بسم الله الرحمن الرحيم
يواجه العالم العربي في هذه الحقبة أخطر امتحان تاريخي نحو تحقيق حريته واستقلاله. ولهذه الحقبة عدة فصول ومنحنيات تتطلب فهمًا عميقًا وإدراكا جديًا للذات. ومن خلال الناتج الذي يخرج من تداعيات الانكشافات المتوالية التي نعاصرها، تتمحص الشخصية العربية بهويتها الإسلامية فتنزع عنها الجلد الذي أُلبسته بأياد خارجية لا علاقة لها بإرادة الأمة ولا بتاريخها ولا بكينونتها. ولكي تنجح في هذا الاختبار، لا بد أن تجاهد في إعادة اكتشاف هويتها ومرجعيتها الحقيقية، ولا بد أن تدفع ثمن التغيير الباهظ الذي لا مفر من دفعه حسب مقتضيات السنن الإلهية التي لا تحابي مسلما أو غير مسلم. فهل نحن كأمة مستعدون للمواجهة الذاتية قبل مواجهة العدو الخارجي؟
The Rise of ISIS
قـيـام داعــش
وقبل نقاش الموضوع، نعرض الفيلم المترجم ثم نستعرض أفكار الموضوع
وهنا رابط الترجمة منفصلا
نسخة العمل الوثائقي
PBS.Frontline.2014.The.Rise.of.ISIS.720p.HDTV.x264 .AAC.MVGroup.org
أما العمل الوثائقي فهو لقناة PBS المتخصصة بالوثائقيات السياسية والتاريخية، وصدر تقريبا منذ شهرين. وداعش هو اختصار ترميزي (وإن أصبح إعلاميا يراد به التقليل والحط من الشأن) لجماعة جهادية برزت شوكتها أو كيانها الموحد بدءا من عام 2013، وكان محيط عملها في العراق حيث جرت عمليات المقاومة ضد قوات الاحتلال الأمريكي منذ عام 2003. غير أن هذه الجماعة قررت نقل عملياتها إلى سورية والتوسع فيها بعد وقوع الثورة السورية ضد النظام الأسدي، فأطلقت على نفسها اسم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" وتختصر بـ(داعش). لكن سرعان ما غير التنظيم اسمه (للمرة الرابعة ربما) إلى "الدولة الإسلامية" فقط، وزادوا على ذلك بأن أعلنوا الخلافة من منبر المسجد الكبير في الموصل بداية شهر رمضان الفائت. وعلينا أن نتعرف على الجذور التاريخية لهذه الجماعة التي ظهرت بطريقة فاجأت معظم الناس. لكن التعرف عليها ليست بالمسألة السهلة أو الواضحة، بل هي عملية يكتنفها الغموض والتكتم، وربما التفسيرات الخاطئة لكيفية النشوء. لكن حري بنا أن ندرس الظاهرة حسب ما يتيسر لنا من معطيات ومعلومات، بعضها مؤكد وبعضها الآخر يشوبه النقص أو الغلط أو حتى التشويه، الذي سأجتهد بمحاولة تجنبه حتى أكوّن نظرة تتسم بشيء من الموضوعية وعدم التجني.
ثمة وجهان لدراسة الظاهرة "الداعشية". الوجه الأولى يُعنى بكيفية نشوئها المباشر على أرض الواقع. والوجه الثاني يتعلق بالجذور الفكرية التي نشأت منها هذه الجماعة. ومن الأهمية بمكان أن نضع بحسباننا أن هذه الظاهرة لم تكن وليدة العصر الحالي، بل تكررت على مدار مئات السنين، وفي ذلك تفصيلات يطول شرحها.
أولا: داعش: كيفية النشوء
رفيقان في السجن، خصمان في الحياة
ظهرت تقسيمات فكرية جديدة ومستحدثة بسبب مخاضات الواقع الصعب، وإعلان الحرب والضغوط الشديدة على الإسلاميين تحت شعار "الحرب على الإرهاب ومكافحته". وتركز الخطر من أتباع السلفية الذين اضطرتهم الظروف المحلية والأقليمية إلى الانقسام إلى سلفية علمية وسلفية جهادية، بالإضافة إلى "سلفيات" أخرى كالجامية والسرورية والوهابية، وقد تتلاقى هذه السلفيات في ركائز رئيسة، لكنها تختلف ربما من نواحٍ أساسية في إشكالية التطبيق والعصرنة.
