تاريخ الترجمة العربية
مدخل
إن ظهور الترجمة كنشاط إنساني يواكب التطور الاجتماعي البشري، فالترجمة كانت ولا تزال هي أداة التواصل بين الأمم والشعوب التي تختلف لغاتها، وقد بزغت الترجمة كنتيجة للأنشطة الإنسانية، وما تضمنه من نشاطات دينية واقتصادية وعسكرية، استطاعت أن تخرج بالشعوب من حدودها الجغرافية لتتفاعل مع جيرانها، وكان أول صور الترجمة هي الترجمة الشفوية نظراً لبساطة النظم اللغوية وعدم اختراع الكتابة، فكانت الترجمة هي أداة التفاهم بين القبائل والتجمعات البشرية، سواء خلال الأنشطة التجارية التي تتم وقت السلم، أو المعاهدات والاتفاقيات التي تظهر في وقت الحرب، وفي العصور القديمة لعبت الترجمة دوراً هاماً في نشر التعاليم الدينية، والنتاج الفني والأدبي، وساعدت في إحداث التفاعل بين الحضارات القديمة كالبابلية والآشورية والفينيقية والفرعونية والإغريقية.
لعل التاريخ البشري لم يشهد حركة فتوحات كتلك التي شهدها خلال عصر الإسكندر الأكبر، وأهم ما اتسمت به حركة الفتوحات هذه أنها نقلت حضارة اليونان وخرجت بها إلى خارج حدودها، وامتدت لتغطي مساحات شاسعة من الأراضي التي بدأ سكانها في التعرف إلى ثقافات وعلوم بعضهم البعض، و مخالطة الأمم التي لم يكن يربط بينها أي علاقة إلا بعض الصلات التجارية القليلة، لكن خضوع تلك الأمم لسيطرة الإسكندر الأكبر أوجد رابطاً مزج بين هذه الثقافات، وأوجد في هذه المناطق التي فتحها حضارة تأثرت بالحضارة اليونانية، ولاشك أن الترجمة كانت موجودة خلال هذه الفترة كضرورة تواصلية ومعرفية، لتظهر على يديها الحضارة الهلينسية بعد وفاة الإسكندر الأكبر عام 323 ق.م، وامتدت حتى القرن السابع الميلادي، وقد شهدت هذه الفترة التي تصل إلى نحو ألف عام تفاعلا حضاريا بين المراكز الحضارية التي انتشرت خلال فتوحات الإسكندر الأكبر في الإسكندرية، وانطاكيا، نصيبين، وجنديسابور، و سعى السريان إلى نقل معارف اليونان وعلومهم إلى اللغة السريانية، خاصة بعد غلق مدرسة الرها سنة 489 م ورحيل علماؤها إلى نصيبين، ونقلوا معهم علوم الفلسفة اليونانية والطب اليوناني، إضافة إلى أن كثير من علماء اليونان تركوا بلادهم خشية الاضطهاد الديني، وعندما أغلقت مدرسة أثينا سنة 528 م اتجه علماؤها شرقا إلى دولة الفرس، ليستقر السريان في جنديسابور لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل ترجمة المعرفة الإنسانية.
برز الكثير من المترجمين الغربيين في العصور القديمة والحديثة، ولعل أبرزهم هو الخطيب الروماني شيشرون(106-43 ق.م )، والذي تنسب إليه أقدم مدرسة من مدارس الترجمة، والتي تقوم على حرية النقل مع التمسك بالقيم البلاغية والجمالية في التعبير، وهناك أيضاً الراهب جيروم سافرونيك ( 340-430م) الذي اشتهر بترجمته الإنجيل من اللغة الإغريقية إلى اللغة اللاتينية، وكان أول من طرح فكرة الفصل بين ترجمة النصوص الدينية والنصوص الدنيوية، وأوضح أن الترجمة السليمة إنما تعتمد على فهم المترجم للنص الأصلي وقدرته على استخدام أدوات لغته الأم، أو اللغة التي يترجم إليها، وليس لغة النص الأصلي، وهناك أيضاً الإيطالي ليوناردو ارتينو (1374-1444م) الذي ركز على ضرورة نقل خصائص النص الأصلي نقلا تاما، والتلازم بين اللفظ والمضمون، مشيراً إلى أنه إذا ما كان المضمون يشير إلى المعنى، فان اللفظ يشير إلى البلاغة في النص، ومن بعده جاء إتين دوليير (1509-1586) بمنهجه الذي عرف بالمنهج التصحيحي في الترجمة منادياً بضرورة أن يفهم المترجم محتوى النص الأصلي جيداً، وأن يدرك قصد وهدف المؤلف من النص.
