[align=justify]يترجم المترجمون (حب) و(عشق) إلى اللغات الأجنبية بـ (حب) لأسباب كثيرة منها أن هدف الترجمة قد يقتضي ذلك، ومنها لأن المترجمين الجيدين اليوم أندر من العلملة الصعبة في خزائن الدول المفلسة!
فالحب والعشق شيئان مختلفان .. الحب حالة روحانية، والعشق حالة شهوانية .. العشق يتضمن معنى الوصل والنكاح، أما الحب فيحتمل الوجهين إلا أنه يشير بالإطلاق إلى الحالات الروحانية العالية. إن لفظة (حب) في العربية مثل لفظة (نور) ذات المعنيين الحسي (= الضوء) والمجازي (= النور/الإشراق). فالعشق هو الترجمة الجسدية للحب. ولا أقصد بذلك النكاح بل العشق الذي يولد الشبق الذي يترجم الحب إلى نكاح كيفما اتفق!
وفي الحقيق إن عشق وشبق مشتقان من الجذر الثنائي القديم /ش ق/ الذي يوحي لي حسي اللغوي بأن معناه الأصلي (الحَرْوَقة على النكاح)، فأضافوا إليه العين وجعلوها فاء الفعل: (عشق) ليحصلوا على (عشق) الذي يعني الحب بهدف الوصل والنكاح .. ثم أضافوا الباء وجعلوها عين الفعل (شبق) ليحصلوا على (شبق) الذي هو شدة الغُلْمة وطلب النكاح المفرط (= hypersexuality). فهذان مفهومان مرتبطان فالحب روحاني والتعفف من فيوضاته الروحانية .. والعشق جسدي على الدوام والشبق من فيوضاته الشهوانية! الحب يكمل الانسان والعشق ينقص منه! والحب الروحاني العفيف يكون في الإنسان فقط (النفس الناطقة)، أما العشق فيشترك فيه الانسان مع الحيوان (النفس الحيوانية) التي يشترك سائر الحيوان فيها حاشا النبات الذي له نفس نباتية، والذي لم يبلغنا عنه خبر يفيد أن النبات يعشق مثلما يفعل الحيوان .. قال رؤبة يصف حماراً شديد الغلمة: "لا يَتْرُك الغَيْرةَ من عَهْدِ الشبق"! (لسان العرب، مادة شبق). ومما يؤكد ما ذهبنا إليه من استقراء معنى العشق الحسي نفسه، وهو لزوم الشيء والالتصاق به التصاق! قال: "ولذلك قيل للكَلِف عاشِق للزومه هواه" (لسان العرب، مادة عشق). يقال: عشقته يعني التصقت به! واليوم نستعمل في العربية الفعل (عشق) في علم الميكانيكا للدلالة على تعشيق الآلات ببعضها بعضا أي تشابكها تشابكا لتصبح كيانا واحدا. ومما أحفظ في الميجانا البلدية قول القوَّال الظريف: (عشقت فيكي مثل عزقة ببرغي)! أي: اشتبكت معك واتحدت بك والتصقت بك مثل التصاق البرغي بالعزقة!
طبعا هنالك أصناف أخرى من الحب لا يتسع المجال لشرحها، مثل الهوى والغرام والهيام الخ .. واللغات الأجنبية لا تميز مثلما تميز العربية بين الحب والعشق والهوى والغرام والهيام الخ، لأن ليس لها غنى العربية الفاحش .. فاللغات الأوربية – على سبيل المثال – فقيرة إلى مثل هذه اللطائف والنكت .. واللفظة الأوربية الوحيدة التي تفي بمعنى (العشق) أيما وفاء هي (ἔρως/eros) اليونانية التي اشتق منها لاحقا (على زمان فرويد!) كلمات مثل erotic, érotique, erotischen etc.. فهذه الأخيرة تدل خير دلالة على العشق في اللغات الأوربية!