ومع دخول العقد الثامن من القرن العشرين، برزت أولى فرص مشاركة السلفيين في الحياة العامة، عند تلبية نداء الجهاد في أفغانستان إبان الغزو السوفييتي عام 1979. وعلى الرغم من إحداث واقعة جهيمان العتيبي واقتحامه للحرم المكي في ذلك العام واعتصامه هو ومجموعته المتأولة صدمة عميقة في عقر دار السلفية وولادة اسئلة جديدة لم تجد لها إجابات واضحة، إلا أن تجربة الجهاد الأفغاني مثلت نقطة البداية المحورية للسلفية الجهادية الحديثة نظرا للمدة التي استغرقها والحركة الفكرية التي شهدتها التيارات السلفية المتعددة والتي أخذت على عاتقها تحرير أفغانستان ليس فقط من الوجود السوفييتي بل طرد الشيوعية الحمراء بأسرها من البلاد. ويبدو أن رجلين ذهبا إلى أفغانستان للجهاد وعادا إلى بلدهما وهما يحملان منظورا يتسم بالجدية والتحديد. حظى الشيخ الدكتور أبو محمد المقدسي بتعليم أكاديمي عالٍ أهله لفهم واسع ومحدد عن الدراسات الشرعية والفقهية بالإضافة لدرجته العلمية في الفيزياء من جامعة الموصل في العراق. أما صاحبه في السجن أبو مصعب الزرقاوي فمستواه التعليمي غير معلوم، على أنه كان من الذين التحقوا بحلقات العلم الدينية في أفغانستان، ولا نعلم إن كان هذا يؤهله لعلم شرعي كافٍ، إلا إن أبو مصعب -رحمه الله- كان من المجاهدين حملة السلاح وليس عالما فقيها متبحرا. وعلى هذا، فإن الشيخ أبي محمد المقدسي أسس منبر التوحيد والجهاد وانضم له الزرقاوي لاحقا. غير أن علينا ملاحظة أن ثمة كلام مؤخرا حول موقع المنبر الإليكتروني الذي اشتكى منه الشيخ المقدسي منه لوجود فتاوى دموية تثير الاستغراب. الشاهد أن المقدسي دخل السجون الأردنية مرارا ولمدد طويلة (أطلق النظام الأردني سراحه منذ بضع شهور). ومن جهة أخرى، ومع وقوع الغزو الأمريكي للعراق في ربيع عام 2003، هاجر أبو مصعب الزرقاوي لجهاد الغزاة، ومن هناك أعلن انتماءه للقاعدة، وأطلق على جماعته اسم "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين" حيث اشترك مع كثير من التنظيمات الجهادية الأخرى في تكبيد الغزاة ومن عاونهم خسائر فادحة، واستمرت هذه الحال حتى عام 2006 الذي وقعت فيه عدة أمور مهمة ومنها:
- إعلان تأسيس مجلس شورى المجاهدين في العراق في بداية العام، ثم سرعان ما حله أبو حمزة المهاجر في أواخر العام.
- استشهاد أبو مصعب الزرقاوي في غارة أمريكية يكتنفها الغموض، لم يكشف عن تفاصيلها حتى اللحظة.
- إعلان قيام دولة العراق الإسلامية على يد أميرها أبي عمر البغدادي ونائبه أبي حمزة المهاجر
إلا أن ما تمخض عن هذه الأحداث وما سبقها لم يشِ أن الأمور بين التنظيمات الجهادية تسير على خير ما يرام. فقد اشتكت عدة تنظيمات جهادية من تصرفات "القاعدة في بلاد الرافدين" ومنها جيش أنصار السنة (أو أنصار الإسلام) وهي جماعة جهادية سلفية كردية تعارض حزبي الطالباني والبرزاني، وهي جماعة موثوقة ومعروفة بين الجهاديين. كما أن أبو أسامة العراقي بث شريطا عام 2006 خص به أسامة بن لادن شيخ جهاديي القاعدة شاكيا من الأفعال المؤذية للجماعة التي نسبت نفسها للقاعدة (الشريط من هنا). لكن اختلط الحابل بالنابل وأخذ القوم يخونون بعضهم البعض في ظل عدم قدرة على تمييز كيفية وقوع الاختراق فيما بينهم وهوية المخترقين الذين يعملون لصالح جهات عديدة ومختلفة منها استخباراتية. على أن الاختلاف تفاقم وقيل وزيد في القيل أن الأمور وصلت بين الجهاديين إلى حد وقوع عمليات اغتيال وتصفيات ما بين قيادات هذه التنظيمات. أما اعتراضات تلك التنظيمات على جماعة الزرقاوي فتركزت في أن الأخيرة حاولت إجبارهم على تقديم البيعة لأمير القاعدة في بلاد الرافدين الذي شكّل، كما يزعمون، مجلسا صوريا لجماعات لا وزن لها، أسماه بمجلس شورى المجاهدين، في حين يؤكد المعارضون أن المجلس لم يشكل إلا لتطويع إرادتهم وإخضاعها لأمير التنظيم، وهم لا يعنيهم إلا مقاتلة الغازي الصائل، لا الإمارة أو السلطان. إلا إنه باستشهاد الزرقاوي ومن ثم أمير دولة العراق الإسلامية أبي عمر البغدادي عام 2010 وتبعثر حال التنظيمات الأخرى، تعرض الجهاد لضربات مؤثرة فعلا. لكن يبدو أن تأثير الضربات لم يكن سببه الأمريكان وحكومة بغداد وحذاقتهم، بل سوء العلاقات ما بين التنظيمات الجهادية وعدم توحيد جهودها ونبذ خلافاتها وسعي بعضها لفرض تصوراتها على الأخرى وفقدانها للحاضنة الشعبية (وهم أهل القبائل العراقية في غرب العراق). وللأسف، يبدو أن الناس ضاقت ذرعا من انعدام الرؤية للجهاديين وعدم اطمئنانهم لمشروعاتهم، وهذا ما أدى إلى استغلال الأمريكان لهذا الوضع ونجاحه بتشكيل ما يسمى "الصحوات" وهم بعض ضعاف النفوس من الذين قبضوا المال وتلقوا وعودا (ثبت كذبها فيما بعد) بالمشاركة بالسلطة. وللمرء أن يجزم أن انتشار الصحوات لم يحدث سوى للمارسات الخاطئة لتنظيم الدولة تحديدا، وهي الممارسات التي انتقدها كبار مشايخ السلفية الجهادية كالشيخ المقدسي والدكتور حامد العلي بل وحتى أكثر الشيوخ تشددا كأبي قتادة الفلسطيني، فهذا التنظيم يعد مسؤولا مسؤولية غير مباشرة عن عدم نجاح الجهاديين بضرب الغزو الأمريكي ضربة كبرى تعميه على غرار هزيمته الفاضحة في فييتنام، فخرج الأمريكان بعين سليمة وأخرى مفقوءة. فتهمشت مع مرور الوقت التنظيمات الجهادية بما فيها تنظيم الدولة، وصفه البعض أنه "أصبح مجرد تنظيم سردابي".
