لسان عيسى عليه السلام

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالرحمن السليمان
    عضو مؤسس، أستاذ جامعي
    • May 2006
    • 5732

    لسان عيسى عليه السلام

    طرح عليّ هذا السؤال:

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الجواب الصحيح" ( 3 / 75 ) ما نصه: "والمسيح كان عبرانيًا لم يتكلم بغير العبرانية". وقال في ( 1 / 90 ): "ومن قال إن لسان المسيح كان سريانيّاً (أي آراميّاً) أو روميّاً، فقد غلط".

    هل الكلام صحيح أم خطأ؟


    فكان من الجواب:

    إن كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله غير دقيق لأن العبرانية كانت لغة شعائرية على زمانه، بمعنى أن أحدًا لم يكن يتكلم بها بعد السبي البابلي (القرن الخامس قبل الميلاد). واللغة التي كانت سائدة في الشام وقت بعثة عيسى – على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام – كانت الآرامية/السريانية. فكان يتحدث بها أهل الشام وقتها، ومنهم بنو إسرائيل. فاليهود – ومنهم عيسى على نبينا وعليه السلام – كانوا يتحدثون بالآرامية/السريانية، وليس بالعبرانية. هذا مجمع عليه بين الجميع يهودًا وغير يهود.

    من الناحية الأدبية: اللغة اليونانية المستعملة في الأناجيل اليونانية لغة متأثرة كثيرا بالآرامية/السريانية مما جعل علماء الإنجيل يعتقدون أن الأناجيل اليونانية لم تكتب أصلاً باليونانية بل ترجمت إليها من لغة جزيرية هي الآرامية/السريانية.

    وفي تضاعيف ذلك يذكر إنجيل (الإصحاح 27 الآية 46 ) وكذلك إنجيل مرقص (الإصحاح 15 الآية 34 ) أن المسيح – عليه السلام – عندما شعر بدنو الأجل على الصليب – حسب رواية الأناجيل – خاطب الله بالآرامية/السريانية وليس باليونانية، متضرعًا إليه بقوله: ܐܠ ܐܠ ܠܡܐ ܫܒܩܬܢܝ = إِيل، إِيل، لَما سَبَقْتَنِي؟ ومعناه: "يا ألله، يا ألله، لِمَ تخليتَ عني"؟ ويذكر الإنجيلان هذه العبارة بالآرامية وليس باليونانية أو بالعبرانية. وهذه العبارة الآرامية ترجمة لآية من العهد القديم من سفر المزامير (المزمور 22، الآية 2) هي: אלי אלי למה עזבני = إِيلِي، إِيلِي، لَما عَزَبتَنِي؟ ومعناه: "إلهي، إلهي، لِمَ تخليتَ عني"؟ فلو كان المسيح عليه السلام متحدثا بالعبرية لخاطب الله هنا بالعبرية (= אלי אלי למה עזבני = إِيلِي، إِيلِي، لَما عَزَبتَنِي؟)، وليس بالسريانية (ܐܠ ܐܠ ܠܡܐ ܫܒܩܬܢܝ = إِيل، إِيل، لَما سَبَقْتَنِي؟). فالعبرية لم تكن محكية وقتها، والسريانية كانت لغة القوم.

    وهذا بيان آخر: من المعروف أن سيدنا زيت بن ثابت رضي الله عنه تعلم السريانية عندما أمره النبي صلى الله عليه وسلم بأن يتعلم له "كلمات من كتاب يهود" لأنها – أي السريانية – كانت لسان اليهود، وليس العبرية التي لم تكن مستعملة آنذاك خارج مجال العبادة.
    تحياتي الطيبة.


    فائدة لغوية: لا يختلف الفعل الآرامي/السرياني (سبق) ومعناه "تخلى عن" كثيرا عن أخيه العربي (سبق) "سَبَقَ" لأن السبق في الأصل يعني أن تترك أحدا خلفك وتتخلى عنه! أما (إيل) فهو الله في اللغات الجزيرية وجاء في العربية مرتين في سورة التوبة (لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذِمة. سورة التوبة، الآية 10) ومرة في حديث أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – عندما تُلي عليه بعض من كلام مسيلمة النصّاب: "إن هذا لشيء ما جاء به من إلٍّ". وجاء في أواخر أسماء مثل ياليل وشرحبيل وغيرهما. انظر مادة (ألل) في لسان العرب.
  • الامين
    عضو منتسب
    • Feb 2014
    • 254