وأما (الحب) في اليونانية فيشار إليه بكلمة ἀγαπη أو agape التي وظفتها النصرانية أيضا للدلالة على مفهوم الحب (= المحبة) فيها.
[/align]
فالحب والعشق شيئان مختلفان .. الحب حالة روحانية، والعشق حالة شهوانية .. العشق يتضمن معنى الوصل والنكاح، أما الحب فيحتمل الوجهين إلا أنه يشير بالإطلاق إلى الحالات الروحانية العالية. إن لفظة (حب) في العربية مثل لفظة (نور) ذات المعنيين الحسي (= الضوء) والمجازي (= النور/الإشراق). فالعشق هو الترجمة الجسدية للحب. ولا أقصد بذلك النكاح بل العشق الذي يولد الشبق الذي يترجم الحب إلى نكاح كيفما اتفق!
وفي الحقيق إن عشق وشبق مشتقان من الجذر الثنائي القديم /ش ق/ الذي يوحي لي حسي اللغوي بأن معناه الأصلي (الحَرْوَقة على النكاح)، فأضافوا إليه العين وجعلوها فاء الفعل: (عشق) ليحصلوا على (عشق) الذي يعني الحب بهدف الوصل والنكاح .. ثم أضافوا الباء وجعلوها عين الفعل (شبق) ليحصلوا على (شبق) الذي هو شدة الغُلْمة وطلب النكاح المفرط (= hypersexuality). فهذان مفهومان مرتبطان فالحب روحاني والتعفف من فيوضاته الروحانية .. والعشق جسدي على الدوام والشبق من فيوضاته الشهوانية! الحب يكمل الانسان والعشق ينقص منه! والحب الروحاني العفيف يكون في الإنسان فقط (النفس الناطقة)، أما العشق فيشترك فيه الانسان مع الحيوان (النفس الحيوانية) التي يشترك سائر الحيوان فيها حاشا النبات الذي له نفس نباتية، والذي لم يبلغنا عنه خبر يفيد أن النبات يعشق مثلما يفعل الحيوان .. قال رؤبة يصف حماراً شديد الغلمة: "لا يَتْرُك الغَيْرةَ من عَهْدِ الشبق"! (لسان العرب، مادة شبق). ومما يؤكد ما ذهبنا إليه من استقراء معنى العشق الحسي نفسه، وهو لزوم الشيء والالتصاق به التصاق! قال: "ولذلك قيل للكَلِف عاشِق للزومه هواه" (لسان العرب، مادة عشق). يقال: عشقته يعني التصقت به! واليوم نستعمل في العربية الفعل (عشق) في علم الميكانيكا للدلالة على تعشيق الآلات ببعضها بعضا أي تشابكها تشابكا لتصبح كيانا واحدا. ومما أحفظ في الميجانا البلدية قول القوَّال الظريف: (عشقت فيكي مثل عزقة ببرغي)! أي: اشتبكت معك واتحدت بك والتصقت بك مثل التصاق البرغي بالعزقة!
طبعا هنالك أصناف أخرى من الحب لا يتسع المجال لشرحها، مثل الهوى والغرام والهيام الخ .. واللغات الأجنبية لا تميز مثلما تميز العربية بين الحب والعشق والهوى والغرام والهيام الخ، لأن ليس لها غنى العربية الفاحش .. فاللغات الأوربية – على سبيل المثال – فقيرة إلى مثل هذه اللطائف والنكت .. واللفظة الأوربية الوحيدة التي تفي بمعنى (العشق) أيما وفاء هي (ἔρως/eros) اليونانية التي اشتق منها لاحقا (على زمان فرويد!) كلمات مثل erotic, érotique, erotischen etc.. فهذه الأخيرة تدل خير دلالة على العشق في اللغات الأوربية!
وأما (الحب) في اليونانية فيشار إليه بكلمة ἀγαπη أو agape التي وظفتها النصرانية أيضا للدلالة على مفهوم الحب (= المحبة) فيها.
[/align]
تعليق