفًا للولايات المتحدة أو الاتحاد السوفييتي، لكن الإبقاء على علاقات طيبة مع الدولتين خيار غير مطروح. بصفة عامة، لم يمل العرب إلى الموقف الأمريكي المعادي للشيوعية ولا إلى المادية الجدلية التي تبناها الاتحاد السوفييتي. وحاولت الحكومات العربية أن تسلك طريقً طريقا وسطا عن طريق حركة عدم الانحياز، لكن دون جدوى. وفي النهاية أُجبرت كل دولة من دول العالم العربي على الانضمام لأحد المعسكرين.

    أطلقت الدول التي دخلت في حيز نفوذ السوفييت على نفسها دولا «تقدمية»، لكن الغرب وصفها بالدول العربية «المتطرفة». شملت هذه المجموعة كل الدول العربية التي اندلعت فيها ثورات، وهي: الجزائر وليبيا ومصر وسوريا والعراق واليمن الجنوبي. وانحازت للغرب الجمهوريات الليبرالية كتونس ولبنان والملكيات المحافظة كالمغرب والأردن والمملكة العربية السعودية ودول الخليج، فوصفتها الدول العربية التقدمية بالدول «الرجعية»، وعدها الغرب دولا «معتدلة». وشرع الغربيون من الصحفييين وصانعي السياسات على حد سواء في استخدام هذه المسميات. تبع هذا ظهور علاقات تبعية ضمنت الدول العربية بمقتضاها أن تحصل من الدول العظمى التي تتبعها على السلاح لجيوشها ومعونات تنمية لإصلاح اقتصاداتها.

    أظهرت الدول العربية أنها مشارك فعال في الحرب الباردة، إذ استخدمت عددا من الأسلحة في محاولة لتحقيق التوازن في اللعب مع القوى العظمى. في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، آمن العرب إيمانًاً راسخا بسياسات القومية العربية؛ غيرأن توالي الهزائم أمام إسرائيل وموت الرئيس المصري جمال عبد الناصر أضعفا مصداقيتها. وفي سبعينيات القرن العشرين استخدمت بعض الدول العربية مواردها النفطية لزيادة نفوذها على الساحة الدولية. وفي ثمانينيات القرن العشرين لجأ الكثيرون في العالم العربي للإسلام السياسي التماسا للقوة والوحدة في مواجهة القوى الخارجية. غير أن أيٍّا من هذه الاستراتيجيات لم يحرر العالم العربي من قواعد الحرب الباردة.

    ظلت الضوابط والتوازنات قائمة مع وجود القوتين العظميين؛ فلا السوفييت ولا الأمريكيون يستطيعون القيام بتصرف يمس المنطقة دون رجوع أحدهما إلى الآخر خوفًا من استثارة رد فعل عدائي. وعاش المحللون في واشنطن وموسكو في ظل الخوف من نشوب حرب عالمية ثالثة، وبذلوا جهدا جهيدا حتى يمنعوا الشرق الأوسط من إشعال هذا الحريق. أيضا تعلم القادة العرب كيف يتلاعبون بالقوى العظمى لصالحهم، إذ وظفوا التهديد بسحب موالاتهم للطرف الذي يدينون له بالتبعية حتى يضمنوا لأنفسهم الحصول على مزيد من الأسلحة ومعونات التنمية. على الرغم من هذا، مع نهاية الحرب الباردة كان العرب واعين تماما أنهم لم يقتربوا من تحقيق درجة الاستقلال والتنمية والاحترام التي طمحوا إليها في بداية هذا العهد. ومع انهيار الاتحاد السوفييتي، أصبح العالم العربي على مشارف عصر جديد تسود فيه ظروف أسوأ.

    ( يتبع)

    تعليق

    • Dr-A-K-Mazhar
      ملاح
      • Nov 2007
      • 1858

      انتهت الحرب الباردة بعد وقت قصير من سقوط سور برلين عام 1989. ومع الغزو العراقي للكويت عام 1990، بدأ عصر القطب الواحد بالنسبة للعالم العربي. هلت بشائر هذا العصر حين صوت السوفييت لصالح قرار أصدره مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يضفي الشرعية على الحرب التي قادتها الولايات املتحدة على حليف الكريملين القديم، العراق. سقطت قواعد حقبة الحرب الباردة لتفسح الطريق أمام عصر من القوة الأمريكية المطلقة، وتوقع الكثيرون في المنطقة حدوث الأسوأ.

      ربما كانت قواعد عصر الهيمنة الأمريكية الجديد هي الأصعب في تعريفها. فقد انتهج ثلاثة رؤساء أمريكيون سياسات مختلفة على مدار تسعينيات القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين. فجورج بوش الأب الذي كان في منصب الرئيس وقت انهيار الاتحاد السوفييتي رأى أن نهاية الحرب الباردة تعني بداية نظام عاملي جديد. وفي عهد بيل كلينتون، ظل تعزيز التعاون الدولي والمشاركة هما السمتان الأساسيتان لسياسة الولايات املتحدة. لكن مع وصول المحافظين الجدد إلى السلطة عقب انتخاب جورج بوش الابن عام 2000، غيرت الولايات المتحدة توجهاتها متبنيةً سياسة اتخاذ القرارات بصفة فردية دون مراجعة. وفي أعقاب الهجوم الذي تعرضت له الولايات المتحدة في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، صار لهذه السياسة آثار مدمرة على المنطقة بأكملها، إذ أدت إلى شن حرب على الإرهاب تركز على العالم الإسلامي وتنظر إلى العرب باعتبارهم المشتبهين الرئيسيين.

