[align=center]هنيئا لأوربا![/align]
[align=justify]عدت اليوم من يوم دراسي في مقر الجامعة الرئيس في لوفان، كان موضوعه التعريف ببرنامج (أفق 2020/Horizon 2020)*، وهو البرنامج الذي أطلقته المفوضية الأوربية أمس، يوم الأربعاء الواقع في 11/12/2013.
وبرنامج (أفق 2020/Horizon 2020) برنامج للبحث العلمي والإبداع والتجديد، أطلقته المفوضية الأوربية ووضعت له ثلاثة محاور رئيسة هي: 1. العلوم والمعارف، و2. الصناعة والتكنولوجيا و3. الواقع الاجتماعي والثقافي. ودعت المفوضية جميع الجامعات الأوربية للمشاركة فيه بمشاريع علمية تقع ضمن اختصاصاتها العلمية. وهدف البرنامج النهائي هو بلورة رؤية أوربية جديدة بحلول سنة 2020 (من ثمة اسم البرنامج: أفق 2020/Horizon 2020).
تحدث اليوم متحدثون كثر من المفوضية الأوربية، وشرحوا البرنامج بالتفصيل، وبينوا شروط المشاركة فيه .. فبرمجت لنا الجامعة يوما دراسيا آخر لتدريب الأساتذة الراغبين في تطوير مشروع ما يشاركون به في البرنامج، على تحرير طلبات المشاريع وملء استماراتها المعقدة، وخصصت لكل أستاذ يرغب في تطوير برنامج مبلغ 15.000 يورو لتغطية مصاريف تنقله وإقامته بين دول أوربا، ذلك لأن هذا البرنامج أوربي، ويفترض في كل مشروع يقدم في إطاره أن تشترك فيه ثلاث جامعات من ثلاث دول أوربية على الأقل.
إن برنامج (أفق 2020/Horizon 2020) هو أحد مظاهر الاستجابة الأوربية لنتائج الأزمة التي عصفت بأوربا نتيجة للأزمة المالية في الولايات المتحدة، ولمتطلباتها، ويهدف – فيما يهدف إليه – إلى إطلاق عصف ذهني علمي يترجم إلى مشاريع تحفيزية تؤدي بدورها إلى نهضية علمية واقتصادية واجتماعية. وقد خصصت المفوضية الأوربية لهذا البرنامج ميزانية مالية قدرها: تسعة وسبعون مليار (مليار، أي: 79.000.000.000) يورو! لقد استشعر القادة الأوربيون، الذين تأتي بهم شعوبهم إلى الحكم بطرق الانتخاب المباشر، أن ثمة أزمة ينبغي التصدي لتحدياتها، فوضوعوا لذلك استراتيجيات مختلفة، منها إطلاق برنامج (أفق 2020/Horizon 2020) الذي يمكن الجامعات الأوربية من تطوير رؤى جديدة وآفاق جديدة تؤسس لانطلاقة علمية واقتصادية جديدة في مطلع العقد الثالث من الألفية الثالثة. فالجامعات في العالم المتحضر – وجامعات أوربا أفضل جامعات العالم – هي بوصلة المجتمع، وموجهة تطوره، بله صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة فيه، فهي التي تؤسس للعلم، وللاقتصاد، وللاجتماع، وللسياسة، ولكل شيء تقريبا .. والساسة يضخون فيها وفي البحث العلمي من المال والإمكانيات المادية ما يثير العجب. ولا يكاد يوجد مواطن أوربي واحد يعترض على ضخ المال في الجامعات لأنه يعرف أن حضارته وتفوقه العلمي والاقتصادي والتكنولوجي والعسكري مؤسس أولا وأخيرا على العلم. أضف إلى ذلك أن المحاسبة الصارمة المعمول بها في دول الاتحاد الأوربي تحول دون الفساد المالي في المؤسسات الأوربية، مما يزيد في ثقة الناس بمؤسساتهم العلمية، فيجودون عليها بالمال. فكم من ميسور نعرف أوصي بجميع أملاكه للجامعات، وكم من المشاهير الأغنياء تركوا تركاتهم كلها للجامعات. ولا تفسير لذلك إلا لثقتهم بأن العلم هو سبب تفوقهم العلمي والاقتصدادي والتكنولوجي والعسكري.