ثم قامت بعد ذلك الثورة السورية ضد النظام السوري، فوجد تنظيم دولة العراق الإسلامية فرصته بالخروج من التخفي. وكان التنظيم قد نصب أميرا جديدا ألا وهو أبي بكر البغدادي بطريقة غامضة غير معلومة بعد مقتل أبي عمر البغدادي ونائبه أبي حمزة المهاجر ومعظم القيادات الفاعلة لتنظيم الدولة في غارة أخرى مفاجئة. ولعل للمرء أن يتساءل عن سبب دقة هذه الغارات وتوقيتاتها التي تحصد هؤلاء الأمراء، فالأمريكان وأعوانهم لن يستطيعوا بحال من الأحوال عمل هذا بمفردهم، ولن يستطيع المال الحرام وشراء الذمم لوحده أن يؤدي إلى هذه الدقة القاتلة. إذًا هو الاختراق ولا ريب. وهذا ينبهنا إلى التحذيرات المتعددة من اختراق التنظيمات الإسلامية، بل إن الإعلام الأمريكي يشدد ويتشدق دائما أن الموساد الإسرائيلي يخترق كل التنظيمات الجهادية (ضع خطوطا كبرى على كلمة كل)، وهذه لعمرك طامة يصعب الخلاص منها. على أن قياديي هذه التنظيمات يعلمون عن وجود الاختراقات، لكنهم يجهلون كما يبدو كيفية علاجها، ويتضح هذا في أسلوب معاملة الدكتور أيمن الظواهري لتمرد داعش على أوامره.
مع استمرار الثورة السورية وتكثف وجود التنظيمات الجهادية ووقوع الفوضى بالأراضي السورية ونجاح تنظيم أبوبكر البغدادي بالتمدد في الشام ببطء وبشيء من الروية والخداع، أعلن البغدادي قيام الدولة الإسلامية في العراق والشام. وفي ذات الوقت ومع تركيز التنظيم الذي أصبح الآن يسمى "داعش" على سورية، خرجت المظاهرات الكبرى في غرب العراق احتجاجا على طغيان المالكي وحكومته الطائفية وذلك في الحويجة والرمادي والفلوجة. والمفارقة المزعجة والمحيرة أن من اشتركوا بالصحوات من ابناء القبائل، اشتركوا كذلك في المظاهرات، وهنا لا أعمم بل أبعّض. فهل لأن مدد المال الأمريكي قد جف، اشترك البعض بالمظاهرات على المالكي؟ فهذا هو النفاق بعينه والعياذ بالله. إلا إن حيرتنا ودهشتنا ازدادت مع عودة داعش للتركيز على العراق. حيث شنت هجمات كبرى مفاجئة صيف العام 2013 اجتاحت بها غرب العراق وامتدت لتصل إلى أطراف بغداد وكسرت جيش المالكي الطائفي. ويندهش المرء من حدوث هذه الانجازات العظمى من تنظيم لا يزيد تعداد مقاتليه عن 20 ألف مقاتل منتشرين في سورية والعراق مما يجعل من تركيز قوته بمثل هذا الوقت القصير غير قابل للتصديق. لكننا إذا قلّبنا الأمور على وجوهها سنلحظ أن إلغاء الجيش العراقي السابق بجرة قلم من بول بريمر (الحاكم الأمريكي للعراق خلال الاحتلال) لا بد وأن تحدث من ورائه تداعيات قد يصعب حسابها أو تصورها، وهذا موضوع قد يطول ويتشعب، لكن من الواضح أن ردة الفعل على جريمة الأمريكان تلك لم يتصورها الأمريكان أنفسهم قطعا، وإلا فكيف بضباط مخضرمين عملوا فترات طويلة تحت ظل البعث (وهي العقيدة الكفرية الطاغوتية بحسب السلفيين الجهاديين) يقدمون البيعة لأمير داعش ثم يبايعونه خليفة على المسلمين؟ فهذا مما لا يهضم بسهولة! وستنبئنا الأيام القادمة بما خفي من هذه الأمور، فالمسرحية طويلة ومن يؤدون أدوارها لم تتوقف أدوارهم.
