كانت بين فضيلة العالم المغربي الجليل الدكتور أحمد شحلان حفظه الله، وبين عبد ربه مراسلة في موضوع علمي يتعلق بعلم التأثيل وعلم اللغة المقارن والنحو التاريخي. وقد أرفقت في تلك المراسلة ورقة أبرهن فيها على أهمية توظيف علم التأثيل وعلم اللغة المقارن في الدراسات اللغوية العربية عموما وفي تلك المتعلقة بالمعجم التاريخي للغة العربية خصوصا.
مما جاء في تلك الورقة ما نصه:
ملاحظات حول التأثيل وعلم اللغة المقارن
الملاحظة الأولى: (مصطلح التأثيل)
يستعمل مصطلح "التأثيل" اليوم في العربية مكافئا وظيفيا للمصطلح الإنكليزي (etymology) الذي يدل على العلم الذي يدرس الأصل التاريخي للكلمات باعتماد منهج المقارنة بين الصيغ اللغوية والدلالات المعنوية لتمييز الأصول من الفروع والتأريخ للتطورات اللسانية التي مرت بها الصيغ والدلالات عبر التاريخ.
لتوظيف علم التأثيل في البحث اللغوي مستويات مختلفة أهمها: توظيفه مع علم اللغة المقارن عندما تكون اللغة موضوع البحث عضوا في أسرة لغوية كبيرة مثل العربية التي تنتمي إلى أسرة اللغات الجزيرية.
يقوم علم اللغة المقارن على أربعة أصول هي: الصوتيات والصرف والنحو والمعجم. والقرابة اللغوية التي لا تثبت على أساس هذه الأصول الأربعة ولا تحكمها قوانين صوتية مطردة لا تكون قرابة لغوية بل محض صدفة. وأسرة اللغات الجزيرية أسرة لغوية قديمة تتكون من فرعين الفرع الشرقي (ومنه الأكادية والأوغاريتية والآرامية والعبرية والفينيقية والحبشية والعربية وغيرها) والفرع الغربي (ومنه المصرية القديمة والأمازيغية والكوشية وغيرها). وقد ذهب أكثر الباحثين إلى أن أصل هذه اللغات كان في الجزيرة العربية.
ترتبط لغات هذه الأسرة اللغوية الكبيرة بقرابة لغوية ثابتة صوتيًا وصرفيًا ونحويًا ومعجميًا، مما يفترض انحدارها من لغة أم كانت تستعمل في الجزيرة العربية قبل تفرق القبائل المتحدثة بها وهجرتها إلى العراق والشام ومصر والمغرب. اهتدى الباحثون إلى تصوّر هذه اللغة الأم المفترضة بمقارنة اللغات الجزيرية ببعضها على المستوى الصوتي والصرفي والنحوي والمعجمي، وأطلقوا عليها اسم "اللغة السامية الحامية الأم" (Proto-Hamito-Semitic) وكذلك اللغة الأفريقية الآسيوية الأم (Prot-Afro-Asiatic). ونصطلح نحن على تسميتها بـ (اللغة الجزيرية الأم).
الملاحظة الثانية: (مجالات توظيف علم التأثيل)
1. من أجل التأثيل للمفردات في اللغة
ونقصد به التأريخ التأثيلي للفظة وهو غير التأريخ الزمني لها. فالتأثيل يؤصل اللفظة بردها إلى جذرها بالمقارنة مع ما يجانسه من جذور ومفردات في اللغات الجزيرية ويفتح آفاقًا للاجتهاد، بينما يختص التأريخ الزمني للمفردة بتتبع تاريخها منذ ضبط وجودها في الكتب والمدونات. فالتأريخ التأثيلي للكلمة ينظر في أصلها الذي سبق ظهورها في الكتب، والتأريخ الزمني لها ينظر في تاريخها منذ ظهورها في الكتب. والغاية من الأول معرفة اشتقاق اللفظة في اللغة والنظر فيما يجانسها مبنى ومعنى في اللغات التي تكون معها أسرة لغوية واحدة، والغاية من الثاني هو التأريخ لظهور تلك اللفظة في الأدب بمفهومه الأوسع، والحمولات الدلالية التي اكتسبتها تلك اللفظة عبر القرون وكذلك ما اشتق منها من مفردات وضبط ذلك كله. وللتمثيل على التأريخ التأثيلي للكلمة ننظر في كلمة (ترجمة).