      من الواضح أن قواعد اللعبة اليوم تعارض مصالح العالم العربي أكثر من أي وقت مضى. وباستثناء دول الخليج التي استغلت عهد الهيمنة الأمريكية الجديد لتحقق لمواطنيها نموا اقتصاديٍّا واستقرارا سياسيٍّا ملحوظين، فإن الحقبة التي تلت الحرب الباردة اتسمت باندلاع العنف والقلاقل في الشرق الأوسط، وصارت نظرة العرب للمستقبل أكثر تشاؤما من أي وقت مضى، سواء على الصعيد الداخلي أو العالمي أو على مستوى المنطقة.

      انتهى النقل من مقدمة الكتاب المذكور أعلاه

      ( يتبع)

      تعليق

      • Dr-A-K-Mazhar
        ملاح
        • Nov 2007
        • 1858

        بعض الملاحظات

        00- الكتاب تم ترجمته من الانجليزية عام ربيع الثورات العربية 2011

        00- كتب المؤلف نفسه فى تقديم الترجمة العربية...


        وأخيًراً فإنني أتشوق إلى رؤية الكتاب منشورا بالعربية في عام 2011؛ هذا العام الثوري. لقد تسبب شعب تونس والشعب المصري وجميع هؤلاء الذين يطالبون بحقوقهم بوصفهم مواطنين وبشرا مُكرمين في جميع أنحاء العالم العربي، بفوز العرب باحترام المجتمع الدولي الذي استحقوه بكل جدارة.

        00- ما جاء يوضح رؤية كاتب لما يجرى فى المنطقة منذ سقوط آخر خلافة، وفهمه لصراع القوى فى هذه المنطقة، فإذا كان هذا المنشور من كاتب، فما بالك بالعاملين فى استخبارات الدول، و وزرات الخارجية و فهمهم و رؤيتهم للمنطقة.

        00- من الغباء أن نتصور أن حكام الدول العربية و ملاك مصادر معلوماتها، وخبراء وزرات خارجيتها و استخبارتها لا يعلمون مثل ما يعلمه هذا الكاتب و غيره من كتابات و تقارير منشورة.

        00- وردت عبارة الإسلام السياسي كخيار لبعض القوى العربية فى الصراع بعد عدم قدرة الفكر القومي على تحقيق الآمال!؟

        00- الفترة من بعد احتلال و تقسيم العراق حتى الآن هى الفترة التى نشأت فيها "داعش" و هذا يثير التفكير فيمن يقف وراء "داعش"، و يمكننا هنا أن نضع فرضيتين على أقل تقدير:

        ( يتبع)

        تعليق

        • Dr-A-K-Mazhar
          ملاح
          • Nov 2007
          • 1858

          قال موقع جلوبال ريسيرش الكندي إن قوات الأمن العراقية قامت، اليوم الخميس، بأسر ضابط في الجيش الإسرائيلي يقود مجموعة من مسلحي تنظيم داعش، مشيرة إلى أن هذا الأمر يطرح تساؤل: من يقف وراء هذا التنظيم؟

          ولفت الموقع إلى أن الضابط الذي تم القبض عليه يدعى يوسي أولين شاهاك برتبة عقيد في لواء جولاني الإسرائيلي ورمزه الأمني " Re34356578765az231434"، مضيفا أن القوات العراقية تحقق في أسباب تواجد الضابط الإسرائيلي مع مسلحي داعش.

          وأوضح الموقع أن الضابط الإسرائيلي أدلى باعترافات صادمة، مشيرا إلى قول عدد من مسلحي داعش الذين تم القبض عليهم في العراق أن ضباط إسرائيليين وعملاءً للموساد تواجدوا بين المسلحين منذ بداية القتال في يونيو 2014.

          (منقول من https://www.facebook.com/ahmad.alshaikh.71?fref=nf)

          للإطلاع على الخبر من مصدره إليكم الرابط:
          “The security and popular forces have held captive an Israeli colonel,” a commander of Iraq’s popular mobilization forces said on Thursday. “The Zionist officer is ranked colonel and had participated in the Takfiri ISIL group’s terrorist operations,” he added. Noting that he was arrested along with a number of ISIL terrorists, the commander said, “The …



          و السؤال الهام

          هل تثق بمصدر هذه المعلومات؟

          ويبدو أنه من مصدر إيرانى بتاريخ 22 اكتوبر 2015 على الرابط



          تعليق

          • Dr-A-K-Mazhar
            ملاح
            • Nov 2007
            • 1858


            كتاب تنظيم الدولة الإسلامية: الأزمة السنية والصراع على الجهادية العالمية
            تأليف: حسن أبو هنية ومحمد أبو رمان
            .
            الكتاب مليء بالمعلومات الغزيرة التي لا تتوقف عند العرض التاريخي لجذور تنظيم الدولة وجبهة النصرة ومسيرتهما، بل يدرس الشروط الذاتية والموضوعية التي أنتجت التنظيم في العراق ووسائله العنفية التي لا تنفصل -بحسب المؤلفين- عن المحيط الذي عانى من الحروب لعقود طويلة، وغرق في العنف ومزقته الصراعات. وقد تحولت هذه الدوامة إلى أزمة للسنة تمثلت في الصراع على الجهادية العالمية التي "نمذجت" العنف.
            .
            يركز الكتاب بشكل خاص على جذور الخلافات بين "تنظيم الدولة" و"جبهة النصرة" والمعارك التي قامت بينهما، وهي محاولة من الباحثين لفهم التنظيم ومرجعياته الفكرية، وتنظيرات قادته بعيدا عن التفسيرات الاستشراقية في فهم الظاهرة، والإجابة عن عدد من الأسئلة التي تتصل بالإشكالات والتنظيم ومعالم فكره وما يرافقها من غموض. يتناول المؤلفان هذه القضايا عبر ستة فصول في الكتاب الذي يعد وثيقة مهمة لدراسة صعود السلفية العالمية وتفرعاتها، وطبيعة التنظيم وهيكله وبرامجه وتمويله وعلاقاته وصعوده السريع و"الهوس الإعلامي" بمتابعة أخباره.
            .
            حول الكتاب و تحميله

            .

