_MD_RE: ورشة ترجمة فرنسية Une piscine sous la pluie
<p align="right"><font color="#ff0000" size="5">جوجو قط وليس قطة !</font></p><p align="right"><font color="#ff0000" size="5">أعدت صياغة النصوص وفقاً لذلك مع بعض التغييرات الطفيفة....</font></p><p align="right"><font size="5"></font></p><span lang="AR-YE"><p dir="rtl" align="right"><font size="5">انتقلت مع جوجو إلى هذا المسكن ذات صباح يوم ضبابي من بداية فصل الشتاء. وفي الواقع، لم يكن الأمر انتقالاً بمعنى الكلمة لأنه لم تكن عندي سوى خزانة عتيقة وطاولة للكتابة وبعض الصناديق الكرتونية.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">ومن جلستي في الشرفة نظرت إلى شاحنة نقل الأثاث وهي تتهادى مختفية في الضباب. كان جوجو يُشمشم مستطلعاً، وهو يحني رأسه وينحنح، تحت السقيفة وبمحاذاة السور الإسمنتي وأمام الباب الزجاجي للمدخل كما وكأنه كان يريد أن يتأكَّد أكثر من روائح مسكننا الجديد.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">بدأ الضباب ينقشع رويداً رويداً. لم يكن ضباباً كثيفاً يُغَشِّي المكان بل كان به صفاء شفيف. وأحسب أنه كان يكفيني أن أمدَّ يدي لكي أحسَّ أنِّي ألامس هذا الغبشة الرطيبة والرهيفة.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">تأمَّلت في الضباب مُدَّة طويلة وظهري مستند إلى الصناديق الكرتونية إلى أن شعرت أنه صار بإمكاني تمييز كلِّ قطرة ماء بلونها الحليبي. ثمَّ رجع جوجو بعد أن تعب من الشمشمة هنا وهناك وتمدَّد متكوِّراً بين قدمي. ولأني بدأت أحسُّ بالبرودة في ظهري، نزعت الشريط اللاصق عن أحد الصناديق الكرتونية التي أستند إليها وأخرجت منه سُترة صوفية ووضعتها على كتفيْ. وفي هذه الأثناء كان ثمَّة طائر يحوِّم في الضباب ثمَّ مالبث أن حلَّق في عنان السماء.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5"><br /><br /><br /><br />كان هو من أحبَّ هذا المنزل أولاً.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">علَّقتُ وأنا أمرُّ بطرف إصبعي على مصراع نافذة تقشَّر طلاؤها :</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">− أليس قديماً بعض الشيء ؟</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">أجابني وهو يرفع عينيه نحو ركيزة ضخمة :</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">− ربَّما، ولكنَّ الجيِّد في الأمر أنه يبدو متيناً.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">كانت الركيزة كامدة اللون. صحيحٌ أنها كانت تبدو متينة.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">− إنَّ موقد الغاز وسخَّانة الماء هما من طراز قديم جداً.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">حاولت أن أدير مقبضين أو ثلاثة في الموقد فأصدرتْ صريراً حاداً. كان المطبخ المكسيُّ بالبورسلين مُنظَّفاً بعناية، ولكن في بعض الأماكن، كان إسمنت الجدار يبدو من خلال فجوات في بعض بلاطات البورسلين بحيث كان يبدو كأشكال هندسية مزخرفة.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">− انظر، إنه من صناعة ألمانية. هذا ليس مألوفاً كما تعرف. إنه موقد أجنبي الصنع، وعلاوة على ذلك يكاد يكون قطعة نادرة.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">نظر إلى الموظفة الشابة للوكالة العقارية التي هزَّت رأسها بحماس قبل أن تجيب :</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">− نعم، معك حق. لقد تركه طالب ألماني سكن هنا قبل عشر سنوات. إنه قطعة ألمانية أصلية.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">كانت هذه الصلابة الاستثنائية ألمانية حقَّاً.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">− إذن لا داعي للقلق، فهو لن يتعطَّل أبداً.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">أخذ يبتسم.