يقول ابن منظور في "ترجمان"[1]: "الترجمان، بالضم والفتح،: هو الذي يترجم الكلام أي ينقله من إلى لغة أخرى، والجمع التَّراجم، والتاء والنون زائدتان". ويقول ابن منظور أيضاً في مادة /رجم/: "الرَّجْم: اللعن، ومنه الشيطان الرجيم. والرَّجْم: القول بالظن والحدس. وراجَمَ عن قومه: ناضلَ عنهم". ويقول ابن دريد[2]: "ورَجَمَ الرجلُ بالغيب، إذا تكلم بما لا يعلم. وأَرْجَمَ الرجل عن قومه، إذا ناضل عنهم. والمراجم: قبيح الكلام؛ تراجمَ القومُ بينهم بمراجمَ قبيحة، أي بكلام قبيح". وباستقراء الجذر /رجم/ في اللغات الجزيرية يتبين أن معناه الأصلي "الكلام، المناداة، الصياح، القول الغريب، التواصل". فكلمة "تُرْجمُانُ" في الأكادية – وهي أقدم اللغات الجزيرية تدوينًا – مشتقة فيها من الجذر /رجم/، والتاء والنون فيها زائدتان. أما في الأوغاريتية فيعني الجذر /رجم/ فيها "الكلام". والمعنى الغالب للجذر /رجم/ في العربية هو الرجم بالحجارة إلا أن أهل التفسير يقولون إن "الرجم" في هذا المقام هو السباب. فالرجيم هو "المشتوم المسبوب". ويفسرون قوله تعالى "لَئِن لم تَنْتَهِ لأَرْجُمَنَّك" أي "لأَسُبَّنَّك".[3] وهذا يعني أن "الرجم" فعل لساني (أي كلام) وليس فعلاً يدويًا (أي رجم بالحجارة أو بغيرها).
إذن: المعنى الأصلي للاسم /ترجمان/ وللفعل /ترجم/ هو "الكلام غير المحدد". فهو "الصياح" في الأكادية و"الكلام والقول" في الأوغاريتية "والظن" في العربية (الرجم بالغيب) وكذلك "السب والشتم والتَّراجُم أي التراشق بالكلام القبيح". وعندي أن "الكلام غير المحدد" بقي "كلامًا غير محدد" حتى اليوم لأن معنى "التُّرْجُمان" الأول هو المترجم الشفهي الذي يترجم كلامًا غير محدد سلفًا أي غير مفهوم بين اثنين يتكلمان لغتين مختلفتين، وهو كذلك في الأكادية (= تَرْجُمانُ) والعبرية (= תרגמן /تُرْجُمانْ/) والسريانية (ܬܪܓܡܢܐ /تَرْجْمونُا/) والعربية.[4] وعن الشعوب الجزيرية أخذ اليونان كلمة "ترجمان" (Δραγουμανος = Dragoymanos)، وعنهم أخذها الفرنسيون (= Dragoman/Drogman) والإنكليز (= Dragoman) وغيرهم من الأمم. وأول من مارس مهنة الترجمة في التاريخ هم الأكاديون الذين اضطروا إلى ترجمة بعض المصطلحات السومرية المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالكتابة المسمارية التي اخترعها السومريون، فترجموها إلى لغتهم الأكادية. ومما حفظ الدهر لنا من أوابد الأكاديين ألواحًا تحتوي على مسارد لغوية باللغتين السومرية والأكادية. وهكذا نرى أن علم صناعة المعجم ولد مع علم الترجمة وظلَّ يلازمه حتى اليوم.
2. من أجل التأصيل للمفردات في اللغة
إن ظاهرة الشعوبية المحدثة والشطط الحاصل في نسبة ألفاظ عربية بعينها إلى هذه اللغة الجزيرية أو تلك لأسباب تتعلق بأسبقية التدوين، ظاهرة أصبحت ملحوظة في المجلات والمواقع العنكبية. وأسبقية التدوين لا يقول بها عالم. وأكثر من يقول بها الشعوبيون وبعض الكتاب الذين يكتبون "على البركة" مثل الأب رافائيل نخلة اليسوعي الذي يرد كل كلمة عربية ذات أصل جزيري مشترك إلى السريانية لأنها أقدم تدوينًا من العربية (نخلة، رافائيل 1959). وهذا مذهب فاسد لأنه يقتضي بالمنطق رد جميع الكلمات السريانية ذات الأصول الجزيرية إلى العبرية لأن العبرية أقدم تدوينًا من السريانية. كما يجوز وفقًا لذلك المذهب رد العبرية إلى الأوغاريتية لأنها أسبق تدوينًا من العبرية، والأوغاريتية إلى الأكادية وهلم جرًا. والباحث العربي الذي تفطن إلى هذا الأمر هو الأب أنستاس ماري الكرملي الذي يقول في هذا الصدد: "ولا تكون الكلمة العربية من العبرية أو الآرامية إلا إذا كانت تلك الكلمة خاصة بشؤون بني إرم أو بني إسرائيل. أما الألفاظ العامة المشتركة بين الساميين جميعًا، فليس ثم فضل لغة على لغة" (الكرملي 67:1938).
