(מַחֲמַדִּים) (مَحمديم)

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • muadalomari
    معاذ العمري
    • Dec 2007
    • 520

    (מַחֲמַדִּים) (مَحمديم)

    تردُ هذه الكلمة (מַחֲמַדִּים) في ترجمة عبرية للفقرة (16) في الإصحاح (5) من سفر نشيد الأناشيد من العهد القديم.



    وهذه ترجمة عربية لها:
    " حلقُه حلاوة، وكله مشتهيات، هذا حبيبي، وهذا خليلي يا بنات اورشليم".
    (5: 16)

    وعند الاستماع لـ (تلاوة) عبرية لهذه الفقرة، فإن المرء يسمع بوضوح كلمة (مَحمديم):
    استمعْ لها هنا، وركزْ قبيل نهايته، عندما يصل وقت التسجيل (2.34).



    من عن هذا الموقع.



    عند نسخ الكلمة (מַחֲמַדִּים)، ولصقها على مترجم جوجل، فإنه لا يعطي ترجمة لها. أما على المترجم الآلي لجوجل، فإنه يترجمها هكذا: (mhmdim)، وهكذا يترجمُها (mohammadi)، إذا أدخل المرء الكلمة بدون الحرف الآخير، بهذه الصورة: (מַחֲמַדִּי).

    حبذا من توضيح من العالمين باللغة العبرية، ومن العبريست، صديقي، أيو ياسين.

    تحية خالصة


    مرحبا بكم في الرواق الأدبي :
    http://www.almolltaqa.com/vb/forumdisplay.php?f=300
  • عبدالرحمن السليمان
    عضو مؤسس، أستاذ جامعي
    • May 2006
    • 5732

    #2
    [align=justify]صديقي العزيز الأستاذ معاذ أبا عبدالله،

    أجمل تحية!

    أرى أن فضولك العلمي أوصلك إلى نشيد الإنشاد، فهنيئا لك ولقرائك ولنا!

    ورد الجذر /حمد/ في اللغات الجزيرية في كل من السريانية (ܚܡܕ = حَمَد) والعبرية (חמד = حَمَد) بمعنى "أحَبَّ / اشتهى"؛ وفي الأوغاريتية بمعنى "سَعِدَ"؛ وفي العربية بمعنى "الحمد" المشهور. وورد في العبرية: מחמד = "مَحْمَد" وهو الشيء المُحَب، المبتغى، المحبوب، المحمود. وورد في العهد القديم في كتاب مراثي إرميا (7:1) מחמד = "المَحَمُود، الأمر الجليل"، وذلك بصيغة الجمع المضاف إلى ضمير: (כל מחמדיה אשר היו הימי קדם = كل مَحَمُودِيها أشِر هَيّوا بيَمِي قِدِم) "كل محموديها الذين كانوا في أيام القدم". إذاً "محمود" في هذه الآية التوراتية هي "الشيء الشخص/الشيء المحمود المحب والمبتغى". ولغاية في نفس يعقوب ترجمه مترجم التوراة فانديك إلى العربية بـ "مشتهى"، وجمعها على "مشتهيات"، وهذه ترجمة لا تصح لا من قريب ولا من بعيد!

    وبخصوص التصرف في ترجمة الكتاب المقدس إلى العربية، يرجى الاطلاع على التأملات المنشورة في الصفحة التالية:

    <span lang="AR-SA" style="font-size: 22pt" traditional="" arabic="" ;=""><h3 class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 0cm 0pt; direction: rtl; unicode-bidi: embed; text-align: center" align="center"><span lang="AR


    وهلا وغلا بك وبكل أسئلتك،

    وتحية طيبة عطرة.[/align]

    تعليق

    • muadalomari
      معاذ العمري
      • Dec 2007
      • 520

      #3
      شكرا صديقي الكريم أبو ياسين على كل هذا الإثراء اللغوي والمعرفي.

      الحقيقة، أنه فضول قديم، متعلق أساسا بالآيات المبشرات بالنبي وببعثتِه.
      ومنها الآية (157) الأعراف.

      في الآية:{ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ ...} ثمة مسائل لغوية، وصوتية كبرى، لم يحقق فيها أغلب المفسرون تقصيا.
      أغلب المفسرين يرون، أن الضمير في { يَجِدُونَهُ }، يعود على الرسول.
      لكن في الآية قضايا ومسائل كثيرة ما زالت، على حد علم المرء، تتطلب بحثا وتحريا.