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">زرنا، على التوالي، غرفة النوم والحمَّام وغرفة الاستقبال، ثمَّ تحققنا من متانة الأبواب ومن حالة التمديدات الصحيَّة ومن عدد المآخذ الكهربائية. لم يستغرق ذلك منَّا وقتاً طويلاً. كانت الغرف كلَّها صغيرة ومرتبة ومنظَّفة بعناية. وفي خاتمة المطاف، عندما وصلنا إلى الشرفة، قال وهو يلقي نظرة على الحديقة عبر الزجاج :</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">− حسناً، اتفقنا. هنا يمكن أن نعيش مع جوجو.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">كانت حديقة كئيبة ومعزولة، بدون أكمة أو شجرة أو أيِّ شيء، فقط بعض أزهار النفل تنمو هنا وهناك.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">أجبته : </font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">− معك حق، المهمُّ هو إمكان العيش هنا مع جوجو.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">أمَّا الموظفة الشابة للوكالة العقارية فقد انحنت شاكرة وقد بدا عليها السرور.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5"><br /><br /><br />كان أهمُّ شيء هو أن أتمكَّن من إحضار جوجو إلى هذا المنزل الجديد. لم أستطع تحضير أشياء كثيرة، ولم يمكنني عمل شيء أفضل من ذلك بسبب معارضة الجميع لزواجنا.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">كان يكفي أن نلفظ كلمة زواج حتى تكفهِّر الوجوه ويطبق صمت تنهيه تمتمة برِمة : «إنها مسألة يُحبَّذ التفكير فيها مليَّاً...»</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">أما العلَّة فهي تافهة جداً : لقد سبق له الفشل في زواجه الأول، ثمَّ أنه يرسب باستمرار منذ عشر سنوات في مسابقة تعيين القضاة. بالإضافة لذلك، فهو مصاب بالتوتر الشرياني والصداع النصفي. وفي جميع الأحوال فإن فارق السن بيننا كبير جداً كما أننا لسنا موسرين.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">تثاءب جوجو وبدا لي طرف ذيله الملتفِّ حوله مبللاً بسبب الضباب. ثمَّة شيء من وبر أسود وكستنائي متناثر على النفل. تلاشى الضباب بالتدريج لتحلَّ محلَّه أشعة شمس خفيفة.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">ألقيت نظرة على صناديق الكرتون المتروكة في كلِّ مكان وقلت لنفسي أنه كان عليَّ الاهتمام بها. ثمَّة الكثير من الأشياء للقيام بها من أجل تجديد المنزل : تبديل الستائر ولصق ورق الجدران في الحمَّامات وفرش الخزائن بورق مضاد للعثَّة. كان يجب عليَّ القيام بكلِّ هذه المهامِّ الدقيقة خلال الأسابيع الثلاثة الباقية قبل زواجنا، وحدنا نحن الاثنين، وقبل أن نأتي للإقامة هنا.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">ولكني كنت أريد للحين تأمُّل الضباب فحسب، وما من شيء يدعوني للاستعجال. كنت أريد الاستفادة تماماً من هذه الأسابيع الثلاثة من الوحدة. تنشقت الهواء بعمق آخذة كلَّ وقتي ولامست عنق جوجو بقدمي. لقد كان فاتراً.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5"><br /><br /><br /><br />أزاح المطر الضباب في اليوم التالي واستمر بالهطول منذ اللحظة التي فتحت فيها عيني في الصباح. كانت حبَّات المطر مثل خيوط رفيعة تحزز زجاج النافذة بخطوط لا تنتهي. كان كلُّ شيء يقبع بسكينة مبللة بالمطر، البيت المقابل لنا وأعمدة الكهرباء وكوخ جوجو، ولا أحد يعمل في الجانب الآخر من زجاج النافذة التي كانت قطرات تسيل على سطحه.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">لم أرتب من الصناديق الكرتونية شيئاً يذكر. أعدت قراءة بضع رسائل القديمة وقلَّبت ألبومات الصور صفحة تلو أخرى إلى أن انتبهت للساعة التي تشير إلى منتصف النهار. أردت تناول بعض الطعام لكنَّ قلة الأواني وأدوات المطبخ منعتني من تحضير وجبة. لم أكن أرغب في الخروج للتسوق في هذا الطقس فغليتُ بعض الماء لأحضِّر حساء جاهزاً وقضمت بعض البسكويت. اشتعل موقد الغاز الألماني من المحاولة الأولى.