وللتمثيل على أهمية هذا الباب نتوقف قليلاً عند كلمة (أمة) التي يزعم مثيرو الشبهات اللغوية أنها من هذه اللغة الجزيرية، أو من تلك.
جاء في اللغات الجزيرية: (أُمُّ<sup>م</sup>) "الأُمُّ"، وهي كذلك في كل اللغات الجزيرية، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر كلاً من الأكادية /أُمُّ<sup>م</sup>/؛ الأوغاريتية /أُم/؛ الفينيقية /أم/ والعبرية אם = /إِم/؛ الصفوية واللحيانية /أُمّ/ والسريانية ܐܡܐ= /إِمّا/ وكله "الأم". واشتق من هذا الجذر أيضا (أمَّت) وهي "القبيلة، الشعب، الأمة"، وهي كذلك في الأكادية /أُمّانُ<sup>م</sup>/ ومعناها في الأكادية "شعب، جيش"؛ وفي الأوغاريتية /أُمْت/ "عائلة"؛ وفي العبرية والآرامية القديمة אםא = /أُمّا/ "أُمَّة؛ جنس؛ شعب"؛ وفي السريانية ܐܡܐ= /أُمّا/؛ وفي الحبشية /أمَّة/ "أُمَّة؛ قبيلة؛ شعب". ومن هذا الجذر كلمتنا (إِمَّةٌ) بمعنى "السُّنَّة؛ القاعدة" وهي كذلك في الحميرية /إمّ/ "قانون؛ قاعدة" وكذلك في الحبشية /أمَّة/ "طبيعة؛ نية؛ قاعدة". ومن هذا الجذر أيضًا الكلمة السريانية ܐܡܘܡܐ = /أَمُوما/"شكل؛ هيئة"، وهي في العربية "إِمَّة" أيضًا. وجاء أيضًا (أَمَّ) بمعنى "تصدر؛ تقدّمَ" ومنه (إمام) وهو أيضًا معنى مشترك في اللغات الجزيرية. فهذه جذور مشتركة ذات معان مشتركة ولا تفسير للزعم بأن (أُمَّة) من هذه اللغة أو تلك، إلا الشطط والشعوبية المحدثة.
3. من أجل التأريخ للمفردات في اللغة
اشتقت كلمة (هوية) من (هُوَ) مكررة هكذا: (هُوَهُوَ)للدلالة على التطابق والتماثل والتجانس. وهي بهذا المعنى ترجمة مستعارة لكلمة يونانية تدل على التطابق والتماثل والتجانس. وقد أضاف الفلاسفة العرب إلى (هُوَهُوَ) أداة التعريف وضموا /الهاء/ فيها لتصبح الكلمة كما يلي: (الهُوهُو)! ويطلقونها على ما يطابق الشيء من كل وجه أي على الشيء المماثل والمطابق والمجانس لشيء آخر. وقد ترجم هذا (الهُوهُو) العربي كما ورد في كتب ابن سينا وابن رشد التي ترجمت إلى اللاتينية بـ (identicus) يعني identical بالإنكليزية وidentique بالفرنسية. ثم اشتقوا من هذا (الهُوهُو) مصدرًا صناعيًا هكذا: (الهُوهُوية) ثم جعلوه (الهُوية) لخفة انذلاق هذه الأخيرة على اللسان. ومما يعضد هذا القول قول الفيلسوف ابن رشد في تفسيره الكبير: "وإنما اضطر إليه بعض المترجمين، فاشتق هذا الاسم من حرف الرباط، أعني الذي يدل عند العرب على ارتباط المحمول بالوضع في جوهره، وهو حرف /هو/ في قولهم: زيد هو حيوان أم انسان [...] واضطر إلى ذلك بعض المترجمين لأنه رأى دلالته في الترجمة على ما كان يدل عليه اللفظ الذي كان يستعمل في لسان اليونانيين بدل الموجود في لسان العرب بل هو أدل عليه من اسم الموجود وذلك أن اسم الموجود في كلام العرب لما كان من الأسماء المشتقة وكانت الأسماء المشتقة إنما تدل على أعراض خيل إذا دل به في العلوم على ذات الشيء إنما يدل على عرض فيه كما عرض لابن سينا فتجنب بعض المترجمين هذا اللفظ إلى لفظ الهوية إذ كان لا يعرض فيه هذا العرض" (ابن رشد 1983:557).[5]
وللهوية معان اصطلاحية كثيرة لكن معناها هنا (الهوية/identity) تطابق الذوات أو – كما يقول ابن رشد في الصفحة 560 من المصدر ذاته: (الهوية التي تدل على ذات الشيء). ومن ثمة أصبحت تدل على أناس يلتقون على مبادئ معينة ويتحدون بها وهي إما الجنس (مثلاً الجنس الآري في القومية الألمانية/النازية) أو (الدين مثلاً الديانة الكاثوليكية في القومية الإيرلندية) أو اللغة والثقافة (مثلاً اللغة الفرنسية في القومية الفرنسية واللغة العربية في القومية العربية) أو الجنس والدين معًا (الجنس اليهودي واليهودية في الصهيونية). ومن الجدير بالذكر أن تفسير ابن رشد الكبير هذا ترجم إلى العبرية فترجمت /الهوية/ إلى العبرية ترجمة مستعارة هكذا: הואהות = /هُوهُوت/.