ثانيا: الجذور الفكرية لـ"داعش"
إن الجذور التي جاءت منها داعش وأتباعها مسألة تخضع للدراسة والتمحيص على يد كثير من العلماء والمفكرين، على إنني لا أقدم هنا أحكاما قطعية جازمة، بل مجرد استقراءات قد تخطئ وتصيب، وقد لا تعجب كثيرا من الناس وتروق لبعضهم الآخر، وما بين هؤلاء وأولئك علينا أن نصفي النية ونتقي الله وألا نتهم أحدا دون بينة، لكن الحق أحق أن يتبع.
لا شك أن الغلو هو مصدر مثل هذه الأفكار التي أخرجت لنا مثل داعش وغير داعش على مدار القرون القليلة الماضية. ومهما شرقنا وغربنا، لا يمكننا التغاضي عن الفكر الوهابي الذي رعى هذا النموذج. على أن الجدير بالذكر أن الغلو لم يخرج فقط من الفكر الوهابي، بل هو موجود قبل الإسلام وبعده. فانظر إلى حال اليهود وكيف انتهى بهم الأمر، وانظر إلى المسيحيين وكيف انتهى بهم الأمر! فالغلو والزيادة فيما لا زيادة فيه وإعمال التأويل والتعسف فيه عند قراءة النصوص يؤدي لا محالة إلى الوقوع بشراك الهوى والميل فالغلو والتعصب والإقصاء. وليس من السهل الإشارة إلى ربط هؤلاء الغلاة المعاصرين بالفكر الوهابي كحاضنة لهم، إلا أن المطلع بعمق سيكتشف هذا الاستنتاج بما لا يدعو للشك. والفرق الغالية موجودة منذ بداية الإسلام، الذي لا يرتبط بها على الإطلاق وبريء منها ومن فهمها الخاطئ لتعاليم ديننا الحنيف، لكن ما نجحت به الوهابية -ظاهريا- هو تأسيس دولة يعترف بها العالم ويدعمها. وأقول ظاهريا لأن الوهابيين انشقوا على أنفسهم في مراحل تاريخية متعددة، حيث اصطدموا بالشرخ بين النظرية والتطبيق، ومن أهمها عقيدة الولاء والبراء وفهمها فهما سليما ينطبق على الواقع، وهو ما لم يحدث في توقيع اتفاقات مع الكافر الصائل في بلاد المسلمين، وهو ما أوقع انقسامات عنيفة بين الوهابيين أنفسهم، وفي ذلك يتعين دراسة حركات "إخوان من طاع الله" في الثلث الأول من القرن العشرين، ثم أزمة حركة جهيمان العتيبي ومحمد القحطاني، ثم وصولا إلى القاعدة وداعش ودولتها، ولا ندري ما الذي ستنتهي عليه هذه السلسلة المريرة من الانشقاقات. في حين أن الأمر بالإمكان معالجته بطرق أسلس من ذلك بكثير لو أن ثمة قدرة حقيقية على المراجعة العلنية وتصحيح الذات ونقدها والنأي بالنفس عن الهوى والكبر، وهو ما قام به أحد من ينتسب إلى المدرسة الوهابية وفقهها، وهو نايف آل منسي الذي أرى أنه قدم مراجعات مخلصة للوهابية وذات قيمة علمية، وقبل أن أضع محاضرات الأستاذ نايف آل منسي، أورد لكم جانبا من سيرته الذاتية حتى يتبين لنا علمه وتأهيله الأكاديمي.
أما مراجعاته عن الفكر الوهابي فهي كالتالي:
غير أنني أرجو ألا يفهم كلامي أنني ضد هذه المدرسة بمجملها أو أنني معارض لهذا الفكر بعمومه، فهذا مما لا مصلحة لي فيه البتة. فكل ما أشير إليه أننا يجب أن نتحلى بالقدرة على التصحيح الذاتي والنقد الإيجابي. أما من يزكي ويزعم أنه على المنهاج الصحيح وحصر هذا في نفسه فلا شك أنه إلى الضلال أقرب، وهو منهاج اليهود والنصارى الذين غالوا فضلوا ضلالا مبينا. وأفضل ألا أزيد على ما ذكرت، لأنه كاف، والحر تكفيه الإشارة.
