<p class="side" align="left"><strong><span lang="AR">د. محمود إسماعيل<p dir="rtl" style="direction: rtl; unicode-bidi: embed; text-align: justify"><strong><span lang="AR">... تزعم هذه الحركة الأسقف «دونات» - وهو من أصل جزائري - اعترض علي تعيين أسقف لكنيسة قرطاجة يدعي «سيسيليانوس» من قبل البابوية، بحجة أن من اختاروه عام 311م مشكوك في عقيدتهم بعد أن تورطوا في تسليم الكتب الدينية والأواني المقدسة الخاصة بكنيسة قرطاجنة إلي السلطة الإمبراطورية، وإذ آزرت الكنيسة والسلطات الرومانية هذا الأسقف الجديد، فقد ناصر البربر - سكان شمالي أفريقيا - الأسقف «دونات»، وإذ رضخ الأخير للأمر الواقع، فقد انشق عليه أحد أتباعه ويدعي «سيركونسلبون» واستطاع بمساعدة البربر أن يحول الخلاف الديني إلي ثورة اجتماعية، فأغار علي ممتلكات الأغنياء ووزعها علي الفقراء، تحقيقا لمباديء الحرية والعدالة والمساواة.</span></strong></p><p dir="rtl" style="direction: rtl; unicode-bidi: embed; text-align: justify"><strong><span lang="AR">فكان إعلانه استقلال كنيسة قرطاجنة عن البابوية دعوة للاستقلال السياسي عن الإمبراطورية الرومانية.</span></strong></p><p dir="rtl" style="direction: rtl; unicode-bidi: embed; text-align: justify"><strong><span lang="AR">وإذ تعرض أتباعه للاضطهاد طوال القرن الرابع الهجري، فقد تعاونوا مع «الوندال» لغزو شمالي أفريقيا لتحريرهم من التبعية للبابوية عقديا والإمبراطورية سياسيا، ولم يخطيء أحد تلامذتنا النجباء - د. هاشم العلوي وهو أستاذ في جامعة فاس - حين ذهب إلي أن طموح الثوار البربر لتأسيس «كنيسة وطنية» كان إرهاصا لمقاومة مغربية لتحقيق الاستقلال السياسي، وهو عين ما أكده المستشرق الفرنسي «جورج مارسية» بأن الجانب العقدي كان غطاء لحقيقة نزعة الاستقلال عند البربر، لذلك اعتنقوا المذهب الدوناتي «لا لخلاف في الرأي حول مسائل لاهوتية، بل لإشعال حرب اجتماعية تحت راية دينية».</span></strong></p><p dir="rtl" style="direction: rtl; unicode-bidi: embed; text-align: justify"><strong><span lang="AR">لذلك لم تكن الدوناتية هرطقة كما وسمتها البابوية، بقدر ما كانت تجربة استلهمت ما ورد في الإنجيل من تعاليم ذات سمة اشتراكية.</span></strong></p><p dir="rtl" style="direction: rtl; unicode-bidi: embed; text-align: justify"><strong><span lang="AR">ذلك أن أحوال الإمبراطورية الرومانية كانت في طريقها للانهيار نتيجة أزمة اقتصادية عاتية عاني منها الإيطاليون بل وسكان روما أنفسهم، عبر عنها أحد الرومان المعاصرين حين قال: «إن كل شيء موفور، لكن كل شيء كان غالي»، وتنطوي تلك المقولة علي حقيقة مهمة، مفادها أن الولايات التابعة للإمبراطور قد استنفدت مواردها لإسكات الجياع في روما، خصوصا ما يتعلق بالقمح المجلوب من مصر والزيت من شمالي إفريقية.</span></strong></p><p dir="rtl" style="direction: rtl; unicode-bidi: embed; text-align: justify"><strong><span lang="AR">وقد تفاقمت تلك الأزمة في هاتين الولايتين خصوصا إلي حد افتقار سكانها إلي الطعام.</span></strong></p><p dir="rtl" style="direction: rtl; unicode-bidi: embed; text-align: justify"><strong><span lang="AR">بديهي أن تتعاظم حركة المروق والعصيان في الولايات من جراء سياسة «النهب المنظم» التي اتبعها الأباطرة وقد اتخذت تلك الحركات أيديولوجيتها من الدين، كما هو حال «المونوفيستيين» في مصر والدونايتين في شمالي أفريقيا.</span></strong></p><p dir="rtl" style="direction: rtl; unicode-bidi: embed; text-align: justify"><strong><span lang="AR">وإذ توحدت الكنيسة مع الدولة، فقد كان الخروج علي أحدهما خروجا علي الاثنين معا.