البديل من العبريــــة
المدونــــة الحادية والثلاثون
المدونــــة الحادية والثلاثون
[align=justify]أصدقكم أنني أكاد أيأس من محاولاتي ومدوناتي وأنا أرى شيوع الكلمات العبرية على ألسنة المتحدثين بالعربية، وكأن الناطقين بها يفاخرون بأنهم ذوو شأن أرقى، ومستوى أعلى، فها هم يحشرونها بدون أدنى تبرير، فما الذي يدعو هذه المرأة التي أسمعها الآن ساعة الكتابة، وهي تخاطب زوجها قائلة: (تخليط= תִחְלִיט) بدلا من (قَـرِّر)؟
ولماذا تقول تلك المعلمة: (هعبيرو أوتي)- הֶעֱבִירוּ אוֹתִי، ولا تقول نقلوني؟
ولماذا يفضل هذا الرجل أن يقول عن طعام أعجبه (طَعيم= טַעִים)، وينسى أن (لذيذ)، أو (شهِــيّ) أو حتى (زاكي) أكثر توصيلاً، وأكثر إيحاء، فلو جرب أن يردد (زاكي) فسيجد أن اللفظة بمخارجها الصوتية زاكية، وأين منها (طعيم)؟!
ثم إننا نرى هذه اللفظة بالذات تقارب لفظًا آخر في لغتنا الدارجة هو- (طعِـم)، فالمشروب أو الطعام إذا كان له طعم غير مقبول وغير سائغ فإننا نسميه (طِـعِـم).
فقرري يا عزيزتي أن تقدمي لزوجك طعامًا زاكيًا (شهيًا، لذيذًا)!
מַגִּיעַ לוֹ = يستحق (بيطلع له)
هذا التعبير العبري يرِد لدى تقدير من يستحق أمرًا، كما يرد لمن يستحق عقابًا أو حسابًا، وأرى أن الترجمة الفصيحة لمن هو جدير بشيء أنه يستحق، ولأني أرفض اللفظة العبرية في نسيج حديثنا اليومي فأقترح أن نقول بالدارجة: بيطلع له، وإذا لم تعجبك فقل: بيستاهل، واللفظة لكل حسب لهجته.
يستاهل العامية هي من أصل فصيح وصحيح: يستأهل.
אָדִיש= لا مُـبـالٍ
من التعابير التي ليس لها لفظة محددة بالعربية هي אָדִיש وتعني غير المكترث، بارد الموقف، وقد ترجمه معجم سغيب: لا أُبالي- (بضم الهمزة) غير مكترث، كما ترجم معجم المورد لفظة careless بغير لفظة محددة فريدة.
أرى أن نتفق على ما استخدم سابقًا هنا وهناك في صحافتنا وفي إعلامنا، وهو (لا مبالٍ)، والمصدر אָדִישוּת يكون (لا مبالاة).
وزيادة (لا) أخذت مكانًا في لغتنا المعاصرة، وتفيد نفي ما بعدها، فنقول اليوم: لا وعي، ولا فلز، لا سلكي، لا منطقي، وأذكر أن أحد أساتذة اللغة العربية ناقشني بحدة في عدم جواز البادئة (لا) فأجبته في موقعي، وفي زاوية (اسأل فاروق مواسي)، ومن السهل الوصول إليه لمن أحب المتابعة:
"لا غضاضة في استخدام اللغة المعاصرة في التعبير (لا + معقول) ونحوه كثير وفير، وهذا التركيب حري بنا أن نضيفه إلى التراكيب المعهودة، وأرى أن نسميه "التركيب النفيـــي"، ومثل هذا التركيب لا يوصم، ولا يصم، خاصة وقد أقر في مجمع اللغة في القاهرة.
وفي تقديري أن إعراب (لا) هنا = زائدة للنفي، وهي لا تؤثر على مكان الثانية في إعرابها، فنقول لاحظت شيئًا لا معقولاً، ونبهت رجلاً لا مباليًا....
أرجو أن تكون مباليًا بهذا التحديد، عندها تستحق مني (מַגִּיעַ לךָ) هدية.
שַׁי= هُـدَيـَّـة/ هَـدِيَّـة
מַתָּנָה= هَـدِيَّـة
تتردد في اللغة العبرية غالبًا وفي مواسم الأعياد العبرية أو أعياد الميلاد لهذا الشخص أو ذاك- لفظة- שַׁי (يذكر ابن شوشان في معجمه أن هناك من يرى أن أصلها شيء- العربية)، وهي هبة تعطى للموظفين أو العاملين، تقدمها مؤسسة أو دائرة، كما أن هناك من يرى أن שַׁי عادة يكون حجمها غير كبير، لذا أرى أن نقصر عليها في استخدامنا لفظة التصغير هُـدَيَّة، ومن لا ير الضرورة في التمييز على غرار اللفظتين العبريتين فله أن يقول كذلك هَـديَّـة بدون تصغير.