            تعليق

            • فيصل كريم
              مشرف
              • Oct 2011
              • 296

              شكر الله لكم يا أستاذنا الدكتور عبد الحميد. كتاب مفيد ويستحق الدراسة والتقييم. وفي ذات الإطار، اشتريت مؤخرا كتابا إليكترونيا ضخما بعنوان "الوهابية دين سعودي جديد: كشف المستور في تاريخ نجد المبتور" لمؤلفه سعود السبعاني. وللأسف لا توجد منه نسخة مجانية لنعرضها للقراء. لكن يتوفر كذلك كتاب آخر على النت بعنوان "الوهابية: بين الشرك وتصدع القبيلة" لمؤلفه د. خالد الدخيل.

              وعندما نقارن بين "داعش" أو تنظيم الدولة وجبهة النصرة، سنجد أنفسنا أمام حالة من التناقض الجامد الذي لا يستطيع هذان الطرفان الفكاك منه. فأما سبب التناقض تكتيكي بحت، وأما الجمود فمنبعه أن كلاهما قادم من ذات المدرسة، ألا وهي الحركة الوهابية. ولا يستطيع أي طرف إنكار ذلك أو الهروب منه، وأخص بالذكر الأطراف التي تحارب التنظيمين في دول الخليج الوظيفية. فمهما حاولوا تجميل أو تنميق دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، سنكتشف أن هذين التنظيمين، ومن قبلهما القاعدة، إنما يطبقان ما ذهب إليه محمد بن الوهاب من عقيدة وحركة في القرن الثامن عشر، لكن بدرجات متفاوتة وبتباين تطبيقي بين هذه التنظيمات. فالقاعدة اتخذت منهج الجهاد العالمي، ولم تركز على النظرة لعموم المسلمين والحكم فيهم وعليهم. لكن داعش لجأت إلى تبني المفهوم الوهابي حيال النظرة للمسلمين وكيفية التصرف حيالهم بشكل أقرب للتحركات التي وقعت في منتصف القرن الثامن عشر وكذلك بداية القرن العشرين (حركة إخوان من طاع الله). وفي هذا تفصيلات كثيرة ومعقدة.

              وهذا الواقع المعاصر يفرض علينا العودة لدراسة الفكر الذي أخرجه الشيخ محمد بن عبد الوهاب وما الذي أنتجه عقائديا ومذهبيا وسلوكيا، وكذلك المحيط الذي نشأ فيه، وكيفية ترعرع هذا المذهب وأسباب تفوقه على الدعوات والحركات السنية الأخرى، وما علاقة هذه الدعوة "بشيخ الإسلام" تقي الدين ابن تيمية وتلميذه ابن القيم الجوزية، ثم ما هي أوجه التلاقي والتضاد بين الحركة الوهابية والمذهب الشيعي والمذاهب الأخرى، وهل الدعوة الوهابية التي أخرجها الشيخ محمد بن عبد الوهاب تختلف أو حتى تتناقض مع الوهابية المعاصرة، وما هو سبب التباين والتناقض إن وجد؟

              كل هذه أسئلة لا نستطيع الإجابة عنها بحرية لعدة عوامل: منها أن الدولة التي ترعى هذا المذهب لا تسمح بحرية المراجعة الموضوعية الصادقة للوصول إلى الحقيقة. وكذلك أن معظم من ينتمي لهذه الحركة يرفض المراجعة الفكرية الجادة لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ويلجأون إلى الترهيب والتخوين وإطالة اللسان لأنهم لا يريدون أن يقول أحد أن شيخهم قد أخطأ في كذا وكذا، فهذه لديهم داهية الدواهي (في أسبوع واحد اتهمني شخصان في مكانين مختلفين أنني "من أهل البدع والأهواء والباطل" فقط لأنني قلت إننا ملزمين بالكتاب والسنة ولسنا ملزمين بما ذهب إليه محمد بن عبد الوهاب) وهم بذلك يحكمون على شيخهم بالعصمة وأن منهجه هو الإسلام بأنقى صوره، والمفارقة أن بعضا من كبار الرحالة والمستشرقين الأجانب المستكشفين لمنطقة نجد في نهايات القرن الثامن عشر وبدايات التاسع عشر قد وصفه بهذا الوصف المعصوم.

              والحق يقال -بالرغم مما فيه من مرارة- أن مراجعة الدعوة الوهابية ونقدها إذا جاءت من خارج المدرسة السلفية فلن يكون لها حظ من المصداقية أو القبول، والسبب في ذلك معلوم بطبيعة الحال. أما نحن أبناء السنة والسلف الصالح فنزعم أن مراجعتنا صادقة ولا تهدف إلى تدمير المنظومة الفكرية بكاملها بقدر ما تهدف إلى إصلاحها وتبيان مكامن الخلل فيها، فدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ليست كلها على خطأ بل فيها ما هو خير وصلاح، على الرغم من تصوراتها العقدية والمنهجية غير السليمة والمشوهة. ولذلك، هذا السبب الذي دفعني بربط عنوان العمل بمصير الأمة، ومازلت أصر على ذلك.

