يحيى ذو الحنان.
جاء في الآية 7 من سورة مريم: " يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى ... ". واللافت أنّ النبي يحيى بن زكريا، عليهما السلام، يُدعى في الأناجيل المعاصرة بـ (يوحنا المعمدان). وتذكر الأناجيل المعاصرة أنّ يوحنّا كان يُعمّد الناس في نهر الأردن، وأنّه عمّد المسيح، عليه السلام. ويبدو أنّ التعميد، الذي هو تغطيس في الماء كطقس ديني، يرمز إلى الصبغ بالصبغة الدينيّة. ومن هنا دُعي يحيى، عليه السلام، في الأناجيل بـ (المعمدان).لماذا هذا الاختلاف في التسمية في الوقت الذي نجد فيه أنّ أسماء مثل: إبراهيم، زكريا، يعقوب، يوسف، إسماعيل، إسحاق، ... تُذكر في القرآن والأناجيل المعاصرة والتوراة المعاصرة من غير اختلاف إلا في لهجة النطق بالاسم؟! وقد يكون مفتاح الإجابة في اسم يحيى، عليه السلام، عند الصابئة، حيث أنهم يُسمّونه (يحيى يوحنا). واللافت هنا أنهم جمعوا بين الاسمين. أفلا يدعونا ذلك إلى محاولة اكتشاف السر؟! يزيد عدد الصابئة في العالم اليوم على مائة ألف نسمة، يعيش معظمهم في العراق. وهم يؤمنون بأربعة أنبياء؛ أولهم آدم وآخرهم يحيى، عليهم السلام. وقد اختلف العلماء في معنى (الصابئة)، وربما يكون من الأصوب أن نَرجع إلى لغتهم المسمّاة المندائيّة، حيث تلفظ الغين همزة، فبدل أن يقولوا (صبغ) نجدهم يقولون صبأ. فالصابئة هم إذن الصابغة، وسمّوا بذلك لأنّ مِن أهم طقوسهم الدينية الاصطباغ بالماء، أي التعميد بالمفهوم النصراني.الحاء في اللغة العربية هي هاء في اللغة المندائيّة، لذا نجدهم يلفظون اسم يحيى، عليه السلام، هكذا: (يهيا يوهنا). وإذا علمنا أنّ (حنا) مأخوذة من الحنان، وإذا علمنا أنّ (يو) تأتي أحياناً، في بعض اللغات السامية، بمعنى (ذو) يصبح من السهل أن ندرك أنّ معنى لفظة (يوحنا) يحتمل أن يكون (ذو الحنان). وعليه يكون (يحيى) هو الاسم العلم و (يوحنا) هو الصفة، أي أنه كان يُدعى، عليه السلام، يحيى ذو الحنان. وقد يفسر هذا لنا جمع الصابئة بين الاسمين، أو بمعنى أدق بين الاسم والصفة. فالقرآن إذن يذكر الاسم العلم ليحيى، عليه السلام، والأناجيل المعاصرة تذكر صفته البارزة التي اشتهر بها. واللافت هنا أنّ القرآن الكريم لم يذكر الحنان إلا مرة واحدة، وذلك عندما كان يتكلم عن يحيى، عليه السلام، في الآية 12 و 13 من سورة مريم: " يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا، وحناناً من لدنا وزكاة وكان تقيا "؛ أي آتاه الله تعالى الحكمة والحنان، وهو حنان من لدن الخالق. ويحق لكل أحد أن يسأل: إذا كان يحيى، عليه السلام، قد أُوتي حناناً من لدن الخالق فلا بد أن يبرز هذا الخلق وهذه الصفة في سيرة يحيى بشكل جلي، فأين نجد ذلك في سيرة حياته، عليه السلام ؟!
نقول ببساطة: نعم، نجد ذلك في غَلبة الصفة على الاسم العلم عند النصارى، إلى درجة أن لا يُذكر الاسم العلم لديهم اطلاقاً، فهو عندهم يُدعى يوحنا. ونجد ذلك أيضاً في اقتران الصفة بالاسم العلم عند الصابئة فهو عندهم يُدعى يحيى يوحنا...فتأمل!!