مدخل
إن ظهور الترجمة كنشاط إنساني يواكب التطور الاجتماعي البشري، فالترجمة كانت ولا تزال هي أداة التواصل بين الأمم والشعوب التي تختلف لغاتها، وقد بزغت الترجمة كنتيجة للأنشطة الإنسانية، وما تضمنه من نشاطات دينية واقتصادية وعسكرية، استطاعت أن تخرج بالشعوب من حدودها الجغرافية لتتفاعل مع جيرانها، وكان أول صور الترجمة هي الترجمة الشفوية نظراً لبساطة النظم اللغوية وعدم اختراع الكتابة، فكانت الترجمة هي أداة التفاهم بين القبائل والتجمعات البشرية، سواء خلال الأنشطة التجارية التي تتم وقت السلم، أو المعاهدات والاتفاقيات التي تظهر في وقت الحرب، وفي العصور القديمة لعبت الترجمة دوراً هاماً في نشر التعاليم الدينية، والنتاج الفني والأدبي، وساعدت في إحداث التفاعل بين الحضارات القديمة كالبابلية والآشورية والفينيقية والفرعونية والإغريقية.
لعل التاريخ البشري لم يشهد حركة فتوحات كتلك التي شهدها خلال عصر الإسكندر الأكبر، وأهم ما اتسمت به حركة الفتوحات هذه أنها نقلت حضارة اليونان وخرجت بها إلى خارج حدودها، وامتدت لتغطي مساحات شاسعة من الأراضي التي بدأ سكانها في التعرف إلى ثقافات وعلوم بعضهم البعض، و مخالطة الأمم التي لم يكن يربط بينها أي علاقة إلا بعض الصلات التجارية القليلة، لكن خضوع تلك الأمم لسيطرة الإسكندر الأكبر أوجد رابطاً مزج بين هذه الثقافات، وأوجد في هذه المناطق التي فتحها حضارة تأثرت بالحضارة اليونانية، ولاشك أن الترجمة كانت موجودة خلال هذه الفترة كضرورة تواصلية ومعرفية، لتظهر على يديها الحضارة الهلينسية بعد وفاة الإسكندر الأكبر عام 323 ق.م، وامتدت حتى القرن السابع الميلادي، وقد شهدت هذه الفترة التي تصل إلى نحو ألف عام تفاعلا حضاريا بين المراكز الحضارية التي انتشرت خلال فتوحات الإسكندر الأكبر في الإسكندرية، وانطاكيا، نصيبين، وجنديسابور، و سعى السريان إلى نقل معارف اليونان وعلومهم إلى اللغة السريانية، خاصة بعد غلق مدرسة الرها سنة 489 م ورحيل علماؤها إلى نصيبين، ونقلوا معهم علوم الفلسفة اليونانية والطب اليوناني، إضافة إلى أن كثير من علماء اليونان تركوا بلادهم خشية الاضطهاد الديني، وعندما أغلقت مدرسة أثينا سنة 528 م اتجه علماؤها شرقا إلى دولة الفرس، ليستقر السريان في جنديسابور لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل ترجمة المعرفة الإنسانية.
برز الكثير من المترجمين الغربيين في العصور القديمة والحديثة، ولعل أبرزهم هو الخطيب الروماني شيشرون(106-43 ق.م )، والذي تنسب إليه أقدم مدرسة من مدارس الترجمة، والتي تقوم على حرية النقل مع التمسك بالقيم البلاغية والجمالية في التعبير، وهناك أيضاً الراهب جيروم سافرونيك ( 340-430م) الذي اشتهر بترجمته الإنجيل من اللغة الإغريقية إلى اللغة اللاتينية، وكان أول من طرح فكرة الفصل بين ترجمة النصوص الدينية والنصوص الدنيوية، وأوضح أن الترجمة السليمة إنما تعتمد على فهم المترجم للنص الأصلي وقدرته على استخدام أدوات لغته الأم، أو اللغة التي يترجم إليها، وليس لغة النص الأصلي، وهناك أيضاً الإيطالي ليوناردو ارتينو (1374-1444م) الذي ركز على ضرورة نقل خصائص النص الأصلي نقلا تاما، والتلازم بين اللفظ والمضمون، مشيراً إلى أنه إذا ما كان المضمون يشير إلى المعنى، فان اللفظ يشير إلى البلاغة في النص، ومن بعده جاء إتين دوليير (1509-1586) بمنهجه الذي عرف بالمنهج التصحيحي في الترجمة منادياً بضرورة أن يفهم المترجم محتوى النص الأصلي جيداً، وأن يدرك قصد وهدف المؤلف من النص.
تعليق