              تعليق

              • Dr-A-K-Mazhar
                ملاح
                • Nov 2007
                • 1858

                المشاركة الأصلية بواسطة فيصل كريم مشاهدة المشاركة
                شكر الله لكم يا أستاذنا الدكتور عبد الحميد. كتاب مفيد ويستحق الدراسة والتقييم. وفي ذات الإطار، اشتريت مؤخرا كتابا إليكترونيا ضخما بعنوان "الوهابية دين سعودي جديد: كشف المستور في تاريخ نجد المبتور" لمؤلفه سعود السبعاني. وللأسف لا توجد منه نسخة مجانية لنعرضها للقراء. لكن يتوفر كذلك كتاب آخر على النت بعنوان "الوهابية: بين الشرك وتصدع القبيلة" لمؤلفه د. خالد الدخيل.

                وعندما نقارن بين "داعش" أو تنظيم الدولة وجبهة النصرة، سنجد أنفسنا أمام حالة من التناقض الجامد الذي لا يستطيع هذان الطرفان الفكاك منه. فأما سبب التناقض تكتيكي بحت، وأما الجمود فمنبعه أن كلاهما قادم من ذات المدرسة، ألا وهي الحركة الوهابية. ولا يستطيع أي طرف إنكار ذلك أو الهروب منه، وأخص بالذكر الأطراف التي تحارب التنظيمين في دول الخليج الوظيفية. فمهما حاولوا تجميل أو تنميق دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، سنكتشف أن هذين التنظيمين، ومن قبلهما القاعدة، إنما يطبقان ما ذهب إليه محمد بن الوهاب من عقيدة وحركة في القرن الثامن عشر، لكن بدرجات متفاوتة وبتباين تطبيقي بين هذه التنظيمات. فالقاعدة اتخذت منهج الجهاد العالمي، ولم تركز على النظرة لعموم المسلمين والحكم فيهم وعليهم. لكن داعش لجأت إلى تبني المفهوم الوهابي حيال النظرة للمسلمين وكيفية التصرف حيالهم بشكل أقرب للتحركات التي وقعت في منتصف القرن الثامن عشر وكذلك بداية القرن العشرين (حركة إخوان من طاع الله). وفي هذا تفصيلات كثيرة ومعقدة.

                وهذا الواقع المعاصر يفرض علينا العودة لدراسة الفكر الذي أخرجه الشيخ محمد بن عبد الوهاب وما الذي أنتجه عقائديا ومذهبيا وسلوكيا، وكذلك المحيط الذي نشأ فيه، وكيفية ترعرع هذا المذهب وأسباب تفوقه على الدعوات والحركات السنية الأخرى، وما علاقة هذه الدعوة "بشيخ الإسلام" تقي الدين ابن تيمية وتلميذه ابن القيم الجوزية، ثم ما هي أوجه التلاقي والتضاد بين الحركة الوهابية والمذهب الشيعي والمذاهب الأخرى، وهل الدعوة الوهابية التي أخرجها الشيخ محمد بن عبد الوهاب تختلف أو حتى تتناقض مع الوهابية المعاصرة، وما هو سبب التباين والتناقض إن وجد؟

                كل هذه أسئلة لا نستطيع الإجابة عنها بحرية لعدة عوامل: منها أن الدولة التي ترعى هذا المذهب لا تسمح بحرية المراجعة الموضوعية الصادقة للوصول إلى الحقيقة. وكذلك أن معظم من ينتمي لهذه الحركة يرفض المراجعة الفكرية الجادة لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ويلجأون إلى الترهيب والتخوين وإطالة اللسان لأنهم لا يريدون أن يقول أحد أن شيخهم قد أخطأ في كذا وكذا، فهذه لديهم داهية الدواهي (في أسبوع واحد اتهمني شخصان في مكانين مختلفين أنني "من أهل البدع والأهواء والباطل" فقط لأنني قلت إننا ملزمين بالكتاب والسنة ولسنا ملزمين بما ذهب إليه محمد بن عبد الوهاب) وهم بذلك يحكمون على شيخهم بالعصمة وأن منهجه هو الإسلام بأنقى صوره، والمفارقة أن بعضا من كبار الرحالة والمستشرقين الأجانب المستكشفين لمنطقة نجد في نهايات القرن الثامن عشر وبدايات التاسع عشر قد وصفه بهذا الوصف المعصوم.

                والحق يقال -بالرغم مما فيه من مرارة- أن مراجعة الدعوة الوهابية ونقدها إذا جاءت من خارج المدرسة السلفية فلن يكون لها حظ من المصداقية أو القبول، والسبب في ذلك معلوم بطبيعة الحال. أما نحن أبناء السنة والسلف الصالح فنزعم أن مراجعتنا صادقة ولا تهدف إلى تدمير المنظومة الفكرية بكاملها بقدر ما تهدف إلى إصلاحها وتبيان مكامن الخلل فيها، فدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ليست كلها على خطأ بل فيها ما هو خير وصلاح، على الرغم من تصوراتها العقدية والمنهجية غير السليمة والمشوهة. ولذلك، هذا السبب الذي دفعني بربط عنوان العمل بمصير الأمة، ومازلت أصر على ذلك.

                أخى الفاضل و الأستاذ الكريم العزيز فيصل كريم

                تحية طيبة تليق بك و شكرا على ما تفضلت به...