بقلم : بسّام جرار
جاء في الآية 7 من سورة مريم: " يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى ... ". واللافت أنّ النبي يحيى بن زكريا، عليهما السلام، يُدعى في الأناجيل المعاصرة بـ (يوحنا المعمدان). وتذكر الأناجيل المعاصرة أنّ يوحنّا كان يُعمّد الناس في نهر الأردن، وأنّه عمّد المسيح، عليه السلام. ويبدو أنّ التعميد، الذي هو تغطيس في الماء كطقس ديني، يرمز إلى الصبغ بالصبغة الدينيّة. ومن هنا دُعي يحيى، عليه السلام، في الأناجيل بـ (المعمدان).لماذا هذا الاختلاف في التسمية في الوقت الذي نجد فيه أنّ أسماء مثل: إبراهيم، زكريا، يعقوب، يوسف، إسماعيل، إسحاق، ... تُذكر في القرآن والأناجيل المعاصرة والتوراة المعاصرة من غير اختلاف إلا في لهجة النطق بالاسم؟! وقد يكون مفتاح الإجابة في اسم يحيى، عليه السلام، عند الصابئة، حيث أنهم يُسمّونه (يحيى يوحنا). واللافت هنا أنهم جمعوا بين الاسمين. أفلا يدعونا ذلك إلى محاولة اكتشاف السر؟! يزيد عدد الصابئة في العالم اليوم على مائة ألف نسمة، يعيش معظمهم في العراق. وهم يؤمنون بأربعة أنبياء؛ أولهم آدم وآخرهم يحيى، عليهم السلام. وقد اختلف العلماء في معنى (الصابئة)، وربما يكون من الأصوب أن نَرجع إلى لغتهم المسمّاة المندائيّة، حيث تلفظ الغين همزة، فبدل أن يقولوا (صبغ) نجدهم يقولون صبأ. فالصابئة هم إذن الصابغة، وسمّوا بذلك لأنّ مِن أهم طقوسهم الدينية الاصطباغ بالماء، أي التعميد بالمفهوم النصراني.الحاء في اللغة العربية هي هاء في اللغة المندائيّة، لذا نجدهم يلفظون اسم يحيى، عليه السلام، هكذا: (يهيا يوهنا). وإذا علمنا أنّ (حنا) مأخوذة من الحنان، وإذا علمنا أنّ (يو) تأتي أحياناً، في بعض اللغات السامية، بمعنى (ذو) يصبح من السهل أن ندرك أنّ معنى لفظة (يوحنا) يحتمل أن يكون (ذو الحنان). وعليه يكون (يحيى) هو الاسم العلم و (يوحنا) هو الصفة، أي أنه كان يُدعى، عليه السلام، يحيى ذو الحنان. وقد يفسر هذا لنا جمع الصابئة بين الاسمين، أو بمعنى أدق بين الاسم والصفة. فالقرآن إذن يذكر الاسم العلم ليحيى، عليه السلام، والأناجيل المعاصرة تذكر صفته البارزة التي اشتهر بها. واللافت هنا أنّ القرآن الكريم لم يذكر الحنان إلا مرة واحدة، وذلك عندما كان يتكلم عن يحيى، عليه السلام، في الآية 12 و 13 من سورة مريم: " يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا، وحناناً من لدنا وزكاة وكان تقيا "؛ أي آتاه الله تعالى الحكمة والحنان، وهو حنان من لدن الخالق. ويحق لكل أحد أن يسأل: إذا كان يحيى، عليه السلام، قد أُوتي حناناً من لدن الخالق فلا بد أن يبرز هذا الخلق وهذه الصفة في سيرة يحيى بشكل جلي، فأين نجد ذلك في سيرة حياته، عليه السلام ؟!
نقول ببساطة: نعم، نجد ذلك في غَلبة الصفة على الاسم العلم عند النصارى، إلى درجة أن لا يُذكر الاسم العلم لديهم اطلاقاً، فهو عندهم يُدعى يوحنا. ونجد ذلك أيضاً في اقتران الصفة بالاسم العلم عند الصابئة فهو عندهم يُدعى يحيى يوحنا...فتأمل!!
بقلم : بسّام جرار
تعليق