حياكم الله أستاذنا الفاضل دكتور عبد الحميد.
كما تفضلتم سابقا، فالغموض يلف المسألة برمتها، بدءا من انقلاب داعش على شقيقاتها التنظيمات الجهادية التي تؤكد بعضها أنها تعمل لصالح النظام السوري استراتيجيا وتكتيكيا. ثم عودة داعش للعراق بالرغم من تحجيمها السابق وقصقصة أظفارها ما قبل 2011، ثم تحقيق داعش لانتصارات غامضة وغير معلومة الكيفية، فإعلان داعش الخلافة هكذا كيفما اتفق - (وأجد أن من الغريب أن يتوقع رجل كالدكتور محمد المسعري إعلان داعش للخلافة قبل حدوث ذلك بستة شهور وتوقعه كذلك تمرد داعش على القاعدة وتصريحات مؤيديها بتبديع الدكتور أيمن الظواهري قبل ذلك أيضا، فهل أدرك الدكتور المسعري (الميكانيزم) التي تحرك هذه الجماعة الغامضة فضلا عن الذي يتحكم بها فيسرع من وتيرتها أو يبطئها حسب الحاجة؟). ثم عودة الأصوات المرتفعة في العراق بمطالبة الأمريكان بالتدخل مجددا، سواء من السنة أو الشيعة (فلبئس هذا النفاق). فكيف نحكم على الصورة في ظل هذا الشح من المعلومات الموثوقة؟!
أما الربط مع مسألة انخفاض أسعار النفط فله وجاهته أيضا، فلا ننسَ أن العامل الاقتصادي مؤثر وفاعل في المنطقة، بل إن النظريات السياسية الحديثة تعتمد هيكليا على هذا العامل. وأتذكر في هذا الإطار كلمة بيل كلينتون بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية نهاية العام 1992 حين استشعر استغراب سلفه جورج بوش الأب من هزيمته الرئاسية بالرغم من تحقيقه لأول انتصار أمريكي حربي مهم في حرب الخليج 1991 منذ حرب فييتنام، فقال كلينتون قولته الشهيرة "إنه الاقتصاد أيها الغبي!". والنفط حصرا هو ما يعطي للمنطقة قيمتها حسب المنظور الغربي البراغماتي البحت. فهل هذا الانخفاض أو التدهور الدراماتيكي بأسعار النفط له علاقة بسيطرة داعش على مواقع نفطية عديدة في سورية والعراق ووصولها لحد الاكتفاء الذاتي، وبالتالي رغبة "الحلفاء ضد داعش" بحرمانها من هذه الميزة؟
وعندما نربط الأحداث علينا ألا نبالغ بتصور الأشياء، لكن سؤالي: هل ستؤثر الأحداث المحلية في أمريكا من احتجاجات واسعة النطاق ضد الشرطة الأمريكية لقتلها الشباب السود بدم بارد على قدرة الإدارة الأمريكية بالتعاطي بأريحية مع الملفات الخارجية كحربها مع داعش (لاحظ أنها "مع" لأنها أصبحت كرقصة الفالس التزامنية)؟ وأضع سؤالي هنا بحذر، لكن ما يبرره هو تردد أوباما وصراعه الواضح مع سدنة البنتاغون الذين يخالفونه الرأي ويرون ضرورة سرعة التدخل البري في العراق. ولاحظ كذلك تجرؤهم على انتقاد رئيسهم "أبو عمامة" علنا، في حين أنهم كانوا نعوجا وحملانا مع سلفه بوش بالرغم من حماقته وبلادته الشديدتين.
أما الخلافة، فيبدو أنها بالونة اختبار أمريكية جديدة. فأمريكا صرحت مرارا عبر مجموعات خبرائها Think Tanks أن المنطقة "بحاجة لإعادة الخلافة لتفعيل الاستقرار المفقود وتصحيح الأخطاء البريطانية والفرنسية في سايكس-بيكو." واقرأ بذلك كتاب A Peace To End All Peace لديفيد فرومكين الذي لم أفطن لاشتراكه في إعداد الفيلم الوثائقي الذي ترجمته: Blood And Oil: The Middle East In World War 1 إلا مؤخرا. فهم يريدون خلافة تسير حسب المنظور الأمريكي وأهدافه في المنطقة، وليس الخلافة الإسلامية كما نفهمها نحن المسلمين. والله أعلم.