                و لكن..

                ما تفضلت به يحيل كل الأمور التى تجرى أمام اعيننا، و ما يحدث على الأرض، إلى التأسيس الفكرى المعتمد علي المذهب الوهابي؟
                و لكن هل هذا يفيد فى فهم الصورة بأبعادها الأكثر من أربعة؟

                لذلك فربما بعض الوقفات للتأمل و الاستفهام ، تفيد فى هذه اللحظة الراهنة، بغرض تكرار المحاولات المستمرة لفهم ما يجري على الأرض منذ عدة سنوات أو ربما عشرات السنوات!!

                الموضوع الآن ساخن، ليس فى مجال الكلام و المقالات و التحليلات و الأحاديث فقط و لكن فى التحركات على الارض الظاهرة و الخفية!!

                ولا ننسي الطائرات متنوعة العلامات والأعلام والإشارات فى الجو
                و القنابل و الصواريخ و البراميل المتفجرة فى رحلتها المستمرة من السماء للأرض
                و المدافع والدبابات و المصفحات وعربات الجنود و المشاة و....و المليشيات المتعددة الجنسيات و المذاهب و الطوائف و....و المرتزقة على الأرض!
                و التحالفات المتعددة ضد بعضها البعض وكل تحالف مختص بمحاربة نوع ما من الإرهاب!!
                و لقاءات الأمم المتحدة و الجامعة العربية و قادة البلاد و الجيوش، و وزراء الخارجية والداخلية و الاستخبارات و...

                هل كل هذا بسبب داعش أو الدولة الإسلامية أو بوكو حرام أو حركة الشباب أو القاعدة أو طالبان أو...
                و
                بتأصيلات المذهب الوهابي؟؟

                بالنسبة لي شخصيا أنا لم افهم كل ما يجري، و أحاول الفهم المتكامل من مدة و لكن لم تتضح لي كل الأمور بشكل جلي بعد.

                و نظرة على ما يجرى منذ مدة طويلة سوف اقسمها فى صفحة تالية ( إن شاء الله) أسأل:

                من بيده أوراق اللعبة و يحركها:

                المذهب الوهابي و ما يمتلكه من قوة جيوش و مال على الأرض؟
                أم
                الفكر الرأسمالي وما يملكه من قوى لتحريك الأمور على سطح الأرض؟
                أم
                الفكر الشيوعى القديم أو المعدل على يد بوتين و ما يملكه من قوي على الأرض؟
                أم
                الفكر الصينى و حركته؟
                أم
                الفكر الإيرانى و قواه على الأرض؟
                أم
                الفكر التركي و تحركاته و قواه على مسرح الأحداث؟

                ثم

                ما علاقة كل هذا ب...

                داعش ..الدولة الإسلامية ، بوكو حرام ، حركة الشباب ، طالبان ، القاعدة ، الإخوان ، .....
                و
                مذهب عبد الوهاب؟

                ( يتبع)

                تعليق

                • Dr-A-K-Mazhar
                  ملاح
                  • Nov 2007
                  • 1858


                  [align=center]هل داعش و مذهب عبد الوهاب هما ما يفسر ما يحدث فى المنطقة، أم أنهما أدوات ووسائل فقط فى يد من يحرك الأحداث؟[/align]

                  تبدو فى الأفق سيناريوهات محتملة لإعادة رسم خرائط المنطقة بتغيير موازين القوى و لكن على عكس التقسيم القديم "سايكس بيكو" فإن فكرة الفيدرالية مرشحة و لكن عن طريق صراعات بين طوائف و مذاهب وأعراق تتم بالمليشيات والاغتيالات و إسالة الدماء و تحالفات غريبة؟؟

                  ولكن يبدو أن هناك اتفاقاً بين اللاعبين الكبار علي ذلك و لكن المشكلة فى خيارات اللاعبين الإقليميين الآخرين. ورغم أن مناورات "رعد الشمال" تعطى الانطباع بوجود تحالف عسكرى يستعد لدخول معركة، إلا أن الاحتمال الأكثر قبولا أن المناورة سياسية ولكن بمظهر عسكري!

                  و يبدو أن تكوين تحالف عسكرى حقيقى احتماله ضعيف، فقد تقوض سابقا المشروع المصري بتكوين "قوة عربية مشتركة" دون توضيح أسباب ذلك الفشل. ربما لأن الهدف من وراء أى تحالف عسكرى غير متفق عليه و غير واضح، بالإضافة إلى أنه لم يقدم إجابة على السؤال:...

                  من العدو؟

                  وفى انتظار نتائج ما يحدث لابد لنا أن نبحث عن الخلل فى السياسات والتوجهات، و فهم تعدد و ربما تناقض الأهداف و المصالح العربية-الإسلامية. و بعد ذلك لابد من وضع رؤية لإصلاح الخلل و تصحيح الأخطاء و إلا فستسير الأمور كما تريد القوى الكبري، و ربما تكتمل سيناريوهات التقسيم للعراق و سوريا و ليبيا، و ربما السعودية و مصر.....

                  وكارثة التقسيم هذه لا اعتقد أننا نرضاها


                  ( يتبع)

                  تعليق

                  • فيصل كريم
                    مشرف
                    • Oct 2011
                    • 296

                    هنا رأي للأستاذ مجاهد مأمون ديرانية عن جبهة النصرة، لعله يسلط ضوءا على اختلافها عن تنظيم الدولة وعن حقيقة ما تسعى إليه


                    -----------------------------------------

                    وفي هذه الأثناء، سأطلع باهتمام على ما يتفضل الدكتور عبد الحميد مظهر بتدوينه في هذه الشأن. ثم سأحاول توضيح مسألة الفكرة والتطبيق، وعلاقة "الوهابية" بمصير الأمة لاحقا بمشيئة الله.