وتقبلوا أطيب تحية من مترجم العمل وكاتب موضوعه
فيصل كريم الظفيري
يواجه العالم العربي في هذه الحقبة أخطر امتحان تاريخي نحو تحقيق حريته واستقلاله. ولهذه الحقبة عدة فصول ومنحنيات تتطلب فهمًا عميقًا وإدراكا جديًا للذات. ومن خلال الناتج الذي يخرج من تداعيات الانكشافات المتوالية التي نعاصرها، تتمحص الشخصية العربية بهويتها الإسلامية فتنزع عنها الجلد الذي أُلبسته بأياد خارجية لا علاقة لها بإرادة الأمة ولا بتاريخها ولا بكينونتها. ولكي تنجح في هذا الاختبار، لا بد أن تجاهد في إعادة اكتشاف هويتها ومرجعيتها الحقيقية، ولا بد أن تدفع ثمن التغيير الباهظ الذي لا مفر من دفعه حسب مقتضيات السنن الإلهية التي لا تحابي مسلما أو غير مسلم. فهل نحن كأمة مستعدون للمواجهة الذاتية قبل مواجهة العدو الخارجي؟
The Rise of ISIS
قـيـام داعــش
وقبل نقاش الموضوع، نعرض الفيلم المترجم ثم نستعرض أفكار الموضوع
وهنا رابط الترجمة منفصلا
نسخة العمل الوثائقي
PBS.Frontline.2014.The.Rise.of.ISIS.720p.HDTV.x264 .AAC.MVGroup.org
أما العمل الوثائقي فهو لقناة PBS المتخصصة بالوثائقيات السياسية والتاريخية، وصدر تقريبا منذ شهرين. وداعش هو اختصار ترميزي (وإن أصبح إعلاميا يراد به التقليل والحط من الشأن) لجماعة جهادية برزت شوكتها أو كيانها الموحد بدءا من عام 2013، وكان محيط عملها في العراق حيث جرت عمليات المقاومة ضد قوات الاحتلال الأمريكي منذ عام 2003. غير أن هذه الجماعة قررت نقل عملياتها إلى سورية والتوسع فيها بعد وقوع الثورة السورية ضد النظام الأسدي، فأطلقت على نفسها اسم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" وتختصر بـ(داعش). لكن سرعان ما غير التنظيم اسمه (للمرة الرابعة ربما) إلى "الدولة الإسلامية" فقط، وزادوا على ذلك بأن أعلنوا الخلافة من منبر المسجد الكبير في الموصل بداية شهر رمضان الفائت. وعلينا أن نتعرف على الجذور التاريخية لهذه الجماعة التي ظهرت بطريقة فاجأت معظم الناس. لكن التعرف عليها ليست بالمسألة السهلة أو الواضحة، بل هي عملية يكتنفها الغموض والتكتم، وربما التفسيرات الخاطئة لكيفية النشوء. لكن حري بنا أن ندرس الظاهرة حسب ما يتيسر لنا من معطيات ومعلومات، بعضها مؤكد وبعضها الآخر يشوبه النقص أو الغلط أو حتى التشويه، الذي سأجتهد بمحاولة تجنبه حتى أكوّن نظرة تتسم بشيء من الموضوعية وعدم التجني.
ثمة وجهان لدراسة الظاهرة "الداعشية". الوجه الأولى يُعنى بكيفية نشوئها المباشر على أرض الواقع. والوجه الثاني يتعلق بالجذور الفكرية التي نشأت منها هذه الجماعة. ومن الأهمية بمكان أن نضع بحسباننا أن هذه الظاهرة لم تكن وليدة العصر الحالي، بل تكررت على مدار مئات السنين، وفي ذلك تفصيلات يطول شرحها.
أولا: داعش: كيفية النشوء
رفيقان في السجن، خصمان في الحياة
ظهرت تقسيمات فكرية جديدة ومستحدثة بسبب مخاضات الواقع الصعب، وإعلان الحرب والضغوط الشديدة على الإسلاميين تحت شعار "الحرب على الإرهاب ومكافحته". وتركز الخطر من أتباع السلفية الذين اضطرتهم الظروف المحلية والأقليمية إلى الانقسام إلى سلفية علمية وسلفية جهادية، بالإضافة إلى "سلفيات" أخرى كالجامية والسرورية والوهابية، وقد تتلاقى هذه السلفيات في ركائز رئيسة، لكنها تختلف ربما من نواحٍ أساسية في إشكالية التطبيق والعصرنة.
ومع دخول العقد الثامن من القرن العشرين، برزت أولى فرص مشاركة السلفيين في الحياة العامة، عند تلبية نداء الجهاد في أفغانستان إبان الغزو السوفييتي عام 1979. وعلى الرغم من إحداث واقعة جهيمان العتيبي واقتحامه للحرم المكي في ذلك العام واعتصامه هو ومجموعته المتأولة صدمة عميقة في عقر دار السلفية وولادة اسئلة جديدة لم تجد لها إجابات واضحة، إلا أن تجربة الجهاد الأفغاني مثلت نقطة البداية المحورية للسلفية الجهادية الحديثة نظرا للمدة التي استغرقها والحركة الفكرية التي شهدتها التيارات السلفية المتعددة والتي أخذت على عاتقها تحرير أفغانستان ليس فقط من الوجود السوفييتي بل طرد الشيوعية الحمراء بأسرها من البلاد. ويبدو أن رجلين ذهبا إلى أفغانستان للجهاد وعادا إلى بلدهما وهما يحملان منظورا يتسم بالجدية والتحديد. حظى الشيخ الدكتور أبو محمد المقدسي بتعليم أكاديمي عالٍ أهله لفهم واسع ومحدد عن الدراسات الشرعية والفقهية بالإضافة لدرجته العلمية في الفيزياء من جامعة الموصل في العراق. أما صاحبه في السجن أبو مصعب الزرقاوي فمستواه التعليمي غير معلوم، على أنه كان من الذين التحقوا بحلقات العلم الدينية في أفغانستان، ولا نعلم إن كان هذا يؤهله لعلم شرعي كافٍ، إلا إن أبو مصعب -رحمه الله- كان من المجاهدين حملة السلاح وليس عالما فقيها متبحرا. وعلى هذا، فإن الشيخ أبي محمد المقدسي أسس منبر التوحيد والجهاد وانضم له الزرقاوي لاحقا. غير أن علينا ملاحظة أن ثمة كلام مؤخرا حول موقع المنبر الإليكتروني الذي اشتكى منه الشيخ المقدسي منه لوجود فتاوى دموية تثير الاستغراب. الشاهد أن المقدسي دخل السجون الأردنية مرارا ولمدد طويلة (أطلق النظام الأردني سراحه منذ بضع شهور). ومن جهة أخرى، ومع وقوع الغزو الأمريكي للعراق في ربيع عام 2003، هاجر أبو مصعب الزرقاوي لجهاد الغزاة، ومن هناك أعلن انتماءه للقاعدة، وأطلق على جماعته اسم "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين" حيث اشترك مع كثير من التنظيمات الجهادية الأخرى في تكبيد الغزاة ومن عاونهم خسائر فادحة، واستمرت هذه الحال حتى عام 2006 الذي وقعت فيه عدة أمور مهمة ومنها:
- إعلان تأسيس مجلس شورى المجاهدين في العراق في بداية العام، ثم سرعان ما حله أبو حمزة المهاجر في أواخر العام.