    #2
    احسنت، وهذا جواب ثان لك،
    إن حديث نتانياهو سياسي وليس معرفيا لأنه ربما يريد أن يرسخ يهودية دولة إسرائيل من جهة ويهودية الديانة النصرانية من جهة أخرى وذلك بانتزاع اعتراف من البابا – حبر الديانة الكاثولوكية الأعظم – في هذا الاتجاه الذي سبقه معظم البروتستانت إليه، خصوصا الجماعات الأصولية منهم كالمحافظين الجدد وأتباع الكنيسة الإنجيلية وغيرهم.

    نعم، كانت اللغة العبرية التوراتية مستعملة حتى السبي البابلي في القرن السادس قبل الميلاد. خرجت العبرية التوراتية من الاستعمال اليومي لغةً محكية، وأصبحت لغة دينية فقط لا يفهمها إلا الأحبار، وحلّت الآرامية بعد السبي البابلي محلها بالتدريج، ودونت آخر نصوص من أسفار العهد القديم بالآرامية لاستعجام العبرية على جمهور اليهود. وبقي الحال هكذا حتى احتلال الإسكندر المقدوني المشرق وبناء الإسكندرية في القرن الثالث قبل الميلاد. فصارت اليونانية لغة النخبة في الثقافة الهيلينية (وهي الثقافة المتكونة من عناصر يونانية وعناصر شرق أوسطية خصوصا العناصر المصرية والسورية القديمة)، بينما بقيت الآرامية لغة الشعب في العراق وبلاد الشام. لقد بقيت الآرامية لغة الشعب اليومية – أي اللغة المحكية – في العراق وبلاد الشام حتى حلت العربية محلها بعد الفتح الإسلامي.

    فالقول إن عيسى عليه وعلى أمه السلام كان يتحدث العبرية ليس صحيحا لأن العبرية لم تكن لغة الحديث اليومي، بل الآرامية كما هو معروف. لكن في الوقت نفسه لا يُعقل أن يعتقد أنه كان يجهل العبرية لغة الوحي في التوراة، لكن الثابت قطعا أنه كان يتحدث الآرامية وليس غيرها لأنها كانت لغة الشعب السائدة، وكان هو – عليه السلام – معنيا بالتواصل مع الشعب لتبليغه الرسالة والتواصل معه .. إذن لا يعقل أنه كان يخاطب الشعب بلغة لا يفهمها ذلك الشعب! إن الزعم بأن عيسى عليه السلام كان يخاطب قومه بالعبرية ركيك، ومثله في الركاكة زعم لوكمسبورج بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخاطب العرب في القرآن الكريم بالسريانية وذلك دون أن يذكر لنا وجه الحكمة في مخاطبة نبي لشعب بلغة لا يعرفها أحد منهم!

    ثم إن عيسى عليه السلام خاطب الله في الإنجيل وقت محاولة صلبه بالآرامية بقوله: (ـگـ* ـگـ* ـ*ـ،ـگ ـ«ـ’ـ©ـ¬ـ¢ـ‌) وترجمته "إلهي إلهي لم تخليت عني"؟ إن هذه الجملة الآرامية ترجمة آرامية لآية جاءت في مزامير داود عليه السلام (المزمور 22 الآية 2: ×گלי ×گלי ל×‍×” עזב×*×™ وترجمتها "إلهي إلهي لم تخليت عني"). ولو أن عيسى عليه السلام كان يتحدث بالعبرية، ولو أن الشعب وقتها كان يفهم العبرية، لكان استشهد بآية المزمور العبري بدلا من ترجمتها بالآرامية.
    ?What language would Jesus have spoken Israel's prime minister has verbally sparred with the Pope over which language Christ might have spoken. Several languages were used in the places where Jesus lived - so which would he have known, asks Tom de Castella. Benjamin Netanyahu and Pope Francis appeared to have a momentary

    تعليق

    • عبدالرحمن السليمان
      عضو مؤسس، أستاذ جامعي
      • May 2006
      • 5732

      #3
      [align=justify]بوركت أخي الأستاذ الأمين، كنت أبحث عن هذا الرد ولو وجدته قبلا لما كتبت الرد الثاني![/align]

      تعليق

      يعمل...