حين يعلن الرئيس الامريكى "حسين باراك أوباما" نيته دعوة دول الخليج لنشر منظومة دفاع صاروخية تغطى المنطقة لحمايتها من الصواريخ الباليستية الإيرانية، فنحن فى الحقيقة بصدد تاجر او سمسار سلاح، يقوم بالتسويق لشركات الاسلحة الأمريكية، لا يختلف كثيرا عن اى مندوب مبيعات فى اى شركة تجارية.
إن الحقيقة وراء ما يحدث فى منطقتنا، ترتبط ارتباطا وثيقا بمبيعات وأرباح ومصالح شركات السلاح الامريكية ومثيلاتها.
فلا يمكن أن يوجد اى تفسير منطقى لكل هذه الصراعات الطائفية والحروب الاهلية المجنونة التى ضربت العراق وسوريا واليمن وليبيا فى أوقات متزامنة، سوى نفوذ وعبقرية ونشاط ادارات المبيعات فى هذه الشركات، وشبكة العلاقات والمصالح المرتبطة بها فى المؤسسات الرسمية الامريكية، او المتحالفة معها والمرتشية منها فى انظمتنا العربية.
انهم يخدعونا ويضللون الرأى العام العالمى، فيختفون وراء عناوين ومنظومات دولية وأمنية وسياسية مثل الامن والسلم الدوليين، والامن القومى الامريكى، والامن الاقليمى للشرق الاوسط، ومكافحة الارهاب والقاعدة وداعش....الخ.
ولكن الحقيقة هى انهم انما يبيعون أسلحتهم ويوسعون تجارتهم، ويراكمون أرباحهم، ويحلبون ثرواتنا، ويتواطئون مع حكامنا وأنظمتنا لاستهلاك وتفريغ المخازن العربية من السلاح المتراكم الذى قارب على الصدأ، لشراء غيره.
وهم يبيعون للجميع، لكل من يدفع، لا فرق فى ذلك بين الانظمة والمعارضة، أو بين السنة والشيعة والأكراد، بين داعش والحشد شعبى والبيشمركة ، ولا بين الحوثيين وقوات التحالف السعودى، الجميع يتقاتل ويَقتل ويُقتل بأسلحتهم. الفرق فقط فى علانية الصفقات او سريتها. هل تتذكرون "الكونترا ـ جيت".
وهم لا يقلقون من النتائج، فبإمكانهم دائما التدخل فى الوقت المناسب، لزيادة او تقييد المبيعات والدعم العسكرى، لإمالة الميزان لصالح طرفا عن آخر، حسب الظروف ووفقا للأجندات السياسة وتكتيكاتها.
وهم يقيسون مدى نجاح الادارات الامريكية المتعاقبة بمدى قدرتها على خلق الاضطرابات والأزمات والحروب التى تزيد من مبيعاتهم.
اننا نتقاتل ونسفك دماء بعضنا البعض وندمر بلادنا، ليس دفاعا عن مصلحة وطنية أو قومية، وانما نفعلها، فى الأغلب الأعم، كجزء من خطط التسويق والمبيعات السنوية لشركات الاسلحة الامريكية وأخواتها.
محمد سيف الدولة
تعليق