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">بسبب الغرفة التي لم أعتد عليها بعد والتصاق قطع البسكويت الخشنة بلساني استقر قرع حبات المطر بمزيد من الإلحاح في عمق أذني. كم تمنيت سماع صوته ولكن لم يكن عندنا تلفون، لم يكن عندنا تلفزيون ولا راديو ولا مسجل. ولأنه لم يكن عندي شيء أفعله احتضنت جوجو الذي كان نائماً عند مدخل المنزل فبدت عليه علائم الدهشة وتمنَّع عليَّ قبل أن يهز ذيله معلناً رغبته باللعب. </font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">قررت أن أمضي فترة العصر في إعادة دهان الحمَّام. وهذا الأخير صغير مثل بقية أجزاء المنزل الأخرى، وهو يضمُّ مغطساً من الخزف وصنبوراً مطلياً بالكروم وحامل منشفة. ورغم صغر المكان لم أشعر إطلاقاً بأنه ضيِّق، ربما يرجع ذلك للسقف المرتفع، وإلى حدٍّ ما لاتساع قدِّ النافذة.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">بدا لي أنَّ لون الحمام كان وردياً رومانسياً فيما مضى، بلاشكَّ في أيام إقامة الطالب الألماني، إذ أرى بعض آثاره على مقربة من بلاطات البورسلين، ولكن مع تقادم العهد أتى البخار والصابون على زهوته.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">ولذلك ارتديت ملابساً عتيقة ومعطفاً واقياً وقفازات مطاطية وأدرت جهاز التهوية وفتحت النافذة على مصراعيها، وما زال المطر يهطل.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">فرشت الدهان بصورة أفضل ممَّا كنت أظنه، وهاهو ذا الحمام يلمع من جديد. كان المطر يدخل من حين لآخر ناثراً بعض القطرات على الحائط حديث الدهن، وكنت مركِّزة بنحو كامل على حركة أسطوانة الدهن بغية فرش الدهان بصورة منتظمة.</font></p><p align="right"><font size="5">أنهيت دهان نحو نصف مساحة جدار عندما رنَّ جرس باب المنزل. أصابتني مفاجأة شديدة، فقد كانت هي المرة الأولى التي أسمع فيها رنينه. لقد رنَّ بخشونة مثل صراخة حيوان.<br /><br /><br /><font color="#ff0000">مناقشة المراجعة مفتوحة لهذه الفقرات</font></font></p></span>
<p align="right"><font color="#ff0000" size="5">جوجو قط وليس قطة !</font></p><p align="right"><font color="#ff0000" size="5">أعدت صياغة النصوص وفقاً لذلك مع بعض التغييرات الطفيفة....</font></p><p align="right"><font size="5"></font></p><span lang="AR-YE"><p dir="rtl" align="right"><font size="5">انتقلت مع جوجو إلى هذا المسكن ذات صباح يوم ضبابي من بداية فصل الشتاء. وفي الواقع، لم يكن الأمر انتقالاً بمعنى الكلمة لأنه لم تكن عندي سوى خزانة عتيقة وطاولة للكتابة وبعض الصناديق الكرتونية.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">ومن جلستي في الشرفة نظرت إلى شاحنة نقل الأثاث وهي تتهادى مختفية في الضباب. كان جوجو يُشمشم مستطلعاً، وهو يحني رأسه وينحنح، تحت السقيفة وبمحاذاة السور الإسمنتي وأمام الباب الزجاجي للمدخل كما وكأنه كان يريد أن يتأكَّد أكثر من روائح مسكننا الجديد.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">بدأ الضباب ينقشع رويداً رويداً. لم يكن ضباباً كثيفاً يُغَشِّي المكان بل كان به صفاء شفيف. وأحسب أنه كان يكفيني أن أمدَّ يدي لكي أحسَّ أنِّي ألامس هذا الغبشة الرطيبة والرهيفة.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">تأمَّلت في الضباب مُدَّة طويلة وظهري مستند إلى الصناديق الكرتونية إلى أن شعرت أنه صار بإمكاني تمييز كلِّ قطرة ماء بلونها الحليبي. ثمَّ رجع جوجو بعد أن تعب من الشمشمة هنا وهناك وتمدَّد متكوِّراً بين قدمي. ولأني بدأت أحسُّ بالبرودة في ظهري، نزعت الشريط اللاصق عن أحد الصناديق الكرتونية التي أستند إليها وأخرجت منه سُترة صوفية ووضعتها على كتفيْ. وفي هذه الأثناء كان ثمَّة طائر يحوِّم في الضباب ثمَّ مالبث أن حلَّق في عنان السماء.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5"><br /><br /><br /><br />كان هو من أحبَّ هذا المنزل أولاً.