                    تعليق

                    • Dr-A-K-Mazhar
                      ملاح
                      • Nov 2007
                      • 1858

                      أخى الكريم فيصل

                      تحياتي

                      أولاً: أود أن اشكرك علي المقالة القصيرة ( 73 صفحة) حول الانتقادات الموجهة لجبهة النصرة للأستاذ مجاهد مأمون ديرانية. و السؤال: من هو الأستاذ مجاهد بالنسبة لعمل فصائل المعارضة؟

                      يبدو أنه مشاهد لما يحدث بين الفصائل المتعددة للمعارضة السورية ( جبهة النصرة، الجيش الحر، جند الاقصى ، جيش الفتح ، أحرار الشام ، تنظيم الدولة....)، وأنه ليس من القادة الذين بيدهم القرار ومن يحركون المجاهدين للقتال على الأرض.

                      ثانياً: يبدو مما كتبه الأستاذ مجاهد أن هناك علاقات من نوع ما بين الظواهرى و القاعدة و جبهة النصرة و داعش!!

                      ثالثاً: الكثير من المسلمين الجيدين والمخلصين ينضمون لحركات إسلامية للجهاد والدفاع عن الإسلام و... و لكن الكثير منهم لا يعرف من يخطط لكل فصيل و ما أهداف كل فصيل الحقيقية ،وما تحالفاته الوقتية و الاستراتيجية.

                      رابعاً: تعدد الفصائل و قادتها و تحالفتها لا يُشير إلى أنها كلها تتبع فقه المذهب الوهابى. و السؤال: هل ممكن من تأمل أعمال هذه الفصائل أن ننسبها إلى "الوهابية"؟

                      خامساً: واضح أن المشكلة الاساسية هى " من العدو؟"

                      سادساً: تعدد الأعداء يصاحبه تعدد المذاهب الفقهية للتعامل معها، فأى فقه يمثل الإسلام؟ وهل هناك إسلام واحد أم إسلامات؟

                      سابعاً: المتأمل لما يحدث بين الفصائل التى تنتسب للإسلام ، وعدم تحديد " العدو" يسأل: من يتآمر على من ؟ وهل نظرية المؤامرة مازالت صالحة للتفسير؟

                      ثامناً: نظراً لهذا التعدد لابد من طرح السؤال التالي: من الذى يُعرف "الإرهاب" ومن ثم من الذى يحدد الجماعات الإرهابية و الجماعات غير الإرهابية؟

                      تاسعاً: فى المفاوضات التى تجري فى جنيف من الذى حدد الفصائل التى تمثل المعارضة غير الإرهابية؟ و الأسماء التى تمثلها؟ وهل هذه الاشخاص لهم تأثير على قرارات كل فصيل؟

                      عاشراً: فى حالة مثل هذه يمكن فهم كيف يمكن لقوى كبري التلاعب بقيادات فصائل ( إسلامية) متعددة لها اتجاهات وأهداف و استراتيجيات و تحالفات مختلفة و فقه مختلف. وهل هذا التعدد الحركي فى ربط الفكر الإسلامي الفقهى بالتطبيق كله يستند إلي فقه مذهب و احد...."المذهب الوهابى"؟

                      ومع كل التقدير

                      ( يتبع)

                      تعليق

                      • Dr-A-K-Mazhar
                        ملاح
                        • Nov 2007
                        • 1858

                        ما العلاقات والارتباطات الفقهية بين القاعدة و جبهة النصرة و تنظيم الدولة و....و المذهب الوهابي؟

                        و هذه نماذج من بعض المطبوعات والتي تمثل وجهات نظر مؤلفيها


                        1) في نقد تنظيم القاعدة: مساهمة في دحض أطروحات الحركات الإسلامية الجهادية - منتصر حمادة



                        2) جبهة النصرة


                        3) تنظيم الدولة الإسلامية: الأزمة السنية والصراع على الجهادية العالمية - حسن أبو هنية ومحمد أبو رمان



                        4) الإسلام الوهابي في مواجهة تحديات الحداثة - محمد العطاونة




                        5) الوهابية فى صورتها الحقيقية - صائب عبد الحميد



                        6) نقد الخطاب السلفي: ابن تيمية نموذجاً - رائد السمهوري

                        تعليق

                        • Dr-A-K-Mazhar
                          ملاح
                          • Nov 2007
                          • 1858

                          هل هناك ارتباطات استراتيجية أو فقهية بين القاعدة و جبهة النصرة و داعش( تنظيم الدولة)
                          و بين التنظير السلفي أو الوهابى؟

                          ثم

                          كيف ينعكس ذلك تطبيقاُ و تخطيطاً وتنفيذاً على الأرض فى تحالفات و قتال و صراع بين فصائل لإعادة الإسلام و بناء دولته؟

                          ثم

                          ما علاقة الدول القائمة و انظمتها و دول العالم مما يجرى على الأرض؟

                          ثم ماعلاقة الإرهاب والإسلام بكل هذه الفصائل فى سوريا و افغانستان والصومال و ......

