الأكادية أقدم تدوينا من العربية..
فهل يعني هذا أنها أقدم لغة من العربية؟
لا، لا يعني هذا أن الأكادية أقدم على وجه القطع، ولكن ربما تكون أقدم على وجه الاحتمال.
فتدوين اللغات يعتمد على انتشار الكتابة بين أهل اللغة. والمعلوم أن العرب في المجمل أمة أمية لم تكن الكتابة منتشرة بينهم انتشارًا كبيرًا إلا بعد ظهور الإسلام. والثابت أن العربية أقرب اللغات إلى الأكادية شبهًا. وهذا ما يدعو بعض الناس إلى القول بقدم الأكادية مقارنة بالعربية وفق معطيات التدوين، ولكن هذا كله على سبيل الاحتمال. والمنحى في السنين الأخيرة ظهور بحوث تزعم قدم العربية إلى درجة القول باحتمالية أنها أصل كل اللغات السامية. الأمر لا يزال قيد البحث، وظني أنه يحتاج إلى بحوث مطولة واكتشافات لم تكن معلومة من قبل.
د. أحـمـد اللَّيثـي
رئيس الجمعية الدولية لمترجمي العربية
تلك الدَّارُ الآخرةُ نجعلُها للذين لا يُريدون عُلُوًّا فى الأَرضِ ولا فَسادا والعاقبةُ للمتقين.
هل يجوز لي أن أقدم وأأخر في ألفاظ كلامك أستاذنا الدكتور أحمد، فأقول:
"والثابت أن الآكادية أقرب اللغات إلى العربية شبها" ؟
وهل هذا التقديم والتأخير يعطي دلالة مختلفة ؟
البحث عن أقدم اللغات المحكية، مادته اللغة نفسها، خصائصها وذخيرة مفرداتها وثراء اشتقاقاتها ..
أما البحث عن أقدم اللغات المكتوبة فإن العلم بوسائله الحديثة يستطيع أن يفحص ويقيس عمر ما يصل إليه من آثار وحفريات يكون عليها نقوش أو كتابات، لكن لا يمكن البناء على النتائج التي يصل إليها للقطع بعمر اللغة لأسباب منها:
- أن عمر اللغة لا يبنى على ماهو مكتوب لأنه من المعلوم أن التحدث باللغة يسبق كتابتها بزمن طويل.
- أننا لو افترضنا صحة النظرية الشائعة في الغرب وعند بعض المسلمين من مرور لغات البشر في نشأتها بمراحل أولها التأتأة (تكرار بعض الأصوات مع اضطراب في الإيقاع) إلى أن تصل إلى البحبحة (اتساع اللغة وازدهارها ومجدها) فإن الفحص لا يراعي في أي مرحلة من مراحل اللغة كانت هذه النقوش أو الكتابات !
- أن مختبرات الفحص الفيزيائي من العلوم التنافسية - التي تحرم المؤسسات العلمية في كل أمة (حضارة) تبليغها لغيرها من الأمم (الحضارات) الأخرى في عصرنا هذا - علما أن أمة الإسلام في جميع مراحل تاريخ حضارتها لم تضع حدا تنافسيا في إبلاغ العلم لأي أمة من أمم الأرض، ذلك لأن عقيدتها تحرم عليها حبس العلم النافع وتحث على بثه في الناس، ونرى هذا جليا في إفادة الحضارة الأوروبية وغيرها من علوم المسلمين دون استثناء أو حبس لشيء منه.
ولذلك ما كان محبوسا عنا علمه وتطبيقاته فلسنا أولى الناس بالثقة في نتائجه !
فإن صحت الإفتراضات الآتية:
- أن أي لغة قد تحتاج لكي تصل لمجدها إلى ضعف المدة الزمنية التي تقع بين بداية مجدها إلى زمننا، وافترضنا أيضا صحة تقدير عمر مجد كل لغة بناء على الفحوصات الفيزيائية للرسومات والكتابات التي عثر عليها.