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">علَّقتُ وأنا أمرُّ بطرف إصبعي على مصراع نافذة تقشَّر طلاؤها :</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">− أليس قديماً بعض الشيء ؟</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">أجابني وهو يرفع عينيه نحو ركيزة ضخمة :</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">− ربَّما، ولكنَّ الجيِّد في الأمر أنه يبدو متيناً.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">كانت الركيزة كامدة اللون. صحيحٌ أنها كانت تبدو متينة.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">− إنَّ موقد الغاز وسخَّانة الماء هما من طراز قديم جداً.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">حاولت أن أدير مقبضين أو ثلاثة في الموقد فأصدرتْ صريراً حاداً. كان المطبخ المكسيُّ بالبورسلين مُنظَّفاً بعناية، ولكن في بعض الأماكن، كان إسمنت الجدار يبدو من خلال فجوات في بعض بلاطات البورسلين بحيث كان يبدو كأشكال هندسية مزخرفة.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">− انظر، إنه من صناعة ألمانية. هذا ليس مألوفاً كما تعرف. إنه موقد أجنبي الصنع، وعلاوة على ذلك يكاد يكون قطعة نادرة.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">نظر إلى الموظفة الشابة للوكالة العقارية التي هزَّت رأسها بحماس قبل أن تجيب :</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">− نعم، معك حق. لقد تركه طالب ألماني سكن هنا قبل عشر سنوات. إنه قطعة ألمانية أصلية.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">كانت هذه الصلابة الاستثنائية ألمانية حقَّاً.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">− إذن لا داعي للقلق، فهو لن يتعطَّل أبداً.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">أخذ يبتسم.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">زرنا، على التوالي، غرفة النوم والحمَّام وغرفة الاستقبال، ثمَّ تحققنا من متانة الأبواب ومن حالة التمديدات الصحيَّة ومن عدد المآخذ الكهربائية. لم يستغرق ذلك منَّا وقتاً طويلاً. كانت الغرف كلَّها صغيرة ومرتبة ومنظَّفة بعناية. وفي خاتمة المطاف، عندما وصلنا إلى الشرفة، قال وهو يلقي نظرة على الحديقة عبر الزجاج :</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">− حسناً، اتفقنا. هنا يمكن أن نعيش مع جوجو.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">كانت حديقة كئيبة ومعزولة، بدون أكمة أو شجرة أو أيِّ شيء، فقط بعض أزهار النفل تنمو هنا وهناك.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">أجبته : </font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">− معك حق، المهمُّ هو إمكان العيش هنا مع جوجو.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">أمَّا الموظفة الشابة للوكالة العقارية فقد انحنت شاكرة وقد بدا عليها السرور.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5"><br /><br /><br />كان أهمُّ شيء هو أن أتمكَّن من إحضار جوجو إلى هذا المنزل الجديد. لم أستطع تحضير أشياء كثيرة، ولم يمكنني عمل شيء أفضل من ذلك بسبب معارضة الجميع لزواجنا.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">كان يكفي أن نلفظ كلمة زواج حتى تكفهِّر الوجوه ويطبق صمت تنهيه تمتمة برِمة : «إنها مسألة يُحبَّذ التفكير فيها مليَّاً...»</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">أما العلَّة فهي تافهة جداً : لقد سبق له الفشل في زواجه الأول، ثمَّ أنه يرسب باستمرار منذ عشر سنوات في مسابقة تعيين القضاة. بالإضافة لذلك، فهو مصاب بالتوتر الشرياني والصداع النصفي. وفي جميع الأحوال فإن فارق السن بيننا كبير جداً كما أننا لسنا موسرين.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">تثاءب جوجو وبدا لي طرف ذيله الملتفِّ حوله مبللاً بسبب الضباب. ثمَّة شيء من وبر أسود وكستنائي متناثر على النفل. تلاشى الضباب بالتدريج لتحلَّ محلَّه أشعة شمس خفيفة.