4. من أجل إثبات عجمة المفردات وشرح معانيها الأصلية
مثلما نضطر إلى نفي إثبات العجمة عن كلمة عربية بالبحث في أصلها وتأثيلها، كذلك ينبغي أن نثبت عجمة الكلمة الدخلية في العربية ونقتفي أثر دخولها في العربية وتوطينها فيها وشرح معناها الأصلي إن أمكن ذلك. من ذلك كلمة /أثير/ على سبيل المثال، التي دخلت العربية من اليونانية (αίθήρ = آيْثِير) عند ترجمة "كتاب السماء والعالم" لأرسطو، وبالتحديد عند ترجمة العبارة التالية منه (ونعتذر عن عدم تشكيل الكلمات اليونانية):Αιθερα προςωνομασαν τον ανωτατω τοπον απο του θειν αει τον αιδιον χρονον θεμενοι την επωνυμιαν αυτω التي ترجمها – مع ترجمة "كتاب السماء والعالم" إلى العربية – يحيى بن البطريق، كما يلي: "فسموا ذلك الموضع الشاهق العالي أثيرًا من قبل استفاق فعله، وذلك أنه دائم الحركة سريعها، دائم الثبات لا انتقاض له ولا زوال".[6]
ولا يقتصر ضبط أصل الكلمة على المفردات اللغوية فحسب، بل يشمل الأسماء والمفاهيم وسائر الكلام أيضًا. ونمثل على الأسماء باسم عيسى ابن مريم عليه السلام. إن اسم "عيسى" في العبرية: ישוע = /يِشُوَع/. وقد اشتق هذا الاسم بدوره من الجذر العبري ישע = /يَشَع/ "خَلَّصَ، أنقذ"، الذي يجانسه – اشتقاقيًا – في العربية الجذر /وسع/، ذلك لأن الأفعال التي فاءاتها ياءات في العبرية، تجانس تأثيليًا الأفعال التيفاءاتها واوات في العربية، ولأن الشين العبرية تجانس السين في العربية. وهذا قانون صوتي مطرد. وأصل ישע = /يَشَع/ هو ושע = /وَشَع/ لأن أصل هذه الجذور بالواو وليس بالياء كما أثبت علم اللغة المقارن. و(الخلاص) و(الإنقاذ) إنما يكونانمن الضيق والأزمة، وهذا هو المعني التأثيلي الأصلي للجذر /وسع/ في اللغة الجزيرية الأم وكذلكفي العربية والعبرية. ولقد ترجم اليونان معنى اسمه إلى Σωτήρ (= Sotér) ومعناها"المخلص، المنقذ". فقولنا "المخلص" هو ترجمة عن اليونانية Soter التي هي بدورها ترجمة عنالعبرية ישוע = /يِشُوَع/.[7]
5. من أجل تفادي أخطاء الترجمة والتعريب
لا شك في أن معظم أخطاء الترجمة والتعريب، إن لم يكن كلها، إنما هي بسبب عدم فهم المصطلح الأصلي المراد ترجمته أو تعريبه وتوطينه في العربية. بل إن سوء فهم المصطلح الأجنبي والخطأ في ترجمته وتوطينه في العربية على علاته من أهم مشاكل الثقافة العربية المعاصرة، وإن أسباب هذه الظاهرة كثيرة ولا يمكننا معالجتها في هذه الإشارة العاجلة، لكن الجهل إما باللغة الأصلية المنقول منها (الإنكليزية أو الفرنسية) أو باللغة المنقول إليها (اللغة العربية!) وعدم التنسيق بين المترجمين العرب والإدارات العربية وعدم وجود أنظمة معيرة وتقييس عند العرب، من أهم هذه الأسباب.
ونمثل على هذه الأخطاء بمصطلح "مقر اجتماعي" وهو مصطلح من النظام القانوني المغربي يراد به العنوان الرئيس للشركة كما ينصص عليه في عقد التأسيس. فهذا المصطلح ترجمة حرفية للمصطلح الفرنسي siège social. والكلمة social هنا هي صفة لكلمة société التي تعني في الفرنسية "مجتمع" و"شركة". فهي من المشترك اللغوي في الفرنسية. أما في العربية فيؤدى معنى "مجتمع" و"شركة" بلفظين مختلفين كما نرى. من ثمة تعتبر ترجمة social التي هي في المصطلح الفرنسي صفة لـ société بمعنى "شركة" إلى العربية بـ "اجتماعي" خطأ لأن معنى هذه الأخيرة في العربية مختلف. والمصطلح القانوني "مقر اجتماعي" موطن في الاستعمال اللغوي في المغرب. ومثله كثير في المغرب والمشرق، وفي معظم الدول العربية.
إن توظيف علم التأثيل وعلم اللغة المقارن كفيل بتفادي مثل هذه الأخطاء لأن علم التأثيل يؤدي إلى الفهم الدقيق للمصطلح الأجنبي ولأن علم اللغة المقارن يؤدي إلى معرفة تاريخ المصطلح وسياق توظيفه وتوطينه واستعماله وانتقاله من لغة لأخرى بالتقارض أو بالترجمة المستعارة الصحيحة أو غير الصحيحة كما هو الأمر عليه في مصطلح "مقر اجتماعي".
يتبع ...
<hr width="33%" size="1" align="left">
[1] ابن منظور (بدون تاريخ: مادة /ترجم/).
[2] ابن دريد (1987: 466 وما يليها).
[3] سورة مريم الآية 46. وانظر أيضًا الزمخشري (2012)، المجلد 2 الصفحة 17.
[4] إذن معنى الترجمة الشفهية سابق لمعنى الترجمة التحريرية كما نرى وهذا ثابت في آثار الأكاديين والسريان والعبران والعرب كما يستشف من قول أبي الطيب المتنبي: (ملاعبُ جِنَّةٍ لو سارَ فيـها = سليمانُ لَسارَ بِتُرجمُـــان). وكذلك قول عوف بن ملحم الخزاعي: (إن الثمانين وبُلِّغْتَها = قَد أَحوَجَتْ سَمعي إلى تُرجُمان). قارن أيضًا قول الراجز: (ومَنْهَل وَردتُهُ التِقاطا؛ لم ألقَ، إذ وَرَدْتُه، فُرّاطا؛ إلا الحمامَ الوُرْقَ والغطاطا؛ فَهُنَّ يُلغِطنَ به إلغاطا؛ كالتُّرجمُان لَقِيَ أنباطا). انظر ابن منظور (بدون تاريخ: مادة رجم وترجم).
[5] وانظر أيضًا باب (القول في الهوية)، الصفحة 552 وما يليها من المصدر ذاته.
[6] (انظرEndress G. & Gutas D. (1992) ، مادة /أثير/.
[7]ومن الجدير بالذكر أن اليهود، فيما بعد، استبدلوا الاسم الأصلي لعيسي عليه السلام (ישוע = /يِشُوَع/) بـ ישו = /يِشُو/، المنحوت من ימח שמו= /يِمَّحْ شْمُو/ "لِيُمْحَ اسمه"، وذلك للسخرية من اسمه عليه السلام.
[8] يختلف "الطعام الأساسي" في العربية اليوم باختلاف التقاليد المحلية، فهو عند المصريين "الخبز أو العِيش"، وهو عند المغاربة "الطعام أو الكُسكُس" المصنوع من دقيق القمح الخ.
[9] أما مجيئها في سفر أيوب بمعنى "اللحم" (לחום = /لِحُوم/ "لحم"؛ سفر أيوب الإصحاح 20 الآية 23) فلا يعتد به لأن ثمة توجهًا في الدراسات التوراتية يعتبر سفر أيوب دون بالعربية أولا ثم ترجم فيما بعد إلى العبرية وذلك لكثر الألفاظ العربية الدخيلة فيه.
تعليق