عدت من مدينة لوفان وأنا أتأمل في نشاط المسؤولين الأوربيين وإيمانهم في قدرات شعوبهم ومؤسساتهم العلمية والاقتصادية والثقافية .. إنه نشاط مثير للتأمل والعجب، لا يسعك تجاهه إلا أن تهنئهم عليه، وتغبطهم على تفانيهم من أجل رقي شعوبهم، وتألق حضارتهم .. إنه حراك علمي مثير وكرم بالمال على البحث العلمي لا تملك أمامه إلا أن تندب حظ العرب الذين اقتصرت همم دولهم على بناء مؤسسات أمنية تفوقت على العالمين في كيفية تحييد طاقات الانسان العربي وتهميشه وسحقه، وخراب حضارته؛ العرب الذين اقتصرت همم أثريائهم – في أحسن الحالات – على بناء أطول برج في العالم، وأكبر شجرة ميلاد في العالم، وأكبر تورتة في العالم، وأعلى ساعة في العالم، وأكبر (كبسة) في العالم ..
نعم، لا شيء يحول دون استثمار الدول العربية في العلم والمؤسسات العلمية وفي مقدمتها الجامعات .. ولكنني تعلمت اليوم، للمرة الألف، أن الحضارة شيء لا يُبنى في يوم وليلة، وأن الحضارة لا تبنيها أمة لا تتجاوز قيمة الانسان عندها قيمة علبة سردين فاسدة ..
----------
* للاطلاع على البرنامج انظر: http://ec.europa.eu/programmes/horizon2020/[/align]
[align=justify]عدت اليوم من يوم دراسي في مقر الجامعة الرئيس في لوفان، كان موضوعه التعريف ببرنامج (أفق 2020/Horizon 2020)*، وهو البرنامج الذي أطلقته المفوضية الأوربية أمس، يوم الأربعاء الواقع في 11/12/2013.
وبرنامج (أفق 2020/Horizon 2020) برنامج للبحث العلمي والإبداع والتجديد، أطلقته المفوضية الأوربية ووضعت له ثلاثة محاور رئيسة هي: 1. العلوم والمعارف، و2. الصناعة والتكنولوجيا و3. الواقع الاجتماعي والثقافي. ودعت المفوضية جميع الجامعات الأوربية للمشاركة فيه بمشاريع علمية تقع ضمن اختصاصاتها العلمية. وهدف البرنامج النهائي هو بلورة رؤية أوربية جديدة بحلول سنة 2020 (من ثمة اسم البرنامج: أفق 2020/Horizon 2020).
تحدث اليوم متحدثون كثر من المفوضية الأوربية، وشرحوا البرنامج بالتفصيل، وبينوا شروط المشاركة فيه .. فبرمجت لنا الجامعة يوما دراسيا آخر لتدريب الأساتذة الراغبين في تطوير مشروع ما يشاركون به في البرنامج، على تحرير طلبات المشاريع وملء استماراتها المعقدة، وخصصت لكل أستاذ يرغب في تطوير برنامج مبلغ 15.000 يورو لتغطية مصاريف تنقله وإقامته بين دول أوربا، ذلك لأن هذا البرنامج أوربي، ويفترض في كل مشروع يقدم في إطاره أن تشترك فيه ثلاث جامعات من ثلاث دول أوربية على الأقل.