                          ( يتبع)

                          تعليق

                          • Dr-A-K-Mazhar
                            ملاح
                            • Nov 2007
                            • 1858

                            ثم كيف يمكن أن نستفيد من التجربة التركية؟


                            1) العلاقات العثمانية - الأوروبية في القرن السادس عشر - إدريس الناصر رانسي


                            2) نهاية الدولة العثمانية وتشكيل الشرق الأوسط - ديفيد فرومكين


                            3) يقظة الإسلام في تركيا



                            4) التجربة الإسلامية التركية: معالم التجربة وحدود المنوال في الوطن العربي - جلال ورغي


                            ( يتبع)

                            تعليق

                            • فيصل كريم
                              مشرف
                              • Oct 2011
                              • 296

                              المشاركة الأصلية بواسطة dr-a-k-mazhar مشاهدة المشاركة
                              أخى الكريم فيصل

                              تحياتي

                              أولاً: أود أن اشكرك علي المقالة القصيرة ( 73 صفحة) حول الانتقادات الموجهة لجبهة النصرة للأستاذ مجاهد مأمون ديرانية. و السؤال: من هو الأستاذ مجاهد بالنسبة لعمل فصائل المعارضة؟

                              يبدو أنه مشاهد لما يحدث بين الفصائل المتعددة للمعارضة السورية ( جبهة النصرة، الجيش الحر، جند الاقصى ، جيش الفتح ، أحرار الشام ، تنظيم الدولة....)، وأنه ليس من القادة الذين بيدهم القرار ومن يحركون المجاهدين للقتال على الأرض.

                              ثانياً: يبدو مما كتبه الأستاذ مجاهد أن هناك علاقات من نوع ما بين الظواهرى و القاعدة و جبهة النصرة و داعش!!

                              ثالثاً: الكثير من المسلمين الجيدين والمخلصين ينضمون لحركات إسلامية للجهاد والدفاع عن الإسلام و... و لكن الكثير منهم لا يعرف من يخطط لكل فصيل و ما أهداف كل فصيل الحقيقية ،وما تحالفاته الوقتية و الاستراتيجية.

                              رابعاً: تعدد الفصائل و قادتها و تحالفتها لا يُشير إلى أنها كلها تتبع فقه المذهب الوهابى. و السؤال: هل ممكن من تأمل أعمال هذه الفصائل أن ننسبها إلى "الوهابية"؟

                              خامساً: واضح أن المشكلة الاساسية هى " من العدو؟"

                              سادساً: تعدد الأعداء يصاحبه تعدد المذاهب الفقهية للتعامل معها، فأى فقه يمثل الإسلام؟ وهل هناك إسلام واحد أم إسلامات؟

                              سابعاً: المتأمل لما يحدث بين الفصائل التى تنتسب للإسلام ، وعدم تحديد " العدو" يسأل: من يتآمر على من ؟ وهل نظرية المؤامرة مازالت صالحة للتفسير؟

                              ثامناً: نظراً لهذا التعدد لابد من طرح السؤال التالي: من الذى يُعرف "الإرهاب" ومن ثم من الذى يحدد الجماعات الإرهابية و الجماعات غير الإرهابية؟

                              تاسعاً: فى المفاوضات التى تجري فى جنيف من الذى حدد الفصائل التى تمثل المعارضة غير الإرهابية؟ و الأسماء التى تمثلها؟ وهل هذه الاشخاص لهم تأثير على قرارات كل فصيل؟

                              عاشراً: فى حالة مثل هذه يمكن فهم كيف يمكن لقوى كبري التلاعب بقيادات فصائل ( إسلامية) متعددة لها اتجاهات وأهداف و استراتيجيات و تحالفات مختلفة و فقه مختلف. وهل هذا التعدد الحركي فى ربط الفكر الإسلامي الفقهى بالتطبيق كله يستند إلي فقه مذهب و احد...."المذهب الوهابى"؟

                              ومع كل التقدير

                              ( يتبع)
                              حياكم الله يا دكتور. مجاهد مأمون ديرانية تعرفت على فكره قبل نحو عامين حين وضع سلسلة مقالات عن جرائم داعش وانتهاكها للثورة السورية واختطافها وعلاقتها المشبوهة مع النظام السورية وكذلك منشئها الإسلاموي-البعثي واتخاذها من "الوهابية" قناعا ومطية للوثوب على السلطة بعد تنحية مصادرها البعثية منه في العراق إثر الغزو الأمريكي سنة 2003. أنا لا أزكي الرجل بقدر أنني لم أشهد منه سوى ما نصبو إليه جميعا من إزالة النظام الإجرامي الأسدي وترك الحرية للسوريين في تقرير مصيرهم وعدم السطو على ثورتهم من أي طرف خارجي.

                              ويبدو أننا بالغنا في إحسان الظن في جبهة النصرة، فقد قلدت أختها داعش في كثير من السلوكيات المستبدة والانتهاكات الإجرامية، والتهافت على نصب "إمارتها" القاعدية وتطبيق الحدود على الناس دون سلطة شرعية متفق عليها من الأمة، وهذا افتئات ما بعده افتئات.

                              والحق أنني بعد مشاهدتي لمقابلة أبي محمد الجولاني أمير جبهة النصرة مع أحمد منصور في قناة الجزيرة اكتشفت فيه خللا كبيرا في العديد من المفاهيم والتصورات التي طرحها، حيث اقترب الرجل من السذاجة والسطحية في معظم أفكاره التي شرحها في ذلك اللقاء. ولم أكن لوحدي من شعر بذلك، فأتذكر أن إذاعة التجديد الإسلامي كانت تتغنى بالرجل وجبهته وتشجعه وتحفزه، لكن لثاني مرة يقع الدكتور محمد المسعري في فخ حسن الظن وتصنيع الأمل. فلما ظهرت أفكار الجولاني التقليدية والجامدة في المقابلة، تبين للمسعري أنه لا يعدو كونه تابعا لذات المدرسة الفكرية المتشددة وهو ليس سوى أمير حرب لا يحمل من الفكر سوى ما تلقنه على استحياء من تلك المدرسة.