- استشهاد أبو مصعب الزرقاوي في غارة أمريكية يكتنفها الغموض، لم يكشف عن تفاصيلها حتى اللحظة.
- إعلان قيام دولة العراق الإسلامية على يد أميرها أبي عمر البغدادي ونائبه أبي حمزة المهاجر
إلا أن ما تمخض عن هذه الأحداث وما سبقها لم يشِ أن الأمور بين التنظيمات الجهادية تسير على خير ما يرام. فقد اشتكت عدة تنظيمات جهادية من تصرفات "القاعدة في بلاد الرافدين" ومنها جيش أنصار السنة (أو أنصار الإسلام) وهي جماعة جهادية سلفية كردية تعارض حزبي الطالباني والبرزاني، وهي جماعة موثوقة ومعروفة بين الجهاديين. كما أن أبو أسامة العراقي بث شريطا عام 2006 خص به أسامة بن لادن شيخ جهاديي القاعدة شاكيا من الأفعال المؤذية للجماعة التي نسبت نفسها للقاعدة (الشريط من هنا). لكن اختلط الحابل بالنابل وأخذ القوم يخونون بعضهم البعض في ظل عدم قدرة على تمييز كيفية وقوع الاختراق فيما بينهم وهوية المخترقين الذين يعملون لصالح جهات عديدة ومختلفة منها استخباراتية. على أن الاختلاف تفاقم وقيل وزيد في القيل أن الأمور وصلت بين الجهاديين إلى حد وقوع عمليات اغتيال وتصفيات ما بين قيادات هذه التنظيمات. أما اعتراضات تلك التنظيمات على جماعة الزرقاوي فتركزت في أن الأخيرة حاولت إجبارهم على تقديم البيعة لأمير القاعدة في بلاد الرافدين الذي شكّل، كما يزعمون، مجلسا صوريا لجماعات لا وزن لها، أسماه بمجلس شورى المجاهدين، في حين يؤكد المعارضون أن المجلس لم يشكل إلا لتطويع إرادتهم وإخضاعها لأمير التنظيم، وهم لا يعنيهم إلا مقاتلة الغازي الصائل، لا الإمارة أو السلطان. إلا إنه باستشهاد الزرقاوي ومن ثم أمير دولة العراق الإسلامية أبي عمر البغدادي عام 2010 وتبعثر حال التنظيمات الأخرى، تعرض الجهاد لضربات مؤثرة فعلا. لكن يبدو أن تأثير الضربات لم يكن سببه الأمريكان وحكومة بغداد وحذاقتهم، بل سوء العلاقات ما بين التنظيمات الجهادية وعدم توحيد جهودها ونبذ خلافاتها وسعي بعضها لفرض تصوراتها على الأخرى وفقدانها للحاضنة الشعبية (وهم أهل القبائل العراقية في غرب العراق). وللأسف، يبدو أن الناس ضاقت ذرعا من انعدام الرؤية للجهاديين وعدم اطمئنانهم لمشروعاتهم، وهذا ما أدى إلى استغلال الأمريكان لهذا الوضع ونجاحه بتشكيل ما يسمى "الصحوات" وهم بعض ضعاف النفوس من الذين قبضوا المال وتلقوا وعودا (ثبت كذبها فيما بعد) بالمشاركة بالسلطة. وللمرء أن يجزم أن انتشار الصحوات لم يحدث سوى للمارسات الخاطئة لتنظيم الدولة تحديدا، وهي الممارسات التي انتقدها كبار مشايخ السلفية الجهادية كالشيخ المقدسي والدكتور حامد العلي بل وحتى أكثر الشيوخ تشددا كأبي قتادة الفلسطيني، فهذا التنظيم يعد مسؤولا مسؤولية غير مباشرة عن عدم نجاح الجهاديين بضرب الغزو الأمريكي ضربة كبرى تعميه على غرار هزيمته الفاضحة في فييتنام، فخرج الأمريكان بعين سليمة وأخرى مفقوءة. فتهمشت مع مرور الوقت التنظيمات الجهادية بما فيها تنظيم الدولة، وصفه البعض أنه "أصبح مجرد تنظيم سردابي".
ثم قامت بعد ذلك الثورة السورية ضد النظام السوري، فوجد تنظيم دولة العراق الإسلامية فرصته بالخروج من التخفي. وكان التنظيم قد نصب أميرا جديدا ألا وهو أبي بكر البغدادي بطريقة غامضة غير معلومة بعد مقتل أبي عمر البغدادي ونائبه أبي حمزة المهاجر ومعظم القيادات الفاعلة لتنظيم الدولة في غارة أخرى مفاجئة. ولعل للمرء أن يتساءل عن سبب دقة هذه الغارات وتوقيتاتها التي تحصد هؤلاء الأمراء، فالأمريكان وأعوانهم لن يستطيعوا بحال من الأحوال عمل هذا بمفردهم، ولن يستطيع المال الحرام وشراء الذمم لوحده أن يؤدي إلى هذه الدقة القاتلة. إذًا هو الاختراق ولا ريب. وهذا ينبهنا إلى التحذيرات المتعددة من اختراق التنظيمات الإسلامية، بل إن الإعلام الأمريكي يشدد ويتشدق دائما أن الموساد الإسرائيلي يخترق كل التنظيمات الجهادية (ضع خطوطا كبرى على كلمة كل)، وهذه لعمرك طامة يصعب الخلاص منها. على أن قياديي هذه التنظيمات يعلمون عن وجود الاختراقات، لكنهم يجهلون كما يبدو كيفية علاجها، ويتضح هذا في أسلوب معاملة الدكتور أيمن الظواهري لتمرد داعش على أوامره.
مع استمرار الثورة السورية وتكثف وجود التنظيمات الجهادية ووقوع الفوضى بالأراضي السورية ونجاح تنظيم أبوبكر البغدادي بالتمدد في الشام ببطء وبشيء من الروية والخداع، أعلن البغدادي قيام الدولة الإسلامية في العراق والشام. وفي ذات الوقت ومع تركيز التنظيم الذي أصبح الآن يسمى "داعش" على سورية، خرجت المظاهرات الكبرى في غرب العراق احتجاجا على طغيان المالكي وحكومته الطائفية وذلك في الحويجة والرمادي والفلوجة. والمفارقة المزعجة والمحيرة أن من اشتركوا بالصحوات من ابناء القبائل، اشتركوا كذلك في المظاهرات، وهنا لا أعمم بل أبعّض. فهل لأن مدد المال الأمريكي قد جف، اشترك البعض بالمظاهرات على المالكي؟ فهذا هو النفاق بعينه والعياذ بالله. إلا إن حيرتنا ودهشتنا ازدادت مع عودة داعش للتركيز على العراق. حيث شنت هجمات كبرى مفاجئة صيف العام 2013 اجتاحت بها غرب العراق وامتدت لتصل إلى أطراف بغداد وكسرت جيش المالكي الطائفي. ويندهش المرء من حدوث هذه الانجازات العظمى من تنظيم لا يزيد تعداد مقاتليه عن 20 ألف مقاتل منتشرين في سورية والعراق مما يجعل من تركيز قوته بمثل هذا الوقت القصير غير قابل للتصديق. لكننا إذا قلّبنا الأمور على وجوهها سنلحظ أن إلغاء الجيش العراقي السابق بجرة قلم من بول بريمر (الحاكم الأمريكي للعراق خلال الاحتلال) لا بد وأن تحدث من ورائه تداعيات قد يصعب حسابها أو تصورها، وهذا موضوع قد يطول ويتشعب، لكن من الواضح أن ردة الفعل على جريمة الأمريكان تلك لم يتصورها الأمريكان أنفسهم قطعا، وإلا فكيف بضباط مخضرمين عملوا فترات طويلة تحت ظل البعث (وهي العقيدة الكفرية الطاغوتية بحسب السلفيين الجهاديين) يقدمون البيعة لأمير داعش ثم يبايعونه خليفة على المسلمين؟ فهذا مما لا يهضم بسهولة! وستنبئنا الأيام القادمة بما خفي من هذه الأمور، فالمسرحية طويلة ومن يؤدون أدوارها لم تتوقف أدوارهم.
ثانيا: الجذور الفكرية لـ"داعش"
إن الجذور التي جاءت منها داعش وأتباعها مسألة تخضع للدراسة والتمحيص على يد كثير من العلماء والمفكرين، على إنني لا أقدم هنا أحكاما قطعية جازمة، بل مجرد استقراءات قد تخطئ وتصيب، وقد لا تعجب كثيرا من الناس وتروق لبعضهم الآخر، وما بين هؤلاء وأولئك علينا أن نصفي النية ونتقي الله وألا نتهم أحدا دون بينة، لكن الحق أحق أن يتبع.
لا شك أن الغلو هو مصدر مثل هذه الأفكار التي أخرجت لنا مثل داعش وغير داعش على مدار القرون القليلة الماضية. ومهما شرقنا وغربنا، لا يمكننا التغاضي عن الفكر الوهابي الذي رعى هذا النموذج. على أن الجدير بالذكر أن الغلو لم يخرج فقط من الفكر الوهابي، بل هو موجود قبل الإسلام وبعده. فانظر إلى حال اليهود وكيف انتهى بهم الأمر، وانظر إلى المسيحيين وكيف انتهى بهم الأمر! فالغلو والزيادة فيما لا زيادة فيه وإعمال التأويل والتعسف فيه عند قراءة النصوص يؤدي لا محالة إلى الوقوع بشراك الهوى والميل فالغلو والتعصب والإقصاء. وليس من السهل الإشارة إلى ربط هؤلاء الغلاة المعاصرين بالفكر الوهابي كحاضنة لهم، إلا أن المطلع بعمق سيكتشف هذا الاستنتاج بما لا يدعو للشك. والفرق الغالية موجودة منذ بداية الإسلام، الذي لا يرتبط بها على الإطلاق وبريء منها ومن فهمها الخاطئ لتعاليم ديننا الحنيف، لكن ما نجحت به الوهابية -ظاهريا- هو تأسيس دولة يعترف بها العالم ويدعمها. وأقول ظاهريا لأن الوهابيين انشقوا على أنفسهم في مراحل تاريخية متعددة، حيث اصطدموا بالشرخ بين النظرية والتطبيق، ومن أهمها عقيدة الولاء والبراء وفهمها فهما سليما ينطبق على الواقع، وهو ما لم يحدث في توقيع اتفاقات مع الكافر الصائل في بلاد المسلمين، وهو ما أوقع انقسامات عنيفة بين الوهابيين أنفسهم، وفي ذلك يتعين دراسة حركات "إخوان من طاع الله" في الثلث الأول من القرن العشرين، ثم أزمة حركة جهيمان العتيبي ومحمد القحطاني، ثم وصولا إلى القاعدة وداعش ودولتها، ولا ندري ما الذي ستنتهي عليه هذه السلسلة المريرة من الانشقاقات. في حين أن الأمر بالإمكان معالجته بطرق أسلس من ذلك بكثير لو أن ثمة قدرة حقيقية على المراجعة العلنية وتصحيح الذات ونقدها والنأي بالنفس عن الهوى والكبر، وهو ما قام به أحد من ينتسب إلى المدرسة الوهابية وفقهها، وهو نايف آل منسي الذي أرى أنه قدم مراجعات مخلصة للوهابية وذات قيمة علمية، وقبل أن أضع محاضرات الأستاذ نايف آل منسي، أورد لكم جانبا من سيرته الذاتية حتى يتبين لنا علمه وتأهيله الأكاديمي.
بكاليريوس شريعة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
ماجستير / الجامعة الأمريكية العالمية.
دبلوم "أنظمة" معهد الإدارة العامة بالرياض.
عشر سنوات عمل بهيئة التحقيق والادعاء العام بدأت بالادعاء العام أمام المحاكم الشرعية واختتمت بوحدة المستشارين بمكتب رئيس فرع هيئة التحقيق والادعاء العام بمنطقة مكة المكرمة.
محكم معتمد من قبل وزارة العدل.
رئيس قسم/ دائرة تقييم المخاطر بالبنك الأهلي التجاري وحاصل على درع الأداء المتميز من البنك.
مؤلف كتاب "خلاصة التعاميم" و "المرجع السريع لنظامي الإجراءات الجزائية والمرافعات" أحد أهم المراجع لدى المحققين والقضاة وضباط الشرطة والمهتمين.
الممارسات العملية الناجحة لعدد من القضايا الحقوقية والجنائية والتجارية.
له مؤلفات أخرى شرعية وهي كتاب (الخلاصة الذهبية للمسائل الفقهية) وكتاب (بدعة التكفير) وكتاب (الالتزام في قفص الاتهام).
ماجستير / الجامعة الأمريكية العالمية.
دبلوم "أنظمة" معهد الإدارة العامة بالرياض.
عشر سنوات عمل بهيئة التحقيق والادعاء العام بدأت بالادعاء العام أمام المحاكم الشرعية واختتمت بوحدة المستشارين بمكتب رئيس فرع هيئة التحقيق والادعاء العام بمنطقة مكة المكرمة.
محكم معتمد من قبل وزارة العدل.
رئيس قسم/ دائرة تقييم المخاطر بالبنك الأهلي التجاري وحاصل على درع الأداء المتميز من البنك.
مؤلف كتاب "خلاصة التعاميم" و "المرجع السريع لنظامي الإجراءات الجزائية والمرافعات" أحد أهم المراجع لدى المحققين والقضاة وضباط الشرطة والمهتمين.
الممارسات العملية الناجحة لعدد من القضايا الحقوقية والجنائية والتجارية.
له مؤلفات أخرى شرعية وهي كتاب (الخلاصة الذهبية للمسائل الفقهية) وكتاب (بدعة التكفير) وكتاب (الالتزام في قفص الاتهام).
أما مراجعاته عن الفكر الوهابي فهي كالتالي:
غير أنني أرجو ألا يفهم كلامي أنني ضد هذه المدرسة بمجملها أو أنني معارض لهذا الفكر بعمومه، فهذا مما لا مصلحة لي فيه البتة. فكل ما أشير إليه أننا يجب أن نتحلى بالقدرة على التصحيح الذاتي والنقد الإيجابي. أما من يزكي ويزعم أنه على المنهاج الصحيح وحصر هذا في نفسه فلا شك أنه إلى الضلال أقرب، وهو منهاج اليهود والنصارى الذين غالوا فضلوا ضلالا مبينا. وأفضل ألا أزيد على ما ذكرت، لأنه كاف، والحر تكفيه الإشارة.
وتقبلوا أطيب تحية من مترجم العمل وكاتب موضوعه
فيصل كريم الظفيري
تعليق