إن برنامج (أفق 2020/Horizon 2020) هو أحد مظاهر الاستجابة الأوربية لنتائج الأزمة التي عصفت بأوربا نتيجة للأزمة المالية في الولايات المتحدة، ولمتطلباتها، ويهدف – فيما يهدف إليه – إلى إطلاق عصف ذهني علمي يترجم إلى مشاريع تحفيزية تؤدي بدورها إلى نهضية علمية واقتصادية واجتماعية. وقد خصصت المفوضية الأوربية لهذا البرنامج ميزانية مالية قدرها: تسعة وسبعون مليار (مليار، أي: 79.000.000.000) يورو! لقد استشعر القادة الأوربيون، الذين تأتي بهم شعوبهم إلى الحكم بطرق الانتخاب المباشر، أن ثمة أزمة ينبغي التصدي لتحدياتها، فوضوعوا لذلك استراتيجيات مختلفة، منها إطلاق برنامج (أفق 2020/Horizon 2020) الذي يمكن الجامعات الأوربية من تطوير رؤى جديدة وآفاق جديدة تؤسس لانطلاقة علمية واقتصادية جديدة في مطلع العقد الثالث من الألفية الثالثة. فالجامعات في العالم المتحضر – وجامعات أوربا أفضل جامعات العالم – هي بوصلة المجتمع، وموجهة تطوره، بله صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة فيه، فهي التي تؤسس للعلم، وللاقتصاد، وللاجتماع، وللسياسة، ولكل شيء تقريبا .. والساسة يضخون فيها وفي البحث العلمي من المال والإمكانيات المادية ما يثير العجب. ولا يكاد يوجد مواطن أوربي واحد يعترض على ضخ المال في الجامعات لأنه يعرف أن حضارته وتفوقه العلمي والاقتصادي والتكنولوجي والعسكري مؤسس أولا وأخيرا على العلم. أضف إلى ذلك أن المحاسبة الصارمة المعمول بها في دول الاتحاد الأوربي تحول دون الفساد المالي في المؤسسات الأوربية، مما يزيد في ثقة الناس بمؤسساتهم العلمية، فيجودون عليها بالمال. فكم من ميسور نعرف أوصي بجميع أملاكه للجامعات، وكم من المشاهير الأغنياء تركوا تركاتهم كلها للجامعات. ولا تفسير لذلك إلا لثقتهم بأن العلم هو سبب تفوقهم العلمي والاقتصدادي والتكنولوجي والعسكري.
عدت من مدينة لوفان وأنا أتأمل في نشاط المسؤولين الأوربيين وإيمانهم في قدرات شعوبهم ومؤسساتهم العلمية والاقتصادية والثقافية .. إنه نشاط مثير للتأمل والعجب، لا يسعك تجاهه إلا أن تهنئهم عليه، وتغبطهم على تفانيهم من أجل رقي شعوبهم، وتألق حضارتهم .. إنه حراك علمي مثير وكرم بالمال على البحث العلمي لا تملك أمامه إلا أن تندب حظ العرب الذين اقتصرت همم دولهم على بناء مؤسسات أمنية تفوقت على العالمين في كيفية تحييد طاقات الانسان العربي وتهميشه وسحقه، وخراب حضارته؛ العرب الذين اقتصرت همم أثريائهم – في أحسن الحالات – على بناء أطول برج في العالم، وأكبر شجرة ميلاد في العالم، وأكبر تورتة في العالم، وأعلى ساعة في العالم، وأكبر (كبسة) في العالم ..
نعم، لا شيء يحول دون استثمار الدول العربية في العلم والمؤسسات العلمية وفي مقدمتها الجامعات .. ولكنني تعلمت اليوم، للمرة الألف، أن الحضارة شيء لا يُبنى في يوم وليلة، وأن الحضارة لا تبنيها أمة لا تتجاوز قيمة الانسان عندها قيمة علبة سردين فاسدة ..
----------
* للاطلاع على البرنامج انظر: http://ec.europa.eu/programmes/horizon2020/[/align]
تعليق