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">ألقيت نظرة على صناديق الكرتون المتروكة في كلِّ مكان وقلت لنفسي أنه كان عليَّ الاهتمام بها. ثمَّة الكثير من الأشياء للقيام بها من أجل تجديد المنزل : تبديل الستائر ولصق ورق الجدران في الحمَّامات وفرش الخزائن بورق مضاد للعثَّة. كان يجب عليَّ القيام بكلِّ هذه المهامِّ الدقيقة خلال الأسابيع الثلاثة الباقية قبل زواجنا، وحدنا نحن الاثنين، وقبل أن نأتي للإقامة هنا.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">ولكني كنت أريد للحين تأمُّل الضباب فحسب، وما من شيء يدعوني للاستعجال. كنت أريد الاستفادة تماماً من هذه الأسابيع الثلاثة من الوحدة. تنشقت الهواء بعمق آخذة كلَّ وقتي ولامست عنق جوجو بقدمي. لقد كان فاتراً.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5"><br /><br /><br /><br />أزاح المطر الضباب في اليوم التالي واستمر بالهطول منذ اللحظة التي فتحت فيها عيني في الصباح. كانت حبَّات المطر مثل خيوط رفيعة تحزز زجاج النافذة بخطوط لا تنتهي. كان كلُّ شيء يقبع بسكينة مبللة بالمطر، البيت المقابل لنا وأعمدة الكهرباء وكوخ جوجو، ولا أحد يعمل في الجانب الآخر من زجاج النافذة التي كانت قطرات تسيل على سطحه.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">لم أرتب من الصناديق الكرتونية شيئاً يذكر. أعدت قراءة بضع رسائل القديمة وقلَّبت ألبومات الصور صفحة تلو أخرى إلى أن انتبهت للساعة التي تشير إلى منتصف النهار. أردت تناول بعض الطعام لكنَّ قلة الأواني وأدوات المطبخ منعتني من تحضير وجبة. لم أكن أرغب في الخروج للتسوق في هذا الطقس فغليتُ بعض الماء لأحضِّر حساء جاهزاً وقضمت بعض البسكويت. اشتعل موقد الغاز الألماني من المحاولة الأولى.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">بسبب الغرفة التي لم أعتد عليها بعد والتصاق قطع البسكويت الخشنة بلساني استقر قرع حبات المطر بمزيد من الإلحاح في عمق أذني. كم تمنيت سماع صوته ولكن لم يكن عندنا تلفون، لم يكن عندنا تلفزيون ولا راديو ولا مسجل. ولأنه لم يكن عندي شيء أفعله احتضنت جوجو الذي كان نائماً عند مدخل المنزل فبدت عليه علائم الدهشة وتمنَّع عليَّ قبل أن يهز ذيله معلناً رغبته باللعب. </font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">قررت أن أمضي فترة العصر في إعادة دهان الحمَّام. وهذا الأخير صغير مثل بقية أجزاء المنزل الأخرى، وهو يضمُّ مغطساً من الخزف وصنبوراً مطلياً بالكروم وحامل منشفة. ورغم صغر المكان لم أشعر إطلاقاً بأنه ضيِّق، ربما يرجع ذلك للسقف المرتفع، وإلى حدٍّ ما لاتساع قدِّ النافذة.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">بدا لي أنَّ لون الحمام كان وردياً رومانسياً فيما مضى، بلاشكَّ في أيام إقامة الطالب الألماني، إذ أرى بعض آثاره على مقربة من بلاطات البورسلين، ولكن مع تقادم العهد أتى البخار والصابون على زهوته.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">ولذلك ارتديت ملابساً عتيقة ومعطفاً واقياً وقفازات مطاطية وأدرت جهاز التهوية وفتحت النافذة على مصراعيها، وما زال المطر يهطل.</font></p><p dir="rtl" align="right"><font size="5">فرشت الدهان بصورة أفضل ممَّا كنت أظنه، وهاهو ذا الحمام يلمع من جديد. كان المطر يدخل من حين لآخر ناثراً بعض القطرات على الحائط حديث الدهن، وكنت مركِّزة بنحو كامل على حركة أسطوانة الدهن بغية فرش الدهان بصورة منتظمة.</font></p><p align="right"><font size="5">أنهيت دهان نحو نصف مساحة جدار عندما رنَّ جرس باب المنزل. أصابتني مفاجأة شديدة، فقد كانت هي المرة الأولى التي أسمع فيها رنينه. لقد رنَّ بخشونة مثل صراخة حيوان.<br /><br /><br /><font color="#ff0000">مناقشة المراجعة مفتوحة لهذه الفقرات</font></font></p></span>
تعليق