                              لكنني أرى بهذا جانبا مفيدا ويستحق الدراسة والتمعن، ففضيلة الدكتور عبد الحميد مظهر يتحدث عن مكونات القوة وأسبابها ودوافعها وآلياتها حتى تتمكن أية أمة من الدفع والتأثير والتغيير، وهذا لن يتم -برأيي- إلا بتصحيح الخلل الفكري الابتدائي الذي تعيشه أية أمة. فالشعوب الغربية -على سبيل المثال- تعيش انسجاما وتوحدا لرؤيتها ومنهجها وسلوكياتها مع انطلاقتها الفكرية ومبادئها الآيديولوجية. فهي قد اختارت الحل المنهجي العلماني في الحياة لكي تمضي قدما في سلك دروب التطور والأخذ بأسباب العلم والقوة، وقد نجحت في ذلك نجاحا ملحوظا، ولم تكتفِ بهذا النجاح بل سعت وعملت على تصدير هذا المنهج واسع النطاق إلى مناطق وأقاليم لا يصلح لها على الأرجح. في حين أننا نعيش صراعات متعددة داخلية وخارجية لإعادة تعريف هويتنا وماهية المنهج الذي سنسلكه في هذا العصر. ولا شك أن الأمم التي تحسم مسألة هويتها ومنهجها -سواء صحت أو بطلت- ستتفرغ لسلك طريق التقدم والتطور والقوة.

                              لا أستطيع الحكم في أن الفرقة الوهابية هي أهم معطل للأمة الإسلامية في العودة إلى الاتفاق حول الهوية الجامعة لها، فلربما سيكون هذا ظلما كبيرا، لاسيما وأن المذهب الوهابية لم يتشكل إلا في منتصف القرن الثامن عشر، وهذه ليست بالمدة الكافية لكبح المشروع الإسلامي الذي انطلق بكل قوة واكتسح العالم بأفكاره الشاملة وخضعت له الأمم والشعوب عن طيب خاطر. قطعا ثمة معطلات أخرى كثيرة، لكن الدارس الواعي لن يستثني أتباع هذه المدرسة وما أنتجته من دولة من كونها أحد مخرجات الانتاجات المعاكسة لوحدة الأمة وصلابتها وقدرتها على مقاومة الغزو الخارجي، بالرغم من كل أدبياتها المعارضة لتقبل كل ما هو خارجي.

                              والخلاصة هنا -والحديث متجدد- أن كل من يلتزم بهذا الفكر جامدا بلا قدرة حقيقية على المراجعة والتصحيح سيقع فيما انتهت إليه هذه المدرسة. وستظل آلة التفريخ تنتج تلاميذ يغلب عليهم الجهل المركب، يصيحون بأحقيتهم المطلقة وبطلان غيرهم دون تمحيص حقيقي.

                              تعليق

                              • فيصل كريم
                                مشرف
                                • Oct 2011
                                • 296

                                المشاركة الأصلية بواسطة dr-a-k-mazhar مشاهدة المشاركة
                                ما العلاقات والارتباطات الفقهية بين القاعدة و جبهة النصرة و تنظيم الدولة و....و المذهب الوهابي؟

                                و هذه نماذج من بعض المطبوعات والتي تمثل وجهات نظر مؤلفيها


                                1) في نقد تنظيم القاعدة: مساهمة في دحض أطروحات الحركات الإسلامية الجهادية - منتصر حمادة



                                2) جبهة النصرة


                                3) تنظيم الدولة الإسلامية: الأزمة السنية والصراع على الجهادية العالمية - حسن أبو هنية ومحمد أبو رمان



                                4) الإسلام الوهابي في مواجهة تحديات الحداثة - محمد العطاونة




                                5) الوهابية فى صورتها الحقيقية - صائب عبد الحميد



                                6) نقد الخطاب السلفي: ابن تيمية نموذجاً - رائد السمهوري

                                http://www.maktaba-amma.com/2013/01/blog-post_6130.html
                                شكر الله لكم يا فضيلة الدكتور عبد الحميد على هذه العطاء.

                                وكل هذه الكتب قيمة ويؤخذ بها لاسيما كتاب رائد السمهوري "نقد الخطاب السلفي: ابن تيمية نموذجا" لعمقه وتقصيه بالبحث والاجتهاد فيه.

                                أما كتاب صائب عبد الحميد فلا يحمل مصداقية كافية ولا أرى أنه يعتد به لتحقيق دراسة موضوعية منصفة حول الفرقة الوهابية، كون الرجل قد تحوّل من مذهب أهل السنة والجماعة إلى المذهب الشيعي، كما ذكر عنه في سيرته الذاتية في الويكيبيديا، وكلنا يعلم أن هذا يجرح بشهادة المرء ويخرجها من دائرة العدل والإنصاف، لا سيما في زمن انحدار المسلمين فكريا وسلوكيا. ولعلنا نتحدث في موضوع منفصل عن المذهب الشيعي وعقيدة "الإمامة" ونظرية ولاية الفقيه ومدى تعارضها مع الفقه الجعفري الإمامي، والصراعات العميقة بين التيارات الشيعية حول الإمام وماهيته ومصدره.

                                وتقبل أطيب تحية

                                تعليق

                                يعمل...
                                X