      قضايا لغوية:

      والسؤال، الذي يُطرح، يجدونه مكتوبا، لكن بأي لغة؟
      هل يجدونه مكتوبا بالعربية، وهو ما قد يتبادر إلى الذهن استهلالا، أم بالعبرية أو بإحدى لهجاتها، أم بلغة خليط من العبرية والعربية، أم مكتوبا بإحدى اللغات الجزيرية (السامية): آرامية، سريانية، أم بلغات أوروبية ( لغات الكتب المقدسة اليهودمسيحية): إغريقية أو لاتينية؟ أم ببعض هذه اللغات أو كلها؟
      هل بحث المفسرون المسلمون في اللغة أو اللغات، التي أَنزلُ الله بها التوراة والإنجيل؟
      موسى نشأ في مصر، وتربى في بيت فرعون، فما هي لغته الأولى وما هي لغته الثانية؟ هل كانت المصرية أم العبرانية...؟
      لابد أن موسى تحدث بالمصرية مع فرعون، إلا إذا كان فرعون تعلم العبرانية، وهذا قد يكون تصورا مُستَبعدا.

      الحوزية والعندية {جِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ}:
      من هم هؤلاء، الذين يحوزون تلك النسخ من التوراة والإنجيل، التي يجد المرءُ الرسولَ مكتوبا فيها؟

      هل هم يهود المدينة أم مجموعة يهودية منهم (قريضة، قينقاع، نضير...)؟
      هل يقصد طبقة من اليهود (الأحبار والربانيين..) أم أن عامة اليهود كانوا مُلِمين أيضا بذِكر النبي في تلك الكتب وبمطارحِه؟

      روايات وآراء مفسرين

      حدثنـي ابن الـمثنى، قال: ثنا عثمان بن عمر، قال: ثنا فلـيح عن هلال بن علـيّ، عن عطاء بن يسار، قال: لقـيت عبد الله بن عمرو، فقلت: أخبرنـي عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فـي التوراة قال: أجل والله إنه لـموصوف فـي التوراة كصفته فـي القرآن:
      {يا أيُّهَا النَّبـيُّ إنَّا أرْسلناكَ شاهِداً ومبشِّراً ونذِيراً }
      (وحرزاً للأميـين، أنت عبدي ورسولـي، سميتك الـمتوكل، لـيس بفظّ ولا غلـيظ ولا صخَّاب فـي الأسواق، ولا يَجْزِي بـالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح ولن نقبضه حتـى نقـيـم به الـملة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلاَّ الله، فنفتـح به قلوبـاً غُلْفـاً وآذاناً صُمًّا، وأعيناً عُمْياً. قال عطاء: ثم لقـيت كعبـاً فسألته عن ذلك، فما اختلفـا حرفـاً، إلاَّ أن كعبـاً قال بلغته: قلوبـاً غُلُوفِـيَا. وآذاناً صمومياً، وأعيناً عموميَا.)

      يلاحظ المرء أن تغييرا صوتيا حدث في الرواية الأخرى " حدثنـي أبو كريب، قال: ثنا موسى بن داود، قال: ثنا فلـيح بن سلـيـمان، عن هلال بن علـيّ، قال: ثنـي عطاء، قال: لقـيت عبد الله بن عمرو بن العاص، فذكر نـحوه. إلاَّ أنه قال فـي كلام كعب: أعيناً عُمُومَا، وآذاناً صُمُومَا، وقلوبـاً غُلُوفَـا.
      قلوبـاً غُلُوفِـيَا. وآذاناً صمومياً، وأعيناً عموميَا.
      وفي الرواية السابقة
      أعيناً عُمُومَا، وآذاناً صُمُومَا، وقلوبـاً غُلُوفَـا.
      ثم يلاحظ المرء أيضا قلبا عكسيا أسلوبيا، حدث في الرواية الثانية.
      أما في رواية ثالثة، فلا ذِكرَ بالمرة للغة كعب.
      " قال: ثنا موسى، قال: ثنا عبد العزيز بن سلـمة، عن هلال بن علـيّ، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بنـحوه، ولـيس فـيه كلام كعب."
      الرابعة: قوله تعالىٰ: { ٱلَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ } روى البخاريّ قال: حدّثنا محمد بن سنان قال حدّثنا فُلَيْح قال حدثنا هلال عن عطاء بن يَسار لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص قلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة. فقال: أجَلْ، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن:
      { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً }
      (الأحزاب: 45) وحِرْزاً للأمِّيين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكِّل، ليس بفَظٍّ ولا غليظ ولا صَخَّاب في الأسواق. ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله تعالىٰ حتى يِقيم به الملة العَوْجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله، ويفتح بها أعْيُناً عُمْياً، وآذاناً صُمَّاً، وقلوباً غُلْقاً. (في غير البخاري).
      قال عطاء: ثم لقِيت كَعْباً فسألته عن ذلك فما ٱختلفا حرفاً، إلا أن كعباً قال بِلغتِه: قلوباً غُلُوفِياً وآذاناً صمومياً وأعيناً عمومياً. قال ابن عطية: وأظنّ هذا وهماً أو عُجمة. وقد روي عن كعب أنه قالها: قلوباً غلوفاً وآذاناً صموماً وأعينا عمومياً. قال الطبري: هي لغة حِميَرِية. وزاد كعب في صفة النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: مولده بمكة، وهجرته بطابة، وملكه بالشأم، وأمّته الحامدون، يحمدون الله على كل حال وفي كل منزل، يُوضِئون أطرافهم ويَأَتَزِرون إلى أنصاف ساقهم، رعاة الشمس، يصلّون الصلوات حيثما أدركتهم ولو على ظهر الكناسة، صفهم في القتال مثل صفهم في الصلاة.