أما لفظة מַתָּנָה فهي هَـدِيَّـة كما نستخدمها، وقد وردت في لسان العرب- "أهدى الهدية إهداء وهدّاها"، وتدل اللفظة العبرية على العطاء (נָתַן)، والترجمة الحرفية لها عَطِـيَّـة، لكن اللغة المعاصرة ركزت على أن العطية هي- عطاء الله، وقد ترد في سياق عطاء أو إنعام من منعم كبير.
لذا فاختيار هَـدِيَّـة بدلاً من (متانا - מַתָּנָה) أيسر، واختيار هُـدَيَّــة أو هَـدِيَّـة بدلاً من (شاي- שַׁי) ألطف.
מִלְגָה= مِـنْـحة (دراسية) واقتراحي الجديد: مَلْـجَــة
מַעֲנָק= منحة
מַעֲנָק و מִלְגָה كلتاهما تترجمان مِـنْـحَـة، غير أني أرى أن نضيف في معنى מִלְגָה الوصف (دراسية).
وتأتي מַעֲנָק بمعنى منحة أبحاث أو منحة تقدير، أو تشجيع لمؤسسة أو لمشروع أيضًا، وتكون عادة بمبلغ أعلى. ثم إنه يمكن أن يحصل الكاتب العبري على מַעֲנָק لطباعة كتابه، ولكن هذا المتحدث بالعبرية لن يقول في ذلك: حصلت على מִלְגָה لطباعة الكتاب.
ولأن מִלְגָה لفظة ليس لها مقابل في الترجمة إلا منحة دراسية، وبما أنني أدعي ضرورة تفضيل لفظة محددة واحدة، ولا أرى بأسًا إن كانت قريبة على الصوت اللفظي العبري، فقد وجدت في لسان العرب: ملج الشيء تناوله، فلماذا لا أستخدم هذه اللفظة المقترحة مَـلْــجَــة، وأنا أعرف أن لسان الطالب يرف نحو اللفظة العبرية מִלְגָּה.
جربوا أيها الطلاب الأحباء أن تألفوا لفظة: ملْــجة، وجمعها مَـلْـجات، ولا تنتظروا من سيقترحون هنا وهناك ألفاظًا أخرى نقنع أنفسنا بها، ولن يبقى بعدها بسبب عدم تحديد البديل، إلا (الميلا) العبرية. فلنقل إذن مَـلْــجَــة، بمعنى تناول الشيء، ولنخصصها بتناول المنحة الدراسية أو العلمية، وحتى نميز بينها وبين מַעֲנָק= مِـنـْـحَـة!
أم أنكم تريدون أن تجعلوها كلها مِـنـْـحَـة، فالقرار لألسنتكم!
فقولوا على الأقل منحة دراسية، ولا تقولوا اللفظة العبرية في حديثكم اليومي(طالع نازل)!
وبعد،
فإن اللغة العبرية لم تحدد بدقة فيما بحثت من مصادر ومن خلال موقع الأكاديمية العبرية على أي تمييز فاصل מַעֲנָק و מִלְגָּה، ونحن هنا لا نعالج ذلك، وإنما وكدنا أن نختار اللفظة العربية.
يلاحظ المتتبع أنني آثرت عدم اختيار(هِـبَـة) وعدم إفرادها لمعنى محدد، والسبب يعود لشيوعها في ترجمة هذي اللفظة العبرية أو تلك، ثم لأن هناك مصطلحًا شرعيًا يفسر الهبة بشروط، حيث أن الهبة تعني التبرع والتفضل على الغير سواء أكان بمال أو بغيره، وهو عقد موضوعه تمليك الإنسان ماله لغيره في الحياة بلا عوض، وللواهب والموهوب شروط.
وأخيرًا، فرغم أن التداخل في المعاني قائم، فحبذا تخصيص اللفظة العربية المحددة للفظة العبرية، ولكن الأمر ليس باليسير، فالمهم عندي أن يقول الطالب العربي حصلت على منحة دراسية أو على مَـلْــجَــة، لا على (ميلْجا)، وعلى الباحث أن يقول حصلت على منحة أبحاث لا على (مَعَناق)، وعلى من حصل على (شاي- שַׁי) في العيد أو في قسيمة الراتب أن يقول: حصلت على هدية (اختر الشكل!)!
أهنئكم جميعًا بما حصلتم عليه، فالأوضاع الاقتصادية تجعل من هذه المنح أو الهدايا ذات قيمة خاصة، فالشكر لمن يعطي كل ذي حق حقه!
وعلى ذكر الهدية فاسمحوا لي أن أستشهد بالحديث الشريف الذي راق لي:
تهادَوا تحابُّــوا!
فبربكم لو أراد أحدنا أن يترجم الحديث إلى العبرية، فهل يتسنى له ذلك بيسر؟
وكم من كلمة عبرية سيستخدم؟
ونقول بعد ذلك عن لغتنا: صعبة!!!
[/align]