- وأن أهم قياس لثراء أي لغة ومجدها هو عدد جذورها وسعة الاشتقاق والتصريف من تلك الجذور، وإن كان بعض اللغات لا يقوم على الإشتقاق من الجذر.
- وأن مجد بعض اللغات لبعض الأمم كاللغة العربية سبق الكتابة بها بقرون عديدة لأنها أمة تعتمد على الحفظ في النقل وتتباهي بذلك على باقي الأمم.
- وأن عدد جذور اللغة العربية 16 ألف جذر وباقي اللغات قريبة من 4 آلاف جذر، وإن كان بعض الباحثين بمجمع اللغة في دمشق قدر عدد جذور اللغة العربية برقم لا يتجاوز 12 ألف جذر، وافترضنا أن عمر اللغة التي عدد جذورها 16 ألف جذر تحتاج للوصول لمجدها وهذا الثراء إلى أربعة أضعاف الزمن الذي تحتاجه اللغة التي عدد جذورها 4 آلاف جذر للوصول إلى الثراء الذي حققته.
- وأن عمر بعض أقدم اللغات
30 - 40 قرنا بناء على الفحوصات الفيزيائية للنقوشات والكتابات التي عثر عليها.
- وأن عدد جذور المهم من اللغات غير العربية حوالي 4 آلاف جذر.
- وأن عمر مجد اللغة العربية حسب الفحص الفيزيائي للنقوشات والكتابات التي عثر عليهاحوالي 17 قرنا.
فإنه يمكن أن يصل تقدير عمر اللغة العربية بناء على تلك الإفتراضات إلى أكثر من 150 قرنا !
أنا لا أدعي بهذا العرض القطع بعمر أي لغة ولكن جل ما أردت الوصول إليه هو التدليل على أن الزعم بأن اللغة العربية أخذت واشتقت من بعض اللغات الأخرى لتقدم تلك اللغات على العربية في العمر هو زعم لا يقوم على دليل علمي، بل إن الأدلة المنطقية ترجح تقدم اللغة العربية زمنيا على باقي اللغات بفارق شاسع جدا.
والله أعلم.
القول بالتطور اللغوي تأتأة وبحبحبة ... وصوصوة وكوكوة وهوهوة ونونوة هههه، إلخ هو قول النشؤيين، ممن لا يقول بخلق الله للبشر. ولهذا فأنا -رغم أني لغوي الدراسة والعمل والهوى- أضرب صفحًا عنه.
وقد قال تعالى )وعلم آدم الأسماء كلها(، سواء كان هذا التعليم بالعربية أو غيرها، فالمسألة محسومة من أن آدم لم يمر بتأتأة ولا غيرها. بل تكلم كلامًا تامًّا مفهومًا.
ومن هذا فإن الخروج بنتائج مبنية على التساهل في قبول الافتراضات التي تفضلتَ بطرحها هة أمر فيه نظر كبير.
ولهذا أقول إن مسالة عدد الجذور وغيرها ربما يكون أحد العوامل في النظر لأقدمية لغة مقارنة بغيرها، ولكني لا أرى ذلك، أو بتعبير أدق، أرى أننا نحتاج مزيد بحث حتى نطمئن إلى فكرة أن كثرة الجذور دلالة على القدم. من ناحية أخرى رغم وجود بحوث تقول بقدم العربية على غيرها بالكلية إلا أن هذه البحوث تشتمل على مبالغات واستخلاص نتائج في جوانب منها غير مقنعة بالمرة، ولذلك لا نزال ننظر لكثير من هذه البحوث بتشكك.
ولعل المستقبل يخرج لنا دلائل أفضل.
د. أحـمـد اللَّيثـي
رئيس الجمعية الدولية لمترجمي العربية
تلك الدَّارُ الآخرةُ نجعلُها للذين لا يُريدون عُلُوًّا فى الأَرضِ ولا فَسادا والعاقبةُ للمتقين.
ومن أقرب الوصف عندي ما قرأته عبارة للدكتور علي فهمي خشيم في كتابه الأكّدية العربية، قال فيها:
وهناك أوجه شبه وتماثل كثيرة بحثها الدارسون واستنتجوا منها ما يكاد أن يكون وحدة كاملة بين الأكدية والعربية العدنانية، او هما لهجتان من لغة ام هي ((( العروبية الأولى ))) .