      وهنا ثمة سؤال: هل هذه الرواية بهذا النص هي اقتباس أصيل من "التوراة"، أم هي ترجمة عبد الله بن عمرو بن العاص أو تعريبه للنص؟
      النص أفاد أنه قد تم تداول على الظن مسألة أصل هذه العبارة (قلوباً غُلُوفِياً وآذاناً صمومياً وأعيناً عمومياً)
      أولا: رد هذه العبارة أن تكون جزء أصيلا من النص واعتبارها خطأ في السماع، وهو رأي ابن عطية: "وأظنّ هذا وهماً".
      ولعل ابن عطية قال: "إنها وَهْمٌ" لأنه لا يعرف هذه اللغة الحِمْيرية
      ثانيا: ولكنه ـ أي ان عطية، يضيف رأيا آخر، وهو أنها " أو عُجمة" ومعنى عجمه في لسان كعب.
      ثالثا: أن العبارة هي لغة حميرية، وهو رأي الطبري " قال الطبري: هي لغة حِميَرِية"
      وهذا قد يشير، إلى أن التوراة، كُتِبَ فيها هي الرسول، هي نسخة مكتوبة باللغة الحميرية أو بخليط بين الحميرية والعربية ولا شك العبرية.
      ولكن كل هذا ما زال يستلزم بحثا لغويا صوتيا أصيلا .

      رأي الإمام الشوكاني
      يطرح الشوكاني رأيا مثيرا مغايرا لرأي أغلب المفسرين، و خلاصتة: أن هذه الآية، هي إخبار لله لموسى، بما سيكون، فهو ـ الله ـ يخبر موسى بها قبل إنزال الإنجيل.

      { الذي يجدونه } يعني: اليهود والنصارى، أي يجدون نعته { مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِى ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنجِيلِ } وهما مرجعهم في الدين. وهذا الكلام منه سبحانه مع موسى هو قبل نزول الإنجيل فهو من باب الإخبار بما سيكون.

      تقديري الكبير صديقي النواعيري لأريحيتك الحوارية المحببة

      تحية خالصة



      مرحبا بكم في الرواق الأدبي :
      http://www.almolltaqa.com/vb/forumdisplay.php?f=300

      تعليق

      • عبدالرحمن السليمان
        عضو مؤسس، أستاذ جامعي
        • May 2006
        • 5732

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة muadalomari

        في الحقيقة، أنه فضول قديم، متعلق أساسا بالآيات المبشرات بالنبي وببعثتِه.
        ومنها الآية (157) الأعراف.

        في الآية:{ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ ...} ثمة مسائل لغوية، وصوتية كبرى، لم يحقق فيها أغلب المفسرون تقصيا.
        أغلب المفسرين يرون، أن الضمير في { يَجِدُونَهُ }، يعود على الرسول.
        لكن في الآية قضايا ومسائل كثيرة ما زالت، على حد علم المرء، تتطلب بحثا وتحريا.

        قضايا لغوية:

        والسؤال، الذي يُطرح، يجدونه مكتوبا، لكن بأي لغة؟
        هل يجدونه مكتوبا بالعربية، وهو ما قد يتبادر إلى الذهن استهلالا، أم بالعبرية أو بإحدى لهجاتها، أم بلغة خليط من العبرية والعربية، أم مكتوبا بإحدى اللغات الجزيرية (السامية): آرامية، سريانية، أم بلغات أوروبية ( لغات الكتب المقدسة اليهودمسيحية): إغريقية أو لاتينية؟ أم ببعض هذه اللغات أو كلها؟
        هل بحث المفسرون المسلمون في اللغة أو اللغات، التي أَنزلُ الله بها التوراة والإنجيل؟
        موسى نشأ في مصر، وتربى في بيت فرعون، فما هي لغته الأولى وما هي لغته الثانية؟ هل كانت المصرية أم العبرانية...؟
        لابد أن موسى تحدث بالمصرية مع فرعون، إلا إذا كان فرعون تعلم العبرانية، وهذا قد يكون تصورا مُستَبعدا.