</span></strong></p><p dir="rtl" style="direction: rtl; unicode-bidi: embed; text-align: justify"><strong><span lang="AR">لقد تمثل الخروج علي الكنيسة في إنكار معتقد «العشاء الرباني الذي يقدمه القساوسة للتوبة عن الخطيئة»، وكان من الممكن أن تتغاضي الكنيسة عن ذلك، لولا أن هذا المعتقد انتشر بين البربر خصوصا بين الفقراء الذين أحالوا الاختلاف الديني إلي ثورة اجتماعية، كما غضب الأباطرة علي الدونايتين، فأصدروا المراسيم المتعاقبة بزيادة الضرائب الفادحة، وتحريم حق التصرف في الممتلكات، وتحريم دخول الدونايتين إلي الكنائس.</span></strong></p><p dir="rtl" style="direction: rtl; unicode-bidi: embed; text-align: justify"><strong><span lang="AR">وقد تمثل رد الفعل في تكوين الدونايتين جماعات مسيحية شيوعية عرفت باسم «الجوابين» أو «الدواريين»، أخذت تندد بالنعر والاسترقاق، فألغت الديون، وحررت الرقيق، وطبقت مبدأ المساواة بين الأتباع.</span></strong></p><p dir="rtl" style="direction: rtl; unicode-bidi: embed; text-align: justify"><strong><span lang="AR">والأهم، ما دأبوا عليه من قطع الطرق، ونهب الأغنياء، والاعتداء علي الموظفين الرسميين، مطالبين بالحرية والاستقلال.</span></strong></p><p dir="rtl" style="direction: rtl; unicode-bidi: embed; text-align: justify"><strong><span lang="AR">ولما فشل القديس «أوغسطين» في ردعهم بالحسني، قام جيش الولاية بشن حرب ضارية عليهم، أظهروا فيها من ضروب الشجاعة والبلاء، إلي حد الرغبة في الاستشهاد، وإذ أخفقت الحركة، فإن مبادئها ظلت سارية في الأجيال التالية، إلي أن فتح العرب شمالي أفريقيا.</span></strong></p><p dir="rtl" style="direction: rtl; unicode-bidi: embed; text-align: justify"><strong><span lang="AR">ويري معظم الدارسين أن البربر الذين اعتنقوا الإسلام، وعانوا من سياسة الأمويين الجائرة تلقفوا مباديء فرقة الخوارج، لا لشيء إلا أن تلك المباديء كانت تتسق مع مباديء الدوناتية، وللمؤرخ الفرنسي «جوتييه» نظرية هامة في هذا الصدد، أخذ بها معظم المستشرقين فيما بعد.</span></strong></p><p dir="rtl" style="direction: rtl; unicode-bidi: embed; text-align: justify"><strong><span lang="AR">فقد اتفقت تعاليم الدوناتية مع مبادئ الخوارج فيما يلي:</span></strong></p><p dir="rtl" style="direction: rtl; unicode-bidi: embed; text-align: justify"><strong><span lang="AR">أولا: التطرف العقدي والصلابة والشجاعة إلي حد الشهادة في سبيل المذهب.</span></strong></p><p dir="rtl" style="direction: rtl; unicode-bidi: embed; text-align: justify"><strong><span lang="AR">ثانيا: اتساق هذا التطرف العقدي مع طبيعة البربر الفطرية، خصوصا ما يتعلق بالصلابة في مواجهة الممثل.</span></strong></p><p dir="rtl" style="direction: rtl; unicode-bidi: embed; text-align: justify"><strong><span lang="AR">ثالثا: الإيمان بالديمقراطية سياسيا، والعدالة اجتماعيا.</span></strong></p><p dir="rtl" style="direction: rtl; unicode-bidi: embed; text-align: justify"><strong><span lang="AR">رابعا: توظيف الدين لخدمة السياسة، وذلك بإشعال حرب اجتماعية تحت رايات دينية.</span></strong></p><p dir="rtl" style="direction: rtl; unicode-bidi: embed; text-align: justify"><strong><span lang="AR">لذلك صدق حكم المؤرخ «جوليان» بأن «الدوناتية كانت وسيلة لوضع حد لانتهازية الكاثوليك، وتحالف الرومان مع كبار الملاك ورجال الدين، كما كان مذهب الخوارج في المغرب سلاح البربر للتحرر من التبعية للخلافة العربية، وتعبيرا عن السخط والحقد علي السلطة القائمة».