القول بالتطور اللغوي تأتأة وبحبحبة ... وصوصوة وكوكوة وهوهوة ونونوة هههه، إلخ هو قول النشؤيين، ممن لا يقول بخلق الله للبشر. ولهذا فأنا -رغم أني لغوي الدراسة والعمل والهوى- أضرب صفحًا عنه.
وقد قال تعالى )وعلم آدم الأسماء كلها(، سواء كان هذا التعليم بالعربية أو غيرها، فالمسألة محسومة من أن آدم لم يمر بتأتأة ولا غيرها. بل تكلم كلامًا تامًّا مفهومًا.
ومن هذا فإن الخروج بنتائج مبنية على التساهل في قبول الافتراضات التي تفضلتَ بطرحها هة أمر فيه نظر كبير.
ولهذا أقول إن مسالة عدد الجذور وغيرها ربما يكون أحد العوامل في النظر لأقدمية لغة مقارنة بغيرها، ولكني لا أرى ذلك، أو بتعبير أدق، أرى أننا نحتاج مزيد بحث حتى نطمئن إلى فكرة أن كثرة الجذور دلالة على القدم. من ناحية أخرى رغم وجود بحوث تقول بقدم العربية على غيرها بالكلية إلا أن هذه البحوث تشتمل على مبالغات واستخلاص نتائج في جوانب منها غير مقنعة بالمرة، ولذلك لا نزال ننظر لكثير من هذه البحوث بتشكك.
ولعل المستقبل يخرج لنا دلائل أفضل.
طبعا أستاذنا الدكتور أحمد الليثي، أنتم أدرى وأخبر.
لكن ما ذكرتُه هو من باب التنزل في قبول الدعوى، أما الافتراضات فهي مقاربة لماهو مسلم به عندكم معشر علماء الألسن، اما الاستنتاج فهو كما تفضلتم: فيه نظر، ولا أقطع بصحته، وإن كان عندي يحتمل الصحة بغلبة المنطق.
ومن الأمثلة على تهافت بعض الاستدلالات المنطقية على أن العبرية هي لغة الجنة أو إحدى لغاتها قول أحد علماء الألسن الغربيين قاطعا الرأي في ذلك:
((بكلمة واحدة، فاللغة العبرية أسهل من اللغة العربية والكلدانية، وهاتان الأخيرتان أسهل من الإغريقية واللاتينية، ولهذا فإذا ثبت أن آدم قد تكلم بإحدى هذه اللغات فإنه بلا شك سيتحدث العبرية)).
انتهى كلامه.
فمؤدى كلامه هذا أن اللغة العبرية هي القاسم المشترك بين اللغات القديمة ليس لشيء سوى أنها لغة سهلة !!!!
وهذه صورة من صور الخلل والتحجر(التعصب) الذهني التي بني عليها بعض الاستدلالات المنطقية عن تاريخ اللغات!!
ومن أقرب الوصف عندي ما قرأته عبارة للدكتور علي فهمي خشيم في كتابه الأكّدية العربية، قال فيها:
وهناك أوجه شبه وتماثل كثيرة بحثها الدارسون واستنتجوا منها ما يكاد أن يكون وحدة كاملة بين الأكدية والعربية العدنانية، او هما لهجتان من لغة ام هي ((( العروبية الأولى ))) .
د. أحـمـد اللَّيثـي
رئيس الجمعية الدولية لمترجمي العربية
تلك الدَّارُ الآخرةُ نجعلُها للذين لا يُريدون عُلُوًّا فى الأَرضِ ولا فَسادا والعاقبةُ للمتقين.
ومما أعجبني أيضا مقولة لأندريه رومان عضو Académie des Sciences، Belles-Lettres et Arts بجامعة ليون، هي:
إن نظام البناء في اللغة العربية هو [نظام الأنظمة كلها].
établissement de l’organisation
» de la langue arabe comme un « système de systèmes
تعليق