        [align=justify]أخي العزيز الأستاذ معاذ،

        آسف على التأخر في الرد. سأجيب الآن على الأسئلة اللغوية، ثم أعود فيما بعد إلى الأسئلة الأخرى إن شاء الله.

        وأقدم بين يدي الجواب اللغوية هذه المقدمة العامة:

        كانت اللغة العبرية التوراتية مستعملة حتى حوالي القرن الخامس قبل الميلاد. بادت العبرية التوراتية لغةً محكية، وأصبحت لغة دينية فقط لا يفهمها إلا الأحبار، وحلّت الآرامية محلها بالتدريج، وبقي الحال هكذا حتى احتلال الإسكندر المقدوني المشرق وبناء الإسكندرية في القرن الثالث قبل الميلاد. سكن الاسكندرية، فيمن سكنها، طائفة من اليهود الذين أصبحوا يتحدثون باليونانية. استعجم كتاب العهد القديم على هذه الطائفة اليهودية الساكنة في الإسكندرية لأن أفرادها صاروا يتحدثون اليونانية في وقت أصبحت العبرية فيه لغة دينية فقط لا يفهمها إلا الأحبار. قام هؤلاء الأحبار حوالي 250 قبل الميلاد بترجمة أسفار العهد القديم إلى اليونانية. تسمى هذه الترجمة بالترجمة السبعينية (Septuaginta)، وهي أقدم ترجمة لكتاب العهد القديم إلى لغة أخرى. إذن ترجم اليهود كتاب العهد القديم إلى اليونانية لاستعمالهم الديني المخصوص بهم وذلك قبل ظهور الديانة المسيحية. فالترجمة إذن حرفية وشملت كل الكتب التي كان كتاب العهد القديم يحتوي عليها آنذاك. وعليه فإن الترجمة السبعينية هي ترجمة يونانية للنص العبري للعهد القديم كما كان اليهود قنَّنوه واعتمدوه في القرن الثالث قبل الميلاد. ويحتوي هذا النص المعتمد لديهم على 46 سفرًا.

        نشأت الديانة المسيحية التي ترى في أسفار اليهود الدينية المرجعية الدينية والبعد اللاهوتي لها، وأدّى هذا المعتقد إلى تشويش الأمر الديني لدى اليهود، لأن الديانة المسيحية أصبحت منذ نشوئها تقسم التاريخ البشري إلى عهدين اثنين: العهد القديم وهو عند المسيحيين العهد الذي اصطفى الله فيه آل إسرائيل والذي كان بمثابة التمهيد لمجيء المسيح عليه السلام، الذي افتتح بمجيئه عهدًا جديدًا للبشرية أنهى العهد القديم بما فيه اصطفاء الله آل إسرائيل .. وأضافت العقيدة المسيحية المتعلقة بالخطيئة الأزلية بعدًا دينيًا عميقًا لهذا الفصل ين العهدين. وغني عن التعريف أن اليهود لا يسمون أسفار العهد القديم بالعهد القديم لأنهم لا يؤمنون بالتصنيف المسيحي لديانتهم أو كتبهم ولا يؤمنون بمبدأ النسخ على الإطلاق، بل يسمونها بأسماء كثيرة أشهرها "تاناخ" (كلمة مكونة من أحرف أجزاء العهد القديم الثلاثة: التوراة، الأنبياء، الكتب)، أو "مِقرأ" (اسم الآلة من "قرأ"). وقد مر معنا في الدراسة الثانية أن اليهود المستعربين كانوا يسمون كتاب العهد القديم "بالقرآن" أيضًا. ومن الجدير بالذكر أن الديانة المسيحية ركّزت على تلك الأسفار من العهد القديم التي ارتأت فيها تبشيرًا بمجيء المسيح عليه السلام، مثل كتاب "نبوءة عيسى بن سيراخ" وغيره مما اصطلح فيما بعد على تسميته بالأبوكريفا أي "الأسفار الزائفة".