</span></strong></p><p dir="rtl" style="direction: rtl; unicode-bidi: embed; text-align: justify"><strong><span lang="AR">من هنا، لا نبالغ حين نقرر أن الحركات الدينية ليست مجرد خلافات عقدية فحسب، إنما تنطوي علي أبعاد اجتماعية يلعب العامل الاقتصادي فيها دورا فعالا ومؤثر.<br /><a href="http://www.al-ahaly.com/articles/08-01-16/1360-opn04.htm">http://www.al-ahaly.com/articles/08-01-16/1360-opn04.htm</a></span></strong></p></span></strong></p></td /><td /></td />
الدوناتية.. ثورة اجتماعية في مسوح ديني
تقليص
X
-
الدوناتية.. ثورة اجتماعية في مسوح ديني
<p><font color="#660000" size="5"><strong>هل الخطأ الوارد في التاريخين ما بين الميلادي والهجري والجمع بينهما حيث في بداية المقالة قال 311 م وبعد ذلك حولها إلى القرن الرابع الهجري، مع أن الفرق بينهما في حدود 600 عام كان خطأ بحسن نية أم بسوء نية؟</strong></font></p><p><font color="#660000" size="5"><strong></strong></font></p><p><font color="#660000" size="5"><strong>خصوصا حين جمع بين حادثة ادعى أن أصل راعيها جزائري وأصلا الجزائر لم تكن معرّفة في ذلك الوقت وبين العصر الأموي؟ أليس في ذلك تمرير لحاجة في نفس يعقوب؟</strong></font></p> -
_MD_RE: الدوناتية.. ثورة اجتماعية في مسوح ديني
<font size="5">جزائري كانت أحسن ما يقوله اما لأنه ليس متأكدا من أصله الأمازيغي أو لأنه لا يحب أن يسميه بالأمازيغي, أما كلمة الهجري فهو شرود من الكاتب الأصلي أو الناسخ حسب اعتقادي فلو أبدلتها ب"الميلادي" لاختفى اللبس.<br />مزيدا عن "دوناطوس":</font><br /><a href="http://www.doroob.com/?p=19579">http://www.doroob.com/?p=19579</a>تعليق
-
_MD_RE: الدوناتية.. ثورة اجتماعية في مسوح ديني
يقول من اقليم في الجزائر الحالية
واذا لم يكن ضليعا فليترك اامر لاهله
اما ان يدخل علينا بثقافة عتيقة
لتمرير ما يريد
ننصحه ان يذهب بعيدا فالامازيغ لهم مؤرخوهم وكتابهم وليسوا في حاجة الى هواة الكتابة في ما لا يعرفونتعليق
-
الدوناتية.. ثورة اجتماعية في مسوح ديني
<font color="#660000" size="5"><strong>ما هذا يا <font color="#000099">سبارتكوس</font> في أول يوم لك في الموقع، وتقوم بفرض شروطك على من يطرح أي رأي في أي موضوع؟ من أنت وما موقعك من الإعراب؟ <br /><br />والمصيبة في موقع آخر في الرابط التالي كتبت<br /><br /></strong></font><a href="http://www.wataonline.net/site/modules/newbb/viewtopic.php?post_id=28991#forumpost28991">http://www.wataonline.net/site/modules/newbb/viewtopic.php?post_id=28991#forumpost28991</a><br /><br /><font color="#660000" size="5"><strong><font color="#000099"> "واكبر شيء مقرف بالنسبة لي الرقابة على افكر"</font><br /><br />لماذا تعمل بما تعتبره أنت شيء مقرف يا <font color="#000099">سبارتكوس</font>؟ أليس هذا نوع من أنواع النفاق؟<br /><img alt=" " src="http://www.wataonline.net/site/uploads/smil3dbd4e5e7563a.gif" /><img alt=" " src="http://www.wataonline.net/site/uploads/smil3dbd4e4c2e742.gif" /><img alt=" " src="http://www.wataonline.net/site/uploads/smil3dbd4e5e7563a.gif" /></strong></font>تعليق
إحصائيات Arabic Translators International _ الجمعية الدولية لمترجمي العربية
تقليص
المواضيع: 10,499
المشاركات: 54,213
الأعضاء: 6,148
الأعضاء النشطين: 8
نرحب بالعضو الجديد, Turquie santé.
تعليق