تقبل أطيب تحية
كما تفضلتم سابقا، فالغموض يلف المسألة برمتها، بدءا من انقلاب داعش على شقيقاتها التنظيمات الجهادية التي تؤكد بعضها أنها تعمل لصالح النظام السوري استراتيجيا وتكتيكيا. ثم عودة داعش للعراق بالرغم من تحجيمها السابق وقصقصة أظفارها ما قبل 2011، ثم تحقيق داعش لانتصارات غامضة وغير معلومة الكيفية، فإعلان داعش الخلافة هكذا كيفما اتفق - (وأجد أن من الغريب أن يتوقع رجل كالدكتور محمد المسعري إعلان داعش للخلافة قبل حدوث ذلك بستة شهور وتوقعه كذلك تمرد داعش على القاعدة وتصريحات مؤيديها بتبديع الدكتور أيمن الظواهري قبل ذلك أيضا، فهل أدرك الدكتور المسعري (الميكانيزم) التي تحرك هذه الجماعة الغامضة فضلا عن الذي يتحكم بها فيسرع من وتيرتها أو يبطئها حسب الحاجة؟). ثم عودة الأصوات المرتفعة في العراق بمطالبة الأمريكان بالتدخل مجددا، سواء من السنة أو الشيعة (فلبئس هذا النفاق). فكيف نحكم على الصورة في ظل هذا الشح من المعلومات الموثوقة؟!
أما الربط مع مسألة انخفاض أسعار النفط فله وجاهته أيضا، فلا ننسَ أن العامل الاقتصادي مؤثر وفاعل في المنطقة، بل إن النظريات السياسية الحديثة تعتمد هيكليا على هذا العامل. وأتذكر في هذا الإطار كلمة بيل كلينتون بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية نهاية العام 1992 حين استشعر استغراب سلفه جورج بوش الأب من هزيمته الرئاسية بالرغم من تحقيقه لأول انتصار أمريكي حربي مهم في حرب الخليج 1991 منذ حرب فييتنام، فقال كلينتون قولته الشهيرة "إنه الاقتصاد أيها الغبي!". والنفط حصرا هو ما يعطي للمنطقة قيمتها حسب المنظور الغربي البراغماتي البحت. فهل هذا الانخفاض أو التدهور الدراماتيكي بأسعار النفط له علاقة بسيطرة داعش على مواقع نفطية عديدة في سورية والعراق ووصولها لحد الاكتفاء الذاتي، وبالتالي رغبة "الحلفاء ضد داعش" بحرمانها من هذه الميزة؟
وعندما نربط الأحداث علينا ألا نبالغ بتصور الأشياء، لكن سؤالي: هل ستؤثر الأحداث المحلية في أمريكا من احتجاجات واسعة النطاق ضد الشرطة الأمريكية لقتلها الشباب السود بدم بارد على قدرة الإدارة الأمريكية بالتعاطي بأريحية مع الملفات الخارجية كحربها مع داعش (لاحظ أنها "مع" لأنها أصبحت كرقصة الفالس التزامنية)؟ وأضع سؤالي هنا بحذر، لكن ما يبرره هو تردد أوباما وصراعه الواضح مع سدنة البنتاغون الذين يخالفونه الرأي ويرون ضرورة سرعة التدخل البري في العراق. ولاحظ كذلك تجرؤهم على انتقاد رئيسهم "أبو عمامة" علنا، في حين أنهم كانوا نعوجا وحملانا مع سلفه بوش بالرغم من حماقته وبلادته الشديدتين.
أما الخلافة، فيبدو أنها بالونة اختبار أمريكية جديدة. فأمريكا صرحت مرارا عبر مجموعات خبرائها Think Tanks أن المنطقة "بحاجة لإعادة الخلافة لتفعيل الاستقرار المفقود وتصحيح الأخطاء البريطانية والفرنسية في سايكس-بيكو." واقرأ بذلك كتاب A Peace To End All Peace لديفيد فرومكين الذي لم أفطن لاشتراكه في إعداد الفيلم الوثائقي الذي ترجمته: Blood And Oil: The Middle East In World War 1 إلا مؤخرا. فهم يريدون خلافة تسير حسب المنظور الأمريكي وأهدافه في المنطقة، وليس الخلافة الإسلامية كما نفهمها نحن المسلمين. والله أعلم.
تقبل أطيب تحية
تعليق