        سبب نشوء ديانة جديدة هي المسيحية واعتبارها أسفار اليهود المقدسة عهدًا قديمًا يمهد لعهد جديد ورطة لاهوتية كبيرة لليهود جعلتهم يراجعون أنفسهم. وأدت هذه المراجعة للذات التي أتت نتيجة للتطورات الدينية والسياسية الحاصلة آنذاك إلى إعادة تقنين كتب العهد القديم. أدت هذه العملية التي تمت في القرن الثاني للميلاد في اجتماع مشهور لأحبار اليهودية في مدينة يامنة في آسية الصغرى إلى إسقاط مجموعة من أسفار العهد القديم بحيث أصبح عدد أسفاره 39 سفرًا بدلاً من 46 سفرًا. إذن صار عندنا من الآن فصاعدًا نصان للعهد القديم: واحد باليونانية، هو الترجمة السبعينية لنص عبري مفقود اليوم، مكون من 46 سفرًا، وواحد بالعبرية، قُنِّنَ في القرن الثاني للميلاد، مكون من 39 سفرًا. اتخذ البروتستانت النص العبري للعهد القديم المكون من 39 سفرًا نصًا قانونيًا لهم، بينما اتخذ الكاثوليك النص اليوناني للعهد القديم المكون من 46 سفرًا نصًا قانونيًا لهم.

        النتيجة المنطقية لحالة لاهوتية معقدة كهذه هي اتهام المسيحيين (ما عدا البروتستانت الذين أتوا متأخرين) لليهود بإسقاط الأسفار التي تنبأت بظهور المسيح عليه السلام من نصهم المعتمد من جهة، وبراءة اليهود التام من تلك الأسفار ورد الاتهام على المسيحين واتهام المسيحين بنحل تلك الأسفار وفبركتها ونسبتها إلى اليهود من جهة أخرى. ونتحفظ في هذا المجال على نسبة تلك الأسفار الزائدة أو المحذوفة بالأبوكريفا لأن الأبوكريفا مصطلح ديني أُدخِل في الاستعمال بعد ظهور المسيحية ولا ينطبق بحال على أسفار الترجمة السبعينية لأنها تمت قبل ظهور المسيحية بثلاثة قرون ولأن الأسباب العقائدية التي تدعو لاستعمال هذا المصطلح وتبرره كانت غير موجودة آنذاك.

        عُثر بين مخطوطات البحر الميت على أصول عبرية لبعض الكتب الواردة في الترجمة السبعينية والمحذوفة من النص العبري المعتمد في القرن الثاني للميلاد، فصحت الفرضية الأولى وهي قيام الأحبار اليهود بإعادة تقنين نصهم المعتمد لديهم (ولدى البروتستانت وشهود يهوه) اليوم وذلكم في القرن الثاني للميلاد أي بعد ظهور المسيحية. وهذا تقنين جديد تم على ضوء التطورات الدينية في الشرق وأهمها ظهور المسيحية واعتبارها أسفار اليهود الدينية المرجعية الدينية والبعد اللاهوتي لها. وبراءة اليهود من الكتب المحذوفة والموسومة بالأبوكريفا لا تبرئهم من التهمة التي أثبتت صحتها مكتشفات البحر الميت.


        إن أسفار الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد مدونة باللغات التالية:

        العبرية والآرامية القديمة (العهد القديم)، والإغريقية (العهد الجديد أي الأناجيل وأعمال الرسل). ويعتقد بأن أسفار العهد القديم دونت أصلا بالسريانية ــ وهي لهجة آرامية ــ إلا أن الأصل السرياني مفقود. ولا ينبغي في هذا السياق الخلط بين الأصل السرياني المفقود لأسفار العهد الجديد من جهة، وبين الترجمة السريانية لأسفار العهد الجديد عن الإغريقية من جهة أخرى.

        بحث بعض العلماء المسلمين في أسفار العهدين القديم والجديد كابن تيمية الذي اعتمد على الترجمات، وابن حزم الذي اعتمد على ترجمة الحبر اليهودي سعيد الفيومي بالإضافة إلى الأصل العبري والسرياني للأسفار أيضا (في كتاب الفصل في الملل والأهواء والنحل)، وغيرهما كثير خصوصا المسلمين من أهل الكتاب مثل عبدالله الترجمان وغيره ممن ألفوا في ذلك كتبا مهمة.

        لا شك في أن موسى عليه السلام كان يتحدث بالعبرية وهي لغة قومه، وبالمصرية وهي لغة القوم الذين كان قوم موسى يقيمون بين ظهرانيهم. ويستبعد احتمال معرفة فرعون بالعبرية استبعادا شبه مطلق.

        وتحية طيبة عطرة.

        [